فساد الميليشيات يؤجج سخط اليمنيين في صنعاء والمحافظات المختطفة

TT

فساد الميليشيات يؤجج سخط اليمنيين في صنعاء والمحافظات المختطفة

ولّد فساد قادة الميليشيات الحوثية موجة جديدة من السخط في أوساط اليمنيين القابعين في العاصمة صنعاء وبقية المحافظات المختطفة، حيث شهدت الأيام الأخيرة الكثير من المظاهرات والوقفات الاحتجاجية وصولاً إلى تصريحات عناصر محسوبين على الجماعة الانقلابية تحدثوا فيها عما وصفوه بـ«الفساد والعنصرية الحوثية».
ومن تلك المظاهرات التي نُفذت ضد الجماعة خلال الفترة الأخيرة ما شهدته مدينة إب (170 كلم جنوب صنعاء) من قيام العشرات من السكان بتنفيذ وقفة احتجاجية وسط المدينة تنديداً بفساد القيادي في الميليشيات المدعو عبد العزيز الصوفي المنتحل صفة رئيس محكمة الاستئناف في إب وتدخلاته السافرة في أحكام القضاء في المحافظة.
وذكر شهود، أن أجهزة أمن الجماعة القمعية هرعت على الفور إلى المجمع القضائي، وهو المكان الذي تجمّع المحتجون حوله وباشرت بإيقافهم عن الاستمرار بتظاهرتهم ومنعهم من التجمهر، إلى جانب تهديدهم بالاعتقال.
وبحسب ما تحدثت عن تقارير حقوقية في إب، يتهم المحتجون القيادي الحوثي الصوفي بمواصلة تدخله بأعمال القضاء وتسخيره لصالح قيادات ونافذين موالين للجماعة بذات المحافظة.
وتأتي حادثة قمع الانقلابيين لمواطني إب ومنعهم من التظاهر ضد فساد الجماعة، بالتزامن مع ارتكاب الميليشيات نفسها انتهاكات أخرى مماثلة بحق قضاة غير موالين لها في العاصمة صنعاء.
وكانت الميليشيات الحوثية أحالت هذا الأسبوع العشرات من القضاة في العاصمة صنعاء إلى ما يسمى «مجلس محاسبة» عقب انتقادهم العلني فساد وجرائم الميليشيات الذي بات مستشرياً في كافة دوائر وقطاعات مؤسسة القضاء الخاضعة للانقلاب.
وذكرت المصادر، أن القضاة الذين أحالتهم الميليشيات على «مجلس المحاسبة» كان البعض منهم قد دعا عبر مواقع التواصل الاجتماعي سلطة الانقلاب الحوثية إلى تحمّل مسؤوليتها حيال المعاناة التي لحقت بمنتسبي ذلك القطاع، وطالبوها بوضع حد للفساد والبدء بصرف رواتبهم وحقوقهم.
وأوردت النسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، أن ما يسمى مجلس القضاء الأعلى برئاسة المدعو أحمد المتوكل أقر إحالة عدد من القضاة إلى مجلس المحاسبة بناءً على طلب رئيس هيئة التفتيش القضائي الموالي للجماعة، حيث برر القيادي الحوثي ذلك الإجراء الذي وُصف بـ«التعسفي» بحجة إخلال القضاة المحالين بواجباتهم الوظيفية ومخالفات بعضهم المتمثلة بنشر بعض الكتابات بوسائل التواصل الاجتماعي.
وفي تعليق له، قال القاضي عبد الوهاب قطران «إن مجلس القضاء الأعلى بصنعاء (غير شرعي) بدلاً من أن يقوم بواجبه الدستوري بصرف رواتب القضاة وتوفير الحد الأدنى من حقوقهم، يحيل عدداً منهم لمجلس محاسبة بسبب نشرهم آراء ناقدة بصفحاتهم الفيسبوكية».
وأضاف «هؤلاء القوم مصابون بجنون العظمة طواغيت يظنون أنفسهم نصف آلهة فوق النقد، لا يريدون حتى سماع أنين وتضور الجوعى المفقرين المهمشين من القضاة المطالبين برواتبهم وحقوقهم ليتمكنوا من إسداء رسالة العدل للشعب».
وتابع قطران عبر تغريدة له على «تويتر» بالقول «يظنون أن الإرهاب والتنكيل بالقضاة الأحرار سيعصمهم من السقوط المخزي»، وفق تعبيره.
وتوالياً للمظاهرات المنددة بجرائم الحوثيين، فقد تجمهر العشرات من أبناء منطقة سعوان ومنتسبي جمعية الخمسين في مذبح والسنينة بصنعاء قبل أيام أمام البرلمان غير الشرعي الخاضع تحت سلطة الانقلابيين في العاصمة لتجديد مطالبتهم بوضع حد للممارسات الحوثية ولجنتها العسكرية التي سطت على عقاراتهم ومنازلهم.
وأفادت مصادر حقوقية بأن المحتجين شكوا من استمرار اعتداءات ونهب اللجنة الحوثية العسكرية التي يقودها القيادي في الميليشيات المدعو أبو حيدر جحاف، أراضيهم وعقاراتهم.
وقال أحد المحتجين، لـ«الشرق الأوسط»، «ما زلنا نعاني منذ خمس سنوات من بطش القيادي الحوثي المدعو أبو حيدر جحاف ولجنته العسكرية وسطوه بالقوة على أراضينا ومنازلنا في جمعية الخمسين».
وعلّق النائب في برلمان الحوثيين غير الشرعي أحمد سيف حاشد على تلك الحادثة في منشور على حسابه بـ«تويتر»، بالقول، إن أهالي 6 آلاف منزل في صنعاء يشكون من إجراءات وتعسفات الميليشيات.
وفيما يخص جديد انتفاضة قبيلة الحدا في ذمار ضد الميليشيات على خلفية اختطاف واعتقال أحد أبنائها دون وجه حق، وتوجيه تهم ملفقة له، قالت مصادر قبلية بالمحافظة ذاتها، إن الجماعة وبدلاً من الاستجابة لمطالب المحتجين عمدت مؤخراً إلى اقتحام منزل السجين والمعتقل لديها محمد مقبل البخيتي.
وأشارت إلى أن عملية الاقتحام الحوثية جاءت عقب ثلاث وقفات احتجاجية نفذتها قبائل الحدا أمام مبنى وزارة داخلية الحوثيين وفي ميدان السبعين بالعاصمة للمطالبة بإطلاق سراحه.


مقالات ذات صلة

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

العالم العربي استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تقرير جديد لفريق الخبراء الأُمميّين المعنيّ باليمن يكشف عن تعاون الحوثيين مع تنظيم «القاعدة»، و«حركة الشباب» الصومالية، وابتزاز وكالات الشحن الدولية.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي توقعات بإقصاء من يرفضون المشاركة في فعاليات الجماعة الحوثية من وظائفهم (رويترز)

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

بدأت الجماعة الحوثية بإعداد آلية لدمج عدد من مؤسسات الدولة وتقليص الهيكل الإداري لها وتغيير مهامها في سبيل المزيد من السيطرة والنفوذ عليها وأدلجتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي بمعية محافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان في زيارة سابقة للخطوط الأمامية بمأرب (سبأ)

الجيش اليمني يحذر من محاولة حوثية للعودة للحرب وإجهاض جهود السلام

تتصاعد حدة التوترات في عدة جبهات يمنية في ظل استمرار جماعة الحوثي في تحشيد عناصرها وحفر الخنادق، خصوصاً بمحافظة الحديدة على ساحل البحر الأحمر.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
خاص المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الشرق الأوسط)

خاص مكتب غروندبرغ لـ«الشرق الأوسط»: نناقش مع صنعاء وعدن تجنب انهيار اقتصادي أعمق

قال المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن إن مشاوراته ونقاشاته مستمرة مع مسؤولي «البنك المركزي» في صنعاء وعدن؛ لإيجاد حلول تقنية ومستدامة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».