عن الهيئة العامة للمسرح صدر كتاب (العيادة المسرحية... نحو مسرح بديل) من تأليف دكتور جبار خماط، الذي يتناول فيه تعريف العيادة المسرحية التي تعد «من أهم الأشكال الفنية احتواء للتواصل النفسي السيكولوجي على مستوى المشاكل والأزمات التي تمر بها الشعوب العربية خصوصا وعبر مناطق العالم عموماً».
إن النشاط المسرحي يكمن، كما يقول المؤلف، في تحديد الأعراض وتشخيص خواص مركبة في العروض الشاخصة لموضوع المرض تتضمن دراسة العرض أمرين ثقافيين مهمين، فهي تقودنا أولا إلى استكشاف كيفية تحول الخيال، وهي تدفعنا ثانيا إلى استكشاف العلاقة بين الواقع في تحويل فكرة ما، أو شخصية خيالية إلى كيان حي ملموس، أي يعني تجسيدها (incarnation) ، فهو فعل تجسيد يحول الفكرة أو السطور المطبوعة إلى أصوات وحركات.
واعتمدت تجربة المؤلف على المريض ومعاناته في تخريج النص، وتأثيث أبعاده، كما اشترك مع فئة المدمنين الذين قاموا بتمثيل مسرحي يطهر تلك المساحة المعتلة بداخلهم ويفجر الصمت المكبوت داخلهم لتخفيف معاناتهم. وهذا ما ينبني في مفهوم «المسرح العيادي» الذي «أضحى ضرورة لامتصاص أكبر قدر من الأضرار والحد من تفاقم العلل النفسية والسلوكية والجسدية التي تؤثر بشكل ما على النفس، فهي تتدفق في مسار الفن وتتماثل للشفاء واقعا يستجيب لمؤثراته»، كما يقول.
وجاء في الكتاب: «المسرح نموذج للتشخيص وإعادة التموقع في الإنسان كحاجة وغاية في الوقت نفسه يؤثر ويتأثر، ثم يعيد بناء شخصية سليمة قد طرحت موادها السامة المضرة فوق الخشبة وانصهرت مع الآخر كفاعل مشترك دون مضاضة تعامل ومفارقة لغة، إن البعد الذي يستقر فيه المريض ويؤسس طبيعة لغته كمعجم محيط بواقعية وسلوكية وخلفية تفكيره فإن هذه اللغة المسرحية العارية، (وهي لغة حقيقة لا تقديرية) باقترابها من المبادئ التي تستطيع تحويل قوتها إليها شاعريا لا بد لها أن تسمح باستخدام الجاذبية العصبية للإنسان، من تجاوز الحدود الاعتيادية للفن واللغة بغية التجسيد الواقعي، السحري لنوع من الإبداع الكامل، حيث يتخذ الإنسان فيه مكانته بين الحلم والأحداث بتعابير الحقيقة. فالمسرح العيادي هو التجاوز الفني لفعل التطهير الأرسطي من الفنان إلى نفسية المريض وتصوير عالمه الخبير بظنونه وشكوطه نحو الحياة وما ترسب منها، وتقدير حجم المعاناة وما يمكن ارتجاله وتخليصه من أزماته وهالة السواد التي تسكنه وتعيق وجوده».
دعوة لمسرح «عصري» بديل
دعوة لمسرح «عصري» بديل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة