أول زراعة قلب من خنزير لإنسان... كيف تمت العملية الجراحية؟

حلقة جديدة من تطورات الهندسة الجينية وتطبيقاتها الإكلينيكية

فريق الجراحين في  جامعة ماريلاند الأميركية المشرف على أول عملية زراعة لقلب خنزير في إنسان (د.ب.أ)
فريق الجراحين في جامعة ماريلاند الأميركية المشرف على أول عملية زراعة لقلب خنزير في إنسان (د.ب.أ)
TT

أول زراعة قلب من خنزير لإنسان... كيف تمت العملية الجراحية؟

فريق الجراحين في  جامعة ماريلاند الأميركية المشرف على أول عملية زراعة لقلب خنزير في إنسان (د.ب.أ)
فريق الجراحين في جامعة ماريلاند الأميركية المشرف على أول عملية زراعة لقلب خنزير في إنسان (د.ب.أ)

تناقلت الأنباء خبر إجراء أول عملية زراعة قلب مأخوذ من جسم خنزير، وغرسه في جسم إنسان مريض، وذلك في 7 يناير (كانون الثاني) الحالي. وهو ما لا يعد فقط خطوة متقدمة في جانب القدرة على زراعة قلب حيوان في جسم إنسان، بل في جانب دور الهندسة الوراثية في إنتاج أعضاء حيوانية ذات قابلية أعلى للبقاء والعمل في جسم الإنسان، بدلاً عن أعضاء تالفة فيه. ويأتي هذا ضمن التطورات الحديثة لما تُعرف طبياً بـ«عمليات زراعة أعضاء فيما بين كائنات حية مختلفة» Xenotransplantation.
هذا ولا يزال من غير الواضح إلى أي مدى سيعمل القلب جيداً أو إلى متى، ولكنّ الباحثين يأملون أن تتمكن هذه التقنية يوماً ما من تعويض النقص المزمن في توفر الأعضاء البشرية للمرضى المحتاجين إلى زراعة الأعضاء.

- جراحة متقدمة
ورغم عدم توفر معلومات طبية دقيقة ضمن وصف علمي، منشورة في إحدى المجلات الطبية العالمية، فإن هذا الإجراء الجراحي المتقدم علمياً وتقنياً، والذي قام به فريق في كلية الطب بجامعة ماريلاند UMSOM، يعد بمثابة اختبار رئيسي للكثير من الابتكارات التجريبية المعقدة جداً بالفعل، والمصممة للحفاظ على عمل قلب الخنزير في صدر الإنسان، بما في ذلك:
• إحداث 10 تغييرات جينية تجريبية في الخنازير باستخدام جهود مبتكرة في الهندسة الوراثية وإنتاج أنواع معدلة جينيا Genetically Modified Pig.
• استخدام تجريبي لـ«مُثبط مناعي» Immunosuppressant جديد يُعطى للمريض المتلقي.
• استخدام محلول ممزوج بالكوكايين Cocaine - Laced Solution لاحتضان القلب قبل الزراعة.
وإلى هذا الحدّ يظل هذا الخبر لافتاً، وتُعد تلك الاستخدامات الثلاثة الجديدة علامات فارقة في تطور البحث العلمي الإكلينيكي لعمليات زرع الأعضاء. وهو ما علّقت عليه رابطة القلب الأميركية في عرضها الإخباري بالقول إنه «يرفع الآمال في إيجاد بديل جديد وقابل للتطبيق للأشخاص المعرضين لخطر الموت قبل أن تتاح لهم الفرصة المحدودة لتوفر قلب بشري، وكذلك لأولئك المرضى (الذين هم بالفعل بحاجة إلى زراعة القلب) ولكن غير المؤهلين لزراعة قلب الإنسان».
ومع ذلك تظل عدة تساؤلات علمية وطبية مطروحة دون إجابات واضحة، على الأقل حتى اليوم. وهو ما عبّرت رابطة القلب الأميركية عنه في عرضها الإخباري بالقول: «لكنّ المتخصصين في قصور ضعف القلب يقولون إن أي تفاؤل يجب تخفيفه بحذر، حيث تظل الأسئلة المتعلقة بالسلامة والبقاء على المدى القصير والطويل دون إجابة». ونقلت كلام الدكتور كلايد يانسي، رئيس قسم أمراض القلب في كلية الطب بجامعة نورث وسترن في شيكاغو والرئيس السابق لجمعية القلب الأميركية بقوله: «تتضمن هذه القصة وعوداً، ولكن ثمة خطر أيضاً، ولا أعتقد أن علينا أن نحتفل للتوّ». وأضاف: «إن عمليات زرع الأعضاء الحيوانية تبشّر بالخير ولكنها تأتي مع مجموعة من الأشياء المجهولة. وفي حين أن قلوب الخنازير تشبه قلوب البشر وبالتالي فهي مرشحة جيدة للزرع، فإن هناك مخاطر غير متوقعة. وهناك الكثير من الأسباب للاحتفال، لكننا بحاجة إلى التوقف والنظر في جميع الأسئلة التي تتماشى مع هذا الاكتشاف».

- تساؤلات علمية
ورغم كونه تطوراً علاجياً مهماً، وباعثاً للآمال، ثمة عدد من الأسئلة حول هذه الحالة العلاجية الفريدة، خصوصاً أن عملية زراعة القلب تتوفر منذ عشرات السنوات للمرضى الذين هم بحاجة لذلك، والمُستخدم لهذه الغاية هو قلب بشري يُؤخذ من شخص متوفى ويُزرع في صدر المريض المتلقي، ونتائج نجاح هذه العمليات عالٍ. والأسئلة هي:
- ما الذي دفع فريق المعالجة الطبية إلى استخدام قلب مأخوذ من خنزير تم تعديله وراثياً بدلاً من قلب بشري؟
- ما التعديلات الوراثية Genetic Modifications التي تم إجراؤها؟
- هل كانت هذه التعديلات الجينية العشرة ضرورية؟
وللإجابة عن السؤال الأول، فإن المريض المتلقي لهذه الزراعة يبلغ من العمر 57 عاماً، وكان يعاني من ضعف في القلب بدرجة شديدة ومتقدمة، مع وجود نوع خطر من عدم انتظام ضربات القلب يسمى الرجفان البطيني. وهي مبررات لوضعه على قائمة الانتظار لزراعة القلب متى ما توفر قلب بشري لتلك الغاية. ولكن نتيجة دواعٍ ومعطيات إكلينيكية عدة لدى المريض نفسه، وذلك في مستوى عنايته الشخصية بحالته الصحية، فقد عدّه فريق أطباء برنامج زراعة القلب في المركز الطبي بجامعة ماريلاند، مريضاً غير مؤهل لعملية زرع قلب بشري. ومعلوم أن أحد العوامل التي يجب توفرها في المريض لكي يكون مرشحاً لزراعة القلب هي القدرة على الالتزام بخطة العلاج قبل وبعد الزرع، لأن القلب البشري لا يُقدر بثمن، وتُعطى الأولوية الطبية لمنْ يكونون ملائمين للخضوع لتلك العملية الجراحية وترتفع لديهم احتمالات الحفاظ على القلب المزروع لمدة طويلة. وأحد أهم أسباب ذلك النجاح الالتزام بتناول الأدوية والحرص على المراجعة الطبية الدورية في العيادة وغيره من مظاهر العناية الصحية بالنفس.
وبدلاً من ذلك، وبموافقة المريض نفسه، سعى فريق برنامج زراعة القلب Cardiac Xenotransplantation Program للحصول على إذن «الاستخدام الرحيم» Compassionate Use من إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) لمنحه قلباً من خنزير معدل وراثياً تم إنشاؤه بواسطة شركة تكنولوجيا حيوية. وهي التي تعمل على إمكانية جعل قلوب الخنازير تظل بحالة صحية لأكثر من عامين عند زرعها. وسبق أن نجحوا فيه عندما أجروا عمليات زرع لقلوب خنازير في صدور قردة البابون.

- هندسة جينية مبتكرة
وللإجابة عن السؤال الثاني، فإن السبب وراء استخدام التقنيات المبتكرة في الهندسة الوراثية لإحداث تغيرات في جينات الخنزير المتبرع، هو أن زراعة الأعضاء بالعموم، سواء فيما بين متبرع ومتلقٍّ من نفس الفصيلة (إنسان لإنسان) أو من فصيلتين مختلفتين (حيوان لإنسان)، هي عملية تُثير حصول تفاعلات «رفض Rejection» جسم المتلقي للعضو المأخوذ من جسم «المتبرع».
وردة الفعل المناعية هذه من جسم المتلقي يمكن أن تتسبب في فشل العضو المزروع، وذلك عبر تكوين جهاز مناعة المريض المُتلقي أجساماً مضادة (Antibodies) موجهة ضد أنسجة العضو المزروع. ومعلوم أن المشكلة الرئيسية هي أن الأجسام المضادة التي ينتجها جسم المُتلقي، تتعرف على سكريات معينة توجد على سطح خلايا الخنازير، وتعدّها أجساماً غريبة.
ولتقليل هذا الاحتمال، نحتاج حقاً إلى التخلص من أكبر قدر ممكن من مسببات إنتاج هذه الأجسام المضادة، أي تلك السكريات، كي يتمكن العضو المزروع من العمل بكفاءة ومن البقاء على قيد الحياة لفترة أطول. وما قام به المتخصصون هو إحداث عشرة تعديلات باستخدام تقنية الهندسة الوراثية الجينية. ثلاثة منها لإخراج ثلاثة جينات للإنزيمات التي تُمكن خلايا الخنازير من تصنيع تلك السكريات. وستة تعديلات أخرى كانت عبارة عن إضافات لجينات بشرية: جينان مضادان للالتهابات، وجينان يعززان تخثر الدم الطبيعي ويمنعان تلف الأوعية الدموية، وجينان للبروتينات التي تساعد على كبح تفاعلات استجابة الأجسام المضادة. وأزال التعديل العاشر «جين مستقبل هرمون النمو Growth Hormone Receptor» لتقليل فرصة نمو قلب الخنزير المزروع، الذي يتطابق تقريباً في الحجم مع المساحة المُتاحة في صدر المريض، وبالتالي وقفه عن النمو في الحجم بمجرد زراعته.
وللإجابة عن سؤال: هل كانت جميع التغييرات الجينية العشرة ضرورية؟ فإن هذا ليس واضحاً حتى اليوم وفق ما هو متوفر من معلومات، ولا يُعرف إلى أي مدى سيساعد تعديل كل من هذه الجينات على حدة. وحتى التجارب السابقة التي تمت عند زراعة تلك القلوب المأخوذة من الخنازير المُعدّلة وراثياً، في قرود البابون، كانت تواجه صعوبات في إجرائها، ما جعل من الصعب اختبار تأثيرات كل تعديل فيها على حدة.
وعدم اليقين هذا هو أحد أسباب تحفظات عدد من الباحثين الطبيين عند مراجعتهم خطوات إجراء هذا النوع من طريقة زراعة الأعضاء فيما بين فصائل مختلفة. ولكن يمكن أن تكون بعض التغييرات مفيدة في بعض أنواع عمليات الزرع، وضارة في أنواع أخرى. وعلى سبيل المثال وفق نتائج الدراسات والتجارب السابقة على التعديلات الوراثية، يؤدي إدخال أحد أنواع الجين البشري المضاد للالتهابات (Gene CD47) إلى تحسين نتائج عمليات زرع نخاع العظام من الخنازير إلى قردة البابون، ولكن تبدو خلايا كُلى الخنازير بهذا التعديل عُرضة للالتهاب والتورم عند الزراعة.

- لمن تتم عملية زراعة القلب؟
زراعة القلب هي علاج متقدّم يتم إجراؤه كحلّ أخير، عندما لا تفلح العلاجات الأخرى في التغلب على مضاعفات وتداعيات فشل القلب. وحتى عند طرح هذا الخيار العلاجي، قد لا يكون ذلك ملائماً لكل المرضى الذين تتطلب حالتهم زراعة القلب. وثمة عناصر تتم مراجعتها كي يُصنف المريض على أنه مُرشح لزراعة القلب. وتختلف المراكز الطبية العالمية بشكل طفيف في قائمة عناصر تلك المراجعة. ومن أمثلتها ما يذكره أطباء القلب في «مايو كلينك» بقولهم: «يتم إجراء تقييم طبي لمعرفة إذا ما كنت مؤهلاً لإجراء عملية الزراعة. سوف يتحقَق التقييم لمعرفة إذا ما كنت:
- مصاباً بحالة قلبية من شأنها أن تجعلك تستفيد من جراحة زراعة العضو.
- قد تستفيد من خيارات العلاج الأخرى الأقل توغلاً.
- تتمتَع بصحة جيدة بما يكفي لإجراء عملية جراحية وتتحمل أدوية ما بعد الزراعة.
- ستوافق على الإقلاع عن التدخين، إن كنت مدخِّناً.
- مستعد وقادر على اتباع البرنامج الطبي الذي حدده لك فريق الزراعة.
- يمكنك تحمُّل انتظار القلب المُتبرَع به عاطفياً.
- لديك مجموعة داعمة من العائلة والأصدقاء لمساعدتك في هذا الوقت العصيب.
أي إنها غالباً تستبعد المريض الذي هو على غير استعداد أو غير قادر على إجراء التغييرات اللازمة في سلوكيات نمط الحياة، وهي الضرورية للحفاظ على قلب المتبرِع بصورة صحية، مثل عدم الحرص على تناول الأدوية، أو الانقطاع عن المراجعة الطبية، أو عدم الامتناع عن التدخين، وغيرها.

- خطوات لإجراء عملية زراعة القلب
تعد عمليات زراعة القلب البشري ناجحة للغاية، حيث يبلغ معدل البقاء على قيد الحياة لمدة عام واحد 91% في المتوسط، ويعيش متلقي زراعة القلب من 12 إلى 13 عاماً أخرى. وتقول رابطة القلب الأميركية: «تصبح عمليات زرع القلب ضرورية عندما يكون هناك قصور حاد في القلب، والذي يحدث إذا توقف أحد البطينين القلبيين أو كلاهما عن العمل بشكل صحيح».
وتضيف: «تأتي قلوب البشر المراد زرعها من التبرعات بالأعضاء التي يتم توفيرها عند وفاة الأشخاص. ومع ذلك، فإن الحاجة تتجاوز التوافر، وما يقرب من 20% من الأشخاص الذين ينتظرون قلب المتبرع إما يموتون قبل أن يصلوا إلى قمة القائمة وإما يصبحون مرضى للغاية لإجراء عملية زرع ناجحة. ولطالما بحث الباحثون عن بدائل لعمليات زرع قلب الإنسان. وجاءت أكثر الجهود نجاحاً من خلال التقدم التكنولوجي، مثل جهاز مساعدة البطين الأيسر (LVAD) الذي يساعد القلب على ضخ الدم ويقلل بشكل كبير معدلات الوفيات للأشخاص الذين ينتظرون الزرع على مدى العقود الكثيرة الماضية.
ويوضح ذلك أطباء القلب في «مايو كلينك» بقولهم: «جهاز المساعدة البُطينية عبارة عن مضخة ميكانيكية قابلة للزَرع في الصدر تساعد في ضخ الدم من حجرات القلب السفلية (البُطينان) إلى بقية جسمك. ويشيع استخدام أجهزة المساعدة البُطينية كونها علاجاً مؤقتاً للأشخاص الذين ينتظرون إجراء زراعة القلب. تُستخدم أجهزة المساعدة البُطينية بشكلٍ مُتزايد علاجاً طويل الأمد للأشخاص المُصابين بفشل القلب غير المؤهلين لإجراء عملية زراعة القلب. إذا لم يساعد جهاز المساعدة البُطينية في تحسين وظائف القلب، فقد يفكر الأطباء في بعض الأحيان في استخدام قلب صناعي كلّي -وهو جهاز يحل محل بُطينات قلبك- كعلاج بديل قصير الأجل بينما تنتظر زراعة القلب».


مقالات ذات صلة

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

صحتك مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

توصلت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا إلى أن اتباع نظام غذائي منخفض في أحماض أوميغا 6 وغني بأحماض أوميغا 3 الدهنية، يمكن أن يبطئ سرطان البروستاتا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
صحتك مرض ألزهايمر يؤدي ببطء إلى تآكل الذاكرة والمهارات الإدراكية (رويترز)

بينها الاكتئاب... 4 علامات تحذيرية تنذر بألزهايمر

يؤثر مرض ألزهايمر في المقام الأول على الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً، ولكن ليس من المبكر أبداً أن تكون على دراية بالعلامات التحذيرية لهذا الاضطراب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

أظهرت دراسة حديثة أن تخطي وجبة الإفطار في منتصف العمر قد يجعلك أكثر بدانةً، ويؤثر سلباً على صحتك، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

وصل إلى بريد «استشارات» استفسار من أحد المرضى هو: «عمري فوق الستين، ولدي مرض السكري وارتفاع ضغط الدم. وتناولت (فياغرا) للتغلب على مشكلة ضعف الانتصاب.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)
مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)
TT

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)
مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)

توصلت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس إلى أن اتباع نظام غذائي منخفض في أحماض أوميغا 6 وغني بأحماض أوميغا 3 الدهنية، إلى جانب مكملات زيت السمك، يمكن أن يبطئ بشكل كبير نمو خلايا سرطان البروستاتا لدى الرجال الذين يختارون المراقبة النشطة، ما قد يقلل من الحاجة إلى علاجات عدوانية في المستقبل، وفق ما نشر موقع «سايتك دايلي».

وجد باحثون من مركز UCLA Health Jonsson Comprehensive Cancer Center أدلة جديدة على أن التغييرات الغذائية قد تبطئ نمو الخلايا السرطانية لدى الرجال المصابين بسرطان البروستاتا الذين يخضعون للمراقبة النشطة، وهو نهج علاجي يتضمن مراقبة السرطان من كثب دون تدخل طبي فوري.

سرطان البروستاتا والتدخل الغذائي

قال الدكتور ويليام أرونسون، أستاذ أمراض المسالك البولية في كلية ديفيد جيفن للطب بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس والمؤلف الأول للدراسة: «هذه خطوة مهمة نحو فهم كيف يمكن للنظام الغذائي أن يؤثر على نتائج سرطان البروستاتا».

وأضاف: «يهتم العديد من الرجال بتغييرات نمط الحياة، بما في ذلك النظام الغذائي، للمساعدة في إدارة إصابتهم بالسرطان ومنع تطور مرضهم. تشير نتائجنا إلى أن شيئاً بسيطاً مثل تعديل نظامك الغذائي يمكن أن يبطئ نمو السرطان ويطيل الوقت قبل الحاجة إلى تدخلات أكثر عدوانية».

تحدي المراقبة النشطة

يختار العديد من الرجال المصابين بسرطان البروستاتا منخفض الخطورة المراقبة النشطة بدلاً من العلاج الفوري، ومع ذلك، في غضون خمس سنوات، يحتاج حوالي 50 في المائة من هؤلاء الرجال في النهاية إلى الخضوع للعلاج إما بالجراحة أو الإشعاع.

وبسبب ذلك، يتوق المرضى إلى إيجاد طرق لتأخير الحاجة إلى العلاج، بما في ذلك من خلال التغييرات الغذائية أو المكملات الغذائية. ومع ذلك، لم يتم وضع إرشادات غذائية محددة في هذا المجال بعد.

في حين نظرت التجارب السريرية الأخرى في زيادة تناول الخضراوات وأنماط النظام الغذائي الصحي، لم يجد أي منها تأثيراً كبيراً على إبطاء تقدم السرطان.

الاستشارة الغذائية

لتحديد ما إذا كان النظام الغذائي أو المكملات الغذائية يمكن أن تلعب دوراً في إدارة سرطان البروستاتا، أجرى الفريق بقيادة جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس تجربة سريرية مستقبلية، تسمى CAPFISH-3، والتي شملت 100 رجل مصاب بسرطان البروستاتا منخفض الخطورة أو متوسط ​​الخطورة والذين اختاروا المراقبة النشطة.

تم توزيع المشاركين بشكل عشوائي على الاستمرار في نظامهم الغذائي الطبيعي أو اتباع نظام غذائي منخفض أوميغا 6 وعالي أوميغا 3، مع إضافة زيت السمك، لمدة عام واحد.

ووفق الدراسة، تلقى المشاركون في ذراع التدخل استشارات غذائية شخصية من قبل اختصاصي تغذية مسجل. وتم توجيه المرضى إلى بدائل أكثر صحة وأقل دهوناً للأطعمة عالية الدهون وعالية السعرات الحرارية (مثل استخدام زيت الزيتون أو الليمون والخل لصلصة السلطة)، وتقليل استهلاك الأطعمة ذات المحتوى العالي من أوميغا 6 (مثل رقائق البطاطس والكعك والمايونيز والأطعمة المقلية أو المصنعة الأخرى).

كان الهدف هو خلق توازن إيجابي في تناولهم لدهون أوميغا 6 وأوميغا 3 وجعل المشاركين يشعرون بالقدرة على التحكم في كيفية تغيير سلوكهم. كما تم إعطاؤهم كبسولات زيت السمك للحصول على أوميغا 3 إضافية.

ولم تحصل مجموعة التحكم على أي استشارات غذائية أو تناول كبسولات زيت السمك.

نتائج التغييرات الغذائية

تتبع الباحثون التغييرات في مؤشر حيوي يسمى مؤشر Ki-67، والذي يشير إلى مدى سرعة تكاثر الخلايا السرطانية - وهو مؤشر رئيسي لتطور السرطان، والنقائل والبقاء على قيد الحياة.

تم الحصول على خزعات من نفس الموقع في بداية الدراسة ومرة ​​أخرى بعد مرور عام واحد، باستخدام جهاز دمج الصور الذي يساعد في تتبع وتحديد مواقع السرطان.

وأظهرت النتائج أن المجموعة التي اتبعت نظاماً غذائياً منخفضاً في أوميغا 6 وغنياً بأوميغا 3 وزيت السمك كان لديها انخفاض بنسبة 15 في المائة في مؤشر Ki-67، بينما شهدت المجموعة الضابطة زيادة بنسبة 24 في المائة.