عرب وعجم

عرب وعجم
TT

عرب وعجم

عرب وعجم

> عبد الله بن علي الشريان، سفير خادم الحرمين الشريفين لدى جمهورية تنزانيا المتحدة، قدَّم أول من أمس، أوراق اعتماده، إلى الرئيسة التنزانية سامية صولوحو حسن. ونقل السفير للرئيسة تحيات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، والأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، وتمنياتهما لها الصحة والعافية، ولشعب تنزانيا مزيداً من التقدم والازدهار.
> عبد الله بن فيصل بن جبر الدوسري، قدَّم أول من أمس، أوراق اعتماده، سفيراً فوق العادة مفوضاً لمملكة البحرين لدى مملكة بلجيكا، للملك فيليب ملك مملكة بلجيكا، في القصر الملكي في بروكسل. وخلال مراسم تسليم أوراق الاعتماد، نقل السفير تحيات الملك حمد بن عيسى آل خليفة، والأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، إلى الملك فيليب، وتمنياتهما لحكومة وشعب مملكة بلجيكا الصديقة مزيداً من الرقي والتقدم والازدهار.
> جمال السلال، سفير اليمن في أوتاوا، عميد مجلس سفراء جامعة الدول العربية، التقى أول من أمس، بوكيل وزارة التنمية الدولية الكندي السفير بيتر ماكدوجل، لبحث سبل تعزيز وتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين في كافة المجالات؛ لا سيما في المجال التنموي وجهود إعادة الإعمار. واستعرض السفير مستجدات الأوضاع في بلاده وتطوراتها على مختلف الأصعدة؛ مؤكداً حرص الحكومة اليمنية على تحقيق السلام الدائم والشامل. وعبَّر عن شكر اليمن لكندا على دعمها الإنساني السخي خلال عام 2021.
> فهد بن عبد الرحمن الدوسري، سفير خادم الحرمين الشريفين لدى جمهورية بوركينا فاسو، استقبلته أول من أمس، وزيرة الشؤون الخارجية والتعاون والبوركينيين بالخارج هاديزاتو روزين كوليبالي، في مقر الوزارة. وجرى خلال اللقاء بحث سبل تعزيز التعاون بين البلدين الشقيقين.
> الدكتورة نسرين تيسير حسن التميمي، الأستاذة المساعدة بكلية العلوم والتكنولوجيا الزراعية في جامعة فلسطين التقنية (خضوري)، أصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، أول من أمس، قراراً بتعيينها رئيسة لسلطة جودة البيئة.
> عمرو الجويلي، سفير مصر لدى صربيا، حضر أول من أمس، ندوة بعنوان «إسهام القاهرة في إثراء الثقافة الإسلامية: العمارة، والخط، والتحف»، استضافتها المشيخة الإسلامية لصربيا، ونظمتها سفارة مصر في بلغراد. واستعرض السفير في كلمته إسهام مصر في منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)؛ واستضافتها مؤتمر المنظمة العام في ديسمبر (كانون الأول) 2021، ومن جانب آخر في المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الإلكسو) التي كانت قد أعلنت الأقصر عاصمة الثقافة العربية لعام 2017.
> هوسوم تان، المديرة التنفيذية لمكتبة قطر الوطنية، أعربت أول من أمس، عن اعتزازها بتجديد الشراكة بين المكتبة والاتحاد الدولي لجمعيات ومؤسسات المكتبات (الإفلا- IFLA)، مؤكدة أن «الشراكة ستتيح لنا مواصلة دورنا الجوهري في الحفاظ على التراث الوثائقي لدولة قطر ومنطقة الشرق الأوسط والعالم العربي»، وأضافت: «نتطلع إلى التعاون مع المؤسسات حول العالم، لضمان وصول أجيال المستقبل إلى هذه المواد التي تقدم لنا نافذة معرفية على ماضي المنطقة وتاريخها»؛ لافتة إلى أهمية التنسيق بين الدول بما يتجاوز الحدود الوطنية لكل دولة.
> علي بن حسن جعفر، سفير خادم الحرمين الشريفين لدى السودان، افتتح طوارئ مستشفى الأبيض التخصصي للأطفال، بشمال كردفان. وأشار السفير إلى إسهامات السعودية في تقديم الدعم في مجال الخدمات المختلفة خلال الفترة الماضية لعدد من الدول، وأكد مضي المملكة في تقديم مزيد من الدعم للأعمال الإنسانية للسودان والدول الأخرى. شهد الافتتاح عبد المنعم بشير حامد، والي شمال كردفان بالإنابة الذي أكد متانة العلاقات السودانية السعودية؛ خصوصاً في إنفاذ المشروعات التي تخدم الولاية.
> إلينا بانوفا، المُنسقة المُقيمة للأمم المتحدة في مصر، شهدت أول من أمس، افتتاح الدورة الأولى من منتدى الفن الدولي الذي يستضيفه المتحف القومي للحضارة المصرية بالعاصمة المصرية القاهرة، حتى 19 يناير (كانون الثاني) الجاري، ويهدف إلى ربط الفن التشكيلي والفنون والثقافة بأهداف التنمية المستدامة، و«رؤية مصر 2030». يشهد المنتدى مشاركة فنانين تشكيليين ومؤسسات ثقافية وفنية من 30 دولة، من أوروبا وآسيا وأفريقيا، إلى جانب الولايات المتحدة وأستراليا والشرق الأوسط.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)