أنغام وعبادي وأمسية استثنائية عنوانها «الطرب الأصيل»

على مسرح أبو بكر سالم في بوليفارد رياض سيتي

عبادي الجوهر يعزف على العود خلال الحفل (الشرق الأوسط)
عبادي الجوهر يعزف على العود خلال الحفل (الشرق الأوسط)
TT

أنغام وعبادي وأمسية استثنائية عنوانها «الطرب الأصيل»

عبادي الجوهر يعزف على العود خلال الحفل (الشرق الأوسط)
عبادي الجوهر يعزف على العود خلال الحفل (الشرق الأوسط)

نهاية أسبوع استثنائية شهدتها الرياض، ففيها اجتمع أخطبوط العود عبادي الجوهر، وجوهرة النغم أنغام، على مسرح أبو بكر سالم، في بوليفارد رياض سيتي.
بدأ الحفل بمقطوعات متنوعة من الفرقة الموسيقية لتهيئة الجمهور قبل حضور الفنانين، حيث استمتع الجمهور تحت سماء الرياض بالألحان الشرقية التي أطربت مسامعهم وتغلغلت في أشجانهم.
وبإطلالة تعدت حدود الخيال، بدأت أنغام بإطلاق صوتها الشجي بـ«سيدي وصالك» لتطرب المسرح والجمهور، بل الرياض كلها بكلمات لامست الأرواح والقلوب.
وأكملت بـ«حالة خاصة جداً» التي أطلقت بها أنغام العنان لأحاسيسها ومشاعرها لتنعكس على صوتها الرقيق الذي تبعته الألحان فشكلت مزيجاً من المشاعر التي تدق في القلوب قبل المسامع.
واستمرت أنغام بإمتاع جماهيرها بعدد من أغانيها وبصوتها الرقيق جعلت للأمسية دفئاً خاصاً تخطى الوصف، فتسيّدت المسرح وغنت بكل ما لديها من شجن وإحساس.
بعدها ظهر عبادي الجوهر، ليضفي على الليلة إحساساً آخر، محملاً بالمشاعر والشجن والطرب، برفقه المايسترو أمير عبد المجيد وفي مسرح رفيق دربه أبو بكر سالم، كان له حضور مختلف، بريق شاعري وعيون محملة بالدموع نقلت لنا أحاسيسه قبل صوته.
«الجرح الرحم» و«مزهرية» كانت البداية وما بين «هيا أجرحيني بس عيشي بقلبي» و«والتقينا فمدينة وفرقتنا ألف ميناء» كان الشعور مختلفاً، حزن ممزوج بشجن عبادي وصوته العذب، وألحانه التي تعصر القلب لتخرج كل ما فيه من مشاعر.
«تكفي خلاص ارجع» كانت مختلفة، مليئة بالمشاعر، كل من يسمعها تدق ناقوس الشوق في قلبه، فمن فارق حبيباً أو قريباً كانت هذه الأغنية له، فهي مهداة للأرواح البعيدة، و«مليت وأنت بعيد» كانت هي ما جمع كل هذه المشاعر.
ثم حمل عبادي آلته المفضلة، العود الذي رافقه طوال مسيرته، حتى أصبح سيده وأخطبوطه، وعزف مقطوعات دندن بها أجمل الألحان، ثم بدأ يغني رائعته «حسبتك لي» ليطير بجمهوره لسماء الحب والعشق ليعانقوا النجوم ويرقصوا فوق السحب.
وبالعود والبيانو وصوته الذي لا يتكرر، بدأ يغني «بنسحب» وسط هدوء الجمهور الذي سكت لينصت لتقاسيم العود التي تتحدث وتغني قبل عبادي، حتى بدأ هو يغني فصمت الكون كله ليستمع إليه.
وختم عبادي بعيونك آخر آمالي ليودع بعدها جمهوره الذي ملأ المسرح واستمر يغني معه حتى الثانية بعد منتصف الليل ليسجل الجوهر في وجدانهم ليلة لن ينسونها أبداً.
وقالت أنغام، في المؤتمر الصحافي، نهاية الحفل، إن الحفل كان جميلاً جداً وبدأت بالاعتياد على المسارح السعودية، وأصبحت تشتاق للرياض في كل مرة تذهب بعيداً عنها، وتمنت أن تستمر الحفلات بنفس الوهج والقوة والأسماء الكبيرة التي تم استقطابها.
وعبّر عبادي الجوهر عن سعادته بالعودة إلى المسارح والغناء بعد الوعكة الصحية التي مر بها، حيث قال إنه اشتاق للجمهور وللغناء أمامهم، كما أشاد بالتكريم المقدم من هيئة الترفيه للفنانين تقديراً لمجهوداتهم ومن ضمنهم هو شخصياً العام الماضي.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».