البيرق... راية السعودية رفرفت خضراء طيلة ثلاثة قرون

قطعة القماش التي تحولت إلى رمز وطني

جيش الملك عبد العزيز عام 1911 وتظهر الراية السعودية محمولة (صور خص بها «الشرق الأوسط» الباحث عدنان الطريف)
جيش الملك عبد العزيز عام 1911 وتظهر الراية السعودية محمولة (صور خص بها «الشرق الأوسط» الباحث عدنان الطريف)
TT
20

البيرق... راية السعودية رفرفت خضراء طيلة ثلاثة قرون

جيش الملك عبد العزيز عام 1911 وتظهر الراية السعودية محمولة (صور خص بها «الشرق الأوسط» الباحث عدنان الطريف)
جيش الملك عبد العزيز عام 1911 وتظهر الراية السعودية محمولة (صور خص بها «الشرق الأوسط» الباحث عدنان الطريف)

رصد الباحث والمؤرخ الراحل عبد الرحمن بن سليمان الرويشد تطور الراية على مدى قرون، ركّز فيه على تاريخ الراية السعودية، معالجاً الأوسمة والميداليات والرتب العسكرية التي عدّها الباحث ركناً من أركان العمل الوطني، كما سلّط الضوء على قوانين الأعلام والرايات والأوسمة والرتب التي تحدد سبل التعامل معها في الحالات المختلفة، بل تحدد الأوصاف الفنية الدقيقة التي يجب أن تتكون الأعلام والرايات والأوسمة والرتب والميداليات على موازينها ومقاييسها، وتضع أساليب رفعها أو إنزالها أو ارتدائها... وتنص على العقوبات لكل من يخالف تلك التعليمات أو ينتهكها.
وكتابه الذي عنونه بـ«تاريخ الراية السعودية - أعلام وأوسمة وشارات وطنية» تناول فيه ولأول مرة ما يمكن تسميته «علم الرايات والأوسمة والرتب» ومفهوم ومعنى العَلَم في اللغة، موضحاً أن العَلَم: يطلق على العَلَم ومرادفاته في قواميس اللغة: (اللواء) و(البند) و(البيرق) و(الدرفس) و(العقاب) و(النصب) وكلها يُقصد بها: قطعة من القماش الملون تُعقد على قائم. وتدل القطعة من القماش على رموز وإشارات لشيء ذي قيمة كبيرة ومعنى خاص، ولهذه القيمة الرمزية الكبيرة يحملها الجند في طليعة الجيش وفي الاستعراضات، كما تُرفع على الدور الحكومية في الأعياد والمناسبات، وقد اختارت المملكة العربية السعودية اللون الأخضر تتوسطه شهادة التوحيد (لا إله إلا الله محمد رسول الله) وتحتها سيف مسلول، وهو عَلَم متوارَث ثابت منذ الدولة السعودية الأولى. وأشار الرويشد إلى أن عَلَم السعودية عَلَم متوارث مرت به تطورات إلى أن استقر إطار العَلَم على النحو الذي هو عليه في أواخر عهد الملك عبد العزيز (رحمه الله) اتفق الجميع على أن الراية السعودية كانت خضراء مشغولة من الخز والإبريسم، وقد كُتبت عليها عبارة (لا إله إلا الله محمد رسول الله) وكانت معقودة على سارية بسيطة.
وزاد الباحث في القول: «استمرت هكذا في عهود المؤسس الأول الإمام محمد بن سعود، وابنه الإمام عبد العزيز بن محمد، وابنه الفاتح العظيم الإمام سعود بن عبد العزيز المعروف بـ(سعود الكبير) وابنه عبد الله بن سعود، الأمر الذي أيّده ما ورد من كلمات مسجوعة تدل على هذا للمؤرخ حسين بن غنام، وليس ذلك بمستبعد، بل ربما يكون أمراً مستفيضاً إلى درجة اليقين، لا سيما أن ذلك هو شكل الرايات والبيارق في العهد الإسلامي على مر العصور».
وأوضح الرويشد أنه مع تصاعد الصراع البريطاني الفرنسي جاء دومنغو باديا ليبيلخ الذي تظاهر بالإسلام وتخفى تحت اسم (الحاج علي العباسي) ليعمل لحساب نامليار الثالث، وليسبر غور الدولة السعودية، فوصل ذلك العميل إلى مكة في شهر يناير (كانون الثاني) 1807م وأُتيح لهذا الجاسوس حينها فرصة رؤية دخول جيش الإمام سعود إلى مكة المكرمة، فسجل دومنغو أو (علي بك العباسي، كما كان يسمى) دخول 45 ألفاً من أتباع سعود، وهم في ثياب الإحرام، ليؤدوا المناسك، يتقدمهم عَلَم أخضر طُرزت عليه بحروف كبيرة بيضاء عبارة (لا إله إلا الله محمد رسول الله)، فيما ذكر جون لويس بوركهارت في ملاحظاته حول البدو التي دوّنها خلال رحلاته في الشرق، عندما تحدث عن الشؤون العسكرية للإمام سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود، وسلطته الراسخة في الجزيرة العربية وغزواته، فقد ذكر أن «لدى كل شيخ أو أمير من أمرائه راية خاصة، وأن سعود يمتلك عدداً من الرايات المختلفة»، ووصف خيامه بأنها ذات جمال فائق، صُنعت في دمشق أو بغداد، وأنها من اللون الأسود الشائع عند العرب.
ويشار إلى أن أول راية سعودية قد رُفعت عام 1139هـ (1727م) على يد الأمام المؤسس محمد بن سعود الذي استمر حكمه أربعين سنة، وكان يعقد الراية لأحد أبنائه أو يتولاها هو بنفسه. وذكر ابن بشر في تاريخه أن الإمام عبد العزيز بن محمد، الحاكم الثاني في الدولة السعودية الأولى، وابنه الإمام سعود، كانا يبعثان رسلهما إلى رؤساء القبائل، ويحددان لهم يوماً ومكاناً معلوماً على ماء معين، وتتقدمهما الراية، فتنصب على ذلك المورد، فلا يتخلف أحد من رؤساء القبائل.
وفي عرض ابن بشر لسيرة الإمام تركي بن عبد الله، جد الأسرة المالكة حالياً (الجد الخامس لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله) ومؤسس الدولة السعودية الثانية، قال: «كان إذا أراد الغزو يكتب إلى أمراء البلدان ورؤساء القبائل يحدد لهم الخروج في يوم معين وموقع معلوم ثم يُخرج آلاته الحربية ومعدات الجيش وأعلاف الخيول قبل مسيره بخمسة عشرة يوماً، ثم يُخرج الراية فتُنصَب قريباً من باب القصر قبل خروجه بيوم أو يومين أو ثلاثة، وكان الإمام تركي يأمر بحمل الراية، فحذا ابنه فيصل حذوه في نظام إخراج الراية وتقديمها أمامه أو نصبها أمام القصر».
ومن جانبه ذكر لـ«الشرق الأوسط» الإعلامي عدنان الطريف أنّ الملك عبد العزيز استخدم في بدايات مرحلة التأسيس للمملكة العربية السعودية ذات العَلَم أو الراية المستخدَمة في الدولتين السعودية الأولى والثانية، ثم وجه الملك المؤسس بإدخال تغييرات على العَلَم، مبرزاً الباحث في هذا الصدد ما ذكره أمين الريحاني في تاريخه «أنّ الراية التي حملها الملك عبد العزيز في أول عهده كان الجزء الذي يلي السارية منها أبيض اللون، وكان فيها جزء أخضر، وكانت مربعة الشكل تتوسطها عبارة (لا إله إلا الله محمد رسول الله) ويعلوها سيفان متقاطعان». مضيفاً أنّ الراية تَغيّر شكلها بعد ذلك فضمت سيفاً واحداً تحت الكلمات، وكُتب تحتها (نصرٌ من الله وفتحٌ قريب)، وفي 1925 أمر الملك عبد العزيز بصياغة شكل عَلَم جديد، وفي 1937 صدر قرار مجلس الشورى بإقرار مقاس للعلم بطول 150 سم وعرض 100 سم، ثمّ صدر في ذات العام قرار مماثل بشأن العَلَم الوطني وتخصيص عَلم: الملك وولي العهد والجيش والطيران والعَلَم الداخلي والعَلَم البحري الملكي السعودي والعَلَم البحري التجاري. وعام 1952 صدر قرار مجلس الشورى بمقاسات أخرى للأعلام وتعديلاتها. وفي 1973 صدر قرار مجلس الوزراء بإقرار نظام العَلَم.
وأشار الطريف إلى أنّه في عهد الملك فهد ومع صدور النظام الأساسي للحكم عام 1991 حدد النظام طبيعة العَلَم: أن يكون لونه أخضر، وعرضه يساوي ثلثي طوله، وتتوسطه عبارة (لا إله إلا الله محمد رسول الله) وتحتها السيف. وفي عام 1997 صدر قرار مجلس الوزراء بتعديل نظام العَلَم ليصبح بالنص: «يُرفع العَلَم الوطني داخل المملكة من وقت شروق الشمس إلى وقت غروبها في أيام الإجازة الأسبوعية والأعياد».



«التمييز» الكويتية تقضي بحبس وزير سابق بتهمة الفساد

مبارك الحريص (كونا)
مبارك الحريص (كونا)
TT
20

«التمييز» الكويتية تقضي بحبس وزير سابق بتهمة الفساد

مبارك الحريص (كونا)
مبارك الحريص (كونا)

قضت محكمة التمييز الجزائية في الكويت، اليوم، بحبس وزير سابق سنتين مع الشغل والنفاذ بعد إدانته بجريمة الكسب غير المشروع وتقديم إقرار ذمة ناقص، كما قضت بعزله وتغريمه.

وبهذا الحكم يُسدل الستار على القضية التي اتهم فيها الوزير السابق مبارك الحريص باستغلال السلطة والنفوذ والكسب غير المشروع؛ حيث قضت محكمة التمييز بحبسه لمدة سنتين، كما قضت بعزله من الوظيفة وحرمانه من تولي أي وظيفة عامة، وتغريمه 500 ألف دينار (1.6 مليون دولار).

وأُسند للحريص بصفته «حينما كان وزير شؤون الخدمات ووزير شؤون مجلس الأمة» بأنه طلب لنفسه عطية لاستعمال نفوذ حقيقي لدى سلطة عامة وهي بلدية الكويت والهيئة العامة للصناعة للحصول على قرار بتغيير النشاط الممارس في منطقة توسعة صناعية الجهراء والصليبية من نشاط صناعي حرفي إلى نشاط تجاري خدمي. فتم له ذلك في قسيمتين دون سواه وبغير الحصول على موافقة المجلس البلدي من شركة مقابل 50 ألف دينار، وقاما ببيع القسيمتين مقابل 780 ألف دينار، فترتب على ذلك منفعة له وللشركة بارتفاع سعر المتر بعد تغيير النشاط، وارتكب جريمة كسب غير مشروع وجريمة التزوير.

وكانت محكمة الوزراء الكويتية قد قضت في 8 يوليو (تموز) 2024 بحبس الوزير السابق مبارك الحريص 4 سنوات مع الشغل والنفاذ، وتغريمه 400 ألف دينار (1.3 مليون دولار)، كما قضت بعزله من الوظيفة العامة، بعد أن أُسندت إليه تهمة استغلال نفوذه للحصول على قسمتين صناعيتين وبيعهما مقابل 780 ألف دينار. وفي القضية ذاتها قضت المحكمة ببراءة مواطن سُجلت باسمه القسيمتان.

والوزير السابق مبارك سالم الحريص (1964) شغل منصب وزير ونائب سابق في مجلس الأمة الكويتي. كما شغل عضوية مجلس الأمة في الفترة من 2013 إلى 2016، وأصبح وزير الدولة لشؤون الخدمات وشؤون مجلس الأمة.

وكان عضو مجلس إدارة جمعية المحامين وأمين صندوق جمعية المحامين، كما شغل منصب باحث قانوني في مكتب محافظ البنك المركزي، ومحامٍ بالفتوى والتشريع، ومحامٍ أمام محكمة التمييز والدستورية، ورئيس لجنة تطوير التشريعات في إدارة الفتوى، ورئيس لجنة صياغة قوانين التأمين التكافلي.