كيف أثرى غاليانو دار «ديور» بأسلوب سريالي حالم؟

في كتاب جديد تصدره دار «آسولين» للنشر

TT

كيف أثرى غاليانو دار «ديور» بأسلوب سريالي حالم؟

تُصدر دار «آسولين» للنشر منذ فترة سلسلة من الكتب تتبع تاريخ دار «ديور» التي قلبت موازين الموضة في عام 1947 عند تأسيسها ولا تزال حتى الآن تعد مؤسسة فرنسية قائمة بذاتها. السلسلة تخصص للمؤسس ولكل مصمم التحق بها كتاباً خاصاً، من إيف سان لوران وجيانفرانكو فيري ومارك بوهان ومستقبلاً لراف سيمونز وماريا غراتزيا تشيوري. آخر هذه الكتب الصادرة كانت من نصيب جون غاليانو، واحد من أهم المصممين الذين أثروا فيها وأثروها في الوقت ذاته.
وغني عن القول أن الكتاب بصفحاته الـ448 غني بصور بعدسة لعزيز هاماني وأخرى من الأرشيف التقطتها كاميرات ريتشارد أفيدون وبيتر ليندبورغ وباولو روفيرسي، إضافة إلى معلومات موثقة تسلط الضوء على أسلوبه المسرحي الفني من خلال تصاميم أيقونية مثل الفستان الذي ارتدته الأميرة الراحلة ديانا في عام 1996 أو تشكيلته الأخيرة من عام 2011 التي استلهمها من الفنان رينيه غريو وهلم جرا.
وكون أندرو بولتن، الذي لم يُخف يوما إعجابه بغاليانو هو المسؤول عن الكتابة، فإن المصمم البريطاني أخذ حقه كاملاً، علماً بأن عهده في الدار كان زاخراً ليس بالفنية والإبداع فحسب بل أيضاً بالأحداث الدرامية، التي انتهت بخروجه من الدار في عام 2011 «مطروداً» بسبب تفوهه بكلمات معادية للسامية وهو تحت تأثير الكحول.
بالنسبة لعشاق غاليانو وهم كُثر، فإن الإرث الذي خلفه يشفع له كل الأخطاء. وبينما لم يتوقف أندرو بولتن كثيراً عند هذه النقطة، فإنه أثار الانتباه إلى العديد من القواسم المشتركة بينه وبين المؤسس كريستيان ديور رغم اختلاف بيئتهما وظروفهما. فالأول فرنسي برجوازي والثاني بريطاني من أسرة متواضعة جداً. بيد أن ما يجمعهما أكثر مما يُفرقهما من ناحية الإبداع. فالاثنان رومانسيان ويحبان القصص والفن كما يحترمان الماضي.
والأكثر من هذا فإنهما يتمتعان بجرأة إبداعية لا مثيل لها. جرأة مكنت المؤسس من أن يبتكر أسلوباً ثورياً في عام 1947 بعد الحرب العالمية الثانية غير آبه للسخط الذي أثاره في بعض الأوساط لمخاصمته التقشف وإغراقه في الترف، كما مكنت غاليانو من أن يغوص في عالم سريالي فانتازي مذكراً أن خط «الهوت كوتور» تحديداً هو فن قائم على الأحلام والخيال ولا يخضع لأي إملاءات أخرى، الأمر الذي جعل تصاميمه أقرب إلى التحف الفنية منها إلى أزياء يمكن استعمالها في الواقع. ولا شك أن الفترة التي قضاها جون غاليانو مصمماً فنياً في دار «ديور» كانت عصراً ذهبياً لكليهما.
فبينما سطع نجمه عالمياً لمدة 15 عاماً بفضل ما وفرته له الدار من إمكانات، فإنه أعطى وأضاف إلى اسمها بريقاً لم يخف وهجه لحد الآن.
يوضح الكتاب أيضاً كيف أثار تعيين بريطاني شاب في دار فرنسية وكبيرة مثل «ديور» الكثير من السخط والجدل، وكيف نجح في إسكات المعارضين بقدرته الفنية ورؤيته الواضحة. فتحت المظهر السريالي والفانتازي والألوان الصاخبة والمتضاربة كانت هناك دائماً قصص رومانسية وقصات عصرية تحترم نظرة المؤسس لمفهوم الأنوثة.
والدليل ما خلفه من إرث غني كتبه بطريقته منذ عام 1997 إلى عام 2011، ليدخل التاريخ كواحد من عباقرة الموضة. فهو لا يزال يُلهم العديد من طلبة الموضة والمصممين الصاعدين لا سيما أن نظرته كانت سابقة لأوانها، سواء تعلق الأمر بفنه أو بمعانقته ثقافات الآخر.
ثقافات كثيرة استقى منها وربما غرف منها أكثر مما ينبغي لكن دائماً باحترام واضح سواء كانت تشكيلته التي استلهمها من قبائل الماساي أو تشكيلته المستلهمة من مصر القديمة وغيرها. حبه للثقافات البعيدة، مكاناً وزمناً، كان وراء زياراته المتكررة للمتاحف، مثل متحف الميتروبوليتان حيث التقى أندرو بولتن عدة مرات واشتعلت بينهما نقاشات فكرية مثيرة تعرف فيها هذا الأخير على المصمم عن قُرب، الأمر الذي يعطيه الشرعية للكتابة عنه.
والنتيجة أنه أعطاه حقه كاملاً كمصمم عبقري ومبدع، تحولت الكثير من تصاميمه إلى تحف فنية تفخر المتاحف بعرضها.
يتوفر الكتاب باللغتين الإنجليزية والفرنسية عن دار «آسولين» وهو من تأليف أندرو بولتن وتصوير لعزيز هاماني


مقالات ذات صلة

​هادي سليمان يغادر «سيلين» ومايكل رايدر مديرها الإبداعي الجديد

لمسات الموضة صورة أرشيفية لهادي سليمان تعود إلى عام 2019 (أ.ف.ب)

​هادي سليمان يغادر «سيلين» ومايكل رايدر مديرها الإبداعي الجديد

أعلنت دار «سيلين» اليوم خبر مغادرة مديرها الإبداعي هادي سليمان بعد ست سنوات. لم يفاجئ الخبر أحداً، فإشاعات قوية كانت تدور في أوساط الموضة منذ مدة مفادها أنه…

لمسات الموضة حافظ أسبوع باريس على مكانته بثقة رغم أنه لم ينج تماماً من تبعات الأزمة الاقتصادية (لويفي)

الإبداع... فن أم صناعة؟

الكثير من المصممين في موقف لا يُحسدون عليه، يستنزفون طاقاتهم في محاولة قراءة أفكار المسؤولين والمستهلكين، مضحين بأفكارهم من أجل البقاء.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة عرض ريتشارد كوين كان مفعماً بالأمل والتفاؤل... وهو ما ترجمه بالورود والألوان الفاتحة (أ.ف.ب)

أسبوع لندن للموضة يسترجع أنفاسه... ببطء

تشعر أحياناً أن مصمميه يتلذذون بالأزمات ويستمدون منها أكسجين الابتكار. هذا العام يحتفل بميلاده الـ40 مؤكداً أن الأزمات لم تقضِ عليه بقدر ما زادته عزماً.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة اكتسب الريش هذه المرة مرونة وديناميكية شبابية (آسبري لندن)

الأميرة نورة الفيصل تضخ «آسبري لندن» بالحيوية

تأمل «آسبري» أن تحقق لها هذه المجوهرات نفس النجاح المبهر الذي حققته كبسولة الحقائب في العام الماضي. كانت الأسرع مبيعاً في تاريخها الممتد لأكثر من 200 عام.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة بنطلون الجينز الواسع... كيف تلبسينه على طريقة النجمات؟

بنطلون الجينز الواسع... كيف تلبسينه على طريقة النجمات؟

يجمع الأناقة بروح بوهيمية، لكن للأسف لا يناسب الكل؛ لهذا يحتاج إلى بعض الحيل كي تتمكن صغيرات الحجم تحديداً من الاستمتاع به، مثلهن مثل عارضات الأزياء.

جميلة حلفيشي (لندن)

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.