سلمى حايك تطلق فيلمها «النبي» بعد زيارة للاجئين السوريين في لبنان

قالت إنها لطالما حلمت بزيارة بلد جدها ولكن ليس «بيدين فارغتين»

سلمى حايك خلال زيارتها مخيم اللاجئين السوريين في لبنان (صورة وزعتها يونيسف)  -  سلمى حايك مع والدها في بلدة بشري أمام تمثال لجبران خليل جبران ({الشرق الأوسط})
سلمى حايك خلال زيارتها مخيم اللاجئين السوريين في لبنان (صورة وزعتها يونيسف) - سلمى حايك مع والدها في بلدة بشري أمام تمثال لجبران خليل جبران ({الشرق الأوسط})
TT

سلمى حايك تطلق فيلمها «النبي» بعد زيارة للاجئين السوريين في لبنان

سلمى حايك خلال زيارتها مخيم اللاجئين السوريين في لبنان (صورة وزعتها يونيسف)  -  سلمى حايك مع والدها في بلدة بشري أمام تمثال لجبران خليل جبران ({الشرق الأوسط})
سلمى حايك خلال زيارتها مخيم اللاجئين السوريين في لبنان (صورة وزعتها يونيسف) - سلمى حايك مع والدها في بلدة بشري أمام تمثال لجبران خليل جبران ({الشرق الأوسط})

«شكرا we are adventurers»، بهذه الكلمات ختمت النجمة العالمية اللبنانية الأصل سلمى حايك، المؤتمر الصحافي الذي عقدته في بيروت والذي حضره حشد من أهل الإعلام والصحافة المحلية والأجنبية.. فمنذ التاسعة من صباح أمس تجمّع الإعلاميون في باحة المركز التجاري «1866» الواقع في شارع بليس في منطقة الحمرا، تلبية لدعوة شركة «لاكشيري ليميتيد إديشن» المنظمة لزيارة الممثلة سلمى حايك إلى لبنان.
جاء ذلك من أجل الالتقاء بها بعد مشاهدتهم العرض الأول لفيلمها السينمائي «النبي»، الذي خصصت زيارتها الأولى إلى لبنان بلد جدها الذي هاجر منه إلى المكسيك.
وإثر انتهاء عرض الفيلم، تجمهر محبو الممثلة المكسيكية على مدخل المركز التجاري المذكور ينتظرون إطلالتها، وقد أحاط بهم حشد من المصورين الصحافيين الذين ثبتوا كاميراتهم وجهزوها من أجل الحصول على لقطات مصورة لها وهي تسير على السجادة الحمراء.
وما إن وصلت سلمى حايك للمكان حتى انطلقت الزغاريد من قبل المعجبين بها، فوقفت أمام عدسات الكاميرات ليتسنى للمصورين التقاط الصور الخاصة لها. وبدت الممثلة المكسيكية أنيقة وهي ترتدي ثوبا مطبوعة عليه الورود بالأبيض والأسود (من تصميم إيلي صعب)، وقد أحاط بها كل من مؤلّف موسيقى فيلم «النبي» غبريال يارد ومخرجه روجرز الليرز.
وفي اللحظات الأولى للمؤتمر ساد جوّ من الهرج والمرج بين الصحافيين الذين كانوا يتزاحمون على الجلوس في المقاعد الأمامية، ليتسنى لهم طرح الأسئلة عليها. واغتنم البعض هذه الفوضى ليصرخ بصوت عال: «ولكوم تو ليبانون» مشيرا بذلك إلى شهرة لبنان بالفوضى التي تعمّه. وكان فريق الفيلم المؤلف من محمد فتح الله (الموزّع الرسمي للفيلم في لبنان)، وجان رياشي (أحد مموليه) وغبريال يارد (واضع موسيقاه) وروجرز الليرز (مخرجه)، إضافة إلى د. طارق شدياق (رئيس لجنة متحف جبران)، قد تمركزوا على مقاعدهم عندما دخلت سلمى حايك وألقت التحية على الجميع مفتتحة بذلك المؤتمر الصحافي. وردّا على أول سؤال طرح عليها حول زيارتها الأولى للبنان قالت: «لا أحد يمكنه أن يتصوّر الشعور الجميل الذي انتابني أمام مشاهدتي جمال لبنان، ولقد استمتعت في زيارتي لمتحف جبران خليل جبران في بلدة بشرّي الشمالية ومشاهدة الوادي الذي يطلّ عليه. فجمال لبنان هو بمثابة قصيدة شعر سأتلوها على زوجي وابنتي عند عودتي»، وتابعت: «لم أر شيئا مماثلا له في حياتي، ولقد تأثّرت كثيرا بذلك».
وتحدثت النجمة السينمائية العالمية عن القوة التي شعرت بها عند رؤيتها تمثال الأديب اللبناني العالمي أيضا جبران خليل جبران صاحب كتاب «النبي»، مشيرة إلى أنها كانت تصبو إلى رؤية جمال لبنان وبلدة هذا الفيلسوف العربي الذي استطاع أن يجمع في كتابه جميع الأديان، والذي خوّله أن يبيع منه 9 ملايين نسخة حول العالم أجمع.
وعن إمكانية دبلجة فيلم «النبي» إلى العربية قالت: «لا أعتقد أنه في إمكاننا ذلك؛ إذ ليس في استطاعتي أن أتكلّم العربية، ولكننا نبحث في إيجاد حلّ لذلك». وهنا قاطعها الموزّع الرسمي للفيلم في لبنان محمد فتح الله بالقول: «لن نقوم بأي خطوة لا تحمل المستوى المطلوب وتنسجم مع ميزانيته الضخمة، ولكننا بصدد درس الموضوع والتخطيط له».
ولفتت سلمى حايك إلى أن الفيلم شامل المواضيع، وأنه تناول أوضاع الفقراء والأطفال وساند النساء، وقالت: «كما تعلمون، فإن صوتي وضع على شخصية كاميلا في الفيلم، وهذا الاسم يعود لوالدة الفيلسوف اللبناني التي عانت الأمرين من أجل تربية أولادها وتأمين مستقبلهم، فكانت تبيع الثياب في سلة كبيرة تحملها على كتفها من أجل ذلك»، وأضافت: «برأيي أن المرأة العربية عامة مذهلة بعزيمتها وبالتضحيات التي تبذلها من أجل أولادها وأولاد الآخرين، وهذا ما لمسته في زيارتي لمخيّم اللاجئين السوريين في البقاع؛ حيث أعجبت بأداء الأمهات اللبنانيات والسوريات، وكيفية تعاونهن معا من أجل تأمين الأجواء المناسبة للأطفال هناك».
وعن كيفية ولادة فكرة الفيلم، شرحت سلمى حايك أن الأمر يعود إلى لجنة متحف جبران خليل جبران في البداية، وأنها وافقت في دعمها لها، لأنها تعتبر نفسها لبنانية، وأنها فخورة بذلك. وقالت: «الفيلم رسالة مباشرة إلى الجيل الجديد، علّنا نجد بينه من يملك رؤية مستقبلية تشبه تلك الموجودة في كتاب (النبي)». وأضافت: «يجب أن نستخدم خيالنا وأفكارنا الجديدة لنساهم في تغيير العالم أجمع، ونتمنى أن يوحي الفيلم لأحدهم بذلك».
وتطرّق أحد أهم الممولين للفيلم، جان رياشي، إلى كيفية تأمين رأسمال لتصوير وتنفيذ الفيلم، وأنه كان مجرد ذكر اسم سلمى حايك أمام أحدهم يجعله لا يتردد في الموافقة على تمويله. وهنا صرخت سلمى حايك وهي ترفع بيدها: «نحن مغامرو الشرق الأوسط».
وأكدت الممثلة العالمية اللبنانية الأصل أنها لطالما حلمت بزيارة وطنها الأم لبنان، وأنها لم تكن تنوي ذلك ويداها فارغتان، وعندما تم تنفيذ الفيلم رأت أن الوقت لذلك أصبح مواتيا، فأعلنت عن إطلاق الفيلم من أرض جذورها في الوقت نفسه الذي يتم إطلاقه في صالات السينما في دول الغرب. وقالت: «لقد تلقيت تربية لبنانية وعرفت تراثنا مثل أي لبنانية أخرى، وعندما كان يحاول أحدهم أن ينتقدني وأنا أتناول الطعام اللبناني، كنت لا أتردد في أن اصرخ في وجهه، قائلة له: (أنا تناولت الكبّة قبل الـ(tacos) - طبق مشهور في المكسيك - فصحيح أنني لا أجيد العربية، ولكني وبكل فخر تربيت على الطريقة اللبنانية قلبا وقالبا».
وعما إذا كانت نيتها منذ البداية التعريف بلبنان من خلال فيلسوفه جبران خليل جبران، أجابت بحماس: «لا أحد أكبر من لبنان، ولكن بهذه الطريقة تكلّمنا عن خصائص لبنان وجماله، وهل هناك من طريقة أفضل للتحدّث عن رجالاته؟!».
وكان لمخرج الفيلم روجرز الليرز تعليق على مشاركته في فيلم «النبي» وقال: «لقد انتظرت أربعين عاما من أجل القيام بفيلم مماثل، وهو الذي كان بمثابة حلم بالنسبة لي، فهو عمل جميل ورائع، وأعدّه من أجمل التجارب التي قمت بها في عالم الإخراج السينمائي».
أما الموسيقي اللبناني العالمي غبريال يارد، فاعتبر أن موسيقى الفيلم تنبع من ذكرياته في لبنان، وأنه حاول قدر الإمكان تجسيدها في مقاطع موسيقية تناسب فيلما مثل «النبي» يقدّم بطريقة الصور المتحركة. وقال: «كنت متحمسا جدّا للقيام بهذه التجربة الموسيقية، التي أردت أن أعيد من خلالها معظم مراحل حياتي في لبنان، فبحثت في ذاكرتي، وعدت من خلالها إلى جذوري الأصيلة».
يذكر أن الموسيقى الخاصة بالفيلم تتضمن مقاطع من نوتات شرقية ممزوجة بالغربية، كما أن بينها ما استوحاه الموسيقي اللبناني من أغنية الأطفال المشهورة «يللا تنام» التي غنّتها أيضا فيروز.
وأكدت لجنة جبران خليل جبران الممثلة في المؤتمر بالدكتور طارق شدياق، أن جميع حقوق الملكية لكتاب «النبي» تعود إليها، وأن شرطها الوحيد في هذا الصدد كان هو أن يتم نقل كلام «النبي» كما هو دون أي تعديلات.. «وهكذا صار».
يذكر أن روجرز الليرز، وهو مخرج الفيلم الشهير «ذا ليون كينغ»، قد قام بمعالجة وإخراج النص الأساسي في الفيلم، فيما تعاون تسعة آخرون على تصوير وإخراج فصول منه؛ مثل الإماراتي محمد حريب، وآخرون من بلاد الغرب أمثال جيتان بريزي وبول بيناريو وجون كراتز وتوم مور.. وغيرهم. وقد جسدت سلمى حايك بصوتها شخصية كاميلا، فيما وضع الممثل ليام نيسون صوته على شخصية «المصطفى»، «النبي»، فيما جسدّ الممثل جون كراسينسكي بصوته أيضا دور «حليم» أحد أبطال الفيلم.
واجتمعت آراء أهل الصحافة على المستوى الرفيع الذي يسود تنفيذ فيلم «النبي» وإخراجه الذي يتمثّل بالألوان الجميلة واللقطات التصويرية من زوايا عدة، إضافة إلى الموسيقى التصويرية التي تساهم في إبراز لوحات تعبيرية تتخلله. وكانت سلمى حايك قد توجهت إثر انتهاء المؤتمر الصحافي إلى مركز علاج سرطان الأطفال «سان جود» ترافقها نورا وليد جنبلاط. وختمت زيارتها إلى لبنان بحفلة عشاء أقيمت في جامعة «ESA» تخللها مزاد علني يعود ريعه للمركز المذكور، وغادرت لبنان صباح اليوم.
يذكر أن سلمى حايك قد أمضت ثلاثة أيام في ربوع لبنان زارت خلالها مخيم اللاجئين السوريين في البقاع، حيث رافقها المصوّر أليسيو رومانزي الذي لم يوفّر فرصة التقاط صورٍ للنجمة في هذا المكان. وكانت حايك قد تناولت طعام الغداء معهم ووقفت على متطلباتهم، وبدت متأثّرة جدا عندما صرّحت بالقول: «أنا متأثّرة جدا بقضية اللاجئين السوريين، وأريد مدّ يد العون لهم».
تأتي هذه الزيارة ضمن حملة حايك مع الـ«UNICEF» لجمع التبرّعات للاجئين السوريين والنازحين ضمن إطار «نداء قرع الأجراس من أجل التغيير». وقال بيان صادر عن اليونسيف، أمس الاثنين، إن حايك زارت الأحد، مخيمات اللاجئين السوريين في البقاع، شرقي لبنان، من أجل «لفت الانتباه إلى الاحتياجات الإنسانية العاجلة للأطفال والأسر التي تغيرت حياتها تغييرًا جذريًا بسبب النزاع الوحشي في سوريا على مدى السنوات الأربع الماضية».
وقدرت المنظمة الأممية «وجود 14 مليون طفل تأثروا ويتعرضون لخطر أن يصبحوا جيلاً ضائعًا، منهم 2.6 مليون لم يعودوا يرتادون المدرسة، وما يقارب مليونين يعيشون لاجئين في الدول المجاورة».
وقالت حايك في البيان نفسه إنه «من خلال التبرع لنداء قرع الأجراس من أجل أطفال سوريا لجمع التبرعات، فأنتم تدعمون جهود اليونيسف الرامية إلى تمكين الأطفال من الوصول إلى فرص التعلم وخدمات الدعم لمساعدتهم على مواجهة العنف الذي تعرضوا له».
وأضافت: «لقد ألهمتني شجاعة الأطفال اللاجئين السوريين وعائلاتهم الذين التقيتهم في لبنان، بشدة، فهم لا يزالون مصممين على بناء حياة ومستقبل أفضل رغم الصعاب والأذى الذي لحق بهم أو شهدوه».
وأشارت إلى أنها تأثرت بـ«الكرم الذي أظهره كثير من اللبنانيين تجاه أولئك الذين يلتمسون اللجوء في بلادهم»، مناشدة «كل من هو ممتن للسلام والاستقرار في حياته أن يشفق على كل هؤلاء الذين فقدوا السلام والاستقرار وأن يهموا بتقديم العون». كما زارت سلمى حايك، في اليوم الثاني لها في لبنان، بلدة بشرّي الشمالية؛ حيث عرّجت على متحف جبران خليل جبران. وبالإمكان التبرع للحملة التي تدعمها سلمى حايك من خلال موقع على الإنترنت، وصفحة على «فيسبوك».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».