أهالي أطمة مشغولون بألغاز اختباء زعيم «داعش» عندهم

أقام قرب حاجز لفصيل يعاديه ومنطقة اغتيل فيها البغدادي

حطام في مطبخ المنزل الذي قتل فيه زعيم «داعش» شمال غربي سوريا (الشرق الأوسط)
حطام في مطبخ المنزل الذي قتل فيه زعيم «داعش» شمال غربي سوريا (الشرق الأوسط)
TT

أهالي أطمة مشغولون بألغاز اختباء زعيم «داعش» عندهم

حطام في مطبخ المنزل الذي قتل فيه زعيم «داعش» شمال غربي سوريا (الشرق الأوسط)
حطام في مطبخ المنزل الذي قتل فيه زعيم «داعش» شمال غربي سوريا (الشرق الأوسط)

عبّر سوريون عن دهشتهم وصدمتهم في أن زعيم «داعش» أبو إبراهيم الهاشمي القرشي في مدينة أطمة شمال غربي سوريا، الذي قتل بعملية إنزال أميركية، الخميس الماضي، وأنهم لم يكونوا على علم بإقامته بينهم منذ عام تقريباً ضمن مبنى مؤلف من طابقين وقبو أرضي، ولا يبعد سوى مئات الأمتار عن حواجز ومقرات عسكرية تابعة لـ«هيئة تحرير الشام» العدو الرئيسي لتنظيم «داعش». ولم يكن بعيداً أيضاً عن مواقع القوات التركية في منطقة عفرين القريبة بشمال غربي سوريا، إضافة إلى أنه فضل الإقامة قرب مكان كان اغتيل فيه زعيم «داعش» السابق أبو بكر البغدادي. رغم قرب القوات المعادية، كان المكان جيداً نسبياً للاختباء بالنسبة للقرشي الذي كان يسعى لإحياء «داعش»، الذي سيطر على ثلث العراق وسوريا في 2014 قبل أن يتقهقر.
وقال أحد سكان المنطقة، إنه «وسكان الجزء الشمالي الغربي من بلدة أطمة، لم يشاهدوا ولو لمرة واحدة وجه القرشي، وأن كل ما كانوا يعرفونه عن العائلة التي تقيم في المنزل باسم عائلة (أبو أحمد) نازح من مدينة حلب، وكل ما كانوا يشاهدونه هو أطفاله كل حين، يخرجون للعب مع أطفال الحي لساعات محدودة فقط، بالإضافة إلى رؤية إحدى زوجاته كل عدة أيام تذهب للتسوق، ولا يوجد ما يشير إلى أن زعيم تنظيم (داعش) ساكن معهم بالمنطقة ذاتها، وهذا ما جعلهم يشعرون بدهشة وصدمة بعد اكتشاف أمره واستهدافه بعملية إنزال أميركية أدت إلى مقتله وعدد من أفراد أسرته».
ويضيف أن «ظهور وتجول من كان يدعى بأبو أحمد وهو القرشي زعيم تنظيم (داعش)، كانا قليلين جداً، ويخرج لقضاء أعماله بسيارة ذات بلور أسود، وكان المنزل شبه منعزل، وبطبيعة الحال، جرت العادة هنا، أنه لا أحد يسأل الآخر هنا، ولا يتحدث معه إلا عند الضرورة، ولم تكن هناك ضرورة للقاء أو الحديث معه، خصوصاً من لا تربطه بالآخر صلات قرابة أو مناطقية».
كانت الأسرة تدفع الإيجار بانتظام في الوقت المحدد، وتفرض على نفسها طوقاً من العزلة، في مكان لا يتلصص فيه الجيران على ماضي بعضهم البعض.
من جهته، قال أحد الناشطين في منطقة أطمة، «نظراً لأنه في منطقة أطمة عشرات المخيمات للنازحين والعاملين في المجال الإنساني والعسكري من داخل سوريا وخارجها، ووجود غرباء من خارج سوريا وجنسيات أجنبية مختلفة، يجعل ذلك من الصعب التعرف على هوية وشخصية زعيم تنظيم (داعش) القرشي من قبل المواطنين».
ويضيف أن «إقامة زعيم تنظيم (داعش) في منطقة توجد فيها مقرات وحواجز قريبة جداً من مكان إقامته تابعة لـ(هيئة تحرير الشام) ومواقع عسكرية تركية، أمر مستبعد بالنسبة للمواطنين، وربما تلك عوامل دفعته للإقامة ضمن هذا المربع الأمني والعسكري، ولا يدفع الآخرين للشك بشخصيته أو البحث عنه في مثل هكذا منطقة».
وتولى أبو إبراهيم الهاشمي القرشي قيادة «داعش» بعد مقتل مؤسسها أبو بكر البغدادي في 2019، إذ قُتل الأخير أثناء غارة للقوات الخاصة الأميركية بعد تفجير نفسه بحزام ناسف في مكان آخر يبعد عن المكان الذي قتل فيه القرشي 25 كيلومتراً عن منطقة أطمة بمحافظة إدلب شمال غربي سوريا.
وقال مسؤول كبير بالبيت الأبيض، إن هناك اعتقاداً بأن الانفجار أسفر عن مقتل القرشي وزوجتيه وطفل في أحد طوابق المنزل، وطفل آخر على الأرجح كان في طابق آخر مع مساعد القرشي وزوجته اللذين قتلا أيضاً بعد إطلاق النار على القوات الأميركية.
وقال عمال إنقاذ سوريون بفرق الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء)، إن 13 شخصاً قتلوا بينهم أربع نساء وستة أطفال، خلال عملية الإنزال التي قامت بها قوات أميركية عن طريق 7 طائرات، خمس منها حوامات ومقاتلتان حربيتان، وعدد من طائرات الاستطلاع الأميركية. وأضاف شهود حينها، أنهم «شاهدوا المنزل عقب العملية تظهر فيه بقع واسعة من الدماء ودمار في الطابق العلوي، ورأوا ألعاب أطفال متناثرة في الطابقين (الأول والثاني)، إضافة إلى أثاث محطم في المنزلين».
وقالت امرأة، كانت تعيش في الطابق الأرضي وتشير إلى جيرانها على أنهم «عائلة أبو أحمد»، إن سلوك الأطفال كان طيباً بشكل عام، مضيفة، حسب «رويترز»، أنهم كانوا يبتعدون عن الأنظار، ويرافقون والدتهم إلى المتاجر في بعض الأحيان.
أضافت المرأة التي اكتفت بتقديم نفسها باسم «أمينة» في مقابلة عبر الهاتف: «كانوا في حالهم وأولادهم كانوا بيلعبوا مع الأولاد برا (بالخارج) بين كل فترة بس ما كان في بينا اجتماعيات».
امتنعت أمينة عن ذكر اسمها بالكامل خوفاً من التعرض للانتقام. أضافت المرأة أنها تلقت ذات مرة دعوة من إحدى زوجات القرشي، وهي أم أحمد، لتناول الشاي. قالت لأمينة حينها إن زوجها تاجر من حلب فر من المدينة بسبب الحرب. بعد أن مضى أوان الدهشة، تتذكر أمينة باستغراب كيف لم تلحظ ندرة ظهوره.
وفي حين لم تكن الأسرة من أطمة، ما كان ذلك بالشيء اللافت للانتباه في منطقة فر إليها عشرات الألوف من جميع أنحاء البلاد. تقول أمينة، «كنا نفكر أنهم مروا بكثير، بس زي ما بتعرف الكل عنده مأساة هون ما حدا بيحكي للتاني شو صار معه في ها الأزمة وبنفضل تبقى بداخلنا».


مقالات ذات صلة

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

الولايات المتحدة​ أحمد الشرع مجتمعاً مع رئيس حكومة تسيير الأعمال محمد الجلالي في أقصى اليسار ومحمد البشير المرشح لرئاسة «الانتقالية» في أقصى اليمين (تلغرام)

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

وجهت الإدارة الأميركية رسائل سريّة الى المعارضة السورية، وسط تلميحات من واشنطن بأنها يمكن أن تعترف بحكومة سورية جديدة تنبذ الإرهاب وتحمي حقوق الأقليات والنساء.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا تدخل منبج (إعلام تركي)

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

يبحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تركيا الجمعة التطورات في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي مواطنون من عفرين نزحوا مرة أخرى من قرى تل رفعت ومخيمات الشهباء إلى مراكز إيواء في بلدة الطبقة التابعة لمحافظة الرقة (الشرق الأوسط)

ممثلة «مسد» في واشنطن: «هيئة تحرير الشام» «مختلفة» ولا تخضع لإملاءات تركيا

تقول سنام محمد، ممثلة مكتب مجلس سوريا الديمقراطي في واشنطن، بصفتنا أكراداً كنا أساسيين في سقوط نظام الأسد، لكن مرحلة ما بعد الأسد تطرح أسئلة.

إيلي يوسف (واشنطن)
المشرق العربي مقاتلون من المعارضة في حمص يتجمعون بعد أن أبلغت قيادة الجيش السوري الضباط يوم الأحد أن حكم بشار الأسد انتهى (رويترز)

«داعش» يعدم 54 عنصراً من القوات السورية أثناء فرارهم

أعدم تنظيم «داعش» 54 عنصراً من القوات الحكومية في أثناء فرارهم في بادية حمص وسط سوريا، تزامناً مع سقوط الرئيس بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي عنصر من المعارضة السورية المسلحة في حمص يحتفل بدخول العاصمة دمشق (إ.ب.أ)

الأردن ومخاوف من خلط أوراق المنطقة والخشية من فوضى سوريا

يبدي أمنيون أردنيون مخاوفهم من عودة الفوضى لمناطق سورية بعد الخروج المفاجئ للأسد إلى موسكو، وان احتمالات الفوضى ربما تكون واردة جراء التنازع المحتمل على السلطة.

محمد خير الرواشدة (عمّان)

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.