أندريا بوتشيللي يصدح بالعلا ويعانق جبالها

أندريا بوتشيللي يصدح بالعلا ويعانق جبالها
TT

أندريا بوتشيللي يصدح بالعلا ويعانق جبالها

أندريا بوتشيللي يصدح بالعلا ويعانق جبالها

احتضنت أرض التاريخ والحضارات، العلا، في مهرجان «شتاء طنطورة» الذي يحيي سنوات طوالاً من التاريخ الذي تحكيه جبالها الشامخة وأوديتها العظيمة، حفلاً للأوبرا الإيطالية يقوده «أجمل صوت في العالم» أندريا بوتشيللي، أول من أمس (الجمعة).
ويعد حفل بوتشيللي هو الرابع في العلا – موطن أول موقع مسجل في قائمة اليونيسكو للتراث العالمي «الحِجر»، والثالث خلال مهرجانات شتاء طنطورة، أول مهرجان بالمملكة يحتفى بالموسيقى والتراث.
وبدأ بوتشيلي مباشرة بالغناء ليأخذ الحضور برحله إلى سماء الفن بصوته المذهل الذي كان كالنعيم على مسامع الحاضرين الذين طاروا، ليتخطوا كل الأسوار ويحلقوا في سماء العلا ليشاهدوا التاريخ ويستمعوا إلى أندريا.
قام بمشاركة بوتشيللي على خشبة المسرح نخبة من أفضل فناني الأوبرا الإيطالية من أوركسترا «استي سيمفوني»، مع مطربات السوبرانو كريستين ألادو، سيرينا جامبيرو، وكلارا باربييه سيرانو. قامت المجموعة بإسعاد وسحر المعجبين داخل القاعة المزدحمة.
وخلال الحفل، قدم بوتشيللي مجموعة من أروع أغانيه المعروفة على نطاق واسع مثل «Time to Say Goodbye» ،«Con te Partiro»، مع مقطوعة خاصة قدمها لزوجته «Can’t Help Falling in Love».
وعن زيارته المميزة للمرة الرابعة في العلا، قال بوتشيللي: «إنه شعور رائع دائماً أن أغني في قلب الصحراء في العلا. فأنا أعتبر أن مجيئي من المدينة الكبيرة الصاخبة وضوضائها إلى هنا، هو تجربة تعليمية لي، ووجودي في مثل هذا المكان المسالم والشاعري بعيداً عن العالم هو من أكثر التجارب المفضلة لي دائماً».
وقد سعد الحضور بالأداء الرائع لأندريا غريمينيللي، وهو أحد أفضل عازفي الفلوت في العالم، الذي شارك أندريا بوتشيللي أحد المقطوعات الموسيقية، تاركين الجماهير في جو مليء بالمشاعر الفياضة.
وشاركت السوبرانو كريستين ألادو في الأداء على المسرح مع مقطوعتها الغنائية «never Enough»، وكريستين هي إحدى الفنانات المشهورة عالمياً، التي شاركت عدداً كبيراً من المطربين على شاشات التلفزيون وعلى خشبات المسارح.
كما قام بقيادة الفرقة الموسيقية الموسيقار كارلو بيرنيني، صديق بوتشيللي والمدير الفني للفرقة. بيرنيني شارك بوتشيللي الحفلات في عدد كبير من قاعات المسارح وحفلات الاستاد في العديد من الدول حول العالم.
واستمر الحفل بعدد من مقطوعات أندريا، وبمشاركه بعض من الفنانين الذين شاركوه بصنع ليلة فنية خالصة، بعيداً عن ضجيج الحياة بين جبال العلا وصحرائها المذهلة وتحت سمائها المرصعة بالنجوم.
وكان هذا هو الحضور الرابع لأعجوبة الفن الحديث بوتشيللي في السعودية، حيث يعود في كل مرة، ليبهر جمهوره أكثر، ويمتعهم بصوته الجميل بمقطوعات من الخيال رسمت ذكرى لن تنسى في قلوب الحاضرين.
ويعرف بوتشيللي بموهبته النادرة وقدرته الفريدة على توحيد العالم من خلال الموسيقى، وقد ذاع صيته كأحد أجمل الأصوات في العالم على مر التاريخ، حيث خطفت شخصيته الفنية قلوب الجماهير في مناسبات متعددة بأدائه الساحر بعروضه الموسيقية المختلفة.


مقالات ذات صلة

4 فعاليات رياضية عملاقة تزين موسم الرياض... والافتتاح بـ«آي في كراون شاوداون»

رياضة سعودية تركي آل الشيخ خلال حديثه عن ملامح النسخة الخامسة لموسم الرياض (تركي العقيلي)

4 فعاليات رياضية عملاقة تزين موسم الرياض... والافتتاح بـ«آي في كراون شاوداون»

كشف المستشار تركي آل الشيخ، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه، الأربعاء، عن أهم ملامح النسخة الخامسة من موسم الرياض 2024، خلال مؤتمر صحافي عُقد في

سلطان الصبحي (الرياض)
يوميات الشرق الأوركسترا السعودية تزور لندن الشهر القادم (هيئة الموسيقى)

لندن... المحطة الرابعة لحفل روائع الأوركسترا السعودية

تستعد هيئة الموسيقى لتنظيم حفل «روائع الأوركسترا السعودية» يوم السبت الموافق 28 سبتمبر (أيلول)، في مسرح سنترال هول وستمنستر في قلب العاصمة البريطانية لندن.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق د ملحة عبد الله  (حسابها على فيسبوك)

ملحة عبد الله لـ«الشرق الأوسط»: أقسو على المرأة لتنفض غبار الاستكانة

لم يتم إطلاق لقب «سيدة المسرح السعودي» على د. ملحة عبد الله من فراغ، فهي أول سعودية تحصل على درجة الدكتوراه في المسرح.

رشا أحمد (القاهرة )
رياضة سعودية ممثلا «القدية» و«مجموعة جيكي» خلال توقيع اتفاق الشراكة الاستراتيجية (الاتحاد السعودي للرياضات الإلكترونية)

«القدية» لشراكة استراتيجية مع «مجموعة جيكي» عملاق صناعة الألعاب والترفيه

في خطوة تاريخية نحو ترسيخ مكانتها وجهةً عالميةً لتجارب الترفيه الرائدة، أعلنت «مدينة القدية» عن شراكة استراتيجية مع «مجموعة جيكي»؛ عملاق صناعة الألعاب.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
رياضة عالمية يشارك في هذه النسخة من البطولة 17 لاعباً من المنطقة جرى ترشيحهم من قِبل الاتحاد السعودي للعبة (الشرق الأوسط)

144 لاعباً يتنافسون للفوز بجوائز بطولة السعودية ماسترز للسنوكر

كشف الاتحاد السعودي للبلياردو والسنوكر عن مسار منافسات أفضل لاعبي العالم المشاركين ببطولة الماسترز السعودية للسنوكر خلال القرعة التي سُحبت اليوم الأحد.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».