العقوبات «سلاح» واشنطن لمواجهة موسكو... والكشف عن «التضليل» استراتيجية جديدة لدعم كييف

رغم التشكيك في جدواها

من جلسة للكونغرس لمناقشة فرض عقوبات على روسيا (أ.ف.ب)
من جلسة للكونغرس لمناقشة فرض عقوبات على روسيا (أ.ف.ب)
TT

العقوبات «سلاح» واشنطن لمواجهة موسكو... والكشف عن «التضليل» استراتيجية جديدة لدعم كييف

من جلسة للكونغرس لمناقشة فرض عقوبات على روسيا (أ.ف.ب)
من جلسة للكونغرس لمناقشة فرض عقوبات على روسيا (أ.ف.ب)

في الوقت الذي تتواصل فيه التحليلات والتحذيرات من أن فرض عقوبات قاسية ضد روسيا، في حال قررت غزو أوكرانيا، من شأنه أن يصيب بالضرر دولاً عدة، برزت في الآونة الأخيرة، أيضاً، تقارير تشير إلى أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تركز، وبشكل متزايد، على مواجهة «الدعاية والتضليل والأنباء الكاذبة» الروسية، مما يجعلها ركيزة أساسية جديدة في استراتيجيتها لمواجهة موسكو، والمساعدة في الدفاع عن أوكرانيا في مواجهة تكتيكات الحرب الروسية.

جدوى فرض العقوبات

وفي حين تهدد إدارة بايدن بحزمة عقوبات قاسية على روسيا، يتوقع الخبراء أن تكون تلك العقوبات «مؤلمة»، ليس فقط على الاقتصاد الروسي؛ بل وعلى اقتصادات دول أخرى، بحسب تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز»؛ فقد تسبب مشكلات عميقة للاقتصاد الروسي الذي يعاني من تضخم حاد وانهيار سوق الأوراق المالية، لكنها قد تؤدي إلى أخطار سياسية واقتصادية تؤثر على اقتصادات كبرى، لا سيما في أوروبا، وقد تؤدي إلى عدم استقرار النظام المالي العالمي.
وبعيداً من سيناريوهات «الرد الروسي» على تلك العقوبات، خصوصاً في قطاع الطاقة، في حال قررت موسكو قطع إمدادات الغاز عن أوروبا، أو شن هجمات إلكترونية ضد البنية التحتية في أوروبا وأميركا، برزت تساؤلات عن جدوى استخدام سلاح العقوبات، في ظل التجارب السابقة مع دول وأنظمة وزعماء، تعرضوا للعقوبات الأميركية. يقول التقرير إن تلك التجارب تتمتع بسجل مختلط، إذا كان الهدف هو تغيير الأنظمة أو سلوكها، كما حدث في التجارب مع العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على إيران وكوبا وكوريا الشمالية. وطبعاً غني عن القول إن تجربة تغيير الأنظمة، كما حدث في العراق وفي أفغانستان، تقدم أيضاً نموذجاً سلبياً.
يقول مسؤولون في إدارة بايدن إنه في الوقت الحالي «لن يكون هناك استهداف لصادرات النفط والغاز الروسية»، الذي قد يؤدي في الفترة الأولى إلى ارتفاع أسعار الطاقة في الولايات المتحدة أيضاً. لكن التهديد بفرض عقوبات على البنوك الروسية، سيتردد صداه عبر الاقتصاد الروسي بأكمله، وستؤثر بالتأكيد على الحياة اليومية في روسيا، مما قد يخلق اضطرابات داخلية. ويوضح التقرير أن «النفط هو شريان الحياة للاقتصاد الروسي، وهو الذي يمنح الكرملين القدرة على استعراض القوة». ويتوقع أن تتسبب العقوبات، في حال فرضها، في خفض النمو الاقتصادي السنوي لروسيا بنسبة كبيرة؛ أكبر مما حدث بعد فرض عقوبات عام 2014 التي خفضت النمو بنسبة 3 في المائة. كما حذر «البنك المركزي الأوروبي» البنوك المقرضة لروسيا من المخاطر إذا فرضت الولايات المتحدة عقوباتها. يقول محللون للصحيفة إذا كان الهدف هو «ردع بوتين»، فسيتعين على الغرب التضحية بقليل من رفاهيته.

استراتيجية التضليل الروسية

إلى ذلك؛ يعكس تصاعد الحديث عن «استراتيجية التصدي للدعاية والتضليل» الروسي، تحولاً في تعاطي واشنطن مع سلوكيات موسكو المستمرة منذ سنوات، التي «حاولت زراعة الفوضى» عبر استغلال وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، لإثارة الصراعات في أوروبا والشرق الأوسط والولايات المتحدة نفسها، من بينها التدخل في الانتخابات. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، جين بساكي: «لقد اتخذنا قراراً؛ قراراً استراتيجياً، بالكشف عن المعلومات المضللة عندما نراها». وأضافت: «نحن على دراية بآلة التضليل الروسية أكثر مما كنا عليه في عام 2014... تمتلك روسيا قدرة لا حدود لها على تحريف الحقيقة عما تفعله».
وكثفت إدارة بايدن في الآونة الأخيرة من إعلاناتها عن «الخطط الروسية» لخلق حجج وذرائع عبر عملائها ومخبريها، لافتعال قصص وترويجها، تمهيداً لغزو أوكرانيا. كما أشارت وسائل إعلام إلى أن وكالات الاستخبارات الأميركية تدعم تقييم وزارة الخارجية البريطانية بأن موسكو تنوي تثبيت «مؤيد» لها في كييف. وفيما رفضت الولايات المتحدة ادعاءات روسيا بأن حشدها أكثر من 100 ألف جندي على طول حدود جيرانها، هو «مناورة دفاعية» ضد تهديدات الغرب، نفذت إجراءات أخرى يُنظر إليها على أنها لمواجهة التضليل الروسي المزعوم، ونشرت وزارة الخارجية وثائق تكشف عن الروايات الروسية الكاذبة، بينما أصدرت وزارة الأمن الداخلي تنبيهات تحذر من احتمال وقوع هجمات إلكترونية روسية ضد الشركات والبنية التحتية الأميركية. وقالت واشنطن إنها أرسلت أخيراً دعماً لأوكرانيا، بعد أن تعرضت المواقع الحكومية لهجوم إلكتروني، نسبه المسؤولون في كييف إلى روسيا. ويرى خبراء ومحللون أن «الجهود الأميركية للتتبع والفهرسة والكشف» عن السلوكيات الروسية المضللة، وعبر منصة البيت الأبيض مباشرة، مهمة للغاية، وقد تجعل من المستحيل على الكرملين، أو على الأقل من الصعوبة عليه، أن يستخدم هذا النوع من التكتيكات بشكل بسيط. وقال بايدن قبل أيام إن «روسيا لديها تاريخ طويل في استخدام إجراءات أخرى غير العمل العسكري العلني لشن عدوان في تكتيكات شبه عسكرية؛ مما تسمى (هجمات المنطقة الرمادية)، ونشاطات الجنود الروس الذين لا يرتدون الزي العسكري الروسي». وأضاف أن الولايات المتحدة كانت تعدّ مجموعة متنوعة من الردود على الإجراءات المحتملة من قبل روسيا ضد أوكرانيا.



إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.