لبنانيون يتلمّسون الدفء والإنترنت... في المقاهي

الكهرباء تجعلها بيتاً ثانياً للطلبة والعاملين عن بُعد

سيدة تجلس ومعها جهاز «لاب توب» في مقهى ببيروت (أ.ف.ب)
سيدة تجلس ومعها جهاز «لاب توب» في مقهى ببيروت (أ.ف.ب)
TT

لبنانيون يتلمّسون الدفء والإنترنت... في المقاهي

سيدة تجلس ومعها جهاز «لاب توب» في مقهى ببيروت (أ.ف.ب)
سيدة تجلس ومعها جهاز «لاب توب» في مقهى ببيروت (أ.ف.ب)

يحمل الشقيقان اللبنانيان كارين وهيثم أغراضهما صباح كل يوم، ويتوجهان من منزلهما الكائن في منطقة بشارة الخوري البيروتية إلى أحد المقاهي التي اعتادا الذهاب إليها تارة في منطقة الصيفي (وسط بيروت) وتارة في الأشرفية القريبة منها.
ويتحدث هيثم، الذي سجل لمتابعة دروس في التغذية مباشرة على الإنترنت لـ«الشرق الأوسط»، عن التأخير الذي كاد يتسبب برسوبه وخسارته للمبلغ الذي دفعه بالدولار لدروسه، بسبب الكهرباء والإنترنت، من دون أن ينسى الإشارة إلى عامل إضافي «جمد أفكاري وأفقدني التركيز» على حد وصفه، وهو البرد القارس الذي اجتاح لبنان خلال الأيام الماضية وحال دون قدرته وأخته على تحمل المكوث في منزلهما المهيأ منذ أعوام بتدفئة تعتمد على الكهرباء والغاز، وكلا المصدرين مقطوع أو سعره مرتفع جداً.
وغالبا ما كان يعتمد أهالي بيروت على مدافئ الغاز والكهرباء لمواجهة البرد، خصوصا أن درجات الحرارة تبقى معتدلة نسبيا في العاصمة. إلا أن ندرة حصولهم على التغذية الكهربائية وارتفاع تكلفة قوارير الغاز بعدما رفعت الحكومة الدعم عن استيراد المحروقات فاقما من معاناتهم في واحد من أشد شتاءات البلاد.
«فكان لا بد من اللجوء إلى أماكن توفر لنا الراحة وننعم بها بالدفء لوجود تدفئة مركزية، كما تملك مولدات خاصة» بحسبه، ويقول إنه أقنع أخته كارين بالذهاب إلى المقاهي الهادئة التي تؤمن أجواءً مناسبة في فترة قبل الظهر بدلا من المعاناة التي يواجهانها يوميا، خصوصا أن اشتراك المولد الكهربائي يؤمن ساعات تغذية أكبر للمشتركين في فترة بعد الظهر».
ويضيف: «أصبحت تكلفة الذهاب إلى مقهى أوفر بكثير من تأمين بدائل التيار الكهربائي ووسائل التدفئة، ناهيك بأن أجواء المقاهي التي نقصدها تهيئ قدرة على التركيز أكثر من المنزل».
ومنذ صيف العام 2021 يعاني اللبنانيون من انخفاض ساعات التغذية الكهربائية من مؤسسة كهرباء لبنان، حيث باتت ساعات التقنين تصل إلى 22 ساعة في اليوم، مقابل ارتفاع تكلفة اشتراكات مولدات الكهرباء التي أصبحت بدورها تعمد إلى تقنين ساعات التغذية خصوصا في ساعات الصباح حيث الحاجة الأكبر للطلاب والموظفين الذين يتابعون صفوفهم وأشغالهم عن بعد. أيضا، تراجعت نوعية الاتصال بشبكة الإنترنت في وقت ازدادت حاجة الناس. ودفعت كل تلك الأزمات بالطلاب والأشخاص الذين يعملون عن بعد للبحث عن حل يؤمن لهم مقومات الدراسة والعمل.
وتتحدث كارين وهي صحافية تراسل أحد المواقع الإلكترونية عن بعد، لـ«الشرق الأوسط»، عن المعاناة والضغط النفسي اللذين واجهتهما هي وزملاؤها في العمل بسبب ساعات التقنين الطويلة والانقطاع المتكرر لخدمة الإنترنت، وتحكي عن تجربة العمل عن بعد من دون أي مقومات، «حالة توتر تمتد لثماني ساعات يوميا، أي طوال فترة دوام العمل. فمرة تنقطع خدمة الإنترنت، الواي فاي والـ3G، ومرة أخرى تفرغ بطارية الحاسوب ورغم تفهم أرباب العمل فإن تلك المشاكل أصبحت تتكرر بشكل يومي وكان لا بد من حل» بحسبها.
وتؤكد أنها ليست الوحيدة من الزملاء التي اختارت الهروب إلى المقاهي، وتضيف «أحيانا نلتقي في المقهى نفسه لتبادل أطراف الحديث والتسلية والعمل سويا».
ومع انتشار وباء «كورونا» في لبنان فرضت الحكومة التعبئة العامة، فطلبت العديد من الشركات من موظفيها العمل عن بعد، كما دخل طلاب الجامعات أيضا في ميدان التعلم عن بعد، ما وضعهم في صلب تلك الأزمات الحياتية التي تشل قدرتهم على متابعة تعليمهم من المنزل. وتروي جاي، وهي طالبة إدارة أعمال في جامعة بيروت العربية لـ«الشرق الأوسط»، أنها وجدت في مكتبة الجامعة «المكان المريح» لمتابعة صفوفها عن بعد والدراسة بعدما حالت ساعات التقنين الطويلة دون ذلك.
ولم ينفع اللجوء إلى المقاهي جاي، وتحكي أنها لم تستطع التركيز ومتابعة الصف وسط التشويش، أما في المكتبة «فالجو مناسب جدا والمسؤولون يحرصون على الحفاظ على الهدوء لتأمين جو الدراسة». وتقول: «أحيانا أقصد مكتبة الجامعة رغم وجود تيار كهربائي في البيت لأنعم بالهدوء والتركيز، فهناك لا مجال للتلهي... إنه مكاني المفضل للدراسة».
وتضطر جاي، كما العديد من زملائها، للذهاب إلى مكتبة الجامعة لتسجيل الصفوف الفصلية، وتشرح أن التسجيل عادة يتم «أونلاين» وفي ظل انقطاع الإنترنت أو رداءة الخدمة، يختصر معظم الطلاب جهد المعاناة ويصطفون على طاولات مكتبة الجامعة لإنجاز المهمة.
وفي أحد مقاهي خلدة (جنوب بيروت) المشهورة والمطلة على الواجهة البحرية، يعرف نُدُل المقهى زوارهم الدائمين، ويحجزون طاولاتهم المفضلة بكوب أو بدفتر كما يحفظون دوامات قدومهم إلى المكان.
وتتوجه ربى صباح كل يوم من منزلها في منطقة دوحة الحص إلى المقهى، تلقي التحية على الشبان والشابات المناوبين فيحضرون مشروبها المعتاد «لاتي مع حليب اللوز بحجم كبير»، ثم تتوجه إلى طاولتها المعتادة والمطلة على البحر، تخبر «الشرق الأوسط».
ووفقا لربى «هنا الكل تقريبا يعرفون بعضهم بعضا ولكل منا طاولته ومكانه الذي يرتاح فيه»، طالبة «الغرافيك ديزاين» تمضي في المقهى قرابة الخمس ساعات يوميا لحين انتهاء صفوف التعلم عن بعد، وأحيانا للدراسة أو الاسترخاء مع كوب من القهوة أمام منظر البحر». وتقول: «أصبح المقهى بيتي الثاني، وأقضي هنا وقتا أكثر من المنزل.
منذ الصيف الماضي وبسبب أزمة الكهرباء وجدت نفسي مجبرة على البحث عن مكان يوفر خدمة الإنترنت والتيار الكهربائي لشحن الهاتف والحاسوب، وفي الوقت نفسه لا تعلو فيه أصوات الموسيقى أو الضجيج، ويكون قريبا من منزلي».
وتضيف «منذ الصيف وهؤلاء الأشخاص يأتون إلى المقهى، في الحر والبرد، بحثا عن مكان يتابعون فيه أعمالهم ودراستهم. فالحلول كالطاقة البديلة مكلفة للغاية وحتما كوب من القهوة نبتاعه يوميا أوفر ألف مرة».



عباس: ينبغي أن تمارس السلطة الفلسطينية ولايتها الكاملة في غزة بما في ذلك معبر رفح

الرئيس الفلسطيني محمود عباس على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة (رويترز)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة (رويترز)
TT

عباس: ينبغي أن تمارس السلطة الفلسطينية ولايتها الكاملة في غزة بما في ذلك معبر رفح

الرئيس الفلسطيني محمود عباس على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة (رويترز)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة (رويترز)

استحوذت حرب غزة والقضية الفلسطينية والأزمات المختلفة في عدد من البلدان العربية على حيز واسع من مجريات اليوم الثالث من أعمال الدورة السنوية الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك؛ إذ صعد الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى منبرها للمطالبة بتجميد عضوية إسرائيل في المنظمة الدولية، ووقف تزويدها بالأسلحة، وإرغامها على تنفيذ التزاماتها وقرارات مجلس الأمن.

ودعا الرئيس الفلسطيني، الخميس، المجتمع الدولي إلى وقف تزويد إسرائيل بالأسلحة؛ لمنع إراقة الدماء في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة.

وقال عباس من منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة: «أوقفوا هذه الجريمة، أوقفوها الآن، أوقفوا قتل الأطفال والنساء، أوقفوا حرب الإبادة، أوقفوا إرسال السلاح لإسرائيل».

وأضاف: «إسرائيل دمرت القطاع بالكامل تقريباً، ولم يعد صالحاً للحياة». وأوضح أمام الجمعية العامة التي تضم 193 عضواً: «لا يُمكن لهذا الجنون أن يستمر. إن العالم بأسره يتحمل المسؤولية إزاء ما يجري لشعبنا».

وعرض عباس رؤية لإنهاء الحرب في غزة؛ تتضمن بسط سلطة منظمة «التحرير الفلسطينية» على جميع الأراضي الفلسطينية بما في ذلك غزة. وطالب الرئيس الفلسطيني بأن تمارس السلطات الفلسطينية ولايتها الكاملة في غزة، بما في ذلك على معبر رفح، بوصفه جزءاً من خطة شاملة.

كما قال عباس إن إسرائيل «غير جديرة» بعضوية الأمم المتحدة، مشدداً على أن الدولة العبرية تحدت قرارات المنظمة الدولية ذات الصلة بالصراع.

وأضاف من منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة: «إسرائيل التي ترفض تنفيذ قرارات الأمم المتحدة غير جديرة بعضوية هذه المنظمة الدولية»، معرباً عن أسفه لأن الولايات المتحدة استخدمت حق النقض في مجلس الأمن الدولي ضد إعطاء دولة فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.

وتابع: «يؤسفنا أن الإدارة الأميركية عطّلت 3 مرات مشاريع قرارات لمجلس الأمن تطالب إسرائيل بوقف إطلاق النار باستخدامها الفيتو، وفوق ذلك زوّدتها بالأسلحة الفتّاكة التي قتلت آلاف الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ، وهو ما شجّع إسرائيل على مواصلة عدوانها». وخلص إلى القول «فلسطين سوف تتحرر».

وأعلنت إسرائيل، الخميس، الحصول على مساعدة عسكرية أميركية بقيمة 8.7 مليار دولار.

كذلك عرض الرئيس الفلسطيني أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة رؤية لإنهاء الحرب في غزة، تتضمن بسط سلطة منظمة «التحرير الفلسطينية» على جميع الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك غزة.

وطالب عباس بأن تمارس السلطات الفلسطينية ولايتها الكاملة في غزة، بما في ذلك معبر رفح، بصفته جزءاً من خطة شاملة، فالفلسطينيون يرفضون إقامة مناطق عازلة إسرائيلية، مشدداً: «لن نسمح لإسرائيل بأخذ سنتيمتر واحد من غزة».

اليمن ووكلاء إيران

من جهته، تحدّث رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد محمد العليمي، أولاً عن الوضع في بلاده، قائلاً: «إن تعافي اليمن ليس مجرد قضية وطنية، بل حاجة إقليمية وعالمية»، لأن «استقراره يعد أمراً حاسماً للحفاظ على السلام وأمن المنطقة، وطرق التجارة في البحرين الأحمر والعربي والممرات المائية المحيطة».

وأضاف: «أن الحكومة اليمنية تظل ملتزمة بنهج السلام الشامل والعادل، لكنه من الضروري في هذه الأثناء تعزيز موقفها لمواجهة أي خيارات أخرى، بالنظر إلى تصعيد الميليشيات الحوثية المتواصل على الصعيدين المحلي والإقليمي، وتهديد الملاحة الدولية، ولمنع تواصل توسع واستدامة هذا التصعيد».

ولفت إلى أن «هجمات الحوثيين المستمرة على حركة التجارة العالمية في البحر الأحمر والممرات المائية المحيطة تظهر أنها تُشكل تهديداً متزايداً ليس فقط للداخل اليمني، ولكن أيضاً لاستقرار المنطقة بأكملها».

وعن الوضع في بقية الشرق الأوسط، قال العليمي: «إن الحرب الإسرائيلية الوحشية على الشعب الفلسطيني يجب أن تتوقف على الفور، لأن ذلك هو مفتاح السلام المنشود، ومدخل لرفع الغطاء عن ذرائع إيران ووكلائها لتأزيم الأوضاع في المنطقة».

وتطرق إلى الوضع في لبنان، قائلاً: «إن السبيل الوحيدة لردع العدوان الإسرائيلي الغاشم على لبنان ستكون بموقف حازم من المجتمع الدولي، ووحدة اللبنانيين أنفسهم واستقلال قرارهم وعدم التدخل في شؤون بلدهم الداخلية، واستعادة الدولة اللبنانية لقرار السلم والحرب».

ليبيا نحو الانتخابات

وسبقه إلى المنبر رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، الذي قال إن الليبيين هم الأقدر على تقرير مصيرهم من خلال «الاستفتاءات النزيهة وعقد انتخابات شاملة (...) لإنهاء أي انسداد سياسي»، مؤكداً أن «الحل السياسي الشامل في مساراته المالية والاقتصادية والأمنية، إضافة لمسار المصالحة الوطنية، هو السبيل الوحيدة لتوحيد المؤسسات وضمان الاستقرار وصولاً إلى الانتخابات، وتجديد الشرعية لجميع المؤسسات وتقرير الشعب الليبي لمصيره».

وشدد المنفي على أن ما يرتكبه «الاحتلال الإسرائيلي من جرائم إبادة وتطهير عرقي ضد الشعب الفلسطيني واللبناني يُمثل انتهاكاً صارخاً للقوانين الدولية».

وشدد على أن إبعاد «شبح نشوب حرب إقليمية» في المنطقة يكون من خلال معالجة الوضع في غزة، وإيقاف «الانتهاكات والاعتداءات الجسيمة» في فلسطين.