في عامها الثالث... «إندبندنت عربية» تتجه للتوسع مرئياً ومسموعاً

استثمار متزايد في إنتاج الوثائقيات وبرامج البودكاست

جمانا الراشد، الرئيسة التنفيذية للمجموعة السعودية للأبحاث والإعلام، وعضوان الأحمري، رئيس تحرير «إندبندنت عربية»
جمانا الراشد، الرئيسة التنفيذية للمجموعة السعودية للأبحاث والإعلام، وعضوان الأحمري، رئيس تحرير «إندبندنت عربية»
TT

في عامها الثالث... «إندبندنت عربية» تتجه للتوسع مرئياً ومسموعاً

جمانا الراشد، الرئيسة التنفيذية للمجموعة السعودية للأبحاث والإعلام، وعضوان الأحمري، رئيس تحرير «إندبندنت عربية»
جمانا الراشد، الرئيسة التنفيذية للمجموعة السعودية للأبحاث والإعلام، وعضوان الأحمري، رئيس تحرير «إندبندنت عربية»

احتفلت أمس منصة «إندبندنت عربية»، إحدى منصّات المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام (SRMG)، بإتمام عامها الثالث، مع مجموعة خطط توسُّع رافقتها طيلة هذه الفترة شملت، أخيراً، إنتاج المزيد من المحتوى المرئي والمسموع تلبية لطلب جمهورها المتنامي.
منصة «إندبندنت عربية» هي أبرز منصة إعلامية تمتلك حقوق النشر باللغة العربية لصحيفة «إندبندنت» البريطانية العالمية التي تأسست عام 1986. انطلقت منصة رقمية في 24 يناير (كانون الثاني) 2019. ومنذ ذلك التاريخ، طوّرت محتواها على أساس الموضوعية والدقة، ليشمل الأخبار والتحليلات العربية والعالمية المعمقة في كل ما يدور من أحداث، إضافة إلى المحتوى المشترك المترجم من الصحيفة البريطانية.
أدّى هذا التطوير إلى نمو لافت؛ إذ زاد عدد زوار الموقع من 4.7 مليون في عام 2019 ليصل إلى نحو 29.9 مليون مستخدم في 2021، أي بزيادة تفوق ستة أضعاف، بينما ارتفع عدد مرّات مشاهدة صفحات الموقع من 12.8 مليون في عام 2019 إلى 50 مليوناً في عام 2021.
ورغم تمركز قاعدة متابعيها بشكل أساسي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فإنّ جمهورها لم ينحصر في بقعة معينة، بل تجتذب المنصة بصيغتها العربية عدداً كبيراً من القراء الأوفياء في مناطق أخرى، مثل أوروبا وأميركا الشمالية، ممن يبحثون عن محتوى عربي موثوق على أساس الموضوعية والدقة.
وأعلنت «إندبندنت عربية» أنّها بصدد تعزيز استثماراتها في السلسلة الوثائقية الرائدة «أما بعد»، التي تتناول موضوعات معرفية علمية وسياسية واجتماعية باستخدام رسوم متحركة مبتكرة ومقابلات خاصة مع ضيوف، والتي لاقت استحسان الجمهور منذ انطلاقها. إلى جانب «أما بعد»، أطلقت المنصة سلسلة تقارير «باختصار»، واسمها يعبّر عنها، فهي مقاطع فيديو قصيرة لا تتجاوز مدّة الـ5 دقائق، تتناول موضوعات شائعة، وجدلية، وتهدف السلسلة إلى تبسيط فهم هذه الموضوعات والظواهر من حولنا من خلال شرح خلفياتها بأسلوب شيق، وتُنفّذ بالغرافيكس بشكل كامل.
وبعد أن أنتجت أكثر من 10 برامج بودكاست حول قضايا تتنوّع بين الرياضة والصحة والماليات، تعمل «إندبندنت عربية» لتُنتج أكثر من 60 حلقة جديدة خلال عام 2022. ومن أهم برامج البودكاست التي تنتجها بودكاست «فلوس» المتخصّص في مواضيع المال والأعمال والأسهم، وبودكاست «روح مكان» الذي يأخذ المستمعين إلى أهم المواقع التاريخية والمهمة في رحلة عبر الزمن على امتداد العصور والقارات، وبودكاست «متاهة» الذي يتناول مواضيع تتعلق باكتشاف الذات.
وعلّق عضوان الأحمري، رئيس تحرير «إندبندنت عربية» في هذه المناسبة قائلاً: «خلال العامين الأولين كان هناك تركيز كبير جداً على التحرير والنصوص والغرافيكس، وتزايد عدد القراء بشكل لافت، وحصدنا نسبة جيدة من القراء العرب في مختلف أرجاء العالم. في العام الماضي تغيرت المعادلة وركزنا بشكل كبير على المحتوى المرئي والمسموع. كان من الواضح أن لاستثمارنا في محتوى الفيديو والبودكاست صدى إيجابياً لدى متابعينا». ويتابع: «التركيز الكبير على العمل التحريري جعلنا نشهد في غضون الأعوام الثلاثة الماضية، نمواً كبيراً في عدد الزائرين والقراء الذين بلغ عددهم أقل من خمسة ملايين في عامنا الأول، ووصل إلى ما يقارب 30 مليون زائر وقارئ بحلول نهاية عام 2021. هناك طلب كبير ومتنام على المحتوى العربي الإعلامي عالي الجودة، ونحن في (إندبندنت عربية) نلتزم تجاوز العناوين الرئيسية لتقديم الأخبار والتحليلات التي يقدرها وينتظرها جمهورنا».
من جانبها، قالت جمانا الراشد، الرئيسة التنفيذية للمجموعة السعودية للأبحاث والإعلام (SRMG): «تشمل استراتيجية المجموعة للتحوّل الرقمي والتوسُع والنمو في أحد أبرز مدرجاتها، الاستثمار في المحتوى النوعي المتعدّد المنصّات والوسائط، إضافة إلى استخدام البيانات وتحليلها، وذلك بهدف الاستمرار في توفير خدمات معرفية وإخبارية عالية الجودة. وتُمثّل (إندبندنت عربية) عيّنة من هذه الاستراتيجية الطموحة. نعتز بالنجاح الذي حققه الزميل عضوان الأحمري وفريق العمل خلال الأعوام الثلاثة الماضية، ونعِد المتلقّي بالمزيد، كماً ونوعاً وأداء». وختمت: «تندرج (إندبندنت عربية) ضمن سعي مجموعتنا الدائم إلى عقد شراكات استراتيجية مع مؤسسات إعلامية عالمية رائدة، وتوفير قيمة مضافة لشركاء الأعمال، وتقديم محتوى موثوق لجمهور الملايين من متابعينا باللغة العربية».
تُقدّم «إندبندنت عربية» الأخبار والتحليلات للقرّاء العرب الذين يبحثون عمّا يفوق التقارير الإخبارية والعناوين الرئيسية، ويعتمد محتواها على شبكة تضمّ أكثر من 120 مراسلاً حول العالم؛ يُغطّون أقسام الشؤون السياسية والثقافية، إضافة إلى المقالات الاستقصائية، وتغطية مكثفة للفنون، والترفيه، والرياضة، والصحة، والعلوم.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».