إليسا تصدح في القاهرة لأول مرة منذ تفشي «كورونا»

قدمت حفلاً لدعم مرضى سرطان الثدي

TT

إليسا تصدح في القاهرة لأول مرة منذ تفشي «كورونا»

تصدرت الفنانة اللبنانية إليسا، قائمة الموضوعات الأكثر تداولاً للنقاش بين مستخدمي «تويتر» في مصر، خلال الساعات الماضية، بهاشتاغ «إليسا في مصر»، عقب إحيائها حفل المؤتمر الدولي الرابع عشر لأورام الثدي والنساء والعلاج المناعي BGICS، الذي أقيم تحت شعار «يلا نعيش».
الفنانة اللبنانية في كلمتها المقتضبة مع وسائل الإعلام التي حضرت الحفل، قدمت شكراً خاصاً لدعوتها لإحياء حفل مؤتمر أورام الثدي، قائلة: «هذه ليست المرة الأولى التي أشارك الجمعية في حفل مؤتمرهم الطبي، فهذه هي المرة الثانية التي أتشرف فيها بالمشاركة بالغناء في حفلهم، وأحب أن أشكرهم على مساهمتهم العلمية في محاربة أورام الثدي للمرأة بإحضار أفضل الأجهزة الطبية».
إليسا تعد أكثر الفنانات العربيات الداعمات لمرضى السرطان والأورام، نظراً لمرورها منذ 4 أعوام بتجربة مريرة عانت فيها من ألم سرطان الثدي، وتشجيعاً منها على محاربة المرض، أحيت خلال السنوات الماضية أكثر من حفل خيري لصالح جمعيات علاج الأورام بالوطن العربي، كما شاركت في شهر رمضان الماضي بالغناء تطوعياً لصالح مستشفى سرطان الأطفال المصرية 57357 وقدمت أغنية «يا عم سلامتك»، كما أن وزارة الصحة اللبنانية عينتها عام 2019 سفيرة لحملة مكافحة سرطان الثدي بالكشف المبكر.
الفنانة اللبنانية حضرت لمصر، أول من أمس، بعد مشاركتها في موسم الرياض، وعلى مدار ساعة كاملة أطربت جمهورها المصري الذي قطع تذاكر الحفل التي تراوح أسعارها بين 700 إلى 1500 جنيه مصري في أحد الفنادق الكبرى بالقاهرة الجديدة، وقدمت خلال الحفل أكثر من 15 أغنية، بدأتها بأغنية «إلى كل اللي بيحبوني» وهي الأغنية التي كانت قد أعلنت خلالها إليسا إصابتها بمرض السرطان، حينما طرحت عام 2018، حيث صورتها كفيلم تسجيلي خلال رحلتها مع مرض السرطان.
استكملت فقرات حفلتها بتقديم أغنيات «كرمالك»، و«مكتوبة ليك»، و«أواخر الشتا»، و«بدي دوب»، و«عايشالك»، و«أسعد واحدة»، و«هنغني كمان وكمان»، و«خدني معاك»، و«كرهني»، و«نفسي أقوله»، و«ما في»، و«سهرنا يا ليل»، كما قدمت أغنيتين للفنانة الجزائرية الراحلة وردة، وهما «لولا الملامة»، و«مالي».
الطقس البارد القارص أصاب إليسا أكثر من مرة خلال إحياء الحفل، ما جعلها تجري أحاديث قصيرة مضحكة مع جمهورها، كما أنها قامت خلال الحفل بخلع حذائها لعدم قدرتها على الغناء لفترة طويلة وارتدت حذاء آخر. وفاجأ الجمهور فنانتهم المفضلة بإحضارهم تاجاً خاصاً لها، تعبيراً منهم لحبهم الشديد لها ولمكانتها في مصر، فقامت الفنانة اللبنانية بوضعه على رأسها، وشكرتهم على هديتهم.
وعن اختيار إليسا للحفل، قال الدكتور هشام الغزالي، أستاذ علاج الأورام بطب عين شمس ورئيس المؤسسة العلمية لمرضى أورام الثدي والنساء BGICS لـ«الشرق الأوسط»: «حلمنا في الجمعية هو أن تكون مصر خالية من مرض السرطان، وهو نفس حلم الفنانة إليسا، ولذلك أول ما فكرنا في فنان يشاركنا في حفلنا لم نجد أفضل منها، لأنها شاركتنا من قبل في هذه الاحتفالية، كما أنها شخصية جميلة وتحب الحياة وتعطي دافعاً وقوة لكل السيدات».
ونفى تماماً وجود أي صعوبات في الاتفاق مع إليسا أو شروط وضعتها من أجل الغناء، قائلاً: «من أرقى الفنانات اللاتي تعاملت معهن، فلم يكن هناك أي شروط من أجل إحياء الحفل».
يذكر أن حفل مؤتمر جمعية الأورام هو الأول لإليسا بالقاهرة بعد غياب ما يقرب من عامين، حيث إن آخر حفل غنائي لها بالعاصمة المصرية كان في منتصف شهر ديسمبر (كانون الأول) عام 2019، ومنذ ذلك الحين وهي لم تحي حفلات بمصر بسبب جائحة كورونا.
من المقرر أن يشهد جدول إليسا الفني لعام 2022 ازدحاماً كبيراً، حيث من المقرر أن تحيي جولة غنائية كبرى في الولايات المتحدة الأميركية في شهر فبراير (شباط) المقبل، وتبدأ جولتها من ولاية تكساس الأميركية في مدينة هيوستن بحفل غنائي يوم 4 فبراير، يتبعه حفل آخر بمدينة سان دييغو في ولاية كاليفورنيا يوم 5 فبراير، ثم حفل بمدينة ديترويت في ولاية ميشيغان يوم 11 فبراير، وتختتم الجولة بعدة حفلات من يوم 12 إلى 16 فبراير في مدينة ميامي بولاية فلوريدا.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».