ضغوط في الكونغرس على بايدن للتخلي عن «هوس» طمأنة إيران

دعوات من مشرعين في الحزبين إلى دعم الحلفاء وإعادة الحوثيين لقائمة الإرهاب

زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ الأميركي ميتش مكونيل (إ.ب.أ)
زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ الأميركي ميتش مكونيل (إ.ب.أ)
TT

ضغوط في الكونغرس على بايدن للتخلي عن «هوس» طمأنة إيران

زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ الأميركي ميتش مكونيل (إ.ب.أ)
زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ الأميركي ميتش مكونيل (إ.ب.أ)

شهدت جلسة مجلس الشيوخ الأميركي أول من أمس، تحذيراً للرئيس الأميركي جو بايدن إزاء اعتداءات الحوثيين المتزايدة على حلفاء الولايات المتحدة، وكثف مشرعون ضغوطهم على إدارة بايدن لإعادة إدراج الميليشيات على لائحة الإرهاب، بعدما رفعتها بداية عهد الرئيس الأميركي.
وفي خطوة نادرة، خصص زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش مكونيل خطابه الافتتاحي اليومي في المجلس، والذي عادة ما يتطرق فيه إلى السياسة الداخلية، للحديث عن ملف وكلاء إيران في المنطقة، فذكر هجمات الحوثيين الأخيرة على الإمارات، قائلاً: «للأسبوع الثالث على التوالي، استهدف الحوثيون الإمارات بالصواريخ، في هجوم جعلته إيران ممكناً... الأسبوع الماضي، استهدف الإرهابيون قاعدة جوية يقبع فيها ألفا عنصر أميركي. وتصدت أنظمة دفاعية أميركية الصنع لهذا الهجوم».
ووجه زعيم الجمهوريين ضربة لسياسة بايدن الخارجية، فقال إن «الولايات المتحدة تواجه تهديدات من وكلاء إيران في المنطقة، على غرار إسرائيل والإمارات. لكن هذا لا ينعكس أبداً على سياسة الرئيس بايدن الخارجية. فمنذ عام رفعت وزارة الخارجية الحوثيين عن لائحة المنظمات الإرهابية»، ومنذ اتخاذ القرار قال إن وكلاء إيران صعدوا من اعتداءاتهم «بتمويل إيراني ودعم تقني من طهران»، لدرجة أن إدارة بايدن بدأت تنظر في إعادة الحوثيين على اللائحة.
وحذر الزعيم الجمهوري بايدن من تجاهل استهداف إيران لأصدقاء الولايات المتحدة ومصالحها في المنطقة، مضيفاً: «إذا استمرت الإدارة في حجب القدرات العسكرية من شركائنا الذين تهددهم إيران، لا يجب أن تتظاهر بالمفاجأة عندما يبدأ شركاؤنا التقليديون في الشرق الأوسط بالنظر إلى موسكو وبكين لملء الفراغ».
تصريحات مكونيل تعكس قلقاً متنامياً لدى مشرعين من خطر وكلاء إيران على مصالح الولايات المتحدة في المنطقة، وسط ما يصفه مراقبون بـ«سياسة الطمأنة» لطهران بسبب مساعي الإدارة للعودة إلى الاتفاق النووي.
ويتهم الجمهوريون البيت الأبيض بالتردد في إعادة إدراج الحوثيين على لوائح الإرهاب تخوفاً من إغضاب طهران. وهذا ما عكسته تصريحات مكونيل الذي قال: «إن هوس الإدارة المستمر بالعودة إلى اتفاق إدارة أوباما الفاشل هو ما يشتت انتباهها عن حماية مصالحنا في الشرق الأوسط».
ووجه السيناتور الجمهوري اتهامات خطيرة لبايدن قال فيها: «من خلال لوم سلفه على سياسة الضغط القصوى، وعدم الرد بحزم على الهجمات الإرهابية من وكلاء إيران، لم تعد خيارات العقوبات أو الرد العسكري موجودة على الطاولة».
وفيما يسعى السيناتور الجمهوري تيد كروز لحشد الدعم لمشروع القانون الذي طرحه لإعادة إدراج الحوثيين على لوائح الإرهاب، بدأ زملاؤه في مجلس النواب من الحزبين بتصعيد الضغوطات على الإدارة الأميركية في هذا الإطار. فكتب كل من النائب الجمهوري مايك والتز والديمقراطي سيث مولتون رسالة إلى بايدن يحثانه فيها على إعادة إدراج الحوثيين على اللائحة.
وتقول الرسالة التي شاركتها صحيفة «بوليتيكو» على موقعها الإلكتروني: «نحن نفهم أن هدف رفع الحوثيين عن اللائحة كان المساعدة على تحسين الوضع الإنساني في اليمن، لكن هذه الخطوة لم تنجح إلا بتقوية الحوثيين ودفعهم إلى تصعيد اعتداءاتهم وصد جهود المصالحة في البلاد».
وتتابع الرسالة لتتحدث عن أهمية الشراكة بين الولايات المتحدة والإمارات، ذاكرة الاعتداءات المتكررة من الحوثيين على أبوظبي، فقال النائبان: «هذا وقت حساس للوقوف إلى جانب حليف مهم يتعرض للاعتداء» مشيرين إلى أهمية اتخاذ قرار بإعادة إدراج الحوثيين على اللائحة بسرعة.
وبوجه هذه الجهود، يتصدى الليبراليون من الحزب الديمقراطي لاتخاذ خطوة من هذا النوع، بحجة عرقلة المعونات الإنسانية لليمن، وغرد السيناتور الديمقراطي كريس مرفي قائلاً بلهجة ساخرة: «إعادة إدراج الحوثيين على لائحة الإرهاب، هو تعبير أفضل من حصار أميركي على المنتجات الغذائية إلى اليمن للتسبب عن قصد بمجاعة جماعية للمدنيين».
ولعل تصريحات من هذا النوع هي التي تدفع ببعض المنتقدين لقرارات إدارة بايدن في هذا الشأن لاتهام البيت الأبيض بالتودد للشق الليبرالي من حزبه، والتخوف من ردة فعلهم في حال قرر إعادة الحوثيين على لوائح الإرهاب.


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.