طور فريق من العلماء من جامعة «نانيانغ» التكنولوجية بسنغافورة، مستحلباً نباتياً ليس غنياً بالبروتينات ومضادات الأكسدة فحسب؛ لكنه يتمتع بالخصائص الضرورية ليكون بديلاً للبيض أو منتجات الألبان في المواد الغذائية الأساسية، مثل المايونيز، وتوابل السلطة، والكريمة المخفوقة. وتم الإعلان عن هذا المنتج في 22 ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وتعتبر المستحلبات ضرورية لإنتاج الغذاء؛ لأنها تساعد على استقرار مزيج من سائلين لا يمتزجان بسهولة، مثل الزيت والماء. وعلى سبيل المثال، غالباً ما يُستخدم صفار البيض كعامل استحلاب في المايونيز، لضمان عدم فصل الزيت والماء الذي يحتوي عليه.
ويساعد المستحلب المصنوع في جامعة «نانيانغ» أيضاً في تقليل نفايات الطعام؛ حيث يتم تصنيعه عن طريق تخمير الحبوب المستهلكة، وهي منتج ثانوي لصناعة البيرة؛ حيث تشير التقديرات إلى أنه على مستوى العالم، يتم إلقاء حوالي 39 مليون طن من هذه الحبوب المستهلكة في مدافن النفايات سنوياً؛ حيث ستتحلل وتزيد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
ولإنتاج المستحلب، يتم تخمير الحبوب المستهلكة من مخلفات مصانع البيرة، قبل الخضوع لعمليات أخرى لاستخراج البروتينات، لإنتاج أطعمة مثل المايونيز. ومقارنة بتخزين المايونيز الذي يحتوي على العلامة التجارية، فإن المايونيز المنتج باستخدام المستحلب الجديد النباتي، يحتوي على مزيد من البروتين وكميات أعلى من بعض الأحماض الأمينية الأساسية.
وكانت محتويات الدهون والسعرات الحرارية متشابهة، مقارنة بالمايونيز الذي يحتوي على علامة تجارية نموذجية؛ لكن المايونيز المصنوع من المستحلب الجديد يحتوي على مزيد من العناصر الغذائية ومضادات الأكسدة. والمايونيز المحضر باستخدام المستحلب الجديد مذاقه أيضاً مطابق للمايونيز الذي يتم شراؤه من المتجر. وأظهر اختبار مختبري أجراه الباحثون أيضاً، أن المايونيز المصنوع من المستحلب الجديد، أظهر أيضاً نسيجاً أفضل وقابلية انتشار أفضل، مقارنة بنظيره الجاهز.
وفي الوقت الحالي، لا يتم استخدام الحبوب المستهلكة في مصانع البيرة على نطاق واسع في معالجة الأغذية، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى صعوبة استخراج البروتينات منها؛ حيث إن البروتينات «محاصرة» داخل هيكلها المعقد، والعمليات التجارية الحالية، مثل استخدام المواد الكيميائية أو ارتفاع درجة الحرارة لإطلاقها، تكون مكلفة ومعقدة.
ورغم وجود استخدامات أخرى للحبوب المستهلكة في مصانع البيرة، مثل علف الماشية والوقود الصلب، يركز المستحلب المصنوع من جامعة «نانيانغ» على جانبه الغذائي البشري، فضلاً عن استخدام الحلول الطبيعية لإضافة قيمة إليه.
واكتشف فريق الجامعة أن البديل الأرخص والأبسط لإطلاق إمكانات البروتين للحبوب المستهلكة، هو استخدام فطر «Rhizopus oligosporus»، الذي يمكن الحصول عليه بسهولة؛ حيث تخلط الحبوب مع الفطر، وعندما يتخمر الخليط يفرز الفطر الإنزيمات التي تكسر البنية الجزيئية المعقدة للحبوب المستهلكة، مما يجعلها طريقة بسيطة وفعالة، من حيث التكلفة لاستخراج البروتينات ومضادات الأكسدة الموجودة بداخلها.
ويقول ويليام تشين، مدير برنامج علوم وتكنولوجيا الأغذية بجامعة «نانيانغ»، في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للجامعة بالتزامن مع نشر الدراسة: «مستحلبنا هو بمثابة حل فعال، ليس فقط لتقليل النفايات، ولكن يحتمل أيضاً تحسين النظام الغذائي البشري، من خلال إدخال بروتين نباتي يمكن الوصول إليه على نطاق واسع».
ويضيف: «علاوة على ذلك، يتيح لنا مستحلبنا إعادة تدوير منتج محتمل للنفايات، فالفوائد البيئية لإعادة التدوير هائلة، بصرف النظر عن تقليل حجم المواد المهملة والنفايات التي يتم إرسالها إلى مكب النفايات كل عام».