الحوثيون... سيرة حافلة بجرائم استخدام المدنيين دروعاً بشرية

TT

الحوثيون... سيرة حافلة بجرائم استخدام المدنيين دروعاً بشرية

منذ بداية «عاصفة الحزم» انتهجت الميليشيات الحوثية سياسة استخدام المدنيين دروعاً بشرية في المواقع العسكرية ومخازن الأسلحة، بهدف المتاجرة بدماء الضحايا؛ وهم في الغالب من معارضيها أو من المهاجرين الأفارقة؛ كما حدث بمركز الاعتقال في صنعاء، أو ما حدث في محافظة صعدة أكثر من مرة؛ وليس انتهاء بواقعة استخدام معسكر قوات الأمن المركزي في مدينة صعدة مركزاً لاعتقال المئات من المدنيين، بينهم أعداد كبيرة من اللاجئين الأفارقة.
ومنذ الأيام الأولى لانطلاق العمليات الجوية لتحالف دعم الشرعية في اليمن، وضعت الميليشيات الحوثية قيادات سياسية معارضة وصحافيين في مخازن للصواريخ الباليستية في صنعاء وذمار.
ورغم الاستنكار الحقوقي الواسع لهذا النهج؛ فإن الميليشيات وضعت محافظ عمران السابق محمد حسن دماج والقيادي البارز في «حزب الإصلاح» محمد قحطان في مخازن الأسلحة الواقعة في معسكر الحفا شرق مدينة صنعاء، كما نقلتهما إلى مواقع أخرى في جبل نقم المطل على العاصمة حيث توجد مخازن الوقود، إلا إن ارتفاع الجبال التي وضعوا أسفلها جنبتهم وآخرين موتاً محققاً، كما حدث مع صحافيين ومسؤولين حزبيين وضعتهم الميليشيات دروعاً بشرية في موقع عسكري بضواحي مدينة ذمار.
ففي 25 مايو (أيار) 2015؛ أي بعد نحو شهرين على بدء عمليات «عاصفة الحزم»، فوجئت أسرتا الصحافيين عبد الله قابل ويوسف العيزري، بأنهما قتلا في غارة استهدفت المواقع العسكرية في جبل هران في ضواحي مدينة ذمار، بعد أن احتجزتهما الميليشيات في الموقع، وكذلك الحال مع أمين الرجوي المسؤول السياسي في «حزب الإصلاح» بمحافظة إب الذي جرى نقله إلى ذمار وإخفائه مدة شهرين قبل أن تبلغ أسرته بمقتله.
ومع مواصلة مقاتلات التحالف استهداف مخازن الأسلحة، خصوصاً الصواريخ الباليستية، لجأت الميليشيات إلى استخدام المدارس أماكن لتخزين الأسلحة بعد نقلها من المعسكرات، كما استخدمت الأدوار الأرضية من مبان سكنية وسط الأحياء؛ تحديداً في صنعاء، لتخزين الأسلحة والإمدادات، وحولتها إلى مراكز لقيادة العمليات أو إطلاق الصواريخ الباليستية.
وكشف استهداف مقاتلات التحالف في 30 أكتوبر (تشرين الأول) 2016 معسكر قوات الأمن المركزي في مديرية الزيدية التابعة لمحافظة الحديدة، عن أن الميليشيات التي تستخدم المعسكر غرفة عمليات وقيادة متقدمة لمهاجمة الأراضي السعودية جعلت جزءاً منه مركزاً للاعتقال، ولم تكتف بذلك؛ بل أخفت الأمر عن الأمم المتحدة التي تقوم بإبلاغ التحالف بالمنشآت المدنية لتجنبها؛ حيث ذهب ضحية ذلك المعسكر نحو 60 شخصاً رفضت الميليشيات الكشف عن هويات العسكريين منهم.
وفي 13 ديسمبر (كانون الأول) 2017؛ بينما كان النشطاء والمنظمات داخلياً وخارجياً يطالبون الميليشيات بإطلاق سراح الآلاف من النشطاء المدنيين والصحافيين الذين اعتقلوا من الشوارع أو على الطرقات بين المدن بشبهة أنهم يعارضون الانقلاب على الشرعية، أفاقوا على فاجعة مقتل نحو 39 شخصاً؛ بينهم عدد من المدنيين، كانوا يستخدمون دروعاً بشرية داخل معسكر الشرطة العسكرية في مدينة صنعاء، حيث أكد التحالف أنه لم يُشعَر من أي جهة دولية أو إنسانية بوجود سجن أو معتقل داخل المعسكر.
كما أوضحت الصور الفضائية عدم وجود أي شعارات تبين وجود معتقل أو سجن داخل المعسكر، واتضح للفريق بعد تنفيذ العملية العسكرية وجود أشخاص في معتقل سري داخل أحد مباني معسكر الشرطة، والتحالف لم يكن على علم بالموضوع.
ورغم الإدانات المحلية والدولية لاستخدام الحوثيين المدنيين دروعاً بشرية، والتمركز وسط التجمعات السكنية، وتحويل المنشآت العامة خصوصاً التعليمية منها مخازن للأسلحة ومراكز القيادة والسيطرة، فإن الميليشيات لم تتوقف عن ذلك؛ حيث لقي العشرات من المهاجرين الأفارقة مصرعهم في محافظة صعدة عندما استُخدموا دروعاً بشرية لاستهداف الحدود السعودية مع اليمن، أو كما حدث في معتقل إدارة الجوازات عندما أُحرق العشرات من حملة الجنسية الإثيوبية بعد أن رفض نحو 900 منهم الالتحاق بجبهات القتال في صف الميليشيات.
وكانت الميليشيات أتبعت الجريمة بحملة ترحيل قسرية طالت المئات؛ حيث ألقي بهم في مناطق نائية على أطراف مناطق سيطرة الحكومة الشرعية وأجبروا على السير مسافات طويلة حفاة ومن دون غذاء أو مياه.
وفي 31 أغسطس (آب) 2019 كان العشرات من مؤيدي الشرعية المختطفين منذ سنوات في معتقلات سرية ضحايا استهداف موقع عسكري في محافظة ذمار يستخدم لتخزين الطائرات المسيّرة والصواريخ وغيرها من الآليات العسكرية؛ حيث حولت الميليشيات مبنىً سابقاً لـ«كلية المجتمع» في الضواحي الشمالية لمدينة ذمار إلى مخزن للأسلحة ومركز لاحتجاز الأسرى.
وأكد التحالف حينها أن هذا الموقع هدف عسكري مشروع عالي القيمة يحقق تدميره ميزة عسكرية، بناء على توافر معلومات استخباراتية موثوقة بأن مبنى «كلية المجتمع» سابقاً استولت عليه جماعة الحوثيين وأصبحت تستخدمه لتخزين الطائرات من دون طيار وتخزين صواريخ الدفاع الجوي، كما أظهرت عمليات الرصد وجود آليات عسكرية تابعة للحوثيين في الموقع نفسه.
وأوضح التحالف أنه «لم يكن لدى قواته علم باستخدام أحد المباني بالمجمع موقع اعتقال، وبالتالي لم يكن الموقع من ضمن قائمة عدم الاستهداف لدى قوات التحالف» كما لا يوجد شعار على أي من مباني الموقع محل الادعاء لتمييزه على أنه معسكر اعتقال، وعدم وجود مدنيين حول الموقع قبل وأثناء الاستهداف.
وقبل تكرار هذه الجرائم في محافظة صعدة من خلال تحويل معسكر الأمن المركزي إلى مركز لاعتقال مؤيدي الحكومة الشرعية والمهاجرين الأفارقة، كان معسكر الأمن المركزي في صنعاء يعج بالمئات من الأسرى المؤيدين للحكومة ومن مقاتليها ومن دون إشعار التحالف بذلك، حيث نفذت مقاتلاته يوم 22 ديسمبر (كانون الأول) الماضي سلسلة غارات دمرت خلالها 7 مخازن للطائرات المسيرة والأسلحة بالمعسكر لتخرج بعد ذلك الميليشيات لتتحدث عن وجود معتقلين وأسرى في عنابر المعسكر.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يُخضعون إعلاميين وناشطين في الحديدة للتعبئة

المشرق العربي جانب من إخضاع الحوثيين سكاناً في مدينة الحديدة للتعبئة القتالية (فيسبوك)

الحوثيون يُخضعون إعلاميين وناشطين في الحديدة للتعبئة

بعد أن أخضعت العشرات منهم لدورات تدريبية تعبوية، منعت الجماعة الحوثية إعلاميين وصحافيين وناشطين حقوقيين في محافظة الحديدة اليمنية (223 كلم غرب صنعاء) من العمل.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي جرافة حوثية تهدم محلاً تجارياً في إحدى المناطق التابعة لمحافظة الضالع (فيسبوك)

اعتداءات مسلحة أثناء تحصيل الحوثيين جبايات في الضالع

يتهم سكان محافظة الضالع اليمنية الجماعة الحوثية بارتكاب ممارسات إجرامية خلال تحصيل إتاوات تعسفية وغير قانونية من الباعة والتجار والسكان.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي مركز الملك سلمان وقع اتفاقية تعاون لتنفيذ مشروع العودة إلى المدارس في اليمن (واس)

«مركز الملك سلمان» يوقع اتفاقيات لتعزيز التعليم والصحة في اليمن

وقع «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، اتفاقيات متنوعة لتعزيز القطاع التعليمي والطبي في محافظات يمنية عدة يستفيد منها ما يزيد على 13 ألف فرد.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي انتهاكات جسيمة بحق الصحافة والصحافيين ارتكبتها الجماعة الحوثية خلال سنوات الانقلاب والحرب (إعلام محلي)

تأسيس شبكة قانونية لدعم الصحافيين اليمنيين

أشهر عدد من المنظمات المحلية، بالشراكة مع منظمات أممية ودولية، شبكة لحماية الحريات الصحافية في اليمن التي تتعرّض لانتهاكات عديدة يتصدّر الحوثيون قائمة مرتكبيها.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أطفال مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خلال مشاركتهم في مخيم ترفيهي (فيسبوك)

الموت يهدّد آلاف مرضى السرطان في إب اليمنية

يواجه الآلاف من مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خطر الموت بسبب إهمال الرعاية الطبية وسط اتهامات للجماعة الحوثية بنهب الأدوية والمعونات

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

«مركز الملك سلمان» يوقع اتفاقيات لتعزيز التعليم والصحة في اليمن

مركز الملك سلمان وقع اتفاقية تعاون لتنفيذ مشروع العودة إلى المدارس في اليمن (واس)
مركز الملك سلمان وقع اتفاقية تعاون لتنفيذ مشروع العودة إلى المدارس في اليمن (واس)
TT

«مركز الملك سلمان» يوقع اتفاقيات لتعزيز التعليم والصحة في اليمن

مركز الملك سلمان وقع اتفاقية تعاون لتنفيذ مشروع العودة إلى المدارس في اليمن (واس)
مركز الملك سلمان وقع اتفاقية تعاون لتنفيذ مشروع العودة إلى المدارس في اليمن (واس)

وقع «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، اتفاقيات متنوعة لتعزيز القطاعين التعليمي والطبي في محافظات يمنية عدة يستفيد منها ما يزيد على 13 ألف فرد.

وفي المجال التعليمي، وقع «مركز الملك سلمان»، أمس (الثلاثاء)، اتفاقية تعاون مشترك مع إحدى مؤسسات المجتمع المدني؛ لتنفيذ المرحلة الثالثة من «مشروع العودة إلى المدارس» في مديرية المخا بمحافظة تعز ومنطقة ثمود بمحافظة حضرموت، وفي محافظات شبوة وأبين ولحج، التي يستفيد منها 6 آلاف فرد.

وجرى توقيع الاتفاق على هامش «المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة» في مدينة الرياض، حيث وقع الاتفاقية مساعد المشرف العام على مركز العمليات والبرامج، المهندس أحمد بن علي البيز.

وسيجري بموجب الاتفاقية توفير 60 فصلاً من الفصول البديلة المجهزة بالكامل، وتجهيز وتأثيث 10 مدارس؛ لتوفير بيئة تعليمية ملائمة للطلاب والطالبات، بالإضافة إلى توفير 6 آلاف زي مدرسي وحقيبة تحتوي على المستلزمات المدرسية، فضلاً عن إيجاد فرص عمل للأسر من ذوي الدخل المحدود (المستفيدة من مشاريع التدريب والتمكين السابقة) من خلال تجهيز الحقائب والزي المدرسي المحلي الصنع.

ويأتي ذلك في إطار الجهود الإغاثية والإنسانية التي تقدمها المملكة عبر ذراعها الإنسانية مركز الملك سلمان للإغاثة؛ بهدف تعزيز العملية التعليمية الآمنة وانتظامها، ومواجهة تسرب الطلاب من المدارس بالمناطق المستهدفة.

وفي القطاع الصحي، السياق وقع «مركز الملك سلمان» اتفاقية مع الجمعية الدولية لرعايا ضحايا الحروب والكوارث، لتشغيل مركز الأطراف الصناعية وإعادة التأهيل في محافظة مأرب.

وسيجري بموجب الاتفاقية تقديم خدمات التأهيل الجسدي لذوي الاحتياجات الخاصة، بالإضافة إلى متابعتهم والاستفادة منهم في خدمة المجتمع، والتشخيص وتحديد الخطة العلاجية لكل مريض على حدة، وتركيب الأطراف الصناعية بأنواعها.

ومن شأن الاتفاقية أن توفر خدمة إعادة التأهيل الوظيفي للأطراف الصناعية ومتابعتهم المستمرة، فضلاً عن رفع قدرات الكادر الطبي والفني مهنياً وعلمياً وتهيئته للتعامل مع الحالات النوعية، إضافة إلى الحد من هجرة الكوادر الطبية والفنية المتخصصة، ومن المقرر أن يستفيد منها 7174 فردًا.

من جهة أخرى، وقعت «منظمة الصحة العالمية» اتفاقية بقيمة 3.4 مليون يورو مع الحكومة الألمانية للحفاظ على خدمات الصحة والتغذية المنقذة للحياة في اليمن.

وقالت المنظمة في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني، الأربعاء، إن «هذه المبادرة تأتي في وقت يواجه اليمن فيه حالة طوارئ ممتدة من الدرجة الثالثة، وهي أعلى مستوى للطوارئ الصحية للمنظمة».

وأضافت أن «اليمن يواجه تفشي للأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات بما في ذلك فيروس شلل الأطفال، والإسهال المائي الحاد، والكوليرا، والحصبة، والدفتيريا، والملاريا، وحمى الضنك».

وأشارت إلى أنه تم الإبلاغ عن 33 ألف حالة يشتبه في إصابتها بالحصبة منذ بداية العام الحالي، مع 280 حالة وفاة بسبب هذا المرض، فيما تم الإبلاغ عن 204 الآف حالة مشتبه في إصابتها بالكوليرا و 710 حالات وفاة، في الفترة التي بدأ فيها تفشي المرض في مارس (آذار) وحتى نهاية سبتمبر (أيلول) الماضيين.

وذكرت المنظمة أنه بحلول نهاية العام الحالي، من المتوقع أن تعاني أكثر من 223 ألف امرأة حامل ومرضع وأكثر من 600 ألف طفل من سوء التغذية.

وقالت: «من بين هؤلاء الأطفال، من المتوقع أن يعاني ما يقرب من 120 ألف طفل من سوء التغذية الحاد الوخيم، بزيادة قدرها 34 في المائة على العام السابق».