«الهجرة» و«الإسلام» لازمتان تظهران عند كل حملة انتخابية في فرنسا

المرشح للرئاسة الفرنسية أريك زيمور (أ.ف.ب)
المرشح للرئاسة الفرنسية أريك زيمور (أ.ف.ب)
TT

«الهجرة» و«الإسلام» لازمتان تظهران عند كل حملة انتخابية في فرنسا

المرشح للرئاسة الفرنسية أريك زيمور (أ.ف.ب)
المرشح للرئاسة الفرنسية أريك زيمور (أ.ف.ب)

إن كانت تصريحات المرشح للرئاسة الفرنسية أريك زيمور الشديدة اللهجة ضد «الاستبدال الكبير» و«المهاجرين المجرمين» تثير مواقف رافضة، إلا أنها تأتي في سياق جدل حول الهجرة والإسلام راسخ في فرنسا أكثر منه في الدول الأوروبية الأخرى، ويطبع بشدة حملة الانتخابات الرئاسية في هذا البلد.
ويندرج النقاش حول هذين الموضوعين ضمن تاريخ فرنسا الاستعماري الإشكالي، الذي نتج عنه اندماج فوضوي للمجموعات الكبرى المتحدرة من أصول أجنبية، كما أنه نابع من مفهوم صارم للعلمانيّة، على ما أوضح خبراء لوكالة الصحافة الفرنسية.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1484936396146098176
وقال الخبير السياسي باسكال بيرينو إن «عنصر الهجرة حاضر بصورة خاصة في فرنسا، لأنه يحرك الذكرى الصعبة لحرب الجزائر» وما واكبها من قتلى وأعمال تعذيب وعودة جماعية إلى الوطن، ما «ترك آثاراً عميقة في اللاوعي الجماعي».
وعلى سبيل المقارنة، لفت الخبير إلى أن «ألمانيا لم تقاتل تركيا وبلجيكا لم تقاتل المغرب»، في إشارة إلى المجموعتين الكبيرتين المتحدرتين من أصل تركي ومغربي في هذين البلدين على التوالي.
وأوضح إيمانويل كونت الباحث في مركز الشؤون الدولية في برشلونة أن فرنسا واجهت أيضاً «ضغطاً ناجماً عن الهجرة أكبر» مما واجهته القوى الاستعمارية الأخرى، وعانت من قصور في استقبال المهاجرين ولا سيما على صعيد الوظائف.
وإن كان المهاجرون استفادوا من «سوق مرنة» في بريطانيا واعتبروا «عمّالاً مدعوّين» في ألمانيا، فإن فرنسا من جانبها حدّت من وصولهم إلى الوظائف الثابتة «اعتباراً من السبعينات والثمانينات»، معطية الأفضلية لمواطنيها، على ما ذكر الخبراء.
وفي الوقت نفسه، أشار كونت إلى أنها حصرتهم في «غيتوات» أو (حارات). فالضواحي التي شُيدت في فرنسا بعد الحرب العالمية الثانية فرغت من الطبقات الوسطى، ولم يبق فيها سوى الأكثر فقراً، ومعظمهم من المهاجرين أو أبنائهم، في هذه الأحياء التي خلت تدريجياً من المتاجر والخدمات العامة.
ومع حرمانهم من فرص مهنيّة، غرق البعض في الجريمة، فتحوّل المهاجرون عندها إلى مجرد «مصدر إزعاج» برأي قسم من المواطنين، وهي صورة نمطية غذتها «الحملة السياسية» التي نُظمت ضدّهم.
ولفت الخبير السياسي جان غاريغ بهذا الصدد إلى أن فرنسا لديها «تقليد يميني متطرف يعود إلى أواخر القرن التاسع عشر، لدينا اليوم ورثته».
ففي 1972 قام جان ماري لوبن، وهو من قدامى حربي الهند الصينية والجزائر، بتأسيس الجبهة الوطنية.
وإن كانت ابنته مارين التي وصلت إلى الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية عام 2017 قبل أن يهزمها إيمانويل ماكرون، لطّفت خطابها، فإن المرشح أريك زيمور يعتمد خطاً أكثر تطرفاً إلى اليمين، مضاعفاً التصريحات البالغة الشدة تجاه الهجرة والإسلام.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1483594188063006720
وبموازاة ذلك، بات مسار اندماج الأجانب «أطول وأصعب تحت ضغط التطرف» بحسب ديدييه ليسكي رئيس الهيئة المكلفة تنظيم الاستقبال والاندماج في فرنسا.
ويثير هذا الضغط صداماً مع العلمانية التي أرساها قانون 1905 حول فصل الدين والدولة الذي حصر العقيدة ضمن الدائرة الخاصة.
وقال بويان تميمي عرب الباحث في الدراسات الدينية في جامعة أوتريشت إن «فرنسا هي الشرير العلماني»، معتبراً أن مفهوم هذا البلد للعلمانية بالغ التشدد.
ففي النموذج البريطاني المصمم على شكل تعايش لمختلف المجموعات الواحدة بجانب الأخرى، تكون الديانات حاضرة في المساحة العامة، خلافاً لفرنسا حيث يتعيّن على الأجنبي أن يندمج في النموذج الوطني ويتماثل معه.
وفي ألمانيا تم استقبال مليون مهاجر عام 2015 وسط موجة تضامن وطني، مما تسبب في صعود قوي لحزب البديل من أجل ألمانيا (اليمين المتطرف) في بلد حيث كانت المحرمات المرتبطة بالماضي النازي تمنع حتى ذلك الحين ظهور حزب متطرف قوي.
لكن في انتخابات 2021. ركز هذا الحزب حملته على وباء «كوفيد - 19». وأوضحت دانييلا شفارتزر مديرة منظمة «أوبن سوسايتي» غير الحكومية، أن «مسألة الهوية لم تكن الموضوع المطروح في ألمانيا»، حيث وطأة «الصدمة» الناجمة عن اعتداءات إرهابية أقل بكثير منها في فرنسا.


مقالات ذات صلة

محكمة هندية تمنع إجبار مطاعم على عرض أسماء أصحابها

آسيا طلبت السلطات الهندية في منطقة مظفرناجار من المطاعم على طول الطريق المؤدية للأماكن الهندوسية المقدسة عرض أسماء مالكيها (رويترز)

محكمة هندية تمنع إجبار مطاعم على عرض أسماء أصحابها

ألغت المحكمة العليا في الهند قرارا مثيرا للجدل يقضي بأن تعرض المطاعم الواقعة على طول الطريق المؤدية للأماكن الهندوسية المقدسة أسماء مالكيها ومشغليها.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
أوروبا زعيم حزب الإصلاح البريطاني نايغل فاراج (رويترز)

أجزاء من مدن بريطانيا «إسلامية»... نايجل فاراج يدعم نائب ترمب

قال رئيس حزب الإصلاح البريطاني نايغل فاراج إن «هناك أجزاء من المدن البريطانية إسلامية» وحذّر من «انتشار التطرف الديني في جميع أنحاء المملكة المتحدة».

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا ملك ماليزيا خلال استقبال أحمد الطيب (مشيخة الأزهر)

«الأزهر» يُحذّر من تيارات تحاول نشر الكراهية بين المسلمين

حذّر شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب، من «تيارات تحاول تغذية التعصب والكراهية بين المسلمين».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم شهد العالم في عام 2023 أكبر عدد من النزاعات المسلحة منذ عام 1946 (أ.ب)

عدد النزاعات المسلحة في العالم هو الأعلى منذ عام 1946

شهد العالم في عام 2023 أكبر عدد من النزاعات المسلحة منذ عام 1946، لكن عدد الدول التي عانت من هذه النزاعات انخفض، بحسب دراسة نرويجية نشرت اليوم الاثنين.

«الشرق الأوسط» (أوسلو)
أوروبا موقع الجريمة في مدينة مانهايم غرب ألمانيا حيث تعرض سياسي من اليمين المتطرف لعملية طعن (رويترز)

ألمانيا: سياسي من اليمين المتطرف يتعرض لعملية طعن

تعرض سياسي من اليمين المتطرف لعملية طعن في مدينة مانهايم بغرب ألمانيا، في أثناء مشاركته في تجمع شعبي للحديث عن «أسلمة أوروبا».

راغدة بهنام (برلين)

مجموعة العشرين تتعهد «التعاون» لفرض ضرائب على أثرى الأثرياء

تتولى البرازيل الرئاسة الدورية لمجموعة العشرين (أ.ف.ب)
تتولى البرازيل الرئاسة الدورية لمجموعة العشرين (أ.ف.ب)
TT

مجموعة العشرين تتعهد «التعاون» لفرض ضرائب على أثرى الأثرياء

تتولى البرازيل الرئاسة الدورية لمجموعة العشرين (أ.ف.ب)
تتولى البرازيل الرئاسة الدورية لمجموعة العشرين (أ.ف.ب)

اتفقت دول مجموعة العشرين على العمل معاً لفرض ضرائب على أثرى الأثرياء، لكن دون التوصل لاتفاق حول نظام ضريبي عالمي، وذلك وفقاً لإعلان تمّ تبنيه بعد اجتماع وزراء مالية دول المجموعة في ريو دي جانيرو.

وقال الإعلان الصادر عن البرازيل التي تتولى الرئاسة الدورية للمجموعة إنه «مع الاحترام الكامل للسيادة الضريبية، سنسعى إلى المشاركة متعاونين لضمان فرض ضرائب فعالة على صافي الثروات العالية للأفراد»، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

وأضاف الوزراء في إعلانهم أنّ «عدم المساواة في الثروة والدخل يقوّض النمو الاقتصادي والتماسك الاجتماعي ويؤدي إلى تفاقم نقاط الضعف الاجتماعية». ودعا الإعلان إلى «سياسات ضريبية فعّالة وعادلة وتصاعدية».

وقال وزير المالية البرازيلي فرناندو حداد إنّه «من المهمّ، من وجهة نظر أخلاقية، أن ترى أغنى عشرين دولة أنّ لدينا مشكلة تتمثّل في فرض ضرائب تصاعدية على الفقراء وليس على الأثرياء».

ورحّبت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، الجمعة، بالإعلان الصادر عن مجموعة العشرين والمؤيّد «للعدالة المالية»، معتبرةً أنّه «جاء في الوقت المناسب ومرحّب به».

وقالت غورغييفا في بيان إنّ «الرؤية المشتركة لوزراء مجموعة العشرين بشأن الضرائب التصاعدية تأتي في الوقت المناسب وهي موضع ترحيب، لأنّ الحاجة إلى تجديد الاحتياطيات المالية مع تلبية الاحتياجات الاجتماعية والتنموية تنطوي على قرارات صعبة في العديد من البلدان». وأضافت أنّ «تعزيز العدالة الضريبية يساهم في القبول الاجتماعي لهذه القرارات».