الفن في خدمة البيئة... جزائري يصنع تماثيل من قطع غيار السيارات (صور)https://aawsat.com/home/article/3447576/%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%86-%D9%81%D9%8A-%D8%AE%D8%AF%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%8A%D8%A6%D8%A9-%D8%AC%D8%B2%D8%A7%D8%A6%D8%B1%D9%8A-%D9%8A%D8%B5%D9%86%D8%B9-%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%AB%D9%8A%D9%84-%D9%85%D9%86-%D9%82%D8%B7%D8%B9-%D8%BA%D9%8A%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%B5%D9%88%D8%B1
الفن في خدمة البيئة... جزائري يصنع تماثيل من قطع غيار السيارات (صور)
الفنان الجزائري وليد طريباش يقف أمام ورشته (رويترز)
الجزائر:«الشرق الأوسط»
TT
الجزائر:«الشرق الأوسط»
TT
الفن في خدمة البيئة... جزائري يصنع تماثيل من قطع غيار السيارات (صور)
الفنان الجزائري وليد طريباش يقف أمام ورشته (رويترز)
في شموخ ومهابة، يقف تمثال لجواد باللونين الذهبي والأسود على منصة أمام ورشة الفنان الجزائري وليد طريباش في بلدة سطيف.
نظرة متأنية بعين ثاقبة تكشف عن سر عجيب. فالعمل الفني المذهل مصنوع بالكامل من الصواميل والمسامير وقطع الخردة المعدنية، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.
بعد 20 عاماً من العمل في الحدادة، تحولت المهنة التقليدية على يديه حقلاً خصباً للإبداع ومعملاً لتفريخ الأفكار الفنية بلمسة ساحرة.
يستخدم طريباش نفايات الحديد والمعدن التي تخلص منها فنيو إصلاح السيارات، ويعيد تدويرها، ويشكّل منها أدوات الفن المعاصر على هيئة مجسمات وتماثيل.
ويقول لوكالة «رويترز»: «بدايتي كانت في الحدادة الفنية العادية... مع مرور الوقت وباعتبار أن الحديد مادة غالية، أردت صناعة قطع فنية بإعادة تدوير النفايات التي يرميها الميكانيكيون أو غيرهم... أُعيد تدوير كل النفايات الحديدية وأصنع بها أعمالا فنية كما ترون».
في البداية، لم يكن لديه سوى عدد محدود من العملاء الراغبين في اقتناء أعماله الفنية. لكنه قال، إن الطلب تزايد حتى أصبح فنه يوفر له مصدراً كافياً للرزق.
ويقول «أنا أسترزق من عملي هذا... هناك إقبال جيد... الحمد لله... في البداية كان الإقبال أقل لأنه (فنه) شيء جديد... ولكن الآن هناك إقبال جيد... هناك زبائن يطلبون بعض القطع لتزيين منازلهم ومحالهم، والنتيجة مُرضية لأن القطع الفنية تنال إعجاب الناس».
يتحدث طريباش عن حلم التواصل مع الخارج من خلال المشاركة في المعارض الفنية الدولية.
ويقول «هذا فن معاصر، وهو يساعد في المحافظة على البيئة وربما حتى في الاقتصاد الوطني؛ لأن هذه القطع الفنية يمكننا تصديرها وجلب العملة الصعبة، ويمكننا المشاركة بها في المعارض الفنية الدولية».
لم تسلم الحرف اليدوية من تأثيرات الجائحة، لكن طريباش يواصل العمل على أمل أن تتحسن الأوضاع في المستقبل. ويقول «في الحقيقة العمل الحرفي في الجزائر ضعيف جداً، ليس فقط بالنسبة لحرفتي، بل معظم الحرف خاصة منذ بداية جائحة (كوفيد - )19... الإقبال نقص والكثير من الناس لا يعملون، ولكن يجب علينا المثابرة ومواصلة العمل إلى أن تتحسن الأمور».
«أنا لبناني»... نادر الأتات يغنّي فوق ركام بيته الذي هدمته الحرب
الفنان اللبناني نادر الأتات (صور الفنان)
يدخل الفنان نادر الأتات إلى كادر المخرج سام كيّال، يتأمّل ركام مبنىً كان وما عاد، ثم يجلس على كنبة مزّقتها الشظايا ويغنّي... «هون كان بيتنا هون انهدّ حيطنا... هون كانت الدكانة اللي منها اشتري». ليس في المشهد تمثيل ولا في الكلامِ شِعر، بقَدر ما فيهما من واقع حال المغنّي اللبناني الشاب. فهو، كما عدد كبير من اللبنانيين، خسر منزل أهله الذي دُمّر جرّاء القصف الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية لبيروت، وخسر معه جزءاً من ذكريات الطفولة.
لم يتعمّد الأتات أن يروي قصة شخصية من خلال أغنية «أنا لبناني»، التي كتبها ولحّنها فارس إسكندر، وصدرت بالتزامن مع عيد استقلال لبنان في 22 نوفمبر (تشرين الثاني). يقول في حديث مع «الشرق الأوسط» إنه شعرَ بضرورة التعبير عمّا أصاب الوطن من خلال صوته، سلاحه الأقوى.
صحيحٌ أنّ المرحلة غير ملائمة للإصدارات الفنية، والفنانون اللبنانيون جميعُهم احتجبوا عن إصدار أي جديد خلال الحرب، إلا أنّ الأتات شكّل استثناءً بين زملائه. فمنذ مدّة قصيرة، وبالتزامن مع أكثر فصول الحرب احتداماً، أعاد تسجيل بيتَينِ معروفَين للإمام الشافعي:
«ولَرُبَّ نازلةٍ يضيق لها الفتى
ذرعاً وعند الله منها المَخرجُ
ضاقت فلمّا استحكمت حلقاتها
فُرجت وكنتُ أظنّها لا تفرج».
يقول إن تلك المقطوعة الصوتية القصيرة جاءت بمثابة «صلاة ورسالة أمل وسط كل ما يحصل».
قبل أيام، لم يتردّد لحظة في إطلاق جديده، فهو لا يعتبر «أنا لبناني» مشروعاً ترفيهياً بقدر ما يعتبرها مرآةً لمعاناة اللبنانيين، وبَوحاً بما يجول في خاطره.
بعد ضرباتٍ متتالية استهدفت الشارع الذي كان يقطن فيه والداه، تحوّل بيت العائلة إلى مجرّد ذكرى. يروي الأتات كذلك أن الخسارة لم تقتصر على المنزل، إذ إنّ الحرب سرقت شخصاً عزيزاً. «كان حسين سرحان بمثابة يدي اليمنى والمسؤول عن كل الأمور اللوجستية في مكتبي. قضى حسين بغارة إسرائيلية فيما كان نائماً في سريره. هو لا ينتمي إلى أي جهة حزبيّة، وكان مثالاً للطيبة والتفاني».
استمرّ البحث عن سرحان أياماً ليخرج بعدها جثةً من تحت الركام. حلّت الخسارة كصاعقة على الأتات: «لا شيء يعوّض عن شخص كنت أعتمد عليه كثيراً وأحبّه كأخ».
الفنان مواطنٌ كذلك، والجميع سواسية أمام ظلم الحرب ودمارها. من منزله المتاخم لمناطق القصف في بيروت، انتقل الأتات وعائلته شمالاً، ليختبر هو كذلك تجربة النزوح. «فتح لنا أهل مدينة البترون أبوابهم وقلوبهم واستقبلونا بحبّ». لكنّ البالَ لم يهدأ، لا على البيت في العاصمة ولا على دار العائلة في طليا البقاعيّة، لا سيّما أن قسماً كبيراً من البقاع مسيّج بالنيران الإسرائيلية.
لكن الأتات، وعلى غرار الروح الإيجابية التي لطالما بثّها من خلال أغانيه، قرّر أن يتعامل مع الصدمات والخسائر الشخصية «بالتسليم لربّ العالمين، لأننا بالإيمان نستطيع تخطّي أي شيء»، وفق تعبيره. هو تسلّح كذلك بحبه للبنان، «بكل حبّة من ترابه وشبرٍ من أرضه».
هذه النقلة من الحزن إلى محاولة الفرح انعكست كذلك على أغنية «أنا لبناني» لحناً وكلاماً. فبعد المطلع المؤثّر بعباراته، ارتأى إسكندر والأتات البناء على لازمة أكثر إيجابيةً: «أنا لبناني وعينيّ شبعانة سلام وسحر وجمال وإبداع وأغاني». يردّ الأتات هذا المزيج من الأسى والتفاؤل إلى «صفة تميّز اللبنانيين وهي أنهم مهما زادت الصعوبات عليهم، يظلّون إيجابيين». يتلاقى وصفُه هذا مع الكلمات التي كتبها فارس إسكندر: «دخلك يا أرزة اضحكي ما بيلبق إلنا البكي... بإيدك بيروت أمسكي صوب شطوط الأمان». يختصر الأتات ما شعر به خلال تسجيل الأغنية بالقول إنه «رغم إيقاع الفرح، فإن الإحساس كان طالعاً من وجعٍ عميق».
منذ أشهر، توقّف الأتات وهو المعروف بأنه نجم الأفراح وحفلات الزفاف والسهرات الصيفيّة، عن المشاركة في أي حفل. أرخت الحرب بظلالها الثقيلة على النشاط الفني كما على المعنويّات، لكن ذلك لا يعني أنّ العمل سيبقى متوقفاً إلى ما لا نهاية. يقول إن «اللبناني أمثولة في الإيجابية والفرح وحُسن الذوق والثقافة، وما مرّ عليه من تدمير وأسى لا يعكس صورته الحقيقية». من هذا المنطلق، يتسلّح الأتات بالأمل ليعود إلى حراكه الإنتاجيّ مع دخول وقف إطلاق النار أيامه الأولى.
قيد التحضير حالياً 4 أغنيات تتنوّع ما بين رومانسيّ كلاسيكي وإيقاعيّ راقص. يرجّح الأتات أن تكون في طليعة الإصدارات، تلك التي تحمل بهجةً للناس «لأنّ هذا ما يحتاجونه بعد الحرب».
يعلّق الفنان الشاب آماله على وقف إطلاق النار ليقول: «لا يمكن أن يظلّ العمل متوقفاً إلى الأبد. هذا مصدر رزقنا نحن الفنانين. مثلُنا مثل أصحاب المطاعم، والنجّارين، والأطبّاء، والمدرّسين، وسائر أصحاب المهن... كلّهم يعملون ومن حقنا أن نعمل أيضاً». ويضيف: «من الطبيعي أن نصبر ونتوارى قليلاً خلال فترة الأسى، لكن لا بدّ من عودة».
مستلهماً كلام أغنيته الجديدة «نقفّل عالحرب بـقفل شاب وختيارة وطفل نرجع نبني ونحتفل ونغنّي للبنان»، يصبّ الأتات آماله على أن «يظلّل الأمان والسلام فترة أعياد نهاية السنة»، مضيفاً أن الهدية بالنسبة إليه ستكون إحياء حفل ليلة رأس السنة في بيروت، ليزرع فيها الفرح بين ناسه وأهله كما جرت العادة.