شهدت مدينة تعز، في جنوب صنعاء، أمس، مواجهات عنيفة بين القوات الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي والمقاومة الشعبية، من جهة، والميليشيات الحوثية والقوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، من جهة أخرى، في وقت استهدف طيران التحالف مواقع عسكرية في صنعاء وعدد من المحافظات، فيما تستمر المواجهات العسكرية في عدن وبعض الجبهات.
وقال شهود عيان في تعز لـ«الشرق الأوسط» إن المقاومة الشعبية والقوات الموالية للشرعية في «اللواء 35 مدرع»، تواصل تقدمها في المواجهات، حيث باتت تسيطر على نحو ثلثي مدينة تعز الكبيرة والمكتظة بالسكان، ووصف الشهود ما يجري في تعز بأنه حرب شوارع، وذكرت مصادر محلية أن القوات الموالية للشرعية هيمنت على أحياء واسعة من المدينة وفرضت فيها طوقا أمنيا وشرعت في تصفية جيوب وجود الميليشيات. وأشارت المصادر إلى أن المقاومة في مدينة تعز، تلقت دعما بالمقاتلين من مديريات المحافظة التي تعد الأكبر في اليمن من حيث عدد السكان الذين يتجاوز عددهم 4 ملايين نسمة، وفي التطورات الأخرى، قصف طيران التحالف، أمس، معسكر الدفاع الجوي في منطقة ضلاع همدان في شمال غربي صنعاء. وأسفر القصف عن تدمير أجزاء من المعسكر في تلك المنطقة التي كان الحوثيون اتخذوا منها منطلقا لاجتياح العاصمة صنعاء في سبتمبر (أيلول) المنصرم، بعد إخضاعهم قبائل المنطقة لسيطرتهم بالقوة العسكرية، كما استهدف طيران التحالف أماكن تجمعات الحوثيين قرب معسكر «ماس» في محافظة مأرب التي تستمر فيها المواجهات، بين القبائل وقوات الجيش الموالية للشرعية الدستورية، من جهة، والقوات العسكرية والميليشيات الحوثية، من جهة أخرى، حيث لم تستطع القوات المهاجمة تحقيق أي تقدم باتجاه السيطرة على مراكز المديريات في المحافظة النفطية الهامة، وذكرت مصادر قبلية أن المسلحين القبليين الموالين للشرعية في مديرية مجزر، كبدوا الحوثيين خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات، وذلك عندما حاولت مجاميع حوثية الالتفاف على المواقع التي توجد فيها المقاومة التي كانت في انتظارهم وتصدت لهم.
وشهدت التطورات، أمس، قصفا متكررا لجسر السحول في محافظة إب، بوسط البلاد، وحسب مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط»، فإن الجسر المستهدف كان يستخدمه الحوثيون في نقل إمدادات عسكرية من صنعاء إلى محافظة تعز، وأشارت المصادر إلى أن القصف تسبب في سقوط ضحايا من المدنيين. وقالت إنه وعقب سقوط الصاروخ الأول على الجسر والذي لم يصبه، قام المواطنون بالتجمع في موقع القصف، وبعد دقائق استهدف صاروخ آخر الجسر، الأمر الذي أدى إلى سقوط نحو 80 شخصا بين قتيل وجريح، وأعربت تلك المصادر عن أسفها لسقوط قتلى في صفوف المدنيين، ودعت المواطنين إلى تجنب التجمع والتجمهر في المواقع التي تستهدف بالقصف، وأيضا، من الوجود إلى جوار المواقع والمنشآت العسكرية التي قد تمثل أهدافا لقصف الطيران. وكشفت المصادر في إب لـ«الشرق الأوسط» أن مسلحين من منطقة الأزارق في مديرية السياني بمحافظة إب، تمكنت ليل أول من أمس، من قتل نحو 23 مسلحا حوثيا، أثناء محاولة عبورهم إلى محافظة تعز، غير أن الميليشيات الحوثية المرابطة في المنطقة، ردت على العملية الجريئة، بقصف القرى السكنية، فجر أمس، كما شمل القصف الجوي، أمس، مناطق في محافظة حجة، بينها مدينة حرض المجاورة للحدود اليمنية - السعودية، وقالت مصادر محلية إن القصف استهدف، أيضا، ميناء ميدي ومعسكر في منطقة تسمى المنصورية.
وفي محافظة الضالع شن طيران التحالف، صباح أمس، غاراته على مواقع عسكرية موالية للرئيس المخلوع صالح والحوثي. وقال مصدر في المقاومة الشعبية في جبهة الضالع لـ«الشرق الأوسط» إن ضربات الطيران استهدفت مواقع جبل السوداء ومعسكر القوات الخاصة شمال مدينة الضالع وكذا موقع ثالث معروف بـ«الخزان» مطل على أحياء المدينة من جهة الجنوب الشرقي. وأضاف المصدر أن ضربات الطيران صباح أمس جاءت مباغتة وفي وقت تخوض فيه المقاومة الشعبية معركة ضارية في جبهة الجليلة - الوبح شمال مدينة الضالع والتي كانت قوات صالح والحوثي قد استخدمت مختلف الأسلحة الثقيلة ودون تفريق بين منزل ومدرسة وجامع وبين أهداف عسكرية، وأشار إلى أن معركة أمس تأتي استكمالا لمواجهات الأيام الثلاثة الماضية التي تمكنت فيها المقاومة من تدمير وإعطاب كثير من المدرعات والمصفحات، فضلا عن تكبيد تلك القوات عشرات القتلى والجرحى. من ناحية ثانية قال مصدر طبي لـ«الشرق الأوسط» إن معظم الحالات الواصلة لمستشفى الحكومة الذي تعمل به منظمة بلا حدود الدولية، هي في الأغلب لحالات مدنية ولقيت مصرعها أو إصابتها بفعل الضرب العشوائي على القرى والأحياء السكنية من قبل الميليشيات الحوثية. وذكر المصدر الطبي أن آخر ضحايا القنص أو الضرب، موظفان في هيئة البريد فرع الضالع، الأول توفي إثر قذيفة دبابة على منزله في قرية الوعرة المحاذية لجبل السوداء بينما جرح الآخر برصاصة قناصة. وعلى صعيد الاعتقالات التي تنفذها ميليشيات الحوثي وصالح في بعض مناطق الضالع، قال مصدر مسؤول في السلطة المحلية لـ«الشرق الأوسط» إن الاعتقالات الجماعية ليس لها أي مبرر أو تعريف غير أن ميليشيات صالح والحوثي في وضعية سيئة وحرجة جعلتهم يتصرفون بهستيريا وجنون لا يفرق بين محارب في الجبهة ومواطن مدني أعزل باحث عن لقمة عيشه أو مسافر على متن مركبة أو صاحب بقالة، حسب تعبيره.
من جهة ثانية، قالت مصادر قبلية في محافظة شبوة إن عددا من المسلحين الحوثيين وقوات صالح، سقطوا قتلى وجرحى، أمس، في مديرية نصاب، وأكد متابعون لتطورات الأوضاع في اليمن لـ«الشرق الأوسط» إن «العمليات والكمائن التي تنصب للحوثيين وقوات صالح في تعز ولحج وإب وشبوة وأبين والبيضاء، كبدت تلك القوات خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات وخلطت الأوراق لدى القوات المهاجمة التي لم تعد تعرف من أين ستستهدفها الضربات والكمائن». وأشار المتابعون إلى أن «هذه الحوادث تثبت، بالدليل القاطع، حالة الرفض الشعبية للحوثيين ولنظام الرئيس المخلوع صالح». وأكدوا أن تطورات الأحداث «قد تشهد، في الأيام المقبلة، المزيد من جبهات القتال ضد هذه القوات المتمردة على الشرعية في اليمن».
في سياق متصل، أقدمت ميليشيات الحوثي المتسلطة في صنعاء، على قطع خطوط الاتصالات الهاتفية الأرضية وخدمة الإنترنت عن 4 محافظات يمنية جنوبية. وأكدت مصادر في عدن أن الاتصالات توقفت إلى المحافظة والمحافظات الأخرى التي تشترك معها في نفس السنترال والذي يبدأ مفتاحه الداخلي برقم (2) وهي محافظات: عدن، لحج، أبين والضالع، وأكد نشطاء في عدن لـ«الشرق الأوسط» أن الهدف من هذه الخطوة «هو عزل هذه المحافظات في محاولة لإخفاء الحقائق عن العالم بشأن ما ترتكبه الميليشيات الحوثية المسلحة والقوات الموالية للمخلوع صالح»، خاصة بعد أن تمكن الكثير من النشطاء من «كشف الكثير من جرائم تحالف الحوثي – صالح وممارساتهم في عدن وغيرها من المحافظات الجنوبية، عبر إرسال مقاطع الفيديو والصور إلى العالم لمشاهدتها ومشاهدة، أيضا، البطولات التي يسطرها أبناء تلك المحافظات في مواجهات القوات الغازية»، حسب تعبير النشطاء. وقال محمد قاسم نعمان، رئيس مركز اليمن لدراسات حقوق الإنسان في عدن لـ«الشرق الأوسط» إن «عملية قطع الخدمات الهاتفية والإنترنت على محافظات عدن ولحج والضالع وأبين وهي المحافظات التي صنعت وتصنع بطولات مجيدة ورائعة في مواجهة العدوان العسكري الحربي لـ(أنصار الله) الحوثيين وجيش الرئيس السابق علي عبد الله صالح ومن لف لفهما، تأتي ضمن كثير من انتهاكات حقوق الإنسان التي رافقت وترافق هذا العدوان العسكري – الحربي والذي يستهدف فيه السكان المدنيون وحقوقهم الإنسانية». ويضيف نعمان أن القيام على هذه الخطوة «يعبر أيضا عن حالة اليأس من فشل مخططهم الحربي العدواني كما أنها تنبئ، أيضا، عن استعدادهم لتنفيذ مخطط أوسع لمثل هذه الانتهاكات للحقوق الإنسانية، إضافة إلى المخطط العدواني العسكري ليشمل مزيدا من الأعمال الانتقامية تشمل الإبادة الجماعية للسكان واستهداف المدنيين كنوع من الانتقام وفشل مخططهم ولاعتقادهم بأنه بهكذا رد ومخطط سيخضعون المقاومين والمدافعين عن مدنهم وأسرهم وأعراضهم ومساكنهم وهم بذلك واهمون، بل يؤكدون غباءهم الذي بدأوه بتنفيذ هذا المخطط العسكري – الحربي على الجنوب وعلى مدنه الصامدة والباسلة في عدن والضالع ولحج وأبين».
حرب شوارع في تعز والمقاومة تسيطر على أجزاء واسعة من المدينة
المتمردون يقطعون خدمات الاتصالات والإنترنت عن عدن ومحافظات جنوبية
حرب شوارع في تعز والمقاومة تسيطر على أجزاء واسعة من المدينة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة