موسكو تنتقد واشنطن في ملف مكافحة الإرهاب

TT

موسكو تنتقد واشنطن في ملف مكافحة الإرهاب

حملت انتقادات نادرة وجهها نائب المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة غينادي كوزمين ضد الولايات المتحدة في ملف مكافحة الإرهاب في سوريا، تغييراً في اللهجة الروسية في التعامل مع هذا الملف؛ إذ رأى أن واشنطن تقوم بعمليات فاشلة ضد الإرهابيين، وعاجزة عن فرض النظام والأمن في مناطق سيطرتها.
وكانت موسكو وجّهت انتقادات حادة للوجود الأميركي في سوريا، وعمدت مراراً إلى اتهام واشنطن بزعزعة الوضع وتشجيع النزعات الانفصالية شمال شرقي سوريا، لكنها تجنبت في السابق تقييم أداء واشنطن في ملف مكافحة الإرهاب، أو ذهبت في بعض الأحيان إلى الإشادة بهذا النشاط، كما ورد على لسان الرئيس فلاديمير بوتين أكثر من مرة عندما تحدث عن تعاون جيد مع واشنطن في هذا الملف في سوريا.
لذلك؛ كانت تصريحات كوزمين لافتة، في إطار تقييمه عملية تصفية زعيم تنظيم «داعش» أبو إبراهيم الهاشمي القرشي في ريف إدلب بشمال سوريا أخيراً. وقال الدبلوماسي الروسي، إن بلاده «لا ترى أن العملية الأميركية لتصفية زعيم (داعش) في سوريا ناجحة».
وزاد خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي، الأربعاء، أن «قضية المخاطر الإرهابية بشمال شرقي سوريا باتت أكثر إلحاحاً، والعسكريون الأميركيون الموجودون هناك بصورة غير شرعية عاجزون عن فرض النظام».
وأضاف، أن «أجواء الفوضى والانفلات حول مناطق انتشار القوات الأميركية تمثل بيئة خصبة لشتى أنواع الإرهابيين»، ملاحظاً أن «محاولات الولايات المتحدة لإثبات أنها تسيطر على الأوضاع الميدانية كثيراً ما تؤدي إلى سقوط ضحايا بين المدنيين. وفي هذا السياق، من الصعب اعتبار العملية الأخيرة للقوات الأميركية الخاصة للقضاء على زعيم الإرهابيين ناجحة».
وقال الدبلوماسي الروسي، إنه «من شأن انسحاب قوات الاحتلال الأميركية من سوريا أن يسمح للسوريين بتطهير الخلايا الإرهابية المتبقية على أراضيهم بأنفسهم وضمان أمن السكان المدنيين»، مضيفاً أن «التجربة العملية أظهرت أن الحكومة السورية تنفذ هذه المهام بفاعلية أكثر».
في غضون ذلك، أبرزت تصريحات للسفير الروسي في سوريا ألكسندر يفيموف، أن موسكو ليست راضية عن أداء تركيا في مناطق إدلب ومحيطها. واللافت، أن يفيموف الذي عيّن مبعوثاً رئاسياً روسياً لشؤون العلاقة مع سوريا، كان دائماً يتجنب إطلاق تصريحات حول الوضع السياسي الميداني، لكنه خلال اليومين الماضيين تحدث عن الضربات الجوية الإسرائيلية على سوريا وعن أداء تركيا في مناطق الشمال.
وأكد السفير الروسي، أن تركيا لم تنفذ جانباً من التزاماتها في إطار الاتفاقات مع روسيا بشأن الوضع في محافظة إدلب السورية، بما في ذلك حول الطريق (أم فور) بين حلب واللاذقية.
وزاد يفيموف، في حديث لوكالة أنباء «نوفوستي» الحكومية الروسية، أن «بعض التفاهمات التي تم التوصل إليها، بما في ذلك حول الطريق M – 4، لم يتم تنفيذها بالكامل من قِبل الطرف الآخر. وعلى الرغم من أنه سعى إلى تخفيف لهجته من خلال الإشارة إلى أن «العمل في هذا السياق يتواصل مع الشركاء الأتراك على مستويات عدة وقنوات هيئات مختلفة»، لكنه أضاف مباشرة، أنه «لا يمكن تجاهل أن الاتفاقات الخاصة بإدلب والتي أبرمتها روسيا وتركيا في مارس (آذار) 2020 خلال قمة بين رئيسي البلدين في موسكو أتاحت تثبيت تحرير الجيش السوري جزءاً كبيراً من المنطقة بدعم من القوات الجوية الروسية».
وتابع، أنه «في الوقت ذاته أود لفت الانتباه إلى أن أي اتفاقات لا تلغي ضرورة مواصلة مكافحة الإرهاب بلا هوادة مع إعادة الجزء المشار إليه من أراضي سوريا إلى سيادة دمشق. وكل المحاولات لتبييض الإرهابيين المختبئين في إدلب وعرضهم كما لو أنهم ما يسمى بالمعارضة المسلحة هي محاولات غير مقبولة على الإطلاق».
على صعيد آخر، أثار الإعلان أخيراً عن توجه روسيا لإطلاق مفاوضات مع بيلاروسيا بهدف إرسال قوات من هذا البلد إلى سوريا سجالات واسعة في وسائل الإعلام الروسية. وبرزت تعليقات لخبراء تشير إلى أن موسكو ربما تستعد لتوسيع حضور حلفائها في سوريا عبر إرسال قوات تابعة لمنظمة الأمن الجماعي. وكانت الحكومة الروسية كشفت عن مشروع اتفاقية حكومية بين موسكو ومينسك تم وضعه لتسهيل إرسال عسكريين من بيلاروسيا إلى سوريا.
وقال الخبير العسكري فيكتور ليتوفكين، إن تجربة العمل المشترك للقوات الروسية والبيلاروسية في سوريا «ستوحد أكثر القوة العسكرية الروسية - البيلاروسية. وهدفنا إنشاء مجموعة موحدة من القوات على أراضي روسيا وبيلاروسيا. ستصبح التجربة السورية أحد مكونات تعزيز العلاقات بيننا».
ولاحظ الخبير الأبرز، أنه في حال قدمت دمشق طلباً إلى منظمة الأمن الجماعي (تضم روسيا وبيلاروسيا وأرمينيا وكازاخستان وقيرغيزستان وطاجكستان) لإرسال قوات حفظ سلام أو وحدات تدخل سريع، يمكن أن يغدو إرسال وحدات تابعة لبلدان هذه المنظمة أمراً واقعياً.
مضيفاً، أن «المشاركة في عملية حفظ سلام حقيقية في المنطقة التي تدور فيها أعمال قتالية تجربة مفيدة دائماً، وخصوصاً لقوات منظمة الأمن الجماعي؛ لأنها تجربة قتالية. لا يمكن مقارنتها أبداً بالتجربة التي يحصل عليها جنود حفظ السلام في التدريبات أو محاكاة العمليات العسكرية على الخرائط أو أجهزة الكومبيوتر».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».