محمد عبده، فنان لا يخذل محبيه، فمثلما بقيت أغنياته جواهر مشعة، لا تبلى ولا تذبل رغم تقادم الأيام، بقي كما هو في أدائه وتوهجه وإدهاش سامعيه، وفي «ليلة المعازيم» أطل فنان العرب على عادته والمألوف منه، ضاجاً بالفرح، أشعل قناديل أمسية عريضة من الغناء والموسيقى، دلل الآذان، وأنعش الوجدان، وبسط سلطانه في المكان.
المكان، تحول إلى قطعة سخية بالأجواء الفاخرة والساحرة، تشبه المسارح فترة السبعينات، التي توهجت فيها أغنية عبده، وتجلت موهبته، وجاءت «ليلة المعازيم» نافذة إلى الذكريات التي طرزت مسيرته، يوم كانت الأغنية السعودية حبيسة المنافي، وعزيزة على جمهورها الأصلي.
وفي مسرح محمد عبده أرينا في «بوليفارد رياض سيتي»، تحول الفضاء المبسوط أمام منصة الفنان، إلى حديقة غناء، الإضاءات الخافتة، وعرائس الورد، وأعمدة الشمع التي بقيت ساهرة تناغي أعين «المعازيم».
«ليلة المعازيم» كتب كلماتها الشاعر فائق عبد الجليل وقام بتلحينها عدنان خوج، وأضحت من فرائد الغناء العربي، مقطوعة معزوفة على وتر الجروح القديمة، وفراغ الانتظارات المريرة، ووشح محمد عبده الأغنية بوشاح مهيب من سحر صوته الكريم.
كل شيء أعيد تصميمه ليرتقي إلى مستوى اللحظة، كل التفاصيل التي أسهمت في صناعة تجربة وسهرة فنية من الطراز الرفيع، تعيد التذكير بقيمة وحقيقة أسطورة الغناء العربي الحية، الذي بقي وهج أغنياته مشعاً، وصدى صوته ندياً، والآهات التي تصدح من حنجرته، لها نفس الوقع والتأثير في المسامع والمدامع. قبل انطلاق الحفل بدأ بث فيلم قصير، يؤرخ لمسيرة فنان العرب، منذ صباه وهو يشق طريقه المفروش بالمشاق والنجاحات، وحتى اعتلى عرش الأغنية العربية، كان التأريخ متكئاً على فرائد الأغنيات التي كانت بمثابة نقلات نوعية في مسيرته، وارتقاء في سلم المجد الغنائي.
وكانت الليلة في جملتها، تتويجاً لمسيرة فنان العرب محمد عبده التي امتدت خلال خمسة عقود، كان خلالها صانع البهجة وحارس الذكريات ورسام خرائط الوجدان وأمين عام اللحظات الفاخرة في حسابات كل من شغف بصوته وانتمى إلى فنه ولامس غيم السعادة السابحة في فضاء الموهبة الفذة والأغنية المبدعة.
وخلال الحفل، حظي جمهور الليلة، بفرصة أن يشاهد العرض الأول لمشروع 100 أغنية لفنان العرب على طريقة الهولوغرام، عرض قصير استثنائي لمكتبة تؤرشف تجربة تبقى للأجيال، شاهدة على تاريخه الفني على مدار 50 عاماً، لتظل حاضرة في مستقبلهم، تمول لحظاتهم الفاخرة وتحيي لياليهم الساحرة.
واستكمالاً لإطار الصورة الاحتفائية بفنان العرب، أعلن من فوق المسرح عن دخول حفل ليلة المعازيم «موسوعة غينيس» بعد أن حقق رقماً قياسياً كأول حدث في العالم يقدم 5 شخصيات بتقنية الهولوغرام في عرض واحد للفنان محمد عبده.
الحظ كريم في «ليلة المعازيم»
الحظ كريم في «ليلة المعازيم»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة