الصدر يراوغ «الثلث المعطل» لحماية شريكيه الكردي والسني

مؤيدون للتيار الصدري يؤدون صلاة الجمعة في مدينة الصدر بالعاصمة العراقية بغداد (أ.ف.ب)
مؤيدون للتيار الصدري يؤدون صلاة الجمعة في مدينة الصدر بالعاصمة العراقية بغداد (أ.ف.ب)
TT

الصدر يراوغ «الثلث المعطل» لحماية شريكيه الكردي والسني

مؤيدون للتيار الصدري يؤدون صلاة الجمعة في مدينة الصدر بالعاصمة العراقية بغداد (أ.ف.ب)
مؤيدون للتيار الصدري يؤدون صلاة الجمعة في مدينة الصدر بالعاصمة العراقية بغداد (أ.ف.ب)

في قرار بدا مفاجئاً في توقيته؛ أصدرت المحكمة الاتحادية العليا في العراق أمس أمراً ولائياً يقضي بإيقاف إجراءات انتخاب القيادي في «الحزب الديمقراطي الكردستاني» لمنصب رئيس الجمهورية. وينص قرار المحكمة الاتحادية على إيقاف إجراءات انتخابه لحين حسم الدعوى المقامة ضده في المحكمة الاتحادية.
وطبقاً لذلك؛ فإن القرار الولائي أوقف عملياً أي إجراءات يمكن أن يقوم بها البرلمان العراقي لانتخاب رئيس جديد للجمهورية اليوم مثلما كان مقرراً. وفي حين يتنافس على المنصب 25 مرشحاً؛ فإن المنافسة ستنحصر في النهاية بين مرشح «الحزب الديمقراطي الكردستاني» زيباري، في حال تبرئته من تهم الفساد، والرئيس الحالي برهم صالح القيادي في «الاتحاد الوطني الكردستاني».
وبينما كان مقرراً عقد الجلسة الخاصة بانتخاب الرئيس اليوم الاثنين؛ فإن قرار «الاتحادية»، بالإضافة إلى قرار الزعيم الشيعي مقتدى الصدر تجميد المفاوضات مع الكتل السياسية والإعلان عن عدم مشاركة الكتلة الصدرية (75 نائباً) في جلسة انتخاب الرئيس، أوقف عملياً إجراء الانتخاب إلى حين البت في القضايا المرفوعة ضد زيباري. واستناداً إلى الدستور العراقي؛ فإن الرئيس الحالي برهم صالح سيستمر في شغل منصبه حتى يُنتخب رئيس جديد للجمهورية.
إلى ذلك، رأت مصادر سياسية مقربة من «التيار الصدري» أن الخطوة التي أقدم عليها الزعيم الشيعي بـ«تجميد» المفاوضات مع الكتل السياسية وإبلاغ نواب كتلته عدم حضور جلسة اليوم؛ إنما تهدف إلى حماية شركائه في التحالف الثلاثي من الضغوط. وطبقاً للمعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» من أكثر من مصدر، بعد تقاطع المعلومات والتسريبات التي تلت قرار الصدر، فإن الأخير «اتخذ هذا القرار بهدف مراوغة الثلث المعطل الذي يتمثل في قوى (الإطار التنسيقي) و(الاتحاد الوطني الكردستاني) الذي كان يروم كسر نصاب جلسة الاثنين المخصصة لانتخاب رئيس الجمهورية» قبل القرار الولائي الذي اتخذته المحكمة الاتحادية. وتضيف المصادر أن «الصدر، وبهدف طمأنة شريكيه الكردي (مسعود بارزاني) والسني (محمد الحلبوسي)، أجرى اتصالاً مع بارزاني بدد من خلاله مخاوفه بشأن دوافع خطوة الصدر؛ لا سيما أنه استبقها قبل ليلة بتغريدة بشأن زيباري فهمت على أنها (فيتو) على ترشيحه لمنصب رئيس الجمهورية». وحيث إن المشكلة التي يعانيها «الحزب الديمقراطي الكردستاني» أنه لا يوجد لديه بديل لزيباري حيث أغلق باب الترشيح؛ فإن الأبواب قد تكون باتت مفتوحة أمام خصمهم مرشح «الاتحاد الوطني» برهم صالح لولاية ثانية.
وفي هذا السياق، تقول المعلومات، طبقاً للمصادر المختلفة، إن «الصدر وخلال اتصاله الهاتفي مع بارزاني أكد له تمسكه بالتحالف الثلاثي، لكنه طلب منه توحيد البيت الكردي؛ وهو ما يعني الاتفاق على مرشح واحد، وما دام أن زيباري بات وضعه صعباً دون تصويت الصدريين؛ فإن الكرة سوف تكون في ملعب (الاتحاد الوطني) الذي يصر على ترشيح صالح في ظل وجود بديلين له داخل (الاتحاد) وكلاهما مرشح للرئاسة، وهما وزير الموارد المائية الأسبق عبد اللطيف رشيد، والقاضي السابق في المحكمة الجنائية رزكار محمد أمين، الذي كان أقيل من المحكمة بسبب ما قيل عن ليونته حيال صدام حسين». وطبقاً للمصادر ذاتها؛ فإن «الصدر لا يريد لـ(الاتحاد الوطني الكردستاني) أن يكون خارج التحالف الثلاثي؛ لأنه لا يريد لأي من الكرد والسنة أن يكونوا في المعارضة، بينما يريد أن تقتصر المعارضة على الأطراف الشيعية».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».