الطفل المغربي ريان يشغل العالم ووسائل الإعلام

علق في بئر جافة عمقها 32 متراً

جانب من عمليات الحفر لإنقاذ الطفل ريان العالق في قعر بئر
جانب من عمليات الحفر لإنقاذ الطفل ريان العالق في قعر بئر
TT

الطفل المغربي ريان يشغل العالم ووسائل الإعلام

جانب من عمليات الحفر لإنقاذ الطفل ريان العالق في قعر بئر
جانب من عمليات الحفر لإنقاذ الطفل ريان العالق في قعر بئر

شغل الطفل ريان الذي ظل حتى ساعة إعداد هذا التقرير أمس، عالقاً لليوم الرابع، وسط بئر شمال المغرب، العالم، وأصبح حديث الناس على مواقع التواصل الاجتماعي، وحظيت قصته بتغطية واسعة في وسائل الإعلام المرئية والمقروءة.
وبلغت عمليات إنقاذ الطفل مرحلة «حساسة»، نظراً لمخاطر انجراف التربة، على ما أكد مصدر من السلطات المحلية. وقال مصدر لوكالة الصحافة الفرنسية إنّ أشغال حفر نفق موازٍ للبئر «بلغت المرحلة الأخيرة». ويسعى المنقذون للنفاذ من هذا النفق لإنقاذ الطفل العالق في بئر جافة عمقها 32 متراً.
وبينما قضى الطفل المغربي ريان (5 سنوات) ليلته الثالثة عالقاً في قعر بئر يصل عمقه إلى 32 متراً، منذ يوم الثلاثاء الماضي، ما زالت السلطات المغربية وفرق الإنقاذ تسابق الزمن من أجل انتشال الطفل وتفادي بقائه عالقاً لليلة الرابعة. وتواصلت، أمس، في قرية إغران بالجماعة القروية «تمروت» بإقليم شفشاون (شمال المغرب)، أشغال الحفر من أجل إنقاذ الطفل ريان.
وقال عبد الهادي الثمراني، عضو لجنة تتبع إنقاذه، التي أحدثتها عمالة (محافظة) إقليم شفشاون، في تصريح للصحافة، إن أشغال إنجاز حفرة موازية للبئر التي علق فيها الطفل بلغت حتى منتصف أمس (الجمعة) 30 متراً، مضيفاً أن «أشغال الحفر تتقدم بشكل حثيث»، لكنه أوضح أن العمال يتعاملون بحذر شديد خشية حدوث انهيار للأتربة ما قد يهدد حياة الطفل.
وبخلاف ما راج في عدد من وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، قال الثمراني إن الطفل ريان لم يتناول أي طعام لكنه، عبّر عن الأمل في بقائه على قيد الحياة، وقال «الأمل في بقائه حياً ما زال قائماً». ويقوم عمال الإغاثة بعمليات الحفر منذ أربعة أيام، بمساعدة مهندسين وتقنيين طوبوغرافيين، بغاية الوصول إلى عمق 32 متراً، بشكل موازٍ للبئر، قبل الشروع في حفر فجوة أفقية بين الحفرة ومكان الطفل داخل عمق البئر لانتشال الطفل ريان.
ووصف الثمراني عملية الإنقاذ بأنها «صعبة للغاية»، بسبب مشكلة التربة الهشة، مشيراً إلى أن فرق الإنقاذ اقتربت من مرحلة الحفر الأفقي، وهي مرحلة «معقدة».
وحظيت قضية الطفل ريان العالق منذ أربع أيام في قعر بئر جافة بتعاطف كبير ليس فقط داخل المغرب، بل يمتد إلى خارجه، خاصة بعد تداول صوره التي تم التقاطها في قعر البئر، حيث ظهر في شريط فيديو مسجل بكاميرا تم إنزالها إليه، وهو يحرك رأسه، لكنه بدا في وضع صعب. وتشارك في عملية الحفر 6 جرافات، وسط حضور رجال الدرك الملكي، والسلطات المحلية وأطقم طبية معززة بمروحية وسيارة إسعاف، أملاً في استخراج الطفل ونقله على وجه السرعة إلى المستشفى.
وجرت، أول من أمس، محاولات لإنقاذ الطفل، بإنزال شاب عن طريق الحبال إلى عمق البئر، لكنه لم يتمكن من الوصول إليه، بعدما نزل إلى عمق يفوق 20 متراً، وذلك بسبب ضيق البئر، وتم تكرار العملية نحو ثلاث مرات لكن دون جدوى، قبل أن يتبين أن الحل الوحيد المتبقي هو إكمال عملية الحفر بجانب البئر، أملاً في الوصول إلى الطفل.
من جهة أخرى، عبرت النقابة الوطنية للصحافة المغربية عن انشغالها بالتغطيات المرافقة لمحاولات إنقاذ الطفل ريان، وقالت، في بيان صدر أمس، إن «واجباتها المهنية والنقابية تفرض عليها لفت الانتباه لما يعتري بعض التغطيات الصحافية من ضرب لأخلاقيات المهنة، من جهة، ومن توظيف يبتعد عن قيم التآزر والتضامن في مثل هذه الحالات»، منتقدة «بث أنباء غير موثوق بها».
ودعت النقابة عموم المراسلين والصحافيين الموجودين بمكان الحادث، وكذا كل المواقع والمنابر المهنية إلى التحلي بأخلاقيات المهنية التي تفرض التثبت من الخبر قبل إعلانه، والابتعاد عن العناوين والجمل التي تحفل بالإثارة، وانتقاء المحاورين ممن تتوفر فيهم الأهلية، والابتعاد عن محاورة وتصوير القاصرين.
وجاء في البيان «إننا في لحظة وطنية وإنسانية تتطلب أن يكون الهم الأساس لنا جميعاً هو إنقاذ الطفل ريان، وإمداد الرأي العام بالمعلومة الموثوقة»، محذرة من السقوط في فخ البحث عن الإثارة على حساب الحقيقة. وكان الطفل البالغ خمس سنوات سقط عرضاً، ليل الثلاثاء، في هذه البئر ذات القطر الضيق التي يصعب النزول فيها، في قرية بمنطقة باب برد قرب مدينة شفشاون (شمال)، على ما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية، نقلاً عن وسائل إعلام محلية.
وروى والد الطفل لموقع Le360: «في غفلة مني سقط الصغير في البئر التي كنت بصدد حفرها، لم أستطع النوم ليلتها».
من جهتها، قالت والدته لموقع هسبريس: «صدمت منذ أن أخبروني أنه سقط في البئر، لا أزال مصدومة، لكنني أرجو من الله أن يخرجوه حياً. لم أفقد الأمل».
أما جدته السبعينية عزيزة، فأوضحت لوكالة الصحافة الفرنسية أن «ريان محبوب جداً في القرية، أفتقده كثيراً. مرت 3 ليالٍ الآن على غيابه».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».