مصر: دعم نقابي لمنى زكي في أزمة «أصحاب ولا أعز»

{المهن التمثيلية} أعلنت مساندتها ضد أي إجراء بحقها

منى زكي في مشهد من فيلم «أصحاب ولا أعز» على {نتفليكس}
منى زكي في مشهد من فيلم «أصحاب ولا أعز» على {نتفليكس}
TT

مصر: دعم نقابي لمنى زكي في أزمة «أصحاب ولا أعز»

منى زكي في مشهد من فيلم «أصحاب ولا أعز» على {نتفليكس}
منى زكي في مشهد من فيلم «أصحاب ولا أعز» على {نتفليكس}

تواصلت أصداء أزمة فيلم «أصحاب ولا أعز»، الذي يعرض حالياً على منصة «نتفليكس»، إذ أصدرت نقابة المهن التمثيلية المصرية بياناً لدعم الفنانة منى زكي، بعد «هجوم» تعرضت له على مدار الأيام الماضية على مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب دورها في الفيلم، في الوقت الذي نشرت فيه زكي على حسابها على إنستغرام رسائل دعم وإشادة من فنانين ونقاد.
وجاء بيان نقابة المهن التمثيلية المصرية مؤكداً على ما سماه «ثلاثة ثوابت أساسية»، وهي أن «الحفاظ على حرية الإبداع في دولة مدنية تؤمن بالحرية جزءاً أساسياً من وجدان الفنانين المصريين تحميه النقابة وتدافع عنه، وأن النقابة لن تقف مكتوفة الأيدي أمام أي اعتداء لفظي أو محاولة ترهيب معنوية لأي فنان مصري أو النيل منه نتيجة عمل فني ساهم فيه مع مؤلفه ومخرجه، وستقوم النقابة بدعم الفنانة منى زكي حال محاولة البعض اتخاذ أي إجراء من أي نوع كان تجاه الفنانة عضو النقابة، وأن النقابة وهي تحرص على القيم الأصيلة للمجتمع المصري وتؤكد أن دور الفنون والقوى الناعمة أن تعالج القضايا الشائكة، وأن تدق ناقوس الخطر على ظواهر كثيرة قد تتسرب للمجتمع، ويجب أن يتصدى لها فنانو مصر ومبدعوها بأعمالهم التي تكشف كثيراً منها وتعطي رسالة لتنبيه الجميع، وهذا هو دور الفن في عمومه ودور فنون التمثيل خصوصاً».
وطالبت النقابة، في البيان الذي أكدت فيه متابعتها «الدقيقة» لكل ردود الفعل حول فيلم «أصحاب ولا أعز»، بـ«عدم التعرض لأشخاص أعضائها من الفنانين لمجرد مشاركتهم في عمل قد يتفق البعض أو يختلف عليه».
وتأكيداً على «عزم النقابة الدفاع عن أعضائها»، قال الدكتور أشرف زكي، نقيب المهن التمثيلية المصرية، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إنه «تقدم ببلاغ للنائب العام ضد أحد الأشخاص لإساءته وطعنه في أعراض للفنانين المصريين والنقابة عبر مقطع فيديو نشره على يوتيوب»، موضحاً أن «الفيديو يتضمن سباً لعدد من الفنانين ونشر أخبار كاذبة عنهم، ووصفهم بصفات خادشة للحياء، ومسيئة للنقابة». ووفقاً لنص البلاغ الذي قدمه زكي، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، فإن «المشكو في حقه وجه عدة ألفاظ تعد طعناً في الأعراض، من بينها أن (الوسط الفني لا يوجد به ما يسمى احترام، وأنهم يخلعون الملابس الداخلية أمام العامة)».
وفي سياق متصل، نشرت الفنانة منى زكي مجموعة من الصور على حسابها الخاص على إنستغرام، تضمن عبارات الدعم والإشادة من الفنانين والنقاد والجمهور بدورها الفيلم، وتواصلت ردود فعل الفنانين المصريين والعرب الرافضة للهجوم على الفيلم وعلى منى زكي، حيث رفضت الفنانة إلهام شاهين «تدخل البرلمان في الأزمة ودعوته لمنع الفيلم واتخاذ إجراءات ضد المنصة الدولية التي تعرضه»، وقالت في تصريحات تلفزيونية: «ما علاقة البرلمان بنتفليكس، هذا فيلم لبناني يعرض على منصة أميركية، والنواب ليسوا أوصياء على الجمهور»، مشيرة إلى أن «الجمهور يشاهد أفلاماً أكثر جرأة على نتفليكس».
بدورها، نشرت المطربة اللبنانية إليسا تغريدة على حسابها على «تويتر»، قالت فيها «لماذا نعود إلى الوراء؟ أفلامنا كانت تحتوي على العري والقبلات والمشاهد الجنسية، وكنا نتقبلها ونشاهدها دون أزمات، من لا يعجبه الفيلم لا يشاهده، المنصة ليست إلزامية والفيلم متوفر لمن يريد، وأنا أحببته كثيراً».
ورغم أن الفيلم صور في لبنان ومخرجه ومعظم نجومه لبنانيون فإن حالة الجدل والهجوم لم تطل سوى الممثلة المصرية المشاركة فيه، حتى إن صحيفة «النهار» اللبنانية نشرت تقريراً أمس للناقد السينمائي اللبناني هوفيك حبشيان، حمل عنوان «أصحاب ولا أعز يحدث بلبلة في مصر: دعوة إلى الفسق والفجور!»، قال فيه إن «الفيلم لا تدور أحداثه في مصر، والصلة الوحيدة فيها هي وجود منى زكي، ورغم ذلك فإن المحافظين وأنصار الأخلاق الحميدة والسينما النظيفة، وأصحاب شعار الفن رسالة، والخائفين على قيم الأسرة المصرية، رصوا صفوفهم ضد الفيلم بسبب حوارات اعتبروها جريئة، رغم أنها ليست أكثر من كلام نسمعه كل يوم في حياتنا اليومية».
وعلى مدار الأيام الماضية تسبب الفيلم في حالة من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي وصلت إلى حد تقديم بيانات عاجلة في البرلمان، ورفع دعاوى قضائية ضد صناع الفيلم، وضد وزارة الثقافة المصرية.
وفيلم «أصحاب ولا أعز»، هو النسخة العربية من الفيلم الإيطالي «Perfect Strangers»، الذي أعيد تقديمه 19 مرة حول العالم بعدة لغات، وتدور أحداثه حول مجموعة من الأصدقاء يجتمعون على العشاء لمشاهدة ظاهرة خسوف القمر في منزل واحد منهم، وخلال العشاء يقررون أن يلعبوا لعبة، يضع خلالها كل شخص هاتفه على الطاولة، ويتم قراءة الرسائل والرد على المكالمات علانية، ليتم الكشف عن أسرار وفضائح الأصدقاء.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».