ماذا نعرف عن التفاعل بين الحواسيب العملاقة والذكاء الصناعي و«الميتافيرس»؟

سيتمتع الكمبيوتر العملاق بمستوى عالٍ جداً من الأداء يمكنه من معالجة كميات هائلة من البيانات (رويترز)
سيتمتع الكمبيوتر العملاق بمستوى عالٍ جداً من الأداء يمكنه من معالجة كميات هائلة من البيانات (رويترز)
TT

ماذا نعرف عن التفاعل بين الحواسيب العملاقة والذكاء الصناعي و«الميتافيرس»؟

سيتمتع الكمبيوتر العملاق بمستوى عالٍ جداً من الأداء يمكنه من معالجة كميات هائلة من البيانات (رويترز)
سيتمتع الكمبيوتر العملاق بمستوى عالٍ جداً من الأداء يمكنه من معالجة كميات هائلة من البيانات (رويترز)

منذ بداية هذا العام، كان هناك الكثير من الضجيج والارتباك المحيط بمفهوم الواقع الافتراضي المعزز أو «الميتافيرس». و«الميتافيرس» هو دمج بين الواقع الافتراضي «VR» والواقع المعزز «AR» ليجتمعا مع الفيديو، بشكل يسمح للمستخدمين بالعمل واللعب والتواصل.
وتسبب هذا الدمج في ارتباك للكثيرين، لكن، بالنسبة للمبتدئين، يُعتبر «الميتافيرس» لحظة تاريخية في «عالم الواقع الممتد»، تشبه إلى حد كبير فكرة «الحياة الثانية» التي يتوقعها الكثيرون منذ فترة طويلة، وفق ما ذكره موقع «المنتدى الاقتصادي العالمي» أو (World Economic Forum).
وتفيد الأخبار بأن بعض أكبر شركات التكنولوجيا في العالم تطور حواسيب عملاقة تعمل بالذكاء الصناعي بشكل سريع لتعزيز عالم «الميتافيرس».
https://twitter.com/aawsat_News/status/1485075322814885889
لكن، ما هو الحاسوب العملاق؟ وماذا ستعني خدمة أجهزة الكمبيوتر العملاقة لعوالم الواقع الافتراضي و«الميتافيرس»؟ وكيف يمكن إدارة هذا الملف بمسؤولية؟
ببساطة، الكمبيوتر العملاق هو جهاز كمبيوتر يتمتع بمستوى عالٍ جداً من الأداء. ويمكن استخدام هذا الأداء - الذي يتفوق بكثير على أي كمبيوتر محمول أو كمبيوتر مكتبي متاح للمستهلكين - من بين أشياء أخرى، لمعالجة كميات هائلة من البيانات واستخلاص أفكار رئيسية منها، كما يمكنها أداء أكثر عمليات الحوسبة تعقيداً.
على سبيل المثال، قالت شركة «ميتا» المالكة لموقع «فيسبوك» إنها تصنع جهاز كمبيوتر خارقاً تعتقد أنه سيكون الأسرع في العالم بنهاية العمل فيه في منتصف العام الجاري.
وأكدت الشركة أن الكمبيوتر الخارق، الذي سيكون الأسرع في العالم بقدرة توازي مرتين ونصف ضعف سرعة الأجهزة الموجودة حالياً، سيفيد الشركة في مجال الذكاء الصناعي من خلال بناء نماذج بوسعها التعلم من تريليونات الأمثلة والتعامل مع مئات اللغات وتحليل النصوص والصور ومقاطع الفيديو.
وقالت الشركة: «لن يساعد ذلك فقط على تأمين مستخدمي خدماتنا اليوم فحسب، بل في المستقبل أيضاً، لأننا نبني من أجل العالم الافتراضي الكامل (ميتافيرس)».
https://twitter.com/aawsat_News/status/1485581144351395840
وسيقوم «الميتافيرس» على فكرة تمكين الأشخاص من الدخول إلى بيئة افتراضية عبر أجهزة مختلفة، ومن خلالها يعملون ويلهون ويمارسون أنشطة اجتماعية.
ومن المتوقع أن تنمو سوق الحواسيب العملاقة بمعدل سنوي يبلغ نحو 9.5 في المائة من عام 2021 إلى 2026، وفقاً لموقع «المنتدى الاقتصادي العالمي».
وستكون الحواسيب العملاقة قادرة على أداء بعض «المهام الثورية»، من الاستمتاع بالألعاب فائقة السرعة إلى الترجمة الفورية والسلسة لكميات كبيرة من النصوص والصور ومقاطع الفيديو، ما سيمكن مجموعة كبيرة من الأشخاص يتحدثون بلغات مختلفة في وقت واحد من التواصل مع بعضهم البعض بسلاسة.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1484595399033823238
لكن الآثار المترتبة على كل هذا التطور تعني أن هناك اعتبارات أخلاقية جدية يجب وضعها في الحسبان.
ولطالما كانت التقنيات الجديدة موضع محادثات مجتمعية حول كيف ينبغي ولا ينبغي استخدامها. والحواسيب العملاقة لا تختلف في هذا الصدد. ويجلب عصر الذكاء الصناعي أسئلة أساسية حول خصوصية الإنسان وخصوصية أفكاره.
كما أن هناك «مخاوف جدية» تجب دراستها بعناية عند تفاعلنا مع الذكاء الصناعي، فيجب التأكد من أن الهياكل الأخلاقية للذكاء الصناعي تحصر استخدامه بطريقة شفافة وقابلة للتفسير وخالية من التحيز وخاضعة للمساءلة، ومعرفة أن الذكاء الصناعي إذا كان لا يعطي نتائج خاطئة، إلا أن تغذيته ببيانات ومعلومات متحيزة قد تؤدي إلى نتائج متحيزة، لذلك يجب النظر جيداً في البيانات المُدخلة في هذه العملية المعقدة.


مقالات ذات صلة

65 % من العملاء يشعرون بأن الشركات تتعامل مع بياناتهم باستهتار وتهوّر

تكنولوجيا أصبحت ثقة نحو 3 أرباع المستهلكين (72%) بالشركات أقل مقارنة بعام 2023 (أدوبي)

65 % من العملاء يشعرون بأن الشركات تتعامل مع بياناتهم باستهتار وتهوّر

تظهر دراسة جديدة لشركة «سايلزفورس» تراجع الثقة بالشركات لدى 72 في المائة من العملاء حول العالم.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا بحسب الدراسة أظهرت نماذج الذكاء الاصطناعي أنها لا تتعلم بالفعل الحقائق الكامنة عن العالم (أدوبي)

دراسة جديدة: نماذج الذكاء الاصطناعي اللغوية تفتقر لفهم حقيقي للعالم

تشير دراسة حديثة إلى أن نماذج اللغة الكبيرة تفتقر إلى فهم حقيقي للعالم، إذ تتفوق في مهام ثابتة، لكنها تتعثر مع تغييرات بسيطة، ما يثير تساؤلات حول جدواها.

نسيم رمضان (لندن)
الاقتصاد زوار في جناح شركة «أميركان إكسبريس السعودية» بمؤتمر «سيمليس» للمدفوعات الرقمية بالرياض (الشركة) play-circle 01:34

«أميركان إكسبريس السعودية»: البنية التحتية المتطورة تدعم زيادة إنفاق السياح

يرى الرئيس التنفيذي لشركة «أميركان إكسبريس السعودية» أن البنية التحتية المتطورة للمدفوعات الرقمية بالسعودية وزيادة نقاط البيع تعززان إنفاق السيّاح.

عبير حمدي (الرياض)
تكنولوجيا ستحدد انتخابات 2024 كيفية تطوير التكنولوجيا وحماية خصوصية المستخدمين ومستوى التدخل الحكومي في ذلك القطاع (أدوبي)

كيف ستؤثر الانتخابات الرئاسية الأميركية على مستقبل التكنولوجيا؟

ستتأثر السياسات التكنولوجية بنتائج الانتخابات الأميركية بشكل كبير بسبب اختلاف رؤى كل مرشح حول تنظيم الذكاء الاصطناعي وخصوصية البيانات ومكافحة الاحتكار.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا توفر «غاما» منصة ذكية لإنشاء العروض التقديمية بسرعة معتمدة على الذكاء الاصطناعي لتبسيط عملية التصميم (غاما)

كيف تسهّل منصة «غاما» العروض التقديمية عبر الذكاء الاصطناعي؟

يمكن الآن للمستخدمين تحويل أفكارهم إلى شرائح عرض احترافية وجاهزة في ثوانٍ، ودون عناء التنسيق اليدوي.

عبد العزيز الرشيد (الرياض)

«خيال مآتة»... حارس الحقول يُلهم تشكيلياً

«خيال مآتة» يلهم فنانين تشكيليين مصريين (الشرق الأوسط)
«خيال مآتة» يلهم فنانين تشكيليين مصريين (الشرق الأوسط)
TT

«خيال مآتة»... حارس الحقول يُلهم تشكيلياً

«خيال مآتة» يلهم فنانين تشكيليين مصريين (الشرق الأوسط)
«خيال مآتة» يلهم فنانين تشكيليين مصريين (الشرق الأوسط)

تُلهم الطبيعة المبدعين، وتوقظ ذاكرتهم ومخزونهم البصري والوجداني، وفي معرض الفنان المصري إبراهيم غزالة المقام بغاليري «بيكاسو أست» بعنوان (خيال مآتة) تبرز هذه العلاقة القديمة المستمرة ما بين ثلاثية الذاكرة والطبيعة والفن، عبر 25 لوحة زيتية وإكريلك تتأمل خيالات وجماليات الحقول في ريف مصر.

و«خيال المآتة» هو ذلك التمثال أو المجسم الذي اعتاد الفلاح المصري أن يضعه في وسط الحقل لطرد الطيور التي تلتهم البذور أو المحصول، وهو عبارة عن جلباب قديم محشو بالقش، يُعلق على عصا مرتفعة، مرتدياً قبعة لمزيد من إخافة الطير التي تظن أن ثمة شخصاً واقفاً بالحقل، فلا تقترب منه، ولا تؤذي النباتات.

والفكرة موجودة ومنتشرة في العديد من دول العالم، ويُسمى «فزاعة» في بلاد الشام، و«خراعة» في العراق.

جسد الفنان إبراهيم غزالة البيئة الريفية في معرضه (الشرق الأوسط)

«تلتقي الذكريات بالمشاعر لتجسد رحلة إنسانية فريدة من نوعها»... إحدى الجمل التي تناثرت على جدران القاعة والتي تعمق من سطوة العاطفة على أعمال المعرض، فمعها كانت هناك كلمات وجمل أخرى كلها تحمل حنيناً جارفاً للطفولة واشتياقاً لاستعادة الدهشة التي تغلب إحساس الصغار دوماً، وهو نفسه كان إحساس غزالة وفق قوله.

«في طفولتي لطالما كان (خيال المآتة) منبعاً للسعادة والبهجة مثل سائر أطفال القرية التي نشأت فيها، فهو بشكله الملون الزاهي غير التقليدي وأهميته التي يشير إليها الكبار في أحاديثهم، كان مثيراً للدهشة والفضول ويستحق أن نجتمع حوله، نتأمله وهو يعمل في صمت، متحملاً البرد والحر، ويترك كل منا العنان لخياله لنسج قصص مختلفة عنه».

يقدم الفنان (خيال مآتة) برؤية فلسفية إنسانية (الشرق الأوسط)

توهج خيال الأطفال تجاه (خيال المآتة) بعد الالتحاق بالمدرسة، وكان الفضل لقصة (خيال الحقل) للكاتب عبد التواب يوسف التي كانت مقررة على طلاب المرحلة الابتدائية في الستينات من القرن الماضي.

يقول غزالة لـ«الشرق الأوسط»: «خلال سطورها التقينا به من جديد، لكن هذه المرة كان يتكلم ويحس ويتحرك، وهو ما كان كافياً لاستثارة خيالنا بقوة أكبر».

ومرت السنوات وظل (خيال المآتة) كامناً في جزء ما من ذاكرة غزالة، إلى أن أيقظته زيارة قام بها إلى ريف الجيزة (غرب القاهرة) ليفاجأ بوجود الكائن القديم الذي داعب خياله منذ زمن، وقد عاد ليفعل الشيء نفسه لكن برؤية أكثر نضجاً: «وقعت عيني عليه مصادفةً أثناء هذه الزيارة، وقمت بتكرار الزيارة مرات عدة من أجل تأمله، وفحصه من كل الجوانب والأبعاد على مدى سنتين، إلى أن قررت أن أرسمه، ومن هنا كانت فكرة هذا المعرض».

أحد أعمال معرض (خيال مآتة)

تناول الفنان (خيال المآتة) من منظور فلسفي مفاده أن مكانة شيء ما إنما تنبع في الأساس من دوره ووظيفته ومدى ما يقدمه للآخرين من عطاء، حتى لو كان هذا الشيء مجرد جماد وليس إنساناً يقول: «لكم تأكد لي أنه بحق له أهمية كبيرة للمجتمع، وليس فقط بالنسبة للفلاح؛ فهو يصون الثروة الزراعية المصرية».

ويعتبر الفنان التشكيلي المصري خيال المآتة مصدراً للسعادة والبهجة؛ إذ «يسمح للمزارعين بالمرور بلحظة الحصاد من دون حسرة على فقْد محصولهم، كما أنه رمز لبهجة الأطفال والإحساس بالأمان للكبار ضد غزوات الطيور على حقولهم». وفق تعبيره.

غزالة استدعى حكايات وأساطير من طفولته (الشرق الأوسط)

في المعرض تباينت أشكال «خيال المآتة»؛ فقد جعله طويلاً مرة وقصيراً مرة أخرى، ورجلاً وامرأة وطفلاً، يرتدي ملابس متعددة، مزركشة أو محايدة خالية من النقوش والتفاصيل: «ظن زائرو المعرض في افتتاحه أنني أنا الذي فعلت ذلك لـ(خيال المآتة)، لكن الحقيقة أنه الفلاح المصري الذي أبدع في إثراء شكله وتجديده مستعيناً بفطرته المحبة للجمال والفرحة، وما فعلته هو محاكاته مع لمسات من الذاكرة والخيال».

ووفق غزالة فإن «المزارع برع في كسوة هذا المجسم بملابس مختلفة ذات ألوان زاهية، وأحياناً صارخة مستوحاة من الطبيعة حوله، إنها الملابس القديمة البالية لأفراد أسرته، والتي استغنى عنها، وأعاد توظيفها تطبيقاً للاستدامة في أبسط صورها».

الفنان إبراهيم غزالة (الشرق الأوسط)

جمعت الأعمال ما بين الواقعية والتجريدية وتنوعت مقاساتها ما بين متر ومتر ونصف، جسدت بعضها الطيور مثل «أبو قردان»، واحتفى بعضها الآخر بجمال المساحات الخضراء الممتدة والنخيل والأشجار الكثيفة، لكنها في النهاية تلاقت في تعبيرها عن جمال الحياة الريفية البسيطة.