جورج طنب لـ «الشرق الأوسط»: حلمي أن أحمل لبنان إلى «الأوسكار»

حصد الجائزة العالمية في الموسيقى «آوت ستاندينغ إكسيلانس»

جورج طنب أحد أصغر الموسيقيين اللبنانيين المشهورين في العالم
جورج طنب أحد أصغر الموسيقيين اللبنانيين المشهورين في العالم
TT

جورج طنب لـ «الشرق الأوسط»: حلمي أن أحمل لبنان إلى «الأوسكار»

جورج طنب أحد أصغر الموسيقيين اللبنانيين المشهورين في العالم
جورج طنب أحد أصغر الموسيقيين اللبنانيين المشهورين في العالم

هو ابن بيت موسيقي عريق، والده الموسيقي سمير طنب، وعمَّاته الأخوات طنب الشهيرات في عالم الغناء والأوبرا. جورج طنب منذ أن كان في الرابعة من عمره هوى الموسيقى، وكان يستمع إليها بشغف وحب. كَبر ونمَت معه موهبته ليتحول إلى أصغر موسيقي لبناني عالمي يحصد الجوائز الدولية، الواحدة تلو الأخرى.
مؤخراً حقق جورج نجاحاً باهراً، بُعيد حصوله على جائزة «آوت ستاندينغ إكسيلانس» العالمية عن موسيقى فيلم «كفى لبنان ساعات قاتمة» (Enough Lebanon’s darkest hour) للمخرجة الأسترالية اللبنانية الأصل ديزي جدعون. وبذلك يكون جورج طنب أول لبناني يحصد هذه الجائزة ضمن المهرجان الأميركي العالمي للأفلام «Docs without borders».
مشوار جورج طنب في الموسيقى بدأه في خطوات ثابتة، فاستهله من لبنان: «أول من عزف لي مقطوعة موسيقية على صعيد رسمي، كانت الأوركسترا الفيلهارمونية اللبنانية». من بعدها كرَّت سبحة نجاحاته، ليحلق بموسيقاه في سماء الغرب. في إيطاليا يلقبونه بـ«موريكوني لبنان». فهو يمشي على خطوات هذا الموسيقي العالمي الذي اشتهر في مجال الموسيقى التصويرية.
ويعلِّق لـ«الشرق الأوسط»: «هذا اللقب حمَّلني مسؤولية كبيرة. هو أمر أفتخر به كثيراً. وقد حصلت عليه بعدما عزفت موسيقاي وأنا في العشرين من عمري، الأوركسترا الفيلهارمونية الإيطالية، وأوركسترا سان ريمو سيمفوني، بقيادة المايسترو الشهير فرانشيسكو أتاردي».
وماذا عن الجائزة الأخيرة التي حصدتها عن الفيلم الأسترالي؟ يقول: «في الحقيقة لم أكن أتوقعها أبداً؛ إذ تخيلت أن كاتب الفيلم أو مخرجته يمكن أن يحصداها. إنَّها لا شك محطة مضيئة في حياتي المهنية».
وكان الموسيقي اللبناني قد أدخل على موسيقى الفيلم آلة العود، ليلونها بالنمط الشرقي: «صراحة إن المخرجة ديزي جدعون هي من أصرت على استخدام العود. وقد شارك في عزفها نحو 90 موسيقياً». ومن أين استوحيتها؟ يقول: «لبنان يسكن في قلبي، كما أن الفيلم يحكي عن انفجار بيروت. فترجمت فيها كل مشاعري تجاه هذا الحدث المأساوي الذي طال بلدي. أدخلت آلة العود لأذكر من خلاله صوت لبنان الموسيقي. فأن نستمع إلى عزف على العود بمؤازرة آلات أخرى أجنبية كالتشيللو مثلاً، كان له وقعه الغريب».
طنب الذي يرتكز في مؤلفاته على الموسيقى الكلاسيكية -وهو أمر لا نصادفه كثيراً في موسيقى الأفلام- يرى أنه من الممكن أن تطعَّم المؤلفات الموسيقية في المستقبل بآلات عزف شرقية «بشرط واحد، وهو أن يتمتع مؤلفها بركيزة الموسيقى الكلاسيكية».
ويتحدث عن رأيه في مواهب لبنانية جديدة في الموسيقى، قائلاً: «لستُ ملماً كثيراً بهذه المواهب، كوني درست خارج لبنان. ولكني على يقين بأن هناك الكثير منهم، وينتظرون الفرصة المواتية. مع الأسف في لبنان لا يهتمون كثيراً بالموسيقى. وعلى وزارة الثقافة أن تهتم بهؤلاء الشباب وبالموسيقى الأوركسترالية بشكل عام. والمشكلة الأكبر هي أن لا دار أوبرا في لبنان تسهم في تنمية وتغذية أفكارهم الموسيقية».
يعترف جورج طنب بأن موهبته ككثيرين غيره من الفنانين والموسيقيين وُلدت معه، وصقلها بالعلم والدراسة، فتفتحت بثبات. هو لا يستطيع أن يفسر لنا كيف تُولد أفكاره الموسيقية، ومن أين يستوحيها. «الموهبة لا شك نعمة من رب العالمين، وهناك نجوم كثيرون برعوا واشتهروا، على الرغم من أنَّهم لم يدرسوا الموسيقى، وموزارت واحد منهم. فالنوتات تجتاحني من حيث لا أدري، أسمعها في رأسي ومن ثمَّ أكتبها على الورق. كما أن موضوعات الأعمال التي أؤلف لها الموسيقى تسهم كثيراً في رسم هذه الصور في مخيلتي».
يؤكد الموسيقي الشاب أن الأجواء التي عاشها مع عائلته الفنية، ساعدته في الوصول إلى ما هو عليه اليوم، على الرغم من عمره الفتي. «كنت لا أزال ولداً صغيراً، عندما كنت أرافق والدي في تسجيلاته، وكذلك بالنسبة لعماتي فاديا ورونزي وآمال؛ كنت لا أتوانى عن المشاركة في العزف. وبعد أن سافرت إلى فيينا؛ حيث شاركت في ورشة (هوليوود ميوزيك)، توسعت ثقافتي في التأليف الموسيقي والعمل الأوركسترالي».
«العبقري الصغير» كما سمَّاه الأوركسترالي العالمي كونراد بوب، طموحاته لا حدود لها، وهو لا يستبعد أن يحصد جوائز ضخمة كـ«الأوسكار»، و«غرايمي آوورد».
«تعرفتُ إلى المنتج الهوليوودي اللبناني الأصل ماريو قصار، وطلب مني وضع موسيقى لأحد أفلامه المقبلة الضخمة. كذلك أعمل على تأليف موسيقى لباليه بينيكيو، هذه الشخصية التي تربينا عليها منذ صغرنا. هذا المشروع طلبه مني (باليتو دل سود) الإيطالي، في ذكرى مرور 140 عاماً على ولادة قصة بينيكيو. فموسيقاي ستحكي هذه الرواية المجسدة في عمل باليه عالمي».
ويكمل طنب: «أحلامي كبيرة، ولطالما مشيت بخطوات ثابتة، وأنا أعلم مسبقاً إلى أين أريد أن أصل. ولكن قصة بينيكيو لم أكن أنتظرها، ومع ذلك فقد وضعت نصب عيني أهدافاً عديدة. وبينها حصد جائزة (الأوسكار) لأني على يقين بأن مخرجين سينمائيين عالميين كُثر بحاجة إلى موسيقاي؛ لأن أمثالي ليسوا كثراً».
من ناحية ثانية، يضع طنب موسيقى الفيلم الجديد للمنتجة سوزان ماريا بارانوفز، الحائزة جائزة «أيمي أوورد» عن أعمالها.
ولكن عندنا أيضاً الموسيقي غبريال يارد؛ فقد برع أيضاً في موسيقى الأفلام. يوضح: «إنه موسيقي من بلادي أفتخر به من دون شك، ولكن موسيقاه تختلف عني، ولا ترتكز على الكلاسيكية».
يبلغ اليوم جورج سمير طنب 29 عاماً، تلمس وأنت تتحدث معه مدى حماسه الكبير لتحقيق أحلامه العالمية: «إنها قريبة مني، ولن تكون صعبة المنال» كما يقول. ويضيف: «موسيقى الأفلام المرتكزة على الكلاسيكية تقل يوماً بعد يوم، والمشهورون فيها أصبحوا متقدمين في السن، ولذلك أملي كبير في تحقيق أهدافي». ويختم طنب: «أي عمل أو إنجاز أحرزه أهديه إلى بلدي لبنان، حتى أني عُرفت في الخارج باسم (المؤلف اللبناني). هي صفة تلتصق بي. وأعتقد أن أي إنجاز أزرعه في الخارج هو استثمار للبنان ولي. وآمل أن أشكل نموذجاً حياً لهواة الموسيقى في لبنان، يحتذون به بعد أن أحفزهم على المضي بأحلامهم حتى النهاية».



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».