تمردات انتهت بمأساة أو بدفعة للجماعات المسلحة

محاولة فرار سجناء {داعش} في الحسكة تعيد التذكير بأحداث سجون جزائرية وليبية وأفغانية

مقاتلون من {قوات سوريا الديمقراطية} في حي غويران بالحسكة حيث تدور مواجهات مع عناصر من تنظيم {داعش} يتحصنون هناك (إ.ب.أ)
مقاتلون من {قوات سوريا الديمقراطية} في حي غويران بالحسكة حيث تدور مواجهات مع عناصر من تنظيم {داعش} يتحصنون هناك (إ.ب.أ)
TT

تمردات انتهت بمأساة أو بدفعة للجماعات المسلحة

مقاتلون من {قوات سوريا الديمقراطية} في حي غويران بالحسكة حيث تدور مواجهات مع عناصر من تنظيم {داعش} يتحصنون هناك (إ.ب.أ)
مقاتلون من {قوات سوريا الديمقراطية} في حي غويران بالحسكة حيث تدور مواجهات مع عناصر من تنظيم {داعش} يتحصنون هناك (إ.ب.أ)

أعادت محاولة الفرار الضخمة لسجناء تنظيم {داعش} من سجن غويران بمدينة الحسكة، شمال شرقي سوريا، فتح ملف محاولات مماثلة جرت في السنوات الماضية في أكثر من دولة وانتهت إما بكارثة في حق السجناء المتمردين، وإما بإعطاء دفعة قوية لجماعات مسلحة تحاول إسقاط السلطة المركزية. وفي حين يتبادر إلى الأذهان فوراً هجوم {داعش} على سجن أبو غريب، غرب بغداد، عام 2013 الذي انتهى بتحرير مئات السجناء وشكّل شارة الانطلاق للصعود الصاروخي لهذا التنظيم في سوريا والعراق، فإن هناك محاولات أخرى لا تقل أهمية جرت في دول أخرى ولعبت دوراً كبيراً في تعزيز قوة جماعات مسلحة، على غرار {الفرار الكبير} للسجناء من سجن باتنة بالأوراس، شرق الجزائر، والذي مثّل، عام 1994، بداية الصعود المخيف لتنظيم {الجماعة الإسلامية المسلحة} الذي تُنسب له سلسلة مذابح ضخمة خلال تسعينات القرن الماضي في الجزائر.
- العراق
كان التنظيم الذي يسمّي نفسه {الدولة الإسلامية في العراق} والذي يضم في صفوفه تنظيم {القاعدة}، موجوداً في البلاد منذ سنوات، لكنه كان ضعيفاً إثر نكسات مُني بها على أيدي الأميركيين وقوات الأمن العراقية، وكذلك على أيدي مجموعات سنيّة ثارت ضد تصرفات زعيم فرع {القاعدة}، الأردني أبو مصعب الزرقاوي. قتل الأميركيون الزرقاوي عام 2006، ثم قتلوا خليفته أبو حمزة المهاجر ومعه الزعيم الأول لـ{الدولة الإسلامية في العراق} أبو عمر البغدادي عام 2010. لكن هذه الجماعة، بقيادة زعيمها الجديد أبو بكر البغدادي، سرعان ما استطاعت استيعاب نكساتها، مستفيدة من انفلات زمام الأمور في سوريا المجاورة التي كانت قد غرقت منذ عام 2011 في صراع دموي بين نظام الرئيس بشار الأسد وخصومه. وبحلول عام 2013، كان تنظيم البغدادي قد تمكن من معاودة نشاطه بقوة داخل العراق، تحديداً في مدن سنيّة همشتها الحكومة العراقية آنذاك، بزعامة نوري المالكي. وفي الواقع، شكّل هجوم شنّه تنظيم البغدادي على سجنين في العراق لتحرير متشددين محتجزين فيهما، شارة الصعود السريع لما أُطلق عليه لاحقاً {دولة الخلافة} المزعومة. ففي 22 يوليو (تموز) 2013، هاجم مسلحون ترافقهم عربات مفخخة سجني أبو غريب والتاجي وحرروا ما لا يقل عن 500 نزيل بينهم عدد من كبار القادة المتشددين، بما في ذلك أعضاء من {القاعدة} عليهم أحكام إعدام.
شكّل تحرير السجناء بداية زحف {داعش} على المدن العراقية التي تساقطت كأوراق الخريف، بدءاً بالفلوجة وانتهاء بالموصل، المدينة التي تحوّلت، منذ صيف عام 2014، إلى {عاصمة} ما أُطلق عليها {دولة الخلافة} المزعومة الممتدة على أرجاء واسعة من أراضي العراق وسوريا.
- الجزائر
شهدت الجزائر في تسعينات القرن الماضي تمردين شهيرين انتهيا نهايتين مختلفتين. حصل التمرد الأول في مارس (آذار) 1994 بسجن تازولت في باتنة، شرق البلاد. ففي ذلك الشهر، تحديداً اليوم الموافق لـ29 رمضان، شن مقاتلون في تنظيم {الجماعة الإسلامية المسلحة} هجوماً كبيراً على هذا السجن الضخم القريب من جبال الأوراس، وتمكنوا من تحرير ما لا يقل عن 1200 سجين بينهم أعضاء في حزب {الجبهة الإسلامية للإنقاذ} (المنحل) وجماعات متشددة أخرى. عزز تحرير هؤلاء السجناء قوة {الجماعة المسلحة} على حساب غيرها من منافسيها، وشكّل دافعاً لبعض هؤلاء كي ينضووا تحت لوائها في {لقاء الوحدة} الشهير في مايو (أيار) 1994، حيث بايعوا زعيمها أبو عبد الله أحمد (شريف قواسمي).
في عام 1995، شهد سجن سركاجي، بالعاصمة الجزائرية، تمرداً آخر قام به السجناء، لكنه انتهى نهاية مأساوية. ففي فبراير (شباط)، تحوّل السجن الشهير في ضاحية الحراش إلى ساحة معركة بين السجناء وقوات الأمن التي قتلت ما لا يقل عن 96 من نزلائه بينهم قادة في جماعات إسلامية، لعل أشهرهم يخلف شراطي الذي كان من قادة {جبهة الإنقاذ}. وقد نجا من مذبحة السجن آنذاك مؤسس {الجماعة المسلحة} عبد الحق لعيايدة والقيادي المعروف في {جبهة الإنقاذ} عبد القادر حشاني (الذي اغتيل لاحقاً في العاصمة الجزائرية عقب الإفراج عنه). كما نجا من مذبحة السجن الملازم لمبارك بومعرافي المدان باغتيال الرئيس محمد بوضياف عام 1992.
- ليبيا
كانت ليبيا بدورها مسرح تمرد آخر للسجناء انتهى نهاية مأساوية عام 1996. كان سجن أبو سليم، في طرابلس، مسرحاً لتلك المأساة التي وقعت يوم 29 يونيو (حزيران)، وراح ضحيتها ما لا يقل عن 1200 من السجناء. وتقول منظمة العفو الدولية، في تقرير عن سجن أبو سليم، إن {المئات من الرجال} المسجونين اقتيدوا في ذلك النهار إلى باحات السجن و{أُعدموا خارج إطار القضاء (...) وذلك فيما يظهر أنه كان عقاباً جماعياً على أعمال الشغب التي اندلعت في السجن في اليوم السابق للمذبحة}.
وبقيت مذبحة أبو سليم محور جدل لسنوات طويلة بعد وقوعها، ولم يتم فتح ملفها بصورة جدية سوى في السنوات الأخيرة لحكم العقيد معمر القذافي عندما رعى نجله، سيف الإسلام، الإفراج عن معتقلين من السجن السيئ الصيت ودفع تعويضات لهم. لكن مطالبات ذوي الضحايا لم تتوقف، إذ ظلوا يقومون بتحركات من أجل معرفة حقيقة ما حصل لأبنائهم. وكما هو معروف، كان اعتقال قوات الأمن محامي ضحايا سجناء أبو سليم، فتحي تربل، في فبراير (شباط) 2011، سبباً في انطلاق احتجاجات ضد نظام القذافي في بنغازي، قبل أن تمتد إلى مدن ليبية أخرى وتتحول إلى ما أُطلق عليه {انتفاضة 17 فبراير} التي أسقطت حكم القذافي.
- قلعة جانغي
والحديث عن النهايات المأساوية لتمرد السجناء، كما حصل في أبو سليم وسركاجي، لا يمكن أن يتجاهل ما حصل في قلعة جانغي الواقعة بولاية بلخ، شمال أفغانستان. فبين أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) وبداية ديسمبر (كانون الأول) 2001، كان هذا السجن ساحة مذبحة رهيبة راح ضحيتها ما لا يقل عن 300 سجين ينتمون إلى {طالبان} وجماعات أخرى متشددة من جنسيات مختلفة كانوا يقيمون في أفغانستان قبل الغزو الأميركي رداً على هجمات 11 سبتمبر (أيلول) من ذلك العام. وفي الواقع، كان كثير من هؤلاء الأسرى يخفون أسلحة وقنابل أخفوها بعد استسلامهم، وقد بدأوا تمرداً مفاجئاً خلال عمليات التحقيق التي كانت تُجرى معهم بإشراف ضباط في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه). وخلال إخماد التمرد في القلعة، قُتل ما لا يقل عن 300 من السجناء وعدد من محتجزيهم الأوزبك، بالإضافة إلى ضابط واحد من الاستخبارات الأميركية.


مقالات ذات صلة

العراق: إحباط مخطط لـ«داعش» ضد شخصيات أمنية ومواقع حكومية في كركوك

العالم العربي جندي عراقي يقود دبابة (أرشيفية - رويترز)

العراق: إحباط مخطط لـ«داعش» ضد شخصيات أمنية ومواقع حكومية في كركوك

أفادت «وكالة الأنباء العراقية»، اليوم (السبت)، بأن جهاز الأمن الوطني أعلن إحباط مخطط «إرهابي خطير» في محافظة كركوك كان يستهدف شخصيات أمنية ومواقع حكومية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي نازحون في مخيم حسن شام على بعد نحو 40 كيلومتراً غرب أربيل (أ.ف.ب)

في شمال العراق... تحديات كثيرة تواجه النازحين العائدين إلى ديارهم

تعلن السلطات العراقية بانتظام عن عمليات مغادرة جماعية لمئات النازحين من المخيمات بعدما خصصت مبالغ مالية لكلّ عائلة عائدة إلى قريتها.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
العالم العربي تنظيم «داعش» يتبنّى عملية استهداف حاجز لـ«قسد» في ريف دير الزور الشرقي (مواقع تواصل)

حملات التمشيط العسكري لم تمنع انتعاش «داعش» في سوريا

على رغم أن القوات الحكومية السورية تشن حملات تمشيط متكررة في البادية السورية لملاحقة خلايا تنظيم «داعش» فإن ذلك لم يمنع انتعاش التنظيم.

المشرق العربي قوة مشتركة من الجيش العراقي و«الحشد الشعبي» بحثاً عن عناصر من تنظيم «داعش» في محافظة نينوى (أ.ف.ب)

«داعش» يعلن مسؤوليته عن هجوم أدى لمقتل 3 جنود في العراق

قالت مصادر أمنية وطبية في العراق إن قنبلة زرعت على جانب طريق استهدفت مركبة للجيش العراقي أسفرت عن مقتل 3 جنود في شمال العراق.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي «قوات سوريا الديمقراطية» خلال عرض عسكري في ريف دير الزور (الشرق الأوسط)

أكراد سوريا يتحسبون لتمدد الحرب نحو «إدارتهم الذاتية»

ألقت نتائج الانتخابات الأميركية بظلالها على أكراد سوريا ومصير «إدارتهم الذاتية» بعدما جدد الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، التهديد بشن عملية عسكرية.

كمال شيخو (القامشلي)

العراق: إحباط مخطط لـ«داعش» ضد شخصيات أمنية ومواقع حكومية في كركوك

جندي عراقي يقود دبابة (أرشيفية - رويترز)
جندي عراقي يقود دبابة (أرشيفية - رويترز)
TT

العراق: إحباط مخطط لـ«داعش» ضد شخصيات أمنية ومواقع حكومية في كركوك

جندي عراقي يقود دبابة (أرشيفية - رويترز)
جندي عراقي يقود دبابة (أرشيفية - رويترز)

أعلن جهاز الأمن الوطني العراقي، السبت، إحباط مخطط «إرهابي خطير» في محافظة كركوك كان يستهدف شخصيات أمنية ومواقع حكومية، وفق ما نقلته «وكالة الأنباء العراقية».

وقال الأمن الوطني العراقي إنه قبض على «أمير قاطع كردستان» في تنظيم «داعش»، وأن حصيلة المقبوض عليهم في محافظة كركوك «بلغت 50 إرهابياً صدرت بحقهم أحكام قضائية مختلفة».

وفي وقت سابق اليوم، أعلنت خلية الإعلام الأمني مقتل خمسة من تنظيم «داعش» في كركوك بضربة للقوات الجوية أمس.

وأضافت في بيان: «طائرات إف - 16 استهدفت مضافة للإرهابيين في وادي زعيتون ضمن قاطع عمليات كركوك... واكتشفت عناصر من القوات الخاصة مقتل خمسة والعثور على أسلحة ومعدات اتصال».

وأكد البيان استمرار القوات العراقية في العمل المكثف للتخلص من «الإرهاب الداعشي».