«من القاهرة»... يرصد مواجهة نساء وحيدات لفوضى المدينة

وثائقي مصري طويل يبحث عن فرصة للعرض الجماهيري

لقطة من فيلم «من القاهرة» (الشرق الأوسط)
لقطة من فيلم «من القاهرة» (الشرق الأوسط)
TT

«من القاهرة»... يرصد مواجهة نساء وحيدات لفوضى المدينة

لقطة من فيلم «من القاهرة» (الشرق الأوسط)
لقطة من فيلم «من القاهرة» (الشرق الأوسط)

كانت ولا تزال العاصمة المصرية القاهرة، مصدر إلهام، لأعمال درامية وسينمائية شهدتها السينما المصرية عبر تاريخها الممتد، ومنها فيلم «القاهرة 30» المأخوذ عن رواية «القاهرة الجديدة» للأديب العالمي نجيب محفوظ، وأخرجه صلاح أبو سيف، والفيلم الوثائقي «القاهرة منورة بأهلها» للمخرج يوسف شاهين، وقد عكس كلا الفيلمين إحساس مخرجيهما بالمدينة الكبيرة، فيما يأتي الفيلم الوثائقي الطويل «من القاهرة» للمخرجة هالة جلال باختلاف زمني، معبراً عن مخاوفها من المدينة التي ولدت فيها وعاشت سنوات عمرها بها.
يعكس صوت المخرجة في بداية الفيلم ونهايته، هذا الخوف الذي تترجمه كلماتها وهي تقود سيارتها في شوارع القاهرة، وتعترف أنها تخاف من الزحام والفوضى، وتخاف من آلات التنبيه التي تواصل إزعاجها ليل نهار، وتحاول إسكات خوفها من خلال تتبع رحلة امرأتين تعيشان في القاهرة، تعانيان من القسوة والنفور والتحرش الجنسي، ورغم كل الإحباطات التي تواجههما إلا أنهما تتمسكان بتحقيق أحلامهما، والقفز على كل ما تتعرضان له من أزمات.
الفيلم حصل على جائزة أفضل فيلم غير روائي في مسابقة آفاق السينما العربية بمهرجان القاهرة السينمائي في دورته الماضية، وتسعى هالة جلال لعرضه خلال الفترة القادمة جماهيرياً، لكنها تواجه مشكلة عدم وجود قاعات مخصصة لعرض الأفلام الوثائقية، وهو ما تعبر عنه قائلة في حوارها مع «الشرق الأوسط»: «رغم أن الجائزة التي حصل عليها الفيلم تتيح له فرصة عرض جيدة، فإن دور العرض الكبيرة لا تعرض الأفلام الوثائقية، كما أنه لا توجد قاعات صغيرة لعرضه باستثناء سينما «زاوية»، بينما كان من المفترض تعدد هذه القاعات في مدينة بحجم القاهرة، فحلم أي مخرج أن تصل أعماله للجمهور وأن تؤثر فيه بشكل إيجابي».
بداية خيوط الفيلم كانت مجرد فكرة طرأت على بال مخرجته، وتبلورت بعد أن التقت ببطلتيها فانجذبت إلى شخصية كل منهما، ووجدت فيهما قدرة على المقاومة وتحقيق الذات وعوناً كبيراً على مخاوفها.
تروي هالة جلال تفاصيل تلك اللقاءات قائلة «التقيت الفنانة التشكيلية هبة خليفة في البداية، وهي منفصلة عن زوجها وتعيش مع طفلتها في شقة صغيرة، تخلط هبة في لوحاتها بين الفن التشكيلي والفوتوغرافيا، كما تعرفت على آية يوسف مخرجة أفلام وثائقية ومونتيرة، تعيش بمفردها بعد وفاة أفراد أسرتها، وتهتم بمتابعة حالات بعض النساء المعنفات من أزواجهن بحرق ماء النار، تصطحبهن لعلاج التشوهات التي تعرضن لها بدنياً ونفسياً». مشيرة إلى أن «كل واحدة منهما لديها مشاكل وأزمات يومية لكن ذلك يدفعهن لمواصلة دوريهما بنفس الإصرار، وهما ألهماني تفاصيل فكرة الفيلم، وحينما عرضت عليهما الأمر رحبتا وبدأنا التصوير، فأنا منحازة لشخصيات تملك القدرة على الفعل والتغيير وأماكن أثرت في روحي، وكل أفلامي تنطلق من هذا الشعور».
ترى جلال أن الاختلاف الزمني ليس فقط هو الفرق بينها وبين من قدموا القاهرة في أعمالهم من قبل، وتصف ذلك بقولها: «لا أقارن نفسي بهم، لأن الحكي عن علاقتنا بالمدينة حكي متفرد ومستقل، فتجربة كل منا غير الآخر، وبالتأكيد فإن علاقة الرجال والنساء بشوارع القاهرة مختلفة، وفيلمي يعرض لعلاقة امرأتين بالمدينة الكبيرة بكل تناقضاتها.
صوت الموسيقار محمد عبد الوهاب يظل حاضراً في مشاهد الفيلم، ويضفي عليها بهاءً خاصاً بأغنياته التي اختارتها المخرجة: «شريط الصوت بالفيلم اعتمد بشكل أساسي على أغنيات عبد الوهاب التي أحبها، وأغنيات وردة التي تسمعها هبة وآية».
الفيلم الذي استغرق تصويره 5 سنوات، تتسم أحداثه بالتلقائية الشديدة، وتكشف عن قدرات تتمتع بها الفنانتان أمام الكاميرا، التي يواجهنها للمرة الأولى، مؤكدة أنها «لم تقم بتوجيه بطلتي الفيلم خلال التصوير، لكنها تحدثت معهما، واقتربت منهما، ما مكنها من زيادة التحفيز على البوح بصراحة وحرية».
أسست المخرجة هالة جلال شركة «سمات» التي عملت من خلالها على دعم تجارب الأفلام المستقلة، وأنتجت أفلاماً لعدد من المخرجين الشباب، إلا أن الشركة توقفت، وهو ما تفسره قائلة: «أعتقد أن (سمات) أدت دورها، وقد كانت حين بدأنا تمثل بادرة جديدة لدعم الأفلام المستقلة، الظروف تغيرت الآن وهناك جهات عديدة تؤدي الدور نفسه، غير أنني سأظل أعتز بهذه التجربة المهمة».



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.