استئناف جولة «حاسمة» في مفاوضات فيينا النووية

إيران تتمسك برفع العقوبات لإنجاح الاتفاق

الرئيس الإيراني خلال لقائه وزير خارجية فنلندا في طهران أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الإيراني خلال لقائه وزير خارجية فنلندا في طهران أمس (أ.ف.ب)
TT

استئناف جولة «حاسمة» في مفاوضات فيينا النووية

الرئيس الإيراني خلال لقائه وزير خارجية فنلندا في طهران أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الإيراني خلال لقائه وزير خارجية فنلندا في طهران أمس (أ.ف.ب)

تستأنف المفاوضات النووية مع إيران، اليوم، في جولتها الثامنة التي يتوقع أن تكون «حاسمة»، مع عودة الوفد الإيراني والوفود الأوروبية إلى العاصمة النمساوية فيينا، فيما قال الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي خلال لقائه وزير خارجية فنلندا، بيكا هافيستو، أمس: «لن نجعل اقتصاد البلاد ينتظر الاتفاق النووي» مضيفاً: «في حال رفع العقوبات تتهيأ أرضية الاتفاق وإيران أثبتت أنها تعمل بالتزاماتها». ونقل موقع الرئاسة الإيرانية عن رئيسي قوله إن «الأميركيين هم من انتهكوا الاتفاق النووي، والأوروبيون لم يعملوا بالتزاماتهم».
ويتمسك الطرف الإيراني برفض المهل الزمنية للانتهاء من المفاوضات، بحجة أن سرعة التوصل لاتفاق تعتمد على الأطراف الغربية. وكرر وزير خارجية إيران حسين أمير عبداللهيان أمس هذا الحديث، قائلاً إن «التوصل إلى اتفاق جيد في الأيام القادمة يعتمد على مبادرة وتصرف الدول الأوروبية الثلاث والولايات المتحدة». وقال عبداللهيان إن الأطراف الغربية ما زالت لم ترد بعد على جزء من المطالب الإيرانية برفع بعض العقوبات، معتبراً ذلك خطاً أحمر. كما غرد أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي شمخاني، قائلاً: «الاتفاق الذي لا يتم فيه رفع العقوبات التي تمثل الضغوط القصوى، سيؤثر على اقتصاد البلاد، ولا يمكن أن يكون أساساً لاتفاق جيد».
من جانبه، يواجه رئيس الوفد الأميركي روبرت مالي في واشنطن أعضاء الكونغرس الأميركي. ويخضع مالي غداً لاستجواب من قبل لجنة العلاقات الخارجية حول تطورات المفاوضات مع إيران، على أن ينضم إلى المتفاوضين في فيينا بعد انتهاء استجوابه «السري» الذي لن يكون مفتوحاً للعامة ولا مسجلاً.
وكانت الجولة الثامنة، التي انطلقت نهاية العام الماضي وهي الأطول حتى الآن، توقفت في ٢٨ من الشهر الماضي للسماح للوفود بالعودة إلى التشاور و«اتخاذ قرارات سياسية» تسمح بإكمال المفاوضات. وكتب أمس المنسق الأوروبي للمفاوضات، أنريكي مورا، تغريدة على تويتر يدعو فيها للاستعجال بإنهاء عملية التفاوض بسبب ما قال إنها «ميول مختلفة غير مرغوب فيها تقوض» الاتفاق النووي. ودعا المتفاوضين إلى العودة «بروح التسوية» لإعادة العمل بالاتفاق.
وتتزايد الضغوط على المتفاوضين الغربيين لإنهاء المحادثات خصوصاً أن مسؤولين أوروبيين وأميركيين يكررون منذ نهاية العام الماضي بأن هناك «أسابيع قليلة» للتوصل لاتفاق مع إيران وليس أشهر. وحدد دبلوماسيون آنذاك مطلع فبراير (شباط) الحالي للتوصل إلى اتفاق، إلا أن هذا التاريخ مر وما زال الاتفاق لم يشهد النور بعد. ويتحدث الدبلوماسيون الآن عن نهاية الشهر الجاري، خصوصاً أن مطلع مارس (آذار) سيشهد اجتماعاً لمجلس المحافظين في الوكالة الدولية للطاقة الذرية يناقش تطور برنامج إيران النووي، ما يزيد الضغوط على المفاوضات السياسية مع إيران.
وإضافة إلى بعض العقوبات، التي تصر إيران على رفعها وترفض واشنطن ذلك، ما زالت مسألة الضمانات التي تطالب بها طهران عالقة. وتريد إيران ضمانات بعدم انسحاب أي إدارة أميركية جديدة من الاتفاق مرة أخرى، وهو ما لا يمكن للأطراف الغربية ضمانه. وكرر روبرت مالي هذا الحديث في مقابلة مع قناة «إم إس إن بي سي» الأميركية مؤخراً، إذ قال إن «هذه ضمانات لا يمكن تقديمها للإيرانيين». وأضاف: «لا يمكن أن نجبر الرئيس المقبل على البقاء في الاتفاق، ولكن ما نقوله للإيرانيين هو أن الرئيس بايدن سيبقى في الاتفاق ما دامت إيران تحترمه». وشدد مالي على أن التوصل إلى اتفاق ما «زال في مصلحة الأمن القومي للولايات المتحدة» وبأن «الرئيسي بايدن يريدنا أن نعود للتفاوض في فيينا»، في إشارة إلى انتقادات أعضاء في الكونغرس حول جدوى العودة للتفاوض. وأضاف أنه «ما زال هناك أمل بإحياء الاتفاق، وهذه الرؤيا يشاركنا فيها شركاؤنا الأوروبيون».
ومن المتوقع أن يتعرض مالي لانتقادات كبيرة خلال جلسة استجوابه داخل الكونغرس، خصوصاً أن الجلسة تأتي بعد أسبوع على دعوة رئيس لجنة العلاقات الخارجية السيناتور الديمقراطي بوب ميننديز، إدارة بايدن إلى اعتماد موقفاً أكثر صرامة مع إيران خلال المحادثات الجارية معها في فيينا، في كلمة ألقاها داخل الكونغرس.
وتتزايد الضغوط على إدارة بايدن من الحزب الجمهوري للتشدد مع إيران التي تتفاوض معها الإدارة الأميركية بشكل غير مباشر لإعادة العمل بالاتفاق النووي، منذ أبريل (نيسان) العام الماضي. ومطلع العام تقدم أكثر من مائة نائب جمهوري بطلب إلى بايدن يطلبون منه وقف التفاوض مع إيران بسبب استمرارها في تطوير برنامجها النووي بشكل كبير.
وانعكست هذه الانقسامات السياسية في واشنطن حول الاتفاق النووي على الفريق الأميركي التفاوضي الذي شهد انسحاب ٣ أعضاء منه خلال الأسابيع الماضية، بينهم نائبان لروبرت مالي. ورغم نفي الإدارة الأميركية أن تكون الخلافات حول مقاربة المفاوضات مع إيران هي السبب في استقالة المسؤولين الثلاثة، فقد تحدثت وسائل إعلام أميركية عن انقسامات حادة داخل الفريق الأميركي حول جدوى استمرار المفاوضات التي طال أمدها.
ومن بين المنسحبين ريتشارد نيفيو الذي يعرف بأنه «مهندس» العقوبات الأميركية على إيران والمؤمنين بأن سياسة العقوبات القصوى هي التي دفعت إيران للجلوس إلى طاولة المفاوضات في البداية. وعلى ما يبدو، كان نيفيو من المؤيدين لوقف التفاوض مع إيران التي عادت في الجولة السابعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بمطالب أكثر تشدداً وانقلبت على معظم ما تم تحقيقها في الجولات الست الماضية التي انطلق في ظل إدارة الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني.



إيران «لن تعرقل» مفتشي «الطاقة الذرية»

غروسي يجري محادثات مع محمد إسلامي رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية في فيينا منتصف سبتمبر الماضي (الوكالة الدولية للطاقة الذرية)
غروسي يجري محادثات مع محمد إسلامي رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية في فيينا منتصف سبتمبر الماضي (الوكالة الدولية للطاقة الذرية)
TT

إيران «لن تعرقل» مفتشي «الطاقة الذرية»

غروسي يجري محادثات مع محمد إسلامي رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية في فيينا منتصف سبتمبر الماضي (الوكالة الدولية للطاقة الذرية)
غروسي يجري محادثات مع محمد إسلامي رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية في فيينا منتصف سبتمبر الماضي (الوكالة الدولية للطاقة الذرية)

تعهدت إيران بعدم «عرقلة» مهمة ممثلي الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة لتفتيش مواقعها النووية. وقال رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية محمد إسلامي، السبت، إن إيران لن تعرقل دخول ممثلي الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة إلى مواقعها وتفتيشها. ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن إسلامي قوله: «لم ولن نضع أي عقبات أمام عمليات التفتيش والمراقبة التي تنفذها الوكالة (الدولية للطاقة الذرية)».

وأضاف: «نعمل في إطار الضمانات كما تعمل الوكالة وفقاً لضوابط، لا أكثر ولا أقل».

ووفقاً لتقرير صدر عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الخميس الماضي، قبلت إيران تشديد الرقابة على منشأة فوردو النووية بعدما سرّعت طهران بشكل كبير من تخصيب اليورانيوم ليقترب من مستوى صنع الأسلحة. وقبل أيام ذكرت الوكالة أن إيران ضاعفت وتيرة تخصيب اليورانيوم في منشأة فوردو إلى درجة نقاء تصل إلى 60 بالمائة، أي قريباً من نسبة 90 بالمائة اللازمة لإنتاج أسلحة.

وأعلنت الوكالة أنها ستناقش الحاجة إلى إجراءات وقائية أكثر صرامة، مثل زيادة عمليات التفتيش في منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم، وهي واحدة من منشأتين تصلان إلى هذا المستوى العالي من التخصيب.

وجاء في التقرير السري الموجه إلى الدول الأعضاء: «وافقت إيران على طلب الوكالة زيادة وتيرة وشدة تنفيذ إجراءات الضمانات في منشأة فوردو، وتساهم في تنفيذ هذا النهج المعزز لضمانات السلامة».

ووفقاً للوكالة الدولية للطاقة الذرية، يمكن لـ«فوردو» الآن إنتاج أكثر من 34 كيلوغراماً شهرياً من اليورانيوم المخصب بنسبة تصل إلى 60 في المائة، مقارنة بـ5 إلى 7 كيلوغرامات كانت تنتجها مجتمعة في فوردو ومنشأة أخرى في نطنز فوق الأرض.

ووفقاً لمعايير الوكالة، فإن نحو 42 كيلوغراماً من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المائة تكفي نظرياً، إذا تم تخصيبها أكثر، لصنع قنبلة نووية. إيران تمتلك بالفعل أكثر من أربعة أضعاف هذه الكمية، بالإضافة إلى ما يكفي لصنع المزيد من الأسلحة عند مستويات تخصيب أقل.

وتؤكد القوى الغربية أنه لا يوجد مبرر مدني لتخصيب إيران إلى هذا المستوى، حيث لم تقم أي دولة أخرى بذلك دون إنتاج أسلحة نووية. فيما تنفي إيران هذه الادعاءات، مؤكدة أن برنامجها النووي ذو أهداف سلمية بحتة.