أحلام الإنسانية والتمرد الفني من فوق «البسكلتة»

معرض قاهري يضم 26 منحوتة معدنية

أحلام الإنسانية والتمرد الفني من فوق «البسكلتة»
TT

أحلام الإنسانية والتمرد الفني من فوق «البسكلتة»

أحلام الإنسانية والتمرد الفني من فوق «البسكلتة»

التجريب والتجديد هما عنوان أعمالها الفنية دوماً، فقد كانت النحاتة الدكتورة سيدة خليل هي أول من أدخل الليزر في الفن بمصر عام 2000. كما كانت أول من قدم تجربة مصرية في فن التصوير ثلاثي الأبعاد «الهيلوغرافى».
ورغم حساباتها الفنية الدقيقة وخاماتها القاسية غير المألوفة وميلها الدائم للاستعانة بالوسائط التكنولوجية الحديثة؛ فإن فيض المشاعر العميقة ونبض الإنسان في تشابكاته الحياتية اليومية هما أكثر ما يميز منحوتاتها، لا سيما خلال العشر سنوات الأخيرة.
وفي معرضها المقام الآن بغاليري «أوبونتو» بالقاهرة تحت عنوان «نفسي أركب بسكلتة» تواصل الفنانة المصرية التعبير عن أفكارها ورؤياها للحياة عبر أعمال أبدعتها من الحديد و«الستانلس ستيل» تمردت فيها بوضوح عن القواعد التشكيلية والكلاسيكية في النحت.
المعرض الذي يقام بالتزامن مع بداية السنة يبدو كما لو أنه تحية لعام 2022 واستشراف متفائل لما ستحمله لنا من أحداث ومفاجآت، إذ تمثل جميع المنحوتات وعددها 26 قطعة فنية أشكال مينمالية للدراجة الهوائية أو «البسكتلة» كما تُصر صاحبة المعرض على أن تطلق عليها، فهي تجسد «عجلة الحياة» التي تدور وتستمر رغم كل الصعوبات والمنغصات.
وتقول الفنانة والنحاتة سيدة خليل لـ«الشرق الأوسط»: «أؤمن أن الأيام تدور كدوران عجلة الدراجة الهوائية، وأثناء ذلك تمر الأزمات ويأتي حلم جديد، ومعه تولد الآمال وتتجدد الأمنيات، وتبدأ بشائر السعادة ويتملك المرء الإحساس بالرغبة في الخلاص وتخطي الموقف الصعب، وهذا في حد ذاته يمثل نوعاً من الأمل والتفاؤل».
وتتابع: «البسكلتة هي عبارة عن زمن يلف ونحن مجرد لحظة ثابتة في هذا الزمن الكبير، لكنها رغم ذلك هي لحظة مليئة بالمتغيرات والإشراقات، فمن المفترض أنه بعد اكتمال هذا الدوران تكون مقولة (نفسي أركب بسكلتة) قد تحققت وهي رمز لتحقيق كل أمنية غالية أياً كانت طبيعتها، وهي دعوة أيضاً إلى تقبل فكرة أن (لا شيء يبقى على حاله) لكي نشعر بالسلام الداخلي؛ فالدنيا نفسها تدور وندور معها ما بين لحظات السعادة والنجاحات وبين أوجاع الأحزان والإخفاقات والخذلان!».
بنفس قدر بساطة أفكارها ومشروعية أمنيتها ورمزيتها اختارت الفنانة اللغة المصرية الدارجة الموحية والمعبرة بلا تعقيد أو «فذلكة» عن حلمها «تعمدت اختيار عنوان صريح عامي اللهجة؛ لأنه يحمل بين طياته الفرحة والبهجة وعفوية المصريين وبساطة أحلامهم من هنا جاءت (بسكلتة) وهي كلمة إيطالية الأصل كان الأطفال يستخدمونها في مصر خلال حقبتي السبعينات والثمانينات من القرن الماضي تعبيراً عن الدراجة».
يُعد المعرض الذي اختتم أعمال اليوم امتداداً لمرحلة فنية بدأتها «سيدة النحت المعدني» منذ نحو 10 سنوات حيث قدمت أعمالاً مفعمة بالعاطفة والتنقيب داخل النفس تقول: «تُعد العلاقات الإنسانية في أعمال أي فنان نتاجاً لتجاربه الذاتية، وهي بالنسبة لي مثيرة ومحفزة على العمل».
لكن ما يدهشك أنه في هذا المعرض أن الأعمال التي تعبر عن الإنسانية واللحظات المليئة بالأحاسيس المختلفة تخلو جميعها من البشر! فهي كلها دراجات معدنية من دون أي شخوص، وهي مفارقة تعلق عليها قائلة: «ابتعدت عن الأشخاص لأنني أردت أن تكون الفكرة غير مباشرة وغير تقليدية، وهي أن الحياة تدور ومعها نتخطى كل المواقف».
وفي حين أن النحت لا يعطي الفرصة بسهولة للفنان للكشف عن الأحاسيس المختبئة داخل الإنسان على العكس من اللوحة، حيث تمنحه الألوان والمفردات والعناصر على مسطحها الأبيض إمكانية التعبير عن المشاعر المتدفقة، فإن النحاتة المصرية أصرت على اختيار مجسماتها من «البسكلتة» المصنعة من الصاج والستانليس ستيل لتجسد الإنسانية وعلاقاتها وأحلامها!
الأكثر من ذلك أنها لم تختر خامات مثل البرونز أو النحاس وهما أكثر ثراءً وسهولة في التطويع! وهو ما تفسره قائلة: «استخدمت خامتين مناسبتين تماماً للفكرة، واستبعدت الخامات الغنية كالنحاس لأنها كانت ستفرغ هذه الفكرة من هويتها وهي المزج ما بين العفوية والبساطة».
لكن هل إلى أي مدى يمكن للجمال أن يختبئ داخل منحوتة معدنية؟! تجيب: «هناك جمال متعارف عليه، ظاهري ومباشر، وهناك جمال أكثر عمقاً وشغباً يستقر داخل المفهوم لا الشكل، إلى حد أنه قد تكون هناك أشكال قبيحة لكنها تعبر عن الجمال المفرط، وبالنسبة للمتلقي لا يفرق معه الخامة بقدر ما يهتم بالمعاني والأحاسيس الكامنة داخل المنحوتة، فيشعر بجمالها من دون أن يصل إلى السر وراء ذلك، إلا بعد تكرار وتعمق التأمل، الأمر أشبه بوجبة تتناولها فتشعر بروعة مذاقها من دون أن تلتفت إلى مكوناتها وتوابلها وربما بعد حين عندما تعيد تناولها مرة أخرى تستطيع أن تميز مكوناتها وتدرك سر جمالها، وحينئذ يكون إحساسك بتذوق الجمال قد نضج وتعمق!».
إلى هذا لا يُعد هذا المعرض المستغني عن الشخوص والجمال الصريح نقلة جديدة في تجربتها الفنية فقط، إنما يمثل كذلك استمراراً لاحتفائها بالتجريب والتجديد؛ فالفنانة التي تعتمد النحت بالوسائط التكنولوجية المتعددة ترى أن «التجريب جزء من طبيعة الإنسان، في غيابه يتوقف عن التطور والإبداع»، ولذلك أثناء تجولك في الغاليري وتأملك للمنحوتات يستوقفك طويلاً استخدامها بجرأة تقنية التركيب باستخدام الخامات المتنوعة التي تقوم فيها بتحريك الشرائح والتفريغ والتفكيك مع الشفافية والإعتام، في حالة نحتية - غير مألوفة للفنانين المصريين على وجه الخصوص - من الخروج من سطوة الكتلة والاستقرار والثبات.
تقول: «درست تكنولوجيا النحت ولدي من الثقافة التشكيلية الخاصة بالنحت العالمي الكثير، فلا يصح أن أعبر بنفس الطريقة التي يعبر عنها فنان لا يزال مفرداته وثقافته في حدود معينة لا يتخطاها».
وتتابع أستاذة النحت بكلية التربية الفنية جامعة حلوان: «أرفض أن أبقى أسيرة لمعطيات النحت المصري القديم برغم انبهاري وشغفي به؛ لأنه من غير المنطقي أن يبقى النحاتون المصريون على نفس نهج وقواعد أعمال تعود إلى الإنسان منذ آلاف السنين؛ لو كان أجدادنا القدماء لا يزالون على قيد الحياة لكانوا هم أنفسهم قد تمردوا على ما قدموه من روائع نحتية خالدة، ليقدموا للإنسانية ابتكارات جديدة يأخذها عنهم العالم الآن».



«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.