موضة التسعينات للمرة الأولى في متحف بنيويورك

عبر معرض «إعادة الاختراع والتململ»

TT

موضة التسعينات للمرة الأولى في متحف بنيويورك

هناك عودة كبيرة لموضة التسعينات، فخلال العام الماضي ارتدى المغني هاري ستايلز ملابس مُستلهمة من فيم «كلوليس» خلال حفل توزيع جوائز «غرامي». طلات «واي 2 كيه» رائجة بفضل المهتمين بالأزياء والموضة من الجيل زد (الجيل الذي يلي جيل الألفية المكون من مواليد منتصف التسعينات حتى العقد الأول من الألفية الثانية). بدأت حقائب التسعينات المميزة، مثل حقيبة الظهر المصنوعة من النايلون وحقيبة «السادل» من «ديور»، تشهد رواجاً كبيراً على مواقع بيع السلع المستعملة، مثل «ريباغ».
لماذا نعود للافتتان بتلك التوجهات والصيحات الآن بعد مرور ثلاثة عقود؟ بالنظر إلى شكل صيحات التسعينات ذات الطابع الانتقائي، التي تنوعت بين الفانلة المستوحاة من «نيرفانا»، وطراز الحد الأدنى «المينيماليزم» من «كالفين كلاين»، كيف يمكننا تعريف جماليات تلك الحقبة؟ يغوص معرض جديد مقام في متحف معهد الموضة للتكنولوجيا في نيويورك تحت اسم «إعادة الاختراع والتململ: الموضة في التسعينات»، في قلب تلك التساؤلات.
على مستوى ما، من السهل تفسير عودة التسعينات إلى الحياة مرة أخرى، على حد قول كولين هيل، أمينة المعرض. يبدو أن عالم الموضة يعود إلى التوجهات في إطار دورات تتراوح مدتها بين 20 و30 عاماً؛ حيث يعيد مصممو ومحررو الأزياء النظر في صيحات تعود إلى فترة شبابهم. مع ذلك تشير هيل إلى وجود أسباب أكثر عمقاً تجعل صيحة التسعينات تظهر من جديد؛ حيث يشعر الكثيرون بالحنين إلى التفاؤل الذي كان سائداً خلال تلك الحقبة، وبات التسوق لشراء الملابس المستعملة أسهل من أي وقت مضى.

- عندما كان المستقبل مشرقاً
على خلاف سنوات الوباء، والاستقطاب السياسي، والانتقام العنصري، كانت حقبة التسعينات مفعمة بالتفاؤل. تقول هيل: «كانت الإمكانية هي روح التسعينات، وهو أمر واضح في المعرض. كنا على أعتاب قرن جديد وكذلك ألفية جديدة، ولا يزال الناس يتأملون ذلك الزمن ويرونه مثيراً حقاً».
في أيامنا هذه، تضاءل حبنا للتكنولوجيا، لكن خلال حقبة التسعينات، كان الإنترنت لا يزال ناشئاً، وكانت هناك طاقة وفضول تجاه المستقبل. كانت موضة «واي 2 كيه»، التي ظهرت قرب نهاية العقد تتسم بالطابع المستقبلي المتعمد، وتتميز بالأقمشة اللامعة، والجلد الأملس، وقطع الملابس العلوية ذات اللون المعدني، وزخارف الألماس الزائف، وشكل الشبكة.
افتتن جيل زد بطلات «واي 2 كيه» تلك، وحقق الهاشتاغ «واي 2 كيه فاشون» مئات الآلاف من المنشورات على كل من «التيك توك». ويتمتع موقع «ديبو» المتخصص في بيع السلع المستعملة بشعبية كبيرة بين المراهقين. ربما تستدعي تلك الطلات الأمل في إعادة تشكيل الإنترنت ليصبح مساحة مثيرة ملهمة كما كنا نتخيل.
على الجانب الآخر، عاد التسوق لشراء السلع المستعملة بروح انتقامية، ومن أسباب ذلك شركات مثل «ثريد أب» و«ديبو» التي حولت التسوق لشراء السلع المستعملة رقمياً. من المنطقي أن تعود التسعينات لتلهمنا مع تجميعنا لأجزاء طلات من السلع المستعملة خاصة في الوقت، الذي تمتلأ فيه تلك المواقع بالقطع القديمة التي تعود إلى تلك الحقبة.

- ثورة الثقافة الشعبية
لقد كنت مراهقة خلال فترة التسعينات، ورغم ذلك أجد صعوبة في تحديد السمات الجمالية لتلك الحقبة. بحسب هيل، كان وجود مجموعة متنوعة من الخيارات هو ما يجعل صيحات التسعينات تتسم بالمرح واليسر. تقول هيل: «كانت هناك تعددية في صيحات الأزياء خلال حقبة التسعينات، أكثر من أي عقد ماضي. كذلك كانت هناك فكرة أن الموضة للجميع على نحو لم نشهده من قبل».
تقدم أفلام تعود إلى تلك الحقبة، مثل «كلوليس» Clueless و«تين ثينغز أي هيت أباوت يو» «10 Things I hate about You» نظرة وافية على موضة المراهقين في تلك الفترة؛ فهناك طلات من إبداع مصممين، وحقائب مثل مجموعة الحقائب النايلون من «برادا». كذلك هناك طلات تنتمي إلى أسلوب الحد الأدني، من بناطيل الجينز والقمصان الرياضية المقصوصة إلى الفساتين الحريرية المثيرة، التي استلهمتها كل من «كالفين كلاين» و«هيلموت لانغ».
هناك أيضاً ثقافة «الغرانج» البديلة، حيث ظهرت في الأفلام الفانلات الخفيفة والتنورات القصيرة ذات النقوش من أشكال المربعات التي اشتهرت، وباتت رائجة بفضل فرق موسيقية، مثل «نيرفانا» و«بيرل جام». تقول هيل: «كانت تلك الفرق من شمال غربي الهادي، لذا كان من المنطقي أن يرتدوا طبقات كثيرة. كثيراً ما كانوا يتسوقون في متاجر السلع المستعملة بدافع الضرورة، لكن تلك طلة كان يتم اعتبارها جذابة». جعلت تلك الفرق من الأسهل على الجميع، دون النظر إلى الميزانية، المشاركة في عالم الأزياء والموضة، خلال فترة كساد عالمية.
يوضح المعرض كيف مكّن ظهور الأفلام والتلفزيون والموسيقى وغيرها من جوانب الثقافة الشعبية على الإنترنت من التأثير على الموضة على نحو غير مسبوق، فللمرة الأولى بات في مقدور الناس الاجتماع على الإنترنت لمناقشة أمور الأزياء والموضة والعثور على الملابس.
شكّلت الثقافة الشعبية في التسعينات الموضة بقدر ما كانت تجلياً لها. تقول هيل إنه عندما زار مديرو الملابس في فيلم «كلوليس» مدارس ثانوية في لوس أنجليس من أجل استكشاف التوجهات، دهشوا وأصابتهم الحيرة من حجم تلك الثقافة. تقول هيل: «لقد صمموا ملابس (كلوليس) لتكون مثل خزانة ملابس تظهر في حلم. لم يكن الهدف أن تمثل تلك الملابس ما يرتديه الطلبة في ذلك العمر، لكنها أصبحت بطبيعة الحال صيحة أراد الطلبة محاكاتها».
كانت مسلسلات تلفزيونية، مثل «سيكس أند ذا سيتي»، مؤثرة بدرجة كبيرة، ونادراً ما نجد اليوم مسلسلاً يساهم في ظهور صيحة وانتشارها، حيث تعجّ مواقع التواصل الاجتماعي وخدمات البثّ على الإنترنت بمحتوى ضخم. يحن الشباب إلى تلك الفترة التي كان يمكن خلالها أن يشكل فيها مسلسل أو فيلم مميز توجهاً ما. بفضل خدمات البثّ على الإنترنت يستطيع كثير من المراهقين، ومن هم في العشرينات من العمر، استكشاف المسلسلات والأفلام التي باتت كلاسيكية الآن، والتي تعود إلى تلك الفترة. توضح هيل قائلة: «يعرف طلبة معهد الموضة للتكنولوجيا فيلم «كلوليس» جيداً؛ حيث شاهدوه بالتأكيد وأعاد بعضهم تكوين الطلات من الفيلم مباشراً».

- خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

«تيفاني أند كو» تُشعل مجوهراتها بالنيران والشهب

لمسات الموضة أقراط أذن من مجموعة «شوتينغ ستار» من الماس والذهب الأصفر والجمشت (تيفاني أند كو)

«تيفاني أند كو» تُشعل مجوهراتها بالنيران والشهب

للكثير من بيوت الأزياء أو المجوهرات ولادتان: ولادة تأسيسية؛ بمعنى تاريخ انطلاقها، وولادة ثانية تكون في الغالب إبداعية تبث فيها روحاً فنية تغير مسارها وتأخذها…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة حشد من رجال الشرطة والجيش لتأمين العاصمة الفرنسية قبل افتتاح ألعاب باريس (رويترز)

ماذا أرتدي في الأولمبياد؟ كن أنيقاً وابقَ مرتاحاً

الإرشادات المناسبة للملابس لتحقيق التوازن بين الأناقة والراحة عند حضور الألعاب الأولمبية الصيفية هذا العام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
لمسات الموضة من مجموعة "عريس صيف 2024" للمصمّم اللبناني نمر سعادة (دار أزياء نمر سعادة)

«عرسان» نمر سعادة يرتدون البدلة الملوّنة

ذهب مصمّم الأزياء اللبناني المتخصّص في الموضة الرجاليّة إلى أقصى الجرأة، عندما قرّر أن يُلبِس عريس الموسم بدلة ملوّنة.

كريستين حبيب (بيروت)
لمسات الموضة يقدر سعرها بأكثر من مليون دولار والأحجار هي السبب (فابيرجيه)

بيضة «فابيرجيه» الجديدة بمليون دولار… فمن يشتري؟

بيضة بمليون دولار.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة أشرف على المشروع فريق  من الباحثين من مختلف المجالات وكبار الخبراء في الذكاء الاصطناعي، واستغرق العمل عليه 3 سنوات (برونيللو كوتشينيللي)

كيف زاوج برونيللو كوتشينيللي بين الأعمال اليدوية والتكنولوجيا

من المفترَض ألا يفاجئنا المصمم برونيللو كوتشينيللي، وهو يقدم لنا درساً عن الزواج المثالي بين الإبداع البشري وقدرات الذكاء الاصطناعي، وهو الذي يبيع لنا بدلات…

جميلة حلفيشي (لندن)

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».