احتفاء بالذكرى الـ79 لميلاد الفنانة الراحلة سعاد حسني

«غوغل» أعاد نشر صورتها ووسائل إعلام مصرية أبرزت مشوارها

احتفاء بالذكرى الـ79 لميلاد الفنانة الراحلة سعاد حسني
TT

احتفاء بالذكرى الـ79 لميلاد الفنانة الراحلة سعاد حسني

احتفاء بالذكرى الـ79 لميلاد الفنانة الراحلة سعاد حسني

جددت الذكرى الـ79 لميلاد الفنانة المصرية الراحلة سعاد حسني، حالة الاحتفاء بمشوارها الفني، وأعمالها المميزة، فبالإضافة إلى احتفاء صحف ومواقع وقنوات مصرية بهذه الذكرى، على مدار أمس الأربعاء، جاء احتفال محرك البحث «غوغل» بها مميزاً ومشجعاً لإعادة تسليط الضوء على مشوارها الفني، ونهايتها الدرامية التي لم يحسم الجدل بشأنها حتى الآن.
واستطاعت سعاد حسني، المولودة في 26 يناير (كانون الثاني) من عام 1943 لأب ترجع أصوله إلى الشام، تقديم مسيرة ناجحة من الغناء والتمثيل والاستعراض، جعلها تلقب بـ«سندريلا الشاشة العربية».
وبدأت «حسني» مشوارها الفني وهي طفلة صغيرة مع «بابا شارو»، حتى اكتشف موهبتها الفنية الشاعر عبد الرحمن الخميسي، فأشركها في مسرحيته «هاملت» لشكسبير في دور «أوفيليا»، قبل أن يختارها المخرج هنري بركات، لتقديم دور نعيمة في فيلمه «حسن ونعيمة»، عام 1959.
ومن أشهر أعمال حسني السينمائية التي يقدر عددها بـ91 فيلماً، أفلام «الزوجة الثانية، والكرنك، وشروق وغروب، وأميرة حبي أنا، وأين عقلي، وخلي بالك من زوزو، وموعد على العشاء»، بالإضافة إلى مسلسل تلفزيوني وحيد اسمه «هو وهي» قدمته مع الفنان الراحل أحمد زكي عام 1985، بجانب ثماني مسلسلات إذاعية.
فيما كان آخر أعمال «السندريلا» فيلم «الراعي والنساء» الذي عرض عام 1991، وشاركها بطولته يسرا وأحمد زكي.
وتوجت «السندريلا» مسيرتها بجوائز عدة، من بينها أفضل ممثلة من المهرجان القومي الأول للأفلام الروائية عام 1971، وجائزة وزارة الثقافة المصرية خمس مرات، وجائزة أفضل ممثلة من جمعية الفيلم المصري، وأفضل ممثلة من جمعية فن السينما، وأفضل ممثلة من وزارة الإعلام المصرية عام 1987 في عيد التلفزيون، وشهادة تقدير من الرئيس أنور السادات، في عيد الفن عام 1979 لعطائها الفني.
وأثارت حياة سعاد حسني الخاصة، وزيجاتها المتتالية الكثير من الجدل، فوفق ما أعلنه أصدقاؤها المقربون خلال حواراتهم التلفزيونية، فإنها تزوجت خمس مرات، أولهم النجم عبد الحليم حافظ، وقد تم الكشف عن هذه الزيجة السرية بعد وفاتها وأثيرت وقتها حالة من الجدل، فيما تزوجت للمرة الثانية بالمصور والمخرج صلاح كريم، وقد استمر زواجهما لمدة عامين تقريباً، قبل أن ينفصلا في عام 1968، لتتزوج بعد ذلك بالمخرج علي بدرخان في عام 1970، واستمر زواجها منه لأكثر من عشر سنوات إلى أن افترقا في عام 1981.
وفي العام ذاته، تزوجت بالفنان زكي فطين عبد الوهاب، رغم أنه كان يصغرها بسنوات عدة، وقال زكي عن النهاية السريعة لهذه الزيجة، في حوار صحافي سابق، إنه «كان أمراً طبيعياً بحكم فارق السن بينهما، وتقلبات سعاد النفسية»، فيما كان آخر زيجاتها في عام 1987 من كاتب السيناريو ماهر عواد.
وذكرت سعاد حسني في مقال نادر لها، بمجلة «الكواكب» عام 1959 تحت عنوان «أنا نمرة 10»: «عندما أسررت لأمي برغبتي في اقتحام الفن، كانت تذكرني بدروسي، وتقول لي، نجاة في الفن كفاية وأنتِ لازم تتخرجي من الجامعة علشان يبقى في تنوع في العيلة».
وأضافت: «عندما وصلت لسن 16 عاماً لاحت لي بارقة أمل، حيث كان المخرج بدرخان يستعد لإخراج فيلم (غريبة) لشقيقتي نجاة، وكان يبحث عن وجه جديد يقدمه في الفيلم ورآني، وأكد أنني أصلح للدور، ولكن اعترضت نجاة وقالت إنني لا أزال صغيرة».
وأكدت سعاد حسني أنها لم تجادل شقيقتها لأنها اعتادت طاعتها، وخرجت من الحجرة والدموع تتجمع في عينيها، وظلت تبكي حتى انتهى المخرج من تصوير الفيلم.
وأضافت أن الأديب عبد الرحمن الخميسي كان صديق الأسرة، وكانت خلال هذه الفترة تستمع إلى مسلسله «حسن ونعيمة» في الإذاعة، قبل أن يبيع الخميسي، القصة لهنري بركات حتى يخرجها للسينما، وكان بركات يبحث عن وجه جديد لتجسد شخصية «نعيمة» ولم يجد المواصفات التي يريدها، حتى قال الخميسي لسعاد: «غداً ستأتين معي لمقابلة بركات»، فلم تنم السندريلا من الفرحة، حتى رآها بركات ورأى فيها مواصفات «نعيمة»، ووقفت السندريلا بثبات أمام الكاميرا، وجسدت دور «نعيمة» وحققت نجاحاً مدوياً ليفتح لها أبواب المجد والشهرة.
وفي 21 يونيو (حزيران) من عام 2001، أسدل الستار على حياة سعاد العامرة بالمغامرات والمفاجآت بعد سقوطها من شرفة شقتها بالعاصمة البريطانية لندن، لترحل عن عمر ناهز 58 عاماً، تاركة الكثير من الجدل حول لغز وفاتها الذي لم يحسم حتى الآن.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».