طُعْم دوائي لـ«اصطياد» فيروس «كورونا» ومتحوراته

يتكون من بروتين يشبه مستقبلات الخلايا البشرية

عاملة صحة تفحص عينة «كورونا» في مستشفى بإسلام آباد 3 يناير (أ.ب)
عاملة صحة تفحص عينة «كورونا» في مستشفى بإسلام آباد 3 يناير (أ.ب)
TT

طُعْم دوائي لـ«اصطياد» فيروس «كورونا» ومتحوراته

عاملة صحة تفحص عينة «كورونا» في مستشفى بإسلام آباد 3 يناير (أ.ب)
عاملة صحة تفحص عينة «كورونا» في مستشفى بإسلام آباد 3 يناير (أ.ب)

كما الأسماك التي يتم اصطيادها بالطُّعْم، فكر العلماء في آلية مشابهة لتصنيع دواء يعمل بمثابة طُعْم لصيد فيروس كورونا المستجد، المسبب لمرض «كوفيد – 19»، وأثبتوا أن هذه الاستراتيجية فعالة للغاية في منع الوفاة جراء الإصابة وتلف الرئة في النماذج الحيوانية المتوافقة مع البشر لمرض «كوفيد – 19» الشديد.
ويصيب فيروس كورونا المستجد الخلايا البشرية عبر ارتباط بروتين الأشواك بالفيروس (بروتين سبايك) بمستقبلات بروتين (ACE2) الطبيعية الموجودة في الخلايا البشرية، ويتكون الدواء الجديد الذي يتم تطويره في جامعة إلينوي الأميركية، من بروتين شبيه مصمم هندسياً بقدرة ربط عالية بشكل غير مسبوق لبروتين الأشواك، ليعمل الدواء على امتصاص الفيروسات قبل أن تتمكن من الارتباط بالخلايا البشرية.
وفي الدراسات التي أُجريت على الحيوانات لـ«كوفيد – 19» الشديد، استخدم الباحثون نماذج الفئران المصممة لحمل بروتين ACE2 البشري، وتم إعطاء الفئران المصابة الدواء عن طريق الوريد، ووجد الباحثون في دراستهم التي نشرت أمس في دورية «نيو إنجلاند جورنال أوف ميدسين» أن الفئران التي تلقت العلاج أظهرت انخفاضاً ملحوظاً في معدل الوفيات ولا يوجد دليل مهم على متلازمة الجهاز التنفسي الحادة الوخيمة، وهي السمة المميزة للمرض والسبب الرئيسي للوفاة، كما استعادت الفئران التي تلقت الدواء شهيتها ووزنها، وهما من علامات الشفاء.
وشوهدت الفوائد حتى عندما تعرضت الفئران لمتغير «غاما» العدواني، ما يشير إلى قابلية التطبيق الواسع للدواء ضد متغيرات «كوفيد – 19» الناشئة حديثاً.
يقول أسرار مالك، الأستاذ في قسم الصيدلة والطب التجديدي والباحث الرئيسي بالدراسة في تقرير نشره الموقع الإلكتروني لجامعة إلينوي بالتزامن مع الدراسة، إن «انخفاض معدلات تراكم السوائل في الرئتين والوفاة في مجموعة العلاج يوضح إمكانات طُعْم (ACE2) في مساعدة الأشخاص المصابين بـ(كوفيد - 19) الحاد».
ويعد تراكم السوائل الشديد في الرئة أحد مضاعفات «كوفيد – 19» الذي يجعل من الصعب على المرضى التنفس ويؤدي إلى الحاجة إلى جهاز التنفس الصناعي.
وفي دراسات إضافية، اختبر الباحثون مدى جودة ربط طُعْم وتحييد المتغيرات المتعددة للفيروس، ووجدوا أنه كان قادراً على الارتباط ببروتينات سبايك من جميع المتغيرات التي تم اختبارها، التي تضمنت متغيرات «ألفا» و«بيتا» و«غاما» و«دلتا» و«إبسيلون»، التي كانت متاحة في وقت الدراسة، ووجدوا أيضاً أنه يرتبط بشكل متساوٍ، إن لم يكن أفضل، بالمتغيرات أكثر من ارتباطه بالسلالة الأصلية للفيروس.
يقول جليس رحمن، الأستاذ في قسم الصيدلة والطب التجديدي والباحث المشارك بالدراسة، إنه «بالنظر إلى ظهور أوميكرون، فإنه من الجيد جداً أن طُعْم ACE2 كان قادراً على ربط العديد من المتغيرات وتحييدها، وهذا يعزز إمكانات هذا الدواء كعلاج، بما في ذلك ضد المتغيرات الجديدة أو المستقبلية للفيروس».
ويضيف أن «أحد الأمور المثيرة حول العقار هو أنه يمكن استخدامه مع أدوية أخرى، خاصة تلك التي تمنع تكاثر الفيروس الذي دخل بالفعل إلى الخلايا أو الأدوية التي تمنع الاستجابة المناعية المفرطة، التي يمكن أن يؤدي إلى تفاقم مضاعفات (كوفيد - 19)».
ووجد الباحثون أيضاً أن بروتين طُعْم يمكن أن ينتقل عن طريق الاستنشاق مباشرة إلى رئتي الفئران، وهو ما يعني إمكانية استخدامه في صورة دواء يعطى عن طريق الحقن أو الاستنشاق.
وتأتي قيمة مثل هذه المحاولات لإنتاج أدوية جديدة، مع ظهور متحورات جديدة من الفيروس تشير إلى أنه يتجه إلى مرحلة التحول من وباء إلى فيروس مستوطن.
وبينما تظل اللقاحات الخيار الأفضل للوقاية من العدوى والمضاعفات طويلة المدى والوفاة من «كوفيد – 19»، هناك حاجة ملحة لتطوير علاجات فعالة للمرضى المعرضين للخطر.
يقول رحمن إن «الأفراد المستضعفين المعرضين لخطر الإصابة بالفيروس هم أولئك الذين لم يتلقوا التطعيم أو يعانون من نقص المناعة، وبالتالي فإن جهاز المناعة لديهم لا يستطيع حمايتهم أيضاً حتى بعد تلقي التطعيمات والمعززات، وبالإضافة إلى ذلك، فإن المتغيرات الجديدة مثل أوميكرون تتهرب جزئياً من الجهاز المناعي ويمكن أن تسبب التهابات خارقة، وبالنسبة لجميع المرضى المعرضين للخطر، نحتاج إلى إنشاء مجموعة من العلاجات حتى يتسنى لمقدمي الرعاية اختيار أنسب الأدوية أو مجموعة الأدوية، اعتماداً على مرحلة المرض الفردية للمريض وشدته».


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».