صالح والكاظمي يدينان «الهجمات الإرهابية» على المقار الحزبية في بغداد

استهداف منزل قيادي في «حشد المرجعية» جنوب العراق

عناصر أمن أمام مصرف جيهان في بغداد أمس غداة استهدافه بقنبلة يدوية (أ.ف.ب)
عناصر أمن أمام مصرف جيهان في بغداد أمس غداة استهدافه بقنبلة يدوية (أ.ف.ب)
TT

صالح والكاظمي يدينان «الهجمات الإرهابية» على المقار الحزبية في بغداد

عناصر أمن أمام مصرف جيهان في بغداد أمس غداة استهدافه بقنبلة يدوية (أ.ف.ب)
عناصر أمن أمام مصرف جيهان في بغداد أمس غداة استهدافه بقنبلة يدوية (أ.ف.ب)

دان رئيسا الجمهورية برهم صالح والوزراء مصطفى الكاظمي، أمس، الهجمات التي استهدف شخصيات ومقار حزبية في مناطق اليرموك والأعظمية والسيدية ببغداد في اليومين الأخيرين ووصفاها بـ«الإرهابية».
وقال الرئيس صالح، في تغريدة عبر «تويتر»، إن «التفجيرات الأخيرة التي طالت بغداد، أعمال إرهابية إجرامية مُدانة، تهدد أمن واستقرار المواطنين، وتأتي في توقيت مُريب يستهدف السلم الأهلي والاستحقاق الدستوري بتشكيل حكومة مُقتدرة حامية للعراقيين وضامنة للقرار الوطني المستقل».
وترأس رئيس الوزراء المنتهية ولايته، مصطفى الكاظمي، اجتماعاً طارئاً للمجلس الوزاري للأمن الوطني لمناقشة الأوضاع الأمنية التي شهدتها العاصمة بغداد مؤخراً، خاصة الهجمات التي طالت مقار تحالفي «تقدم» بزعامة محمد الحلبوسي و«عزم» برئاسة خميس الخنجر. وشدد المجلس الوزاري، في بيان، أمس، على أن «العمليات الإرهابية التي شهدتها العاصمة في الساعات الماضية تهدف إلى زعزعة الأمن والسلم المجتمعي، وسيتم اتخاذ إجراءات مشددة ووضع خطط أمنية من شأنها أن تضع حداً لمثل هذه الأعمال التخريبية التي تهدد الأمن العام في البلاد». وأكد أهمية «إعادة النظر بالقيادات الأمنية التي شهدت قطعاتها خروقات أمنية، وستكون هناك محاسبة لمن يثبت تقصيره في أداء مهامه الأمنية».
وضمن موجة الاستهدافات والهجمات التي تطول شخصيات ومقار أحزاب سياسية، تعرض، فجر الاثنين، منزل آمر لواء «أنصار المرجعية» في فرقة «العباس القتالية» حميد الياسري إلى هجوم مسلح في محافظة الديوانية الجنوبية.
واستنكرت الفرقة، في بيان، استهداف منزل الياسري، في مدينة الرميثة بمحافظة الديوانية بإطلاق نار، عادةً العملية «محاولة من خفافيش الليل لثني قوات الدولة عن موقفها ومشروعها الوطني والشرعي والأخلاقي تجاه البلد والشعب».
ودعت الفرقة «السلطات الأمنية إلى متابعة مَن يقف وراء ذلك ومحاسبتهم، وفق إطار القانون لأنه يؤشر مؤشراً خطيراً في ظرف حساس».
وكان الياسري هاجم، العام الماضي، مَن وصفهم بـ«الخونة» الذين «يتلقون الأوامر من وراء الحدود ويرتبطون بأجندات خارجية»، في إشارة ضمنية إلى الفصائل المسلحة الموالية لإيران. وسبق أن انفصل «حشد العتبات» المقرب من المرجعية الدينية في النجف الأشرف عن هيئة «الحشد الشعبي» الرسمية، نتيجة الخلاف مع بعض الفصائل الولائية المرتبطة بها، وفضّل الارتباط بشكل مباشر بالقائد العام للقوات المسلحة ورئيس الوزراء.
من جانبه، قال مدير إعلام «لواء أنصار المرجعية» صلاح لفتة الموسوي، لشبكة «رووداو» الإعلامية، أمس، إن «مجموعة من المسلحين انتشروا في بستان قريب من منزل الياسري، الكائن في منطقة زراعية، حيث توزع المسلحون في البستان، ثم اقترب شخصان من المنزل ومن ثم شنوا الهجوم الذي لم يسفر عن أي إصابات بشرية».
ولم تكشف السلطات العراقية عن الجهات المتورطة في الهجمات الأخيرة في بغداد أو محافظة الديوانية، لكن أصابع الاتهام غالباً ما توجه إلى الفصائل الموالية لإيران، خاصة تلك المعترضة على نتائج الانتخابات الأخيرة وعلى تمرير صفقة رئيس مجلس النواب ونائبيه في الجلسة الأولى للبرلمان التي جرت مطلع الأسبوع الماضي.
إلى ذلك، شنّ المتحدث باسم «مجلس أعيان وشخصيات العراق» الشيخ طامي المجمعي، أمس، هجوماً لاذعاً، على ما وصفها بـ«الأحزاب الخاسرة في الانتخابات الأخيرة»، واتهمها بـ«إرسال ميليشياتها المنضوية تحت اسم (الحشد الشعبي) لاستهداف مقار ومكاتب ومنازل في منطقة الأعظمية ومنطقتي اليرموك والسيدية». واعتبر المجمعي، وهو مرشح عن محافظة صلاح الدين في الانتخابات الأخيرة ولم يتمكن من الفوز بمقعد نيابي، أن الهجمات الأخيرة تهدف إلى «زعزعة الأمن وفرض الإرادة بالقوة». وطالب المجمعي بـ«حل الحشد الشعبي وضم جميع عناصره الذين لا توجد عليهم علامات استفهام إلى الأجهزة الأمنية المتمثلة بالشرطة والجيش وطرد العناصر الولائية ومحاكمة المجرمين والقتلة والفاسدين والخارجين عن القانون منهم وحصر السلاح بيد الدولة».



الجيش الإسرائيلي يعترض باليستياً حوثياً

حريق بالقرب من يافا ناجم عن صاروخ حوثي سبتمبر الماضي (د.ب.أ)
حريق بالقرب من يافا ناجم عن صاروخ حوثي سبتمبر الماضي (د.ب.أ)
TT

الجيش الإسرائيلي يعترض باليستياً حوثياً

حريق بالقرب من يافا ناجم عن صاروخ حوثي سبتمبر الماضي (د.ب.أ)
حريق بالقرب من يافا ناجم عن صاروخ حوثي سبتمبر الماضي (د.ب.أ)

أعلن الجيش الإسرائيلي، الأحد، اعتراضَ صاروخ أطلقته الجماعة الحوثية، بعد وقت من دوي صفارات الإنذار في عدد من المناطق وسط إسرائيل إثر رصد إطلاق الصاروخ من اليمن.

وقال يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة، في بيان له، إن الجماعة نفذت عملية استهداف لهدف حيوي في منطقة يافا بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين2».

وبينما زعم سريع أن الصاروخ أصاب هدفه بنجاح، أكد بيان الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ خارج المجال الجوي الإسرائيلي.

وتوعد سريع بمضاعفة الجماعة عملياتها العسكرية بالصواريخ والطائرات المسيرة، ضمن ما سماه «نصرة وإسناد المجاهدين في قطاع غزة والضفة الغربية»، وهدد بعدم توقف العمليات العسكرية الموجهة ضد إسرائيل حتى يتوقف العدوان على قطاع غزة ورفع الحصار عنه.

في سياق متصل، كشفت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية عن تعرض سفينة تجارية لهجوم، قبالة سواحل مدينة عدن اليمنية.

وذكرت الهيئة، في بيان لها، أنها تلقت تقريراً عن حادث على بعد 80 ميلاً بحرياً جنوب مدينة عدن الواقعة على سواحل خليج عدن، دون إيضاح حول ما أصاب السفينة من أضرار أو خسائر بشرية أو مادية بسبب الهجوم.

وأكدت الهيئة أن «السلطات تقوم بالتحقيق حول الحادثة»، داعية السفن إلى المرور بحذر، والإبلاغ عن أي نشاط مشبوه.

تعهدات بالتصعيد

منذ اندلاع الحرب في غزة قبل أكثر من عام، شنت الجماعة المدعومة من إيران هجمات صاروخية وأخرى بطائرات مسيرة على إسرائيل، كما باشرت هجماتها في البحر باختطاف سفينة زعمت تبعيتها لجهات إسرائيلية، لتواصل بعدها تنفيذ هجمات بالطائرات والزوارق المسيرة والصواريخ البالستية مستهدفة السفن وحركة الملاحة في البحر، ضمن ما تقول إنه تضامن مع الفلسطينيين، وانتصار لمظلوميتهم.

وتأتي هاتان الحادثتان بعد أيام من تعهدات أطلقها زعيم الجماعة الحوثية عبد الملك الحوثي باستمرار دعم «حزب الله» اللبناني وقطاع غزة، واستمرار العمليات العسكرية «بالصواريخ والمسيّرات» ضد إسرائيل، وتهديده بتصعيد الهجمات، برغم وقف إطلاق النار بين الحزب اللبناني والجيش الإسرائيلي.

مجسم طائرة بدون طيار خلال مظاهرة مناهضة لإسرائيل نظمتها الجماعة الحوثية في صنعاء منذ شهرين (إ.ب.أ)

وساهمت الهجمات الحوثية على إسرائيل، وفي البحر الأحمر، بتصاعد التوترات الإقليمية في الشرق الأوسط، مثيرة المزيد من المخاوف من تأثيرات الهجمات العابرة للحدود على الاستقرار في المنطقة.

وتعدّ الهجمات الإسرائيلية على مواقع الجماعة الحوثية أحد الردود العسكرية على الجماعة الحوثية، ضمن تحركات دولية عديدة، أهمها تشكيل «تحالف الازدهار» بقيادة الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا، الذي أُعلن قبل نهاية العام الفائت بنحو أسبوعين.

ورد الجيش الإسرائيلي على هجمات الجماعة الحوثية بغارات جوية، مرتين؛ الأولى في يوليو (تموز) والثانية في سبتمبر (أيلول) الماضيين، استهدف خلالهما مواقع ومنشآت حيوية في مدينة الحديدة الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية على الساحل الغربي لليمن.

وتسبب الهجومان الإسرائيليان بدمار في منشآت تابعة لميناء الحديدة واحتراق خزانات وقود وتدمير محطتين للكهرباء.

حريق ضخم في خزانات الوقود جوار ميناء الحديدة اليمني بعد ضربات إسرائيلية في يوليو الماضي (أ.ف.ب)

ورد الجيش الإسرائيلي في الهجوم الأول في يوليو على وصول طائرة مسيرة حوثية إلى تل أبيب، وتسببها بمقتل شخص وإصابة آخرين، أما الهجوم الثاني في سبتمبر فكان رداً على وصول صاروخ حوثي إلى مناطق وسط إسرائيل، وتسببه بحرائق في مناطق غير مأهولة حسب ما أعلنه الجيش الإسرائيلي نفسه.

مخاوف من التصعيد

تزامن الهجوم الصاروخي الحوثي في سبتمبر 2024، والرد عليه، مع بداية التصعيد بين الجيش الإسرائيلي و«حزب الله» اللبناني، واغتيال عدد كبير من قادة الحزب، بينهم أمينه العام حسن نصر الله، واستهداف مواقع ومنشآت تابعة له في الجنوب اللبناني.

وأثارت الهجمات المتبادلة بين الجماعة الحوثية وإسرائيل مخاوف من احتمال توسع المواجهات والتصعيد غير المحدود، ما يهدد بمزيد من تدهور الأوضاع المعيشية في اليمن.

ويتوقع خبراء وباحثون سياسيون واقتصاديون، استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم في وقت سابق، أن تسعى الجماعة الحوثية إلى الاستفادة من الضربات التي تعرض لها «حزب الله» اللبناني، لتحويل نفسها إلى أهم ذراع لما يُسمى «محور الممانعة» الذي تتزعمه إيران، ويمثل «حزب الله» رأس الحربة فيه.

مخاوف يمنية من نتائج كارثية على البلاد جراء التصعيد الحوثي مع إسرائيل (رويترز)

ويتهم اليمنيون الجماعة الحوثية باستخدام العدوان الإسرائيلي على غزة ذريعةً للتهرب من جهود السلام في البلاد، ومن مطالب تحسين الأوضاع المعيشية، ودفع رواتب الموظفين العموميين التي أوقفتها منذ ما يزيد عن 8 أعوام.

وقُوبلت الهجمات الإسرائيلية على مناطق سيطرة الجماعة الحوثية بتنديد إقليمي ودولي، خصوصاً وأنها استهدفت منشآت حيوية في البلد الذي يعاني من حرب طويلة أدخلتها في أزمة إنسانية معقدة، ولم يتبين أن تلك الهجمات أثرت على القدرات العسكرية للجماعة الحوثية.

ويعود آخر هجوم بحري حوثي، قبل هجوم الأحد، إلى 21 من نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، واستهدف سفينة قبالة سواحل عدن اليمنية بـ12 قارباً صغيراً.

وأصدرت الجماعة الحوثية حينها بياناً حول استهداف سفينة تجارية أثناء مرورها في البحر الأحمر، بعدد من الصواريخ الباليستية والصواريخ البحرية.

أكثر من 200 سفينة يقول الحوثيون إنهم استهدفوها خلال عام (أ.ف.ب)

وخلال الشهر ذاته أعلنت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية تعرض عدد من السفن التجارية لهجمات عسكرية بالصواريخ والقذائف والطيران المسيّر، قبالة سواحل الحديدة والمخا وعدن بالبحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن، وذلك بعد أيام من إعلان الجماعة الحوثية مسؤوليتها عن استهداف 3 سفن تجارية في البحر الأحمر وبحر العرب، بالصواريخ والطائرات المسيّرة.

وفي إحصائية خاصة بها، تقول الجماعة إنها استهدفت خلال عام منذ أولى هجماتها أكثر من 200 سفينة.

ويواصل «تحالف الازدهار» توجيه ضرباته على مواقع تابعة للجماعة الحوثية التي تفيد المعلومات بأنها لجأت إلى إخفاء أسلحتها ومعداتها العسكرية في مخابئ جديدة في الجبال والكهوف.