آية البكري: «بينالي الدرعية» وضع السعودية على الخريطة الثقافية العالمية

الرئيسة التنفيذية للمؤسسة أكّدت لـ «الشرق الأوسط» أن الفنون المعاصرة متنفس الأجيال الجديدة

جانب من منتدى الحراك الفني في «بينالي الدرعية» (تصوير: عبد الرحمن السالم)
جانب من منتدى الحراك الفني في «بينالي الدرعية» (تصوير: عبد الرحمن السالم)
TT

آية البكري: «بينالي الدرعية» وضع السعودية على الخريطة الثقافية العالمية

جانب من منتدى الحراك الفني في «بينالي الدرعية» (تصوير: عبد الرحمن السالم)
جانب من منتدى الحراك الفني في «بينالي الدرعية» (تصوير: عبد الرحمن السالم)

حراك فني عالمي لافت تعيشه العاصمة السعودية الرياض هذه الفترة، مع توهج «بينالي الدرعية» للفن المعاصر، الذي يكتسب زخماً كبيراً بكونه «أول معرض بينالي دولي يكشف عن جوهر الفنون المعاصرة بمختلف أشكالها في السعودية»، كما تقول آية البكري، الرئيسة التنفيذية لمؤسسة «بينالي الدرعية».
وأكدت البكري في حوارها لـ«الشرق الأوسط» على هامش افتتاح (منتدى الحراك الفني المحلي) الجمعة الماضية، أنّ «بينالي الدرعية للفن المعاصر سيكون قوة دافعة وحافزاً قوياً لتعزيز أوجه التبادل الثقافي، كما سيعزز الحوار المشترك والانفتاح على الآخرين، مما سيرسخ مكانة المجتمع الفني السعودي منارة ثقافية ذات أهمية كبيرة».
وبينالي الدرعية الذي أكمل نحو 40 يوماً منذ افتتاحه حتى الآن، ويستمر إلى 11 مارس (آذار) المقبل، تشير البكري إلى أنّه «منصة رائدة لمد جسور الحوار بين المبدعين من شباب السعودية وربطهم مع العالم الفني».
مؤسسة «بينالي الدرعيّة»
تفتتح البكري حديثها عن «بينالي الدرعيّة»، بالقول: «هي مؤسسة ثقافية سعودية معنية بالفنون. تأسست منذ نحو عامين، وتنظّم حدثين فنيين في المملكة: بينالي الدرعيّة للفنّ المعاصر، وبينالي الفنون الإسلامية. ومن المعروف أنّ البينالي هو حدث فني كبير جداً، يجمع الفنانين المحليين والعالميين في مكان واحد، لذا فإنّ بينالي الدرعية تمكّن من وضع المملكة على الخريطة الثقافية العالمية. وفي العام المقبل سيأتي بينالي الفنون الإسلامية، كأول بينالي للفنون الإسلامية في العالم، بما يعزز مكانة السعودية على خريطة الثقافة العالمية بشكلٍ أكبر». وتشير البكري إلى أنّ «بينالي الدرعية» يحوي برنامجاً ثقافياً غزيراً ومتنوعاً، يركز على فئات كثيرة من الناس، وليس فئة معينة، بمن في ذلك الأطفال والمراهقون والكبار وكل المهتمين بالفن والراغبين في أن يكونوا فنانين، وكذلك المهتمين باقتناء الفنون ومعرفة كيفية الاقتناء الصحيح للأعمال الفنية وغير ذلك، مضيفة: «لذا نسعى لأن نكون المنصة التي توفر مثل هذه المعلومات والبرامج».
وتردف البكري: «لو أخذنا الأطفال -على سبيل المثال- فلدينا الكثير من ورش العمل، والحصص التعليمية، والمخيم الشتوي، وفعاليات عدة متعلقة بالفنون، ولكن بطريقة مختلفة وحديثة تتضمن الفن اليدوي والفن التفكيري، من منطلق حرصنا على تنمية الجزء التفكيري من الفن».
وتستشهد بتركيز البرنامج هذا الأسبوع على تاريخ الفنون، وكان قد تناول الأسبوع الماضي تاريخ الفن السعودي، عبر محاضرة شيقة قدمها الفنان التشكيلي عبد الرحمن السليمان؛ كما قدمت الدكتورة ليلي البسام محاضرة ثرية عن تراث الملابس السعودية والتنوع المناطقي للأزياء التقليدية في المملكة، مع حزمة من الفعاليات الأخرى التي شهدت تفاعلاً من مجتمع المهتمين بالفنون، وهذا ما يسعون إليه من خلال إثارة الدهشة والتساؤل والتفكير في الفن.
وأضافت البكري: «نستهدف في مؤسسة بينالي الدرعية خلق مجتمع إبداعي حيوي للفن المعاصر عبر منصة تجمع رواد الفنون بشكل دوري وتسلط الضوء على أعمالهم محلياً ودولياً. فهو منصة رائدة لمد جسور الحوار بين المبدعين من شباب السعودية وربطهم مع العالم الفني. وتضطلع مؤسسة (بينالي الدرعية) التي أسستها وزارة الثقافة السعودية عام 2020 بدور حيوي في رفد جميع الأشكال والممارسات الإبداعية، وتسهم في غرس قيم الثقافة والفنون وتأكيد دورهما في تنمية المجتمعات وازدهارها. وستنظم المؤسسة معرضاً آخر، وهو بينالي متخصص في الفنون الإسلامية، والمقرر إقامته في وقت قريب».
الدرعية... منصة فنية عالمية
وتتابع البكري حديثها بالقول: «لكل معرض للفنون المعاصرة ما يميّزه، وقد يكون ما يميّز (بينالي الدرعية) هو رغبة العالم في اكتشاف الدرعية والثقافة السعودية عبر بوابة الفنون بالإضافة للمشاركة المحلية الكبيرة. ويكتسب (بينالي الدرعية) للفن المعاصر زخماً كبيراً بكونه أول معرض بينالي دولي يكشف عن جوهر الفنون المعاصرة بمختلف أشكالها في السعودية، حيث سيوفر منصة إبداعية رائدة سترفع بدورها الوعي في المشهد الثقافي المزدهر بالمملكة، كما سيوثق لحظة تاريخية في تعزيز الحوار الفني والثقافي وأواصر الترابط بين المجتمعات الثقافية والإبداعية في المملكة وعالم الفن الدولي».
وترى البكري أنّ بينالي الدرعية للفن المعاصر سيكون قوة دافعة وحافزاً قوياً لتعزيز أوجه التبادل الثقافي، كما سيعزز الحوار المشترك والانفتاح على الآخرين، مما سيرسخ مكانة المجتمع الفني السعودي كمنارة ثقافية ذات أهمية كبيرة.
وعن «منتدى الحراك الفني المحلي» الذي انطلق بنسخته الأولى، تقول: «نحن من هذا المنتدى نرحب بحوار جديد وأفكار مستحدثة والتزامات متجددة لدفع حدود التطوير للبنية التحتية الثقافية في جميع القطاعات، وسنواصل إقامة علاقات قوية مع الكيانات والمبادرات المختلفة التي ستساعدنا على تعزيز الصناعات الإبداعية وصياغة مستقبلها في السعودية، كما نعتزم تنظيم المنتدى سنوياً، بتطلعات أكبر عاما تلو الآخر».
السعودية مركز ثقافي
ومع التنوع الغنيّ في أعمال الفنانين المحليين والعالميين، تقول البكري: «يضم بينالي الدرعية، الذي طوّره فريق عمل مؤلف من نخبة دولية من القيمين الفنيين بقيادة فيليب تيناري، المدير العام والرئيس التنفيذي لمركز (UCCA) للفن المعاصر في الصين، ستة أقسام زاخرة بأعمال فنية من إبداع ما يقارب 70 فناناً عالمياً ومحلياً».
وتندرج هذه الأقسام تحت عنوان (تتبع الحجارة)، وذلك ضمن حوار مشترك مع نخبة من الفنانين والزوار حول الفنون المعاصرة. مضيفة: «سيوفر منصة فنية إبداعية رائدة تعزز من مفهوم التأمل والاستكشاف والانفتاح على الآخر، كما ستعزز من مكانة المملكة بوصفها مركزاً ثقافياً رئيسياً إقليمياً ودولياً. فالفنون المعاصرة هي متنفس الأجيال الجديدة لصنع مستقبل يُبصر الحلول ويجدد أساليب الحوار ويعطي للحياة مساحة أرحب لفهم الآخر».
وبسؤالها عن أثر ذلك في الارتقاء بذائقة المتلقي، تجيب: «تحمل النسخة الأولى للبينالي الكثير من التفاصيل التي لا تُنسى مثل عملية انتقاء أعمال محلية ستُعرض جنباً إلى جنب مع أسماء عالمية عريقة، بالإضافة إلى الأعمال الفنية المعروضة المنتقاة بعناية بهدف إيصال نتاج فني جاد ذي قيمة عالية للجمهور».
نظرة استشرافية
ومع قرب انتصاف مدة «بينالي الدرعية» الذي يُختتم في 11 مارس، تُفصح البكري عن المفاجآت الجديدة التي يخططون لها لإدهاش الزوار في الفترة المقبلة، بالقول: «هناك الكثير من الفعاليات الفنية التي ننسقها في البرنامج الثقافي منها منتدى الحراك الفني المحلي (اختتم أعماله مساء السبت)، وهو ما يجعلنا نشعر بالفخر والاعتزاز لتقديم منصة ثقافية بحجم وقيمة بينالي الدرعية خلال هذه المرحلة التي تتخللها إنجازات نوعية ومحطات تطور وازدهار في القطاع الفني والثقافي المحلي».
وعن نظرتها تجاه حراك الفن المعاصر في السعودية، تقول: «الفن بكل أشكاله انعكاس حقيقي للسياق الاجتماعي والفكري والوجداني، لذلك عمدت وزارة الثقافة السعودية على دعم المواهب المحلية الشابة المتميزة في المجالات الفنية كافة، وتهيئة البيئة الخصبة لتنميتها وتفعيل دورها في المجتمع المحلي والدولي. ولا شك أنّ هذا الدعم يجلب الكثير من الفرص غير المسبوقة، فالبينالي وُجد ليكون منصة للمبدعين ومَعلماً لنقل أعمال النخبة نحو آفاق جديدة قد تفتح أبواب الاحتراف الفني على مصراعيها، وتُسهل نقل أعمالهم للعالمية».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».