«مهرجانات بيت الدين» تحتفل بثلاثينها مع مارسيل خليفة

أعلنت عن برنامج يفتتح بصوت خوان دييغو فلوريز والختام لآمال ماهر

من المؤتمر الصحافي.. نورا جنبلاط بين الوزيرين ميشال فرعون وروني عريجي
من المؤتمر الصحافي.. نورا جنبلاط بين الوزيرين ميشال فرعون وروني عريجي
TT

«مهرجانات بيت الدين» تحتفل بثلاثينها مع مارسيل خليفة

من المؤتمر الصحافي.. نورا جنبلاط بين الوزيرين ميشال فرعون وروني عريجي
من المؤتمر الصحافي.. نورا جنبلاط بين الوزيرين ميشال فرعون وروني عريجي

في أجواء لا تنقصها الاحتفالية، عقدت لجنة «مهرجانات بيت الدين» مؤتمرا صحافيا، بمناسبة بلوغها عامها الثلاثين، أعلنت خلاله عن برنامجها للموسم المقبل، بمشاركة وزيري السياحة ميشال فرعون والثقافة روني عريجي، والمديرة العامة لوزارة السياحة ندى سردوك، ورئيسة لجنة المهرجانات نورا جنبلاط، وذلك في وزارة السياحة، في منطقة الحمرا في بيروت.
ثلاثون عاما بدأت جريئة، في عز الحرب الأهلية عام 1985، وبحفلات متواضعة، رغم الأجواء المشحونة والدموية حينها، لتنال مع الوقت سمعة دولية، بفضل النجوم الذين وقفوا ليقدموا أفضل نتاجاتهم، في القصر الشهابي التاريخي، متخطين كل الظروف الأمنية الصعبة، والتهديدات التي بقيت سمة للحياة اللبنانية في السنوات الأخيرة.
الصيف الثلاثون للمهرجانات سيكون حارا، ويتميز بمشاركة فنانين عرب كبار، وأسماء عالمية لامعة، وافتتاح حافل مع التينور اللامع خوان دييغو فلوريز، أحد أكثر مغني الأوبرا شهرة، ترافقه غناء السوبرانو اللبنانية المعروفة جويس الخوري وبمشاركة أوركسترا «فيلهارمونيكا جيوتشينو روسيني». جدير بالذكر أن المهرجانات تنطلق يوم 29 من يوليو (تموز) أي بعد انتهاء الشهر الكريم، وتقدم حفلات أسبوعية، حيث يلتقي الجمهور في الأول من أغسطس (آب) مغني الروك والبوب البريطاني المعروف دايفيد غراي.
ومن ميزة هذا الموسم، هو وجود فنانين عرب كبار، حيث سيعود مارسيل خليفة إلى بيت الدين مع فرقة الميادين هذه المرة، ليشارك في الاحتفال الثلاثيني، في الخامس من أغسطس (آب)، وليحيي حفلة واحدة فقط.
أما كاظم الساهر الذي أدمن جمهور بيت الدين على حفلاته كل صيف فهو لن يخلف موعدا هذه السنة أيضا، وسيلتقي جمهوره في حفلين، يومي 14 و15 من أغسطس. ومن الحفلات التي ربما، يجب أن لا تفوت هي تلك التي ستقدم خلالها ولثلاثة أيام، أي 20. 21. 22. مسرحية «بار فاروق» التي ستعيد إحياء المناخات البيروتية، بين ثلاثينات وسبعينات القرن الماضي، من خلال المسرح الشعبي وموسيقى الكبارية، مستعيدة رموز المسرح اللبناني مثل شوشو وصباح وعمر الزعني وفريال كريم. المسرحية هي ميوزيكال كوميدي، من إخراج هشام جابر، وموسيقى زياد الأحمدية الذي قدم بنجاح كبير عرضه «حشك بشك» على مسرح «ميترو المدينة» مع الفنانة ياسمين فايض التي ستكون شريكة أساسية له في «بار فاروق» أيضا.
وعلى البرنامج أيضا، وفي ختامه الذي سيكون مسكا المغنية البديعة آمال ماهر، التي ستعود إلى القصر الشهابي للمرة الثانية في تحية لـ«كوكب الشرق»، بعد أن أحيت في المرة الأولى حفلا لا ينسى استعادت خلاله أغنيات أم كلثوم مجددة ومحدثة، بصوتها الخلاب.
من حفلات المهرجان تلك التي يتم إحياؤها بمناسبة الذكرى المئوية للإبادة الأرمنية التي تصادف هذه السنة، بموسيقى ريكيوم، وهي من تأليف تيغران منصوريان وبعزف الأوركسترا الفلهارمونية الوطنية الأرمنية، بقيادة أدوار توبشجيان.
ويشارك الأوركسترا كورس مؤلف من: ستيت شامبر شوار أوف أرمينيا، وهوفر ستيت شامبر شوار، مع أداء منفرد للفنانين جوجين بافييان وإيرانا زاكايان، وذلك يوم 8 أغسطس. وتحية للأسطورة بيليه هوليداي «ليدي سينغز ذي بلوز» حفل جاز يوم 12 أغسطس، تحييه رابيكا فيرجيسون. وحفل آخر يوم 27 من الشهر أوبرالي هذه المرة مع الصوت الصقيل أنا نيتريبكو يرافقها التنور يوسف ايفازوف وأوركسترا جيوتشينو روسيني الفلهارمونية.
ويترافق المهرجان مع معرض للأديب جبران خليل جبران بالتعاون مع لجنته الوطنية، يضم لوحات ومخطوطات تحمل توقيعه ومستعارة من متحفه في بلدة بشري.
وخلال المؤتمر الصحافي، حيا وزير السياحة والثقافة نورا جنبلاط، لجهودها الكبيرة، طوال العقود الثلاثة الماضية. ورأى وزير السياحة ميشال فرعون أن مهرجانات بيت الدين أصبحت هي بوصلة للمهرجانات الأخرى في لبنان، التي حققت نجاحا كاملا في الصيف الماضي رغم العملية الإرهابية التي تمت في يونيو. وأضاف فرعون أن «هذا النجاح سيستمر مع النمو السياحي الذي سجل نسبة 30 في المائة خلال الأشهر الستة الماضية»، واصفا لبنان بأنه صار «يدافع عن الحضارة العربية في وجه الظلم والظلام والإرهاب» متأسفا على عدم انتخاب رئيس للجمهورية.
أما وزير الثقافة ريمون عريجي فلفت إلى أن «المهرجانات التي سيتم إحياؤها في كافة المناطق هذا الصيف، تؤكد لمرة جديدة إيمان لبنان بقيمة الإنسان والإبداع وبأنه يمارس بثبات وإرادة ريادته الفنية - الثقافية، رغم كل هذا الدخان والسواد، والجرائم التي ترتكب بحق الإنسان في مناطق كثيرة في العالم العربي».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».