النقوش والألوان الفرعونية تلهم أعمال «المنتدى التشكيلي» في القاهرة

يستضيفه «متحف الحضارة المصرية» بمشاركة 150 فناناً

النقوش والألوان الفرعونية تلهم أعمال «المنتدى التشكيلي» في القاهرة
TT

النقوش والألوان الفرعونية تلهم أعمال «المنتدى التشكيلي» في القاهرة

النقوش والألوان الفرعونية تلهم أعمال «المنتدى التشكيلي» في القاهرة

يستضيف المتحف القومي للحضارة المصرية فعاليات «المنتدى الدولي للفن التشكيلي من أجل التنمية المستدامة»، وهي النسخة الأولى من هذا الحدث التشكيلي الذي يتم تنظيمه في المتحف الذي يقع بمنطقة مصر القديمة التاريخية شرق القاهرة، ويستمر على مدار ثلاثة أيام.
وحسب الفنانة التشكيلية رندا فؤاد، رئيس مؤسسة شيراندا للفن ورئيسة المنتدى، فإن المنتدى يضم أكثر من 150 عملاً فنياً من 30 دولة حول العالم، وأن هذا الحدث هو الأول من حيث الجمع بين ثيمة الفن التشكيلي والتنمية المستدامة وخدمة المجتمع كما تقول في كلمتها لـ«الشرق الأوسط».
وحاز المنتدى على رعاية من عدد من الوزارات المصرية، منها الآثار والتخطيط والثقافة والهجرة، علاوة على الشراكة مع منظمة الأمم المتحدة والجمعية الدولية للفنون المعاصرة في نيويورك.
وحسب كلمة الدكتور أحمد غنيم، الذي أناب فيها عن وزير الآثار المصري الدكتور خالد العناني، فإن الفن التشكيلي يمثل جزءاً من الحضارة المعاصرة وامتداداً للحضارة القديمة التي نجدها من خلال التماثيل والنقوش والألوان الموجودة على جدران المعابد والمقابر والمساجد والكنائس الأثرية.
واعتبر أن المتحف القومي للحضارة المصرية يعتبر نموذجاً وتجسيداً لمثل هذه السياسات، حيث يعمل دائماً على تحقيق أهداف التنمية المستدامة، عن طريق استخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة في عرض الكنوز الأثرية بالمتحف، ورفع الوعي السياحي والأثري لدى جميع فئات المجتمع، وإتاحة زيارة المتحف لذوي الهمم وتطبيق سياسة إعادة التدوير وهي السياسات التي تضعها الدولة في ضوء أهداف التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030.
وتقول رئيسة المنتدى رندا فؤاد إن أعمال هذه الدورة اتسمت بالتنوع اللافت في المشاركات، ولم يتم فيها تحديد ثيمة محددة للفنانين في مشاركاتهم، وتضيف: «الهدف الرئيسي من الملتقى إلى جانب العرض الفني الواسع، هو تنظيم جلسات حوارية على مدار أيام الملتقى لمناقشة كيفية إضافة الفن التشكيلي بمختلف قطاعاته لملف حيوي مثل التنمية المستدامة من جهة، وكيفية تحقيق شراكات بين قطاع الفن وقطاع التنمية تصب في النهاية في صالح المجتمع».
وتنوعت الأعمال المشاركة ما بين الألوان التجريدية، والبوب آرت، والرسوم التعبيرية، وهي أعمال تراوحت بين أجيال فنية متعددة من دول العالم المختلفة.
ولفتت الفنانة «رندا فؤاد» إلى أهمية ما وصفته بتوطيد علاقة الفنون بشكل عام، والفن التشكيلي خاصة بتطوير الثقافة المعززة للتنمية ودورها في إثراء فكر الإنسان وأبعاد هويته وبنائها، بالإضافة إلى تبنى أهداف التنمية المستدامة التي حددتها الأمم المتحدة وإعادة صياغتها وتقديمها للجمهور من خلال الفنون، باعتبار أن الفنون لغة عالمية يمكن للجميع التواصل من خلالها.
وكان قد حاز المتحف القومي للحضارة المصرية اهتماماً عالمياً في مارس (آذار) العام الماضي، بعد انتقال موكب المومياوات الملكية في حدث عالمي تضمن مغادرة 22 مومياء ملكية من المتحف المصري الواقع بميدان التحرير وسط العاصمة القاهرة، إلى موقعها الجديد بالمتحف القومي للحضارة بالفسطاط.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».