{صندانس} السينمائي بدأ دورته الجديدة افتراضياً

عودة للأميرة دَيانا ونبش في ماضٍ مطمور

The Princess «الأميرة»
The Princess «الأميرة»
TT

{صندانس} السينمائي بدأ دورته الجديدة افتراضياً

The Princess «الأميرة»
The Princess «الأميرة»

ولاية يوتا هي واحدة من الولايات الأقل تضرراً من وباء كورونا ومستحدثاته بالمقارنة مع ولايات أخرى مثل نيويورك وكاليفورنيا و‬أوريغون أو فرجينيا. لكن الاحتياط واجب ومع أن متحور أوميكرون برهن على أنه ليس بالوباء القاتل، إلا أن انتشاره في الولايات الأميركية وباقي أنحاء العالم دفع عدداً من المهرجانات لمراجعة مواقفها حياله.
مهرجان صندانس الأميركي هو أحد تلك المهرجانات التي قررت أن تغيب عن الحضور الفعلي وتحويل أفلامها المختلفة إلى الأثير الافتراضي. وعوض أن تستقبلك لوحة «مرحباً بك في بارك سيتي»، المدينة الجبلية التي يقع فيها هذا المهرجان المهم، بت تستقبل الأفلام في راحة منزلك ولو أن شيئاً لا يعوض مطلقاً الشعور الناتج عن دخول صالات السينما مع جمهور حاشد ومشاهدة الأفلام من دون وسيط إلكتروني.
ديانا: سيرة حياة لا تنتهي
في صندانس هناك مسابقة في أربعة أقسام: الأفلام الأميركية الدرامية والأفلام التسجيلية الأميركية والأفلام الدرامية العالمية والأفلام التسجيلية العالمية. بين هذه المسابقات أقسام لا جوائز فيها مثل «سبوتلايت» و«مدنايت» و«برنامج الفيلم القصير» و«عروض خاصة» و«برميير».
الصحافيون والنقاد لديهم كارت بلانش (شرط الاشتراك المسبق) والجمهور يشتري تذكرة لكل فيلم على الإنترنت. هنا لا يمكن إلا للمهرجان معرفة نسبة الإقبال على كل فيلم على عكس الحضور الفعلي الذي كان يمنحك مباشرة حجم هذا الإقبال أو إذا ما كانت الصالة نصف مزدحمة أو مزدحمة بالكامل. يقول المثل: «هل تريد أن تأكل العنب أو تقتل الناطور؟». طبعاً نريد أن نأكل العنب وعليه لا داعي لمزيد من المقارنة بين اليوم والأمس والشعور بأننا مساقون للعيش في تقنيات الصناعة الإلكترونية شئنا أم أبينا.
أحد الأفلام الأولى التي شاهدها الناقد على النت هو «الأميرة» (The Princess) لإد بيركنز (قسم برميير). هذا الفيلم الطازج هو ثاني فيلم عن الأميرة ديانا في غضون الأشهر القليلة الماضية. الأول هو «سبنسر» لبابلو لارين الذي سبق له أن أنجز، سنة 2016، فيلمين عن شخصيتين حقيقيتين هما «نرودا» و«جاكي» (هذا الثاني عن جاكلين كيندي). «سبنسر»، كما هذين الفيلمين، عمل روائي على عكس الفيلم الجديد «الأميرة» الذي ينتمي إلى الوثيقة.
لكن الاهتمام بديانا له تاريخ طويل منذ أن توفيت سنة 1997، في تلك الحادثة المعروفة. أفلام ومسلسلات تلفزيونية. في أعقاب كل ذلك يأتي «الأميرة» حاملاً ما يستطيع حمله من اختلاف، فهو وثائقي لملم مواده من الأخبار والتحقيقات والمراجعات التلفزيونية قبل وبعد موت الأميرة. المهمة عسيرة لكن بيركنز حققها بنجاح واضح وإن ليس كلياً.
يبدأ الفيلم بديانا وهي تدخل حياة الأسرة الملكية سنة 1981. في ذلك العام تمت خطوبتها على الأمير تشارلز وهي مناسبة احتفت بها محطات التلفزة وكونت سنة بعد أخرى سجلاً حافلاً من المشاهد الإخبارية والتحقيقات المصورة والتعاطي المبرمج للحياة الملكية من زوايا متعددة أكبرها إثارة للاهتمام زاوية الأميرة ذاتها وكيف عاشت، بعد زواجها، في كنف حياة منعتها من التعبير عن حبها للانطلاق والحرية غير المقيدة، تلك التي تفرضها حياة القصر الذي عاشت فيه. لا يعمد «الأميرة» إلى مقابلات ولا حتى إلى تعليق صوتي؟ لا يسأل وبالتالي لا يجيب. ما يفعله هو تكوين سيرة حياة مؤلفة من تلك المقاطع المصورة وبعض ما ورد في الصحف المطبوعة. رويداً ولكن حثيثاً يكتشف المشاهد أن فيلم بيركنز لا يهدف لكي يعيد سرد حياة الأميرة بل يعمد إلى ذلك عبر طريقة صعبة أنجزها، ومن قام بفعل المونتاج، جيداً. وخلال ذلك، يفضح دور الإعلام (المرئي على الأخص)، في إنهاك الأميرة وتحويل حياتها إلى وضع شائك ما بين الأسطورة العاطفية والواقع المر الذي عاشته في كنف زوج عاملها ببرود عاطفي وداخل حياة محصورة.
في صلب هذا الاتهام الموجه للإعلام تكمن حقيقة أن اهتمام هذه المحطات لم يكن مختلفاً أو أقل حساسية من اهتمامها بفضائح نجوم السينما أو المجتمع ولو أنه كان أكبر وعلى مدى سنوات أطول. هنا تكمن عقدة الفيلم لأن ما كان الإعلام يركض خلفه هو بناء حالة رواج وإقبال على حياة بدت للمشاهدين حافلة بالإثارة بينما كانت هي - في الواقع - حافلة بالألم إلى أن انفصلت عن الأمير لتلتقط بعض السعادة من ثم تلقى حتفها في مأساة كانت بدورها مناسبة احتفائية بالنسبة للإعلام وجمهوره. ما لا ينجزه المخرج جيداً هو تحاشي تكرار بعض المفادات المذكورة وحقيقة أنه اضطر للاستعانة ببعض الفيديوهات غير المرممة أو غير المؤهلة للترميم أساساً. على ذلك، «الأميرة» هو وثيقة متميزة وطموحة وذات أهداف تجعل المشاهد حائراً بين أن يرثي حياة تلك المرأة أو يرثي حال الإعلام الذي يترك بصماته على تلك الحياة. ربما كل ما رغبت به ديانا هو أن تعيش حياتها بعيداً عن كل هذه الأجواء. لكن ذلك لم يتحقق لا في حياتها ولا بعد موتها.
القرية المطمورة
فيلم تسجيلي آخر (وهناك العديد منها) مصدره إسرائيل، ويتعامل مع موضوع على بعد عدة سنوات ضوئية من الموضوع السابق. إنه Tantura لألون شوارتز الذي يدور حول أحداث وقعت سنة 1948، عندما أخرجت قوات إسرائيلية فلسطينيين من بيوتهم وقتلتهم في قرية ساحلية صغيرة تقع (أو كانت تقع بالأحرى) في منتصف الطريق، تقريباً، بين حيفا وتل أبيب.
يستمد الفيلم المعروض في قسم المسابقة الدولية وثائقه من الأرشيف، كما من المقابلات التي أجراها حول العملية التي أقدمت عليها القوات الإسرائيلية من ثم سعت لطيها حتى قدم البروفسور تيدي كاتز أطروحة عن الموضوع سنة 1998، في جامعة حيفا كانت بداية مصاعب وأزمات أحاقت به من حينها، كما يقول.
يتحدث كاتز إلى شوارتز عن تلك المجزرة وعن تبعات ما قام به بعد ذلك. يذكر كيف واجه بعد أن أزال الغبار عن قضية تم تجاهلها عمداً العديد من المصاعب بدءاً من تراجع عدد من الشهود عن أقوالهم أو رفع دعاوى قضائية بتهمة أن كاتز لم يخبرهم بنواياه عندما أجرى مقابلاته معهم.
كاتز ليس الوحيد الذي يجري شوارتز المقابلة معه، فهناك بعض الجنود القدامى من الذين لا يزالون أحياء. البحث عن هؤلاء لا بد أخذ وقتاً طويلاً، لأن معظمهم تجاوز الثمانين من العمر.
بعض الجنود شارك في المذبحة التي تمت في الثاني والعشرين من عام النكبة، وأحدهم يصرح بأن الأوامر كانت إعدام الجميع: «نفذت الأوامر كما أريد لها أن تنفذ. لم يكن هناك ناجون ولم يطلب مني الإبقاء على حياة أحد». في المقابل هناك أكثر من شخص ينكر أن ما حدث كان مذبحة، أو لا يتذكره على هذا الحال.
الفيلم جريء وكونه آت من مخرج إسرائيلي، التزم بكشف الستار عن تلك الواقعة، وليس من صنع سينمائيين غير إسرائيليين، يزيده تأثيراً على المشاهدين الغربيين خصوصاً الذين قرأوا مصدراً واحداً من التاريخ إلى الآن. لكن الفيلم ليس جديداً تماماً في موضوعه (إلا من حيث تركيزه على ما حدث لتلك القرية تحديداً)، بل سبق للإسرائيلي آڤي مغربي (في مطلع العام الماضي)، أن قدم فيلماً مماثلاً حول مجزرة أخرى في فيلم وثائقي بعنوان «السنوات الـ54 الأولى: دليل مختصر للاحتلال العسكري»The First 54 Years‪:‬ The Abbreviated Manual for Military Occupation. كذلك يذكرنا الفيلم بذلك الذي حققه الراحل برهان علوية في سنة 1975، في مذبحة كفر قاسم التي وقعت خلال سنة 1956، عندما أصدرت القيادة الإسرائيلية قراراً بمنع التجول من دون علم عمال فلسطينيين عائدين إلى بيوتهم بعد انتهاء ساعات العمل فألقي القبض عليهم وأعدموا. الفيلم الماثل أمامنا اليوم، قد يكون جريئاً بفتح ملف مغلق، لكن جرأته لا توازيها معالجة فنية ذكية. هو فيلم من النوع الذي ليس لديه الكثير مما يستعرضه خارج المقابلات وهذه يعالجها بسرعة وأحياناً قبل أن ينتهي الشاهد مما كان بصدد قوله.
أكيرو البريطاني
على الصعيد الروائي، وضمن قسم «برميير» أيضاً، شاهدنا Living. فيلم بريطاني جيد من المخرج أوليڤر هرمانوس؛ وأحد عناصر جودته حقيقة أنه إعادة صياغة لفيلم أكيرا كوروساوا «أكيرو» (1952)، بعد نقل الأحداث من اليابان إلى بريطانيا مع الإبقاء على المحنة ذاتها التي تداولها فيلم كوروساوا بعمق شديد.
في الفيلم السابق، هناك ذلك الموظف المتقدم في السن الذي يعلم أنه لن يعيش طويلاً بعدما تبين أنه مصاب بمرض قاتل. يحاول التعويض عما فاته من لهو ولو في هذه السن المتأخرة. وأحد تلك المشاهد التي تجسد هذه المحاولة، اعتلاؤه أرجوحة للصغار في ليلة خلت الشوارع من الناس، والتأرجح بها وعلى وجهه ابتسامة رضى.
يحافظ الفيلم الجديد على الفترة التاريخية. إنها لندن الخمسينات ومستر ويليامز (بيل نايي) موظف يمضي الوقت بين الأوراق والملفات التي تتراكم فوق مكتبه ولا تتقلص. حياته تمضي على هذا الروتين في النهار ومثله في الليل عندما يعود إلى البيت الذي يعيش فيه مع ابنه وزوجة ابنه. عندما يخبره الطبيب أن لديه بضعة أشهر فقط ليعيش، يقرر أن يجعل هذا العيش متحرراً من الروتين ويمارس فيه ما لم يمارسه من قبل.
هذه هي المواصفات الدرامية ذاتها في فيلم كوروساوا. بطله هناك (تاكاشي شيمورا)، يولد من جديد بوجه آخر وفي بلد مختلف، إنما بالمأساة ذاتها. كلا الرجلين يتنفس الإحباط ذاته ويعيش الهامش الذي يبدو ولد فيه وله، وهذا إلى أن يدرك أن حياته ستنتهي ويكتشف أنه عاش مهمشاً وغير سعيد طوال سنواته، والآن لديه بضعة أشهر فقط لكي يعوض عما فاته.
عادة ما تأتي إعادات الصنع أضعف من الأصل، لكن «حياة» يعكس هذا الوضع ولو أنه لا يناقضه. لا يأتي لكي يتجاوز ما حققه كوروساوا بل ليذكر كم كان ذلك الفيلم مهماً في سياق وتاريخ السينما. الفيلم الجديد جيد أيضاً. صادق في منحاه كما الفيلم السابق. كلاهما قوي في شأنه وفي صياغة وجدانياته وتقديم شخصيته المنفردة كمأساة إنسانية من النوع الذي لا يرد في نشرات الأخبار، لكنه الأكثر انتشاراً من أي حال آخر في هذا العالم.



«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.