«قمر 14»... هشاشة الحب في مواجهة التقاليد

فيلم مصري يُعرض ضمن الموسم السينمائي الشتوي

خالد النبوي في لقطة من فيلم «قمر 14»
خالد النبوي في لقطة من فيلم «قمر 14»
TT

«قمر 14»... هشاشة الحب في مواجهة التقاليد

خالد النبوي في لقطة من فيلم «قمر 14»
خالد النبوي في لقطة من فيلم «قمر 14»

تأثير القمر على ظاهرة المد والجزر في البحار والمحيطات بات من الحقائق العلمية المؤكدة، لكن ثمة نظريات أخرى تتمسح بالعلم تؤكد أن القمر لا سيما في يوم اكتماله له تأثير طاغ على الإنسان فيما يتعلق بالتحولات الحادة في الحالة المزاجية والهرمونية لدى البعض، فقد نرى أحدهم يفقد صوابه فيهرع إلى السكين ليوجه نصله الحاد إلى رقبة البعض الآخر بينما نرى آخرين تتفتح لديهم مسام الغرام فيسقطون تباعاً في بحر العشق.
ينطلق فيلم «قمر 14» الذي يعرض حالياً بقاعات العرض السينمائي بالقاهرة من هذه الافتراضية الأخيرة ليؤكد عليها ويتقاطع معها، لكنه يضيف أيضاً فيما يشبه الرسالة، نعم قد تكون هناك عوامل تتعلق بالفلك والكواكب، لكن العامل الحاسم في مصير قصصنا الغرامية هو شيء آخر أقرب إلينا مما نتصور.
تدور أحداث العمل حول خمس قصص يختلط فيها الغرائبي بالإنساني لكن يظل الملمح الأكبر فيها هو الجانب الغرامي، تقع تلك القصص في ليلة اكتمال القمر وهو بدر ينير السماء، وليس وحدة الزمن هي فقط ما تنتظم خيوط تلك الأحداث بل أيضاً وحدة المكان، فكلها تقع في مدينة واحدة دون وجود أي رابط يجمع بينها للوهلة الأولى ثم سرعان ما تتكشف الأحداث عن مفاجآت عديدة، ويتضح أن هناك ما يجمع كل تلك القصص.
تتنوع التحديات والعراقيل التي تجعل سفينة الحب تتحطم على صخرة التقاليد الاجتماعية حسب السيناريو هنا، فهذان حبيبان يفرق بينهما الفارق في العمر، بينما يأتي الاختلاف في الانتماء الديني كسور شاهق لا سبيل لتجاوزه، فيما يطارد الماضي والخلفية العائلية بعض العشاق ليعكر صفو مشاعرهم في الحاضر، ويصادر على أي أحلام لديهم في المستقبل.
اللافت أن القصص تتوالى في إيقاع سينمائي لاهث، من دون وقت كاف للتمهيد للحدث أو إعطاء نبذة سريعة عن خلفية هذه الشخصية أو تلك، كما أن الوقت المخصص لكل قصة لا يتجاوز خمس عشرة دقيقة، يأتي هذا وسط بطولة جماعية وحشد لافت لعدد من النجوم المخضرمين بالإضافة إلى نظرائهم من الجيل الجديد، فهناك على سبيل المثال، خالد النبوي وبيومي فؤاد وشيرين رضا وغادة عادل وأحمد بدير في مواجهة أحمد مالك ومي الغيطي، وياسمين رئيس، وأسماء أبو اليزيد. وكانت النتيجة أن بعض هؤلاء النجوم لم يظهر على الشاشة سوى خمس دقائق علماً بأن مدة العمل لا تزيد على 75 دقيقة ما جعل مخرج العمل هادي الباجوري يصف العمل في تصريحات إعلامية بأنه «أسرع فيلم قام بتصويره»!
جاء الأداء التمثيلي بمثابة مباراة رائعة بين بعض الفنانين لا سيما بيومي فؤاد، وأحمد مالك، حيث المشاعر المكبوتة، ولحظات الصخب، وفيما أجادت شيرين رضا في التعبير عن مشاعرها العاطفية بتعبيرات الوجه ونظرات العين، جاء صوت خالد النبوي من خلال دوره كمذيع في الراديو ليعطي العمل هويته الصوتية خصوصاً حين تحدث عن تأثير القمر على البشر ومشاعرهم.
بدوره، يوضح المؤلف محمود زهران، أن الشيء الأساسي الذي ألهمه قصة الفيلم هي تلك الظاهرة الاجتماعية المزعجة التي تتمثل في الحق الكبير الذي يمنحه البعض لأنفسهم في التدخل في حياة الآخرين والانشغال بها بل والعمل كأوصياء عليهم وقضاة يصدرون الأحكام بشأن الصواب والخطأ، فيما يتعلق بشؤون غيرهم.
مشيراً إلى «أنه حاول تسليط الضوء على تلك القضية من خلال عدة قصص قد تبدو صادمة للوهلة الأولى، لكن بقليل من التمعن سنجد أنها تحدث من حولنا كثيراً إلى حد التكرار».
ويضيف زهران في تصريح خاص إلى «الشرق الأوسط» أنّ قصة الحب التي يستهجنها المجتمع بحجة عدم توافقها مع الشائع أو التقاليد من وجهة نظر البعض، قد تكون أكثر صدقاً وإخلاصاً مما يراه كثيرون طبيعياً، ومنطقياً».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».