بدء المحادثات بين «طالبان» وممثلي المجتمع المدني الأفغاني في أوسلو

لحظة وصول ممثلي «طالبان» إلى مدينة غاردرموين بالنرويج (أ.ف.ب)
لحظة وصول ممثلي «طالبان» إلى مدينة غاردرموين بالنرويج (أ.ف.ب)
TT

بدء المحادثات بين «طالبان» وممثلي المجتمع المدني الأفغاني في أوسلو

لحظة وصول ممثلي «طالبان» إلى مدينة غاردرموين بالنرويج (أ.ف.ب)
لحظة وصول ممثلي «طالبان» إلى مدينة غاردرموين بالنرويج (أ.ف.ب)

بدأ أول وفد من «طالبان» يزور أوروبا منذ عودة الحركة إلى السلطة في أفغانستان، محادثات، اليوم الأحد، مع ممثلين عن المجتمع المدني الأفغاني تتمحور حول مسألة حقوق الإنسان، وفق ما أعلنت الخارجية النرويجية.
ومن المقرر أن يكرس الوفد الذي يقوده وزير خارجية حكومة «طالبان»، أمير خان متقي، اليوم الأول من الزيارة التي تستمر ثلاثة أيام لعقد محادثات مع ناشطات وصحافيات وغيرهن، قبل الاجتماع مع دبلوماسيين غربيين الاثنين والثلاثاء.
وفي زيارتهم الأولى إلى أوروبا منذ أن عادوا إلى السلطة في أغسطس (آب) الماضي، سيلتقي عناصر «طالبان»، مسؤولين نرويجيين، إلى جانب ممثلين عن الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا والاتحاد الأوروبي.
وسيقود وزير الخارجية أمير خان متقي وفد «طالبان».
https://twitter.com/TRTWorldNow/status/1485122624141230082
وذكر مسؤول في الخارجية الأميركية أن جدول أعمال الاجتماع سيشمل «تشكيل منظومة سياسية ممثلة (لجميع الأفغان) والتصدي للأزمتين الملحتين الإنسانية والاقتصادية، والمخاوف المرتبطة بالأمن ومكافحة الإرهاب، إلى جانب مسألة حقوق الإنسان، خصوصاً تعليم الفتيات والنساء».
وأطيح حكم الحركة المتشددة في 2001، لكنها عادت إلى السلطة في أغسطس مع استكمال القوات الدولية انسحابها النهائي من أفغانستان.
وقال الناطق باسم الحكومة ذبيح الله مجاهد، لوكالة الصحافة الفرنسية، السبت، إن «طالبان» تأمل بأن تساهم المحادثات في «تبديل أجواء الحرب إلى وضع سلمي».
ولم تعترف أي دولة بعد بحكومة «طالبان». وشددت وزيرة الخارجية النرويجية أنيكين هويتفيلدت، على أن المحادثات «لن تمثل شرعنة لـ(طالبان) أو اعترفاً بها».
وأضافت: «لكن علينا التحدث مع السلطات التي تدير البلاد بحكم الأمر الواقع. لا يمكننا أن نسمح للوضع السياسي بأن يؤدي إلى كارثة إنسانية أسوأ».
وتوقفت فجأة المساعدات الدولية، التي كانت تمول حوالي 80 في المائة من ميزانية أفغانستان، فيما جمدت الولايات المتحدة أصولاً بقيمة 9.5 مليارات دولار في المصرف المركزي الأفغاني.
في الأثناء، قفزت معدلات البطالة ولم تُدفع رواتب الموظفين في القطاع الحكومي منذ أشهر، بينما شهدت البلاد موجات جفاف عدة.
واليوم يهدد شبح الجوع 23 مليون أفغاني، أي ما يعادل 55 في المائة من السكان، وفق بيانات الأمم المتحدة، التي تشير إلى أنها تحتاج إلى 4.4 مليارات دولار من الدول المانحة هذه السنة للتعامل مع الأزمة الإنسانية.
وأكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الجمعة: «سيكون من الخطأ إخضاع الشعب الأفغاني لعقاب جماعي، لأن السلطات بحكم الأمر الواقع لا تتصرف بشكل مناسب».
وقال الممثل السابق للأمم المتحدة في أفغانستان كاي إيدي لوكالة الصحافة الفرنسية، «لا يمكنني مواصلة توزيع المساعدات بشكل نلتف فيه على (طالبان)». وأضاف: «إذا أردت أن تكون فعالاً، فيجب إشراك الحكومة بطريقة أو أخرى» في عملية توزيع المساعدات.
وما زال المجتمع الدولي بانتظار معرفة كيف ينوي المتشددون حكم أفغانستان من خلالها، بعدما ضربوا بمسألة حقوق الإنسان عرض الحائط إلى حد بعيد خلال ولايتهم الأولى بين 1996 و2001.
وتصر «طالبان» على أنها باتت أكثر اعتدالاً، لكن النساء ما زلن محرومات إلى حد كبير من العمل في القطاع العام، فيما بقيت المدارس الثانوية بمعظمها مغلقة أمام الفتيات.
يتوقع بأن يلتقي وفد أفغانستان في اليوم الأول من المحادثات المغلقة في أوسلو بممثلين أفغان عن المجتمع المدني وشخصيات نسائية رائدة وصحافيين.
وقالت وزيرة المناجم والنفط الأفغانية السابقة نرجس نيهان، التي تقيم حالياً في النرويج، إنها رفضت دعوة للمشاركة. وصرحت لوكالة الصحافة الفرنسية بأنها تخشى من أن تؤدي المحادثات إلى «تطبيع (طالبان) وتقويتها بينما لا يمكن أن تتغير إطلاقاً».
وأضافت: «إذا نظرنا إلى ما حدث في محادثات السنوات الثلاث الماضية، تواصل (طالبان) الحصول على ما كانت تطالب المجتمع الدولي والشعب الأفغاني به، فيما لم يقدموا هم أي شيء من جانبهم».
وتساءلت: «ما هو الضمان هذه المرة بأنهم سيوفون بتعهداتهم؟»، مشيرة إلى أن ناشطات وصحافيات ما زلن موقوفات.
كما انتقد داود مراديان مدير معهد الدراسات الاستراتيجية الأفغاني، الذي نقل مقره من أفغانستان، مبادرة النرويج للسلام التي تجري بما يشبه «أسلوب المشاهير».
وقال إن «استضافة عناصر بارزين من (طالبان) يثير الشكوك حيال الصورة العالمية للنروج كبلد معني بحقوق النساء، عندما شرعت (طالبان) فعلياً (أبارتايد) (فصل عنصري) على أساس الجنس».
ولدى النرويج سجل طويل في لعب دور وساطة بالنزاعات بما في ذلك في الشرق الأوسط وسريلانكا وكولومبيا.



الأمم المتحدة تسعى لجمع 47 مليار دولار لمساعدة 190 مليون شخص في 2025

فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
TT

الأمم المتحدة تسعى لجمع 47 مليار دولار لمساعدة 190 مليون شخص في 2025

فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)

أطلق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا»، الأربعاء، نداء لجمع أكثر من 47 مليار دولار، لتوفير المساعدات الضرورية لنحو 190 مليون شخص خلال عام 2025، في وقتٍ تتنامى فيه الحاجات بسبب النزاعات والتغير المناخي.

وقال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، توم فليتشر، مع إطلاق تقرير «اللمحة العامة عن العمل الإنساني لعام 2025»، إن الفئات الأكثر ضعفاً، بما في ذلك الأطفال والنساء والأشخاص ذوو الإعاقة والفقراء، يدفعون الثمن الأعلى «في عالم مشتعل».

سودانيون فارُّون من المعارك بمنطقة الجزيرة في مخيم للنازحين بمدينة القضارف (أ.ف.ب)

وفي ظل النزاعات الدامية التي تشهدها مناطق عدة في العالم؛ خصوصاً غزة والسودان وأوكرانيا، والكلفة المتزايدة للتغير المناخي وظروف الطقس الحادة، تُقدِّر الأمم المتحدة أن 305 ملايين شخص في العالم سيحتاجون إلى مساعدات إنسانية، العام المقبل.

أطفال يحملون أواني معدنية ويتزاحمون للحصول على الطعام من مطبخ يتبع الأعمال الخيرية في خان يونس بقطاع غزة (إ.ب.أ)

وأوضح «أوتشا»، في تقريره، أن التمويل المطلوب سيساعد الأمم المتحدة وشركاءها على دعم الناس في 33 دولة و9 مناطق تستضيف اللاجئين.

وقال فليتشر: «نتعامل حالياً مع أزمات متعددة... والفئات الأكثر ضعفاً في العالم هم الذين يدفعون الثمن»، مشيراً إلى أن اتساع الهوة على صعيد المساواة، إضافة إلى تداعيات النزاعات والتغير المناخي، كل ذلك أسهم في تشكُّل «عاصفة متكاملة» من الحاجات.

ويتعلق النداء بطلب جمع 47.4 مليار دولار لوكالات الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الإنسانية لسنة 2025، وهو أقل بقليل من نداء عام 2024.

وأقر المسؤول الأممي، الذي تولى منصبه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الأمم المتحدة وشركاءها لن يكون في مقدورهم توفير الدعم لكل المحتاجين.

أم أوكرانية تعانق ابنها بعد عودته من روسيا... الصورة في كييف يوم 8 أبريل 2023 (رويترز)

وأوضح: «ثمة 115 مليون شخص لن نتمكن من الوصول إليهم»، وفق هذه الخطة، مؤكداً أنه يشعر «بالعار والخوف والأمل» مع إطلاق تقرير «اللمحة العامة»، للمرة الأولى من توليه منصبه.

وعَدَّ أن كل رقم في التقرير «يمثل حياة محطمة» بسبب النزاعات والمناخ «وتفكك أنظمتنا للتضامن الدولي».

وخفضت الأمم المتحدة مناشدتها لعام 2024 إلى 46 مليار دولار، من 56 ملياراً في العام السابق، مع تراجع إقبال المانحين على تقديم الأموال، لكنها لم تجمع إلا 43 في المائة من المبلغ المطلوب، وهي واحدة من أسوأ المعدلات في التاريخ. وقدمت واشنطن أكثر من 10 مليارات دولار؛ أي نحو نصف الأموال التي تلقتها. وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية إن عمال الإغاثة اضطروا لاتخاذ خيارات صعبة، فخفّضوا المساعدات الغذائية 80 في المائة في سوريا، وخدمات المياه في اليمن المعرَّض للكوليرا. والمساعدات ليست سوى جزء واحد من إجمالي إنفاق الأمم المتحدة، التي لم تفلح لسنوات في تلبية احتياجات ميزانيتها الأساسية بسبب عدم سداد الدول مستحقاتها. وعلى الرغم من وقف الرئيس المنتخب دونالد ترمب بعض الإنفاق في إطار الأمم المتحدة، خلال ولايته الرئاسية الأولى، فإنه ترك ميزانيات المساعدات في الأمم المتحدة بلا تخفيض. لكن مسؤولين ودبلوماسيين يتوقعون تقليل الإنفاق في ولايته الجديدة، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

من جانبه، قال يان إيغلاند، الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين: «الولايات المتحدة علامة استفهام كبيرة... أخشى أننا ربما نتعرض لخيبة أمل مريرة؛ لأن المزاج العام العالمي والتطورات السياسية داخل الدول ليست في مصلحتنا». وكان إيغلاند قد تولّى منصب فليتشر نفسه من 2003 إلى 2006. والمشروع 2025، وهو مجموعة من المقترحات المثيرة للجدل التي وضعها بعض مستشاري ترمب، يستهدف «الزيادات المسرفة في الموازنة» من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية. ولم تردَّ الإدارة التي يشكلها ترامب على طلب للتعليق. وأشار فليتشر إلى «انحلال أنظمتنا للتضامن الدولي»، ودعا إلى توسيع قاعدة المانحين. وعند سؤال فليتشر عن تأثير ترمب، أجاب: «لا أعتقد أنه لا توجد شفقة لدى هذه الحكومات المنتخبة». ويقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن أحد التحديات هو استمرار الأزمات لفترة أطول تبلغ عشر سنوات في المتوسط. وقال مايك رايان، المدير التنفيذي لبرنامج منظمة الصحة العالمية للطوارئ الصحية، إن بعض الدول تدخل في «حالة أزمة دائمة». وحلّت المفوضية الأوروبية، الهيئة التنفيذية في الاتحاد الأوروبي، وألمانيا في المركزين الثاني والثالث لأكبر المانحين لميزانيات الأمم المتحدة للمساعدات، هذا العام. وقالت شارلوت سلينتي، الأمين العام لمجلس اللاجئين الدنماركي، إن إسهامات أوروبا محل شك أيضاً في ظل تحويل التمويل إلى الدفاع. وأضافت: «إنه عالم أكثر هشاشة وعدم قابلية على التنبؤ (مما كان عليه في ولاية ترمب الأولى)، مع وجود أزمات أكثر، وإذا كانت إدارة الولايات المتحدة ستُخفض تمويلها الإنساني، فقد يكون سد فجوة الاحتياجات المتنامية أكثر تعقيداً».