الجيش العراقي يطلق حملة لملاحقة «داعش» في أهم حواضنه

بإشراف مباشر من الكاظمي

قوة أمنية عراقية على الحدود مع سوريا (رويترز)
قوة أمنية عراقية على الحدود مع سوريا (رويترز)
TT

الجيش العراقي يطلق حملة لملاحقة «داعش» في أهم حواضنه

قوة أمنية عراقية على الحدود مع سوريا (رويترز)
قوة أمنية عراقية على الحدود مع سوريا (رويترز)

على الرغم من انتهاء ولايته، فإن رئيس الوزراء العراقي والقائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي، يتصرف على صعيد المواجهة مع تنظيم «داعش»، وقبلها تنظيم وتقنين الوجود الأميركي والتحالف الدولي، بكامل المسؤولية، من منطلق أن الأمن لا يخضع للمساومات أو التقاطعات السياسية.
ومع أن تنظيم «داعش» وكل التنظيمات والفصائل المسلحة تستغل التناحر السياسي الذي هو الآن على أشُده بين الكتل والأحزاب، وحتى المكونات، فإن الجهد العسكري والأمني وبرغم الانتقادات التي توجه له في محاولة لجره ليكون جزءاً من الصراع السياسي، لا يزال فاعلاً في مواجهة التنظيم الإرهابي.
وعقب حادثة منطقة حاوي العظيم الأسبوع الماضي التي نفذها التنظيم ضد فصيل في الجيش العراقي، وأدت إلى مقتل 11 عسكرياً، تولى جهاز مكافحة الإرهاب من جهة، وقيادة العمليات المشتركة من جهة أخرى، تنفيذ عمليات ثأرية ضد التنظيم.
في الوقت نفسه، فإن تنظيم «داعش» وبعد أحداث سجن الحسكة في سوريا، وما تلاها من أخبار عن دخول أعداد من الهاربين من السجن إلى العراق، حاول القيام بعمليات مختلفة من أجل إرباك المشهد الأمني والسياسي معاً، الأمر الذي دفع الكاظمي إلى التوجه إلى الشريط الحدودي بين العراق وسوريا، ومخاطبة «الدواعش» من هناك.
وفي سياق العمليات التي نفَّذها الجيش العراقي، وطبقاً لما أعلنته خلية الإعلام الأمني، أمس الأحد، فإنه «بناءً على معلومات دقيقة لقسم استخبارات قيادة عمليات الجزيرة، إحدى مفاصل مديرية الاستخبارات العسكرية في وزارة الدفاع، التي أكدت وجود 3 إرهابيين ضمن قاطع المسؤولية، وبعد المتابعة المستمرة والتعقب الدقيق لتحركاتهم، وبالتنسيق مع استخبارات الفوج الثالث، لواء المشاة 29، وقوة برية من الفوج أعلاه، تم إلقاء القبض على الإرهابيين الثلاثة في قضاء هيت بالأنبار». وأوضحت أن «الإرهابيين هم من المطلوبين للقضاء وفق أحكام المادة 4 إرهاب».
وفي بغداد، وطبقاً لما أعلنته خلية الإعلام الأمني، فإنه «لتعزيز الأمن والاستقرار في جميع مناطق العاصمة بغداد، تمكنت قطعات فرقة المشاة الحادية عشرة من إلقاء القبض على 11 متهماً، وفق مواد قانونية مختلفة، بينهم متهم وفق المادة 4/1 إرهاب، بعد رصد وجودهم ومتابعة تحركاتهم، من قبل قوة من لواء المشاة 44، الفرقة ذاتها».
وفي هذا السياق، يقول الدكتور حسين علاوي، مستشار رئيس الوزراء لشؤون إصلاح القطاع الأمني، لـ«الشرق الأوسط»، إن «العمليات العسكرية التي تقوم بها القوات المسلحة العراقية في قاطع ديالى، تأتي بإشراف مباشر من قبل القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، بعد المحاولات اليائسة لفلول التنظيم الإرهابي (داعش) من التعرض لقواتنا المسلحة المنفتحة في المناطق الحدودية، ما بين محافظة ديالى والمحافظات العراقية الأخرى من جهة، ومن جهة أخرى بين قاطع عمليات ديالى، وقواطع العمليات الأخرى ضمن تشكيلات قيادة العمليات المشتركة».
وأضاف أن «الهدف من هذه العمليات هو تجفيف منابع الإرهاب، والحد من قدرة فلول (داعش) من المقاتلين المحليين على القيام بهجمات إرهابية، تهدد الأمن والسلم الأهلي في محافظة ديالى، والتأثير على حالة الأمن والاستقرار في البلاد».
وأكد علاوي أن «قواتنا المسلحة فعالة وقادرة على فرض الاستقرار والأمن، نتيجة للمتابعة المباشرة والميدانية من قبل القائد العام لكل قواطع عمليات القوات الأمنية، فضلاً عن كل ما يتعلق بالتدريب وبناء الإمكانات، من أجل تطوير قدرات المقاتل العراقي».
إلى ذلك، أعلن الأمين العام لوزارة البيشمركة الكردية، الفريق جبار ياور، أن وفداً من وزارة شؤون البيشمركة ناقش مع وفد قيادة العمليات المشتركة بعض القضايا الثنائية، من بينها العمليات العسكرية المستقبلية بين الجانبين.
وكان وفد أمني برئاسة الفريق الأول الركن عبد الأمير الشمري، نائب قائد العمليات المشتركة، وقائد القوات البرية، وقائد قيادة قوات الشرطة الاتحادية، قد وصل إلى محافظة كركوك ليتوجه بعدها إلى محافظة السليمانية في إقليم كردستان؛ حيث اجتمع مع وفد من البيشمركة. وعقب الاجتماع عقد الجانبان مؤتمراً صحافياً، أعلن فيه ياور أن «الاجتماع كان ناجحاً، ويندرج ضمن سلسلة الاجتماعات السابقة بين وزارة الدفاع ووزارة شؤون البيشمركة».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.