متحف «يوفيزي»... معقل التقاليد يتطور «ببطء» مع الزمن

إيكي شميدت مدير متحف «يوفيزي» مع أعمال فنية حديثة ومعاصرة، من اليسار: أدريانا بينشرل، تيسفاي أورغيسا، يايوي كوساما ريناتو جوتوزو ومارك شاغال (نيويورك تايمز)
إيكي شميدت مدير متحف «يوفيزي» مع أعمال فنية حديثة ومعاصرة، من اليسار: أدريانا بينشرل، تيسفاي أورغيسا، يايوي كوساما ريناتو جوتوزو ومارك شاغال (نيويورك تايمز)
TT

متحف «يوفيزي»... معقل التقاليد يتطور «ببطء» مع الزمن

إيكي شميدت مدير متحف «يوفيزي» مع أعمال فنية حديثة ومعاصرة، من اليسار: أدريانا بينشرل، تيسفاي أورغيسا، يايوي كوساما ريناتو جوتوزو ومارك شاغال (نيويورك تايمز)
إيكي شميدت مدير متحف «يوفيزي» مع أعمال فنية حديثة ومعاصرة، من اليسار: أدريانا بينشرل، تيسفاي أورغيسا، يايوي كوساما ريناتو جوتوزو ومارك شاغال (نيويورك تايمز)

بالسير أمام أعمال بوتيتشيلي، ورفائيل، ومايكل أنغلو في متحف «يوفيزي، كان من الطبيعي أن يتفاجأ المرء عندما يرى صوراً ذاتية للفنان الإثيوبي تسفاي أورغيسا، والفنانة اليابانية يايوي كوساما.
في الوقت الذي كانت فيه المتاحف في جميع أنحاء العالم تدرس كيفية رواية قصة أكثر شمولاً عن الفن، كان يوفيزي أبطأ في اللحاق بالركب، مُعاقاً بإرثه كواحد من المتاحف الكلاسيكية الرائدة في أوروبا، ومن قبل السياح الذين يتوقعون رؤية أعظم المقتنيات الفنية في التاريخ.
ولكن منذ أن صار مديراً للمتحف عام 2015، يحاول أيك شميدت، ببطء، دمج المزيد من الفنون المعاصرة، وزيادة حضور الفنانات، والفنانين الملونين، والوصول إلى جمهور أكثر شباباً وتنوعاً.
قال شميدت في مقابلة أجريت معه مؤخراً في المتحف، «نادراً ما كان لمتحف يوفيزي معارض فنية معاصرة في الماضي. وكان ينظر إليه كمتسلل إلى هذه القاعات المقدسة. لكن بالنسبة لي، كان مهماً للغاية نزع ذلك الغبار، وإظهار ما هو ملائم».
تبذل متاحف أخرى في فلورنسا جهوداً مماثلة لتوسيع نطاق تواصلها، ويجري ذلك جزئياً من خلال مقارنة القديم بالجديد، والنظر إلى الأعمال الفنية التاريخية عبر عدسة حديثة لتعزيز الحوار بين الأجناس والعصور. ولقد أنهى «قصر ستروزي» لتوه معرض «جيف كونز» ويواصل متحف «نوفسينتو» التفرغ للأعمال الفنية الجديدة، بعرض أعمال الرسامة البريطانية جيني سافيل.
يقول أرتورو غالانسينو، مدير قصر ستروزي، إن تغيير نظرة الجمهور للفن في فلورنسا لم يكن سهلاً: «يفضل أغلب الناس مشاهدة الفن المعاصر، وكان الأمر مختلفاً في إيطاليا. فقد شعر الناس بالارتياح مع الماضي أكثر من شعورهم بالحاضر».
وقال غالانسينو، «بدأت التوجهات في التغير منذ عام 2015، عندما تم تركيب منحوتة كونز الفولاذية (بلوتو وبروسيربينا) في مركز بالازو فيكيو، وهو دار بلدية فلورنسا في القرون الوسطى، وكانت مستقرة بين نسخ التحف من روائع أعمال دوناتيللو ومايكل أنغلو كجزء من بينالي فلورنسا الدولي للتحف الأثرية». وقال غالانسينو مضيفاً: «لقد كانت لحظة رمزية فارقة».
وقال كونز، إنه شعر بترحيب حار من أهل فلورنسا، وإنه يعد المدينة موقعاً مثالياً: «حيث تكون جزءاً من عصر النهضة، مع إمكانية إجراء حوار حي مع الفنون المعاصرة».
ثم أضاف: «هذا ما يفعله الفن، إنه يقيم تواصلات من مواقفنا الخاصة بالآخرين، ويعكس مدى ارتباط وتشابك كل شيء من حولنا». في صميم التوقعات التقليدية حول كيفية تقديم الفن الكلاسيكي، انضم متحف يوفيزي إلى متاحف أخرى مثل متحف متروبوليتان للفنون ومجموعة مقتنيات فريك في مدينة نيويورك، ولقد أعادت هذه المتاحف النظر في معرض الأساتذة القدماء في سياق مبنى «بروتاليست بروير» المطل على جادة ماديسون في حي مانهاتن.
قال ماكس هولين، مدير متحف متروبوليتان، «يحب كل فنان على قيد الحياة أن يتفاعل مع (يوفيزي). إنه كالفردوس بالنسبة لهم».
افتتح متحف يوفيزي مؤخراً معرضاً لأحد هؤلاء الفنانين الأحياء، كوين فانميكلين، فنان بلجيكي متعدد التخصصات يركز بأعماله على العلاقة بين الطبيعة والثقافة. ويقدم المعرض المُعنون: «سيدوزيون»، الذي يستمر حتى 20 مارس (آذار)، 30 عملاً فنياً، بما في ذلك الإغوانا ذات القرون الضخمة، والنمر الأحمر الرابض، والميدوزا المعاد تصورها بالمناقير المشرعة والأنياب الحادة، ولقد أنشئت كل هذه الأعمال خصيصاً لقاعات متحف يوفيزي.كما ضم المتحف في الآونة الأخيرة لوحات لفنانين أحياء مثل النحات البريطاني أنطوني غورملي، والفنان جوزيبي بينوني من حركة «أرتي بوفيرا» الإيطالية، والفنان الإثيوبي أورغيسا، الذي ترتكز أعماله على النقد الاجتماعي والعرق وسياسة الهوية.
ورغم شعوره بالغربة عن أجواء متحف يوفيزي في البداية، لا سيما في ظل غلبة المحتوى الديني على أعمال وفنون المتحف، إلا أن أورغيسا قال في مقابلة هاتفية، إنه كان موضع ترحيب من الزوار هناك، وأن المؤسسة تبدو وكأنها تتغير من «شيء من الماضي، مثل الأهرامات».
وبرغم عدم افتتاح موقعه الإلكتروني حتى عام 2015 - قال شميدت إن المتحف كان «في العصر الحجري» - إلا أن يوفيزي أصبح ظاهرة غير متوقعة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يوجد ما يقرب من 700 ألف متابع على «إنستغرام»، وأكثر من 100 ألف متابع على «تيك توك»، وحوالي 128 ألف متابع على «فيسبوك».
كما أطلق المتحف مؤخراً برنامجاً للطهي على موقع «يوتيوب» تحت عنوان «يوفيزي دا مانجياري» (أطباق من يوفيزي)، الذي يعرض الطهاة وهم يصنعون الوجبات المستوحاة من الأعمال الفنية المعروضة في المتحف. وقال شميدت إنه يتبع النتائج، ولقد ارتفع عدد الزوار الذين تتراوح أعمارهم بين 19 و25 سنة لأكثر من الضعف في السنة التي سبقت 2020.
وعلى نحو مماثل، قال غالانسينو، إنه من خلال عرض فنانين معاصرين مثل «آي ويوي»، و«أولافور إلياسون» في الخريف المقبل، جذب متحفه جمهوراً جديداً، وأكثر من 30 في المائة منهم أصغر من ثلاثين عاماً.
ونظراً للجهود التي تبذلها المتاحف مثل «ستروزي» و«يوفيزي»، فضلاً عن موقع فلورنسا الملائم بين المراكز العالمية في روما وميلانو، قال غالانسينو إنه مقتنع بأن فلورنسا يمكن أن تصبح «مدينة فنية معاصرة».
وأضاف يقول: «أعتقد أننا أقنعنا الجمهور بأن الفن المعاصر لا يقل أهمية عن الأساتذة القدامى. لقد فقد الناس النظرة إلى فلورنسا كمكان حي، ولكنها لا تزال مكاناً حياً. وليست للحنين إلى الماضي فقط».

- خدمة «نيويورك تايمز»



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».