السعودية تدعو لتبني نموذج دولي دائم لقطاع التعدين العالمي

المؤتمر الدولي في الرياض يبرز تحدي تلبية تنامي الطلب على المعادن في مجالات الطاقة النظيفة والصناعة المتقدمة

وزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريف خلال كلمته في افتتاح منتدى التعدين الدولي بالرياض أمس (الشرق الأوسط)
وزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريف خلال كلمته في افتتاح منتدى التعدين الدولي بالرياض أمس (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تدعو لتبني نموذج دولي دائم لقطاع التعدين العالمي

وزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريف خلال كلمته في افتتاح منتدى التعدين الدولي بالرياض أمس (الشرق الأوسط)
وزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريف خلال كلمته في افتتاح منتدى التعدين الدولي بالرياض أمس (الشرق الأوسط)

دعت السعودية أمس إلى إنشاء نموذج دولي دائم لأصحاب المصلحة المتعددين في قطاع التعدين الدولي، وذلك في خطوة أشارت إلى أنها تأتي لتعزيز التعاون بشأن مستقبل المعادن إقليميا وعالميا.
وأكدت الرياض أن المقترح جاء في سياق استشعار المسؤولية في الحاجة للعمل معاً لتحقيق النمو والازدهار، في ظل تحديات تلبية تنامي الطلب العالمي على المعادن، والذي بات واضحاً نتيجة التوجهات في مجالات الصناعة المتقدمة، وطموحات الطاقة النظيفة والكربون الصفري.
- دعوة سعودية
وجاءت دعوة المملكة ضمن مؤتمر التعدين الدولي الذي انطلق أمس في العاصمة الرياض برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ودشنه نيابة عنه بندر الخريّف وزير الصناعة السعودي، الذي أكد خلال كلمة الافتتاح أن السعودية من خلال مؤتمر التعدين الدولي المعنون بـ«مستقبل المعادن» تهدف إلى المساهمة في الاستجابة لاحتياجات قطاع التعدين المستقبلية من خلال جمع أصحاب المصلحة المتعددين، من حكومات، ومستثمرين، ومؤسسات مالية، ومقدمي خدمات، ومُصنعين، وتوفير منصة للتعاون بينهم لرسم خريطة طريق مستقبلية.
وأضاف «تهدف المنصة إلى تحقيق التنمية المستدامة لمجتمعاتنا واقتصاداتنا من خلال توسيع دائرة مساهمة هذا القطاع المهم والواعد... لدينا اليوم فرصة أن نساهم في توفير المعادن الحيوية والاستفادة من قطاع التعدين ليكون محركاً اقتصادياً رئيسياً في دول المنطقة»، مستطردا «خاصة أنها تواجه التحديات نفسها من الحاجة إلى زيادة الاستكشاف، وتوفير البنية التحتية الملائمة، وجذب الاستثمارات النوعية، وليكن هدفنا جميعاً اغتنام هذه الفرصة، وأن ندفع لتحقيق التنمية المستدامة للتعدين في بلداننا والمنطقة بأسرها».
- الانتعاش الاقتصادي
وأكد أن إطلاق المؤتمر يأتي استشعاراً من الحكومة السعودية، بأهمية قطاع التعدين في العالم، وتأثيره على الانتعاش الاقتصادي، وأثره الكبير في مستقبل العديد من الصناعات التي تمثل أولوية كبيرة، وتدخل في تفاصيل الحياة اليومية، وذلك بالعمل على إبراز الإمكانات الكبيرة والواعدة في مجال التعدين والمعادن والصناعات التعدينية التي تنعم بها مناطق الشرق الأوسط، وغرب ووسط آسيا، وقارة أفريقيا، وتحتل المملكة موقعاً استراتيجياً بين هذه الدول مجتمعة.
ولفت الوزير السعودي إلى أن بلاده تشهد تحولاً كبيراً على مختلف الأصعدة مع إطلاق رؤية 2030 التي حرصت على توسيع القاعدة الاقتصادية، وتحقيق التنوع الاقتصادي، وركزت على تطوير قطاع التعدين من خلال أحد أكبر برامج تحقيق الرؤية وهو برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية، الذي يهدف إلى تحويل المملكة إلى قوة صناعية رائدة، ومنصة لوجستية عالمية، وأن يكون التعدين الركيزة الثالثة للصناعة الوطنية.
وقال الخريّف «نحن ننظر إليه كقطاع محوري وواعد في المستقبل، حيث تقدر قيمة ثرواتنا المعدنية بأكثر من 1.3 تريليون دولار، تضم معادن الفوسفات والبوكسيت في الشمال الشرقي، والذهب والنحاس والرواسب الأرضية النادرة في الدرع العربي غرب السعودية».
- الاستثمار المسؤول
وتابع الخريف «لإيماننا بأهمية الاستثمار المؤثر والمسؤول في هذا القطاع عملنا على إيجاد الأنظمة والتشريعات التي تساهم في نموه وجذب الاستثمارات النوعية فيه، بدءاً بنظام الاستثمار التعديني الجديد الذي يتميز بالشفافية العالية، ويساهم في تعزيز وتنمية المجتمعات، وتقليل الآثار على البيئة وحمايتها، وتحفيز الصناعات المرتبطة بالمعادن، ووصولاً إلى تحقيق بيئة محفزة تراعي احتياجات الاستثمارات التعدينية التي تتطلب رؤوس أموال كبيرة، ونظرة استثمارية طويلة، وحاجتها لثبات الأنظمة والتشريعات، ووضوح السياسات المالية بما يضمن تقليل المخاطر لهذا النوع من الاستثمارات، ويكون قادراً على إحداث التأثير المطلوب منه».
- المسح الجيولوجي
وقال وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، في كلمته، «ونتيجة العمل الدؤوب خلال العامين الماضيين حققنا العديد من المكتسبات، من أبرزها، بدء العمل بنظام الاستثمار التعديني الجديد، وتدشين منصة (تعدين) الإلكترونية، لتوفير البيانات الجيولوجية، وتيسير إجراءات إصدار الرخص التعدينية وإطلاق قاعدة البيانات الوطنية لعلوم الأرض، والبدء في تنفيذ مشروع المسح الجيولوجي العام، الذي يغطي 600 ألف كيلومتر متر مربع». إضافة إلى إطلاق مبادرة الاستكشاف المسرّع، لإجراء المسوح، وتقييم مواقع المعادن الاستراتيجية، واستكشاف وتطوير مناطق المعادن الواعدة، وتأسيس شركة لخدمات التعدين بهدف الارتقاء بالخدمات المقدمة للقطاع وتعزيز قدرته التنافسية، وتحقيق متطلبات الامتثال والاستدامة.
وكنتيجة لذلك بلغ عدد الرخص التعدينية، حتى الآن، 1967 رخصة للاستطلاع، والكشف، والاستغلال لمختلف الخامات المعدنية 25 في المائة منها خلال عام 2021، ووصل عدد المجمعات المحجوزة ومناطق الاحتياطي التعديني 431 موقعاً وفقا للوزير الخريف.
وقال «كما نعمل على العديد من المبادرات الأخرى في المستقبل القريب، كدعم الاستكشاف، وإنشاء مركزٍ للتميز في الصناعات التعدينية، حيث وضعنا مستهدفات طموحة لرفع مساهمة قطاع التعدين في الناتج المحلي الإجمالي من 17 مليار دولار، إلى 64 مليار دولار بحلول عام 2030».
- مبادرات سعودية
من جهته، قال المهندس خالد المديفر نائب وزير الصناعة السعودي، خلال مشاركته فعاليات المؤتمر، «‏نعمل على 38 مبادرة لتطوير قطاع التعدين وفقا لسياسات تتبنى أفضل المعايير للحوكمة البيئية والاجتماعية، مع الأخذ في الحسبان أن يكون لهذه المبادرات أكبر أثر على الناس ومحيطها الاجتماعي بشكل عام».
- صياغة القطاع
من جهته، شدد ياسر الرميان محافظ صندوق الاستثمارات العامة السعودي على أن قطاع التعدين يعتبر ركيزة أساسية للاقتصاد السعودي، مشيرا إلى أن بلاده تمتلك موارد طبيعية ضخمة ومعادن، لافتا إلى أن المملكة تعمل على إعادة صياغة مستقبل قطاع التعدين.
وأكد الرميان في كلمته لمؤتمر التعدين الدولي عبر الفيديو، على التزام صندوق الاستثمارات بالاستثمار في قطاع التعدين، كواحد من القطاعات الاستراتيجية لتحقيق أهداف رؤية 2030، مفيدا بأن الصندوق لديه في قطاع التعدين «بطل»، على حد تعبييره، وهو شركة «معادن السعودية»، التي ضاعفت إيراداتها 10 مرات في آخر 10 سنوات لتصبح من أهم المشغلين في العالم.
وأوضح أن «معادن» تنظر إلى الاستثمار في نموها عبر استغلال أفضل للأموال وتوسيع أنشطتها لا سيما في الذهب، وتبحث استخدام تقنيات متقدمة في استغلال المعادن مستقبلا، حيث تعمل «معادن» مع مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية «كاوست» لتطوير ابتكار جديد لاستخراج المعادن من البحار.
- طلب المعادن
من ناحيته، قال مارك بريستول الرئيس التنفيذي لشركة باريك جولد إنه يتوقع طلبا قويا على المعادن في الأجل الطويل لكنه حذر من أن النحاس سيواجه قيودا على الإمدادات، داعيا، للمزيد من الاستثمار في صناعة التعدين من الحكومات في جميع أنحاء العالم.


مقالات ذات صلة

الجاسر: 15 % نمو أعداد المسافرين في السعودية خلال 2024

الاقتصاد وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي المهندس صالح الجاسر (واس)

الجاسر: 15 % نمو أعداد المسافرين في السعودية خلال 2024

أعلن وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي المهندس صالح الجاسر ارتفاع أعداد المسافرين 15 في المائة عام 2024 لتصل إلى أكثر من 128 مليون مسافر.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)

السعودية... نظام جديد للبتروكيماويات لتعزيز كفاءة قطاع الطاقة وتحقيق الاستدامة

يمثل إقرار مجلس الوزراء السعودي «نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية» خطوة استراتيجية على طريق تعزيز المنظومة التشريعية لقطاع الطاقة في البلاد.

محمد المطيري (الرياض)
الاقتصاد العاصمة السعودية الرياض (واس)

«ستاندرد آند بورز» تتوقع تأثيراً محدوداً لزيادة أسعار الديزل على كبرى الشركات السعودية

قالت وكالة «ستاندرد آند بورز» العالمية للتصنيف الائتماني إن زيادة أسعار وقود الديزل في السعودية ستؤدي إلى زيادة هامشية في تكاليف الإنتاج للشركات الكبرى.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد رجل يستخدم جهاز الكمبيوتر المحمول الخاص به بجوار شعارات «لينوفو» خلال مؤتمر الهاتف المحمول العالمي في برشلونة (رويترز)

«لينوفو» تبدأ إنتاج ملايين الحواسيب والخوادم من مصنعها في السعودية خلال 2026

أعلنت مجموعة «لينوفو المحدودة» أنها ستبدأ إنتاج ملايين الحواسيب الشخصية والخوادم من مصنعها بالسعودية خلال 2026.

الاقتصاد أحد المصانع التابعة لشركة التعدين العربية السعودية (معادن) (الشرق الأوسط)

الإنتاج الصناعي في السعودية يرتفع 3.4 % في نوفمبر مدفوعاً بنمو نشاط التعدين

واصل الإنتاج الصناعي في السعودية ارتفاعه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مدعوماً بنمو أنشطة التعدين والصناعات التحويلية، وفي ظل زيادة للإنتاج النفطي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

الذهب يسجل مكاسب ملحوظة مع تزايد المخاوف حول سياسات ترمب

سبائك ذهبية في غرفة صناديق الودائع الآمنة في دار «برو أوروم» للذهب في ميونيخ (رويترز)
سبائك ذهبية في غرفة صناديق الودائع الآمنة في دار «برو أوروم» للذهب في ميونيخ (رويترز)
TT

الذهب يسجل مكاسب ملحوظة مع تزايد المخاوف حول سياسات ترمب

سبائك ذهبية في غرفة صناديق الودائع الآمنة في دار «برو أوروم» للذهب في ميونيخ (رويترز)
سبائك ذهبية في غرفة صناديق الودائع الآمنة في دار «برو أوروم» للذهب في ميونيخ (رويترز)

ارتفعت أسعار الذهب يوم الجمعة مع تزايد حالة عدم اليقين بشأن سياسات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، ما زاد من الطلب على السبائك. بينما يترقب المستثمرون تقريراً هاماً عن الوظائف لتقييم الاتجاه المتوقع في سياسة خفض أسعار الفائدة من جانب مجلس «الاحتياطي الفيدرالي».

وارتفع الذهب في المعاملات الفورية 0.2 في المائة إلى 2675.49 دولار للأوقية (الأونصة) بحلول الساعة 07:25 (بتوقيت غرينتش). حقق الذهب مكاسب تزيد على 1% في المائة حتى الآن هذا الأسبوع، متجهاً نحو تحقيق أكبر قفزة أسبوعية منذ منتصف نوفمبر (تشرين الثاني)، وفق «رويترز».

وارتفعت العقود الآجلة للذهب في الولايات المتحدة 0.3 في المائة إلى 2698.30 دولار للأوقية. ومن المقرر صدور تقرير الوظائف غير الزراعية في الولايات المتحدة في وقت لاحق من اليوم.

وبحسب استطلاع أجرته «رويترز»، من المتوقع أن ترتفع أعداد الوظائف بمقدار 160 ألف وظيفة في ديسمبر (كانون الأول)، بعد قفزة قدرها 227 ألف وظيفة في نوفمبر (تشرين الثاني).

وقال غيغار تريفيدي، المحلل الكبير في «ريلاينس» للأوراق المالية: «نتوقع أن يتراجع الذهب قليلاً إذا جاء تقرير الوظائف غير الزراعية أفضل من المتوقع».

وأشار تريفيدي إلى أن الذهب حصل على دعم بعد تقرير التوظيف الخاص الأضعف من المتوقع لشهر ديسمبر، ما عزز الفكرة بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يحتاج إلى تبني نهج أقل تشدداً في سياسة خفض أسعار الفائدة.

وقد أشار رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في «كانساس سيتي»، جيف شميد، يوم الخميس، إلى تردد البنك في خفض أسعار الفائدة مرة أخرى، في ظل اقتصاد مرن وتضخم يظل أعلى من هدفه البالغ 2 في المائة.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن التعريفات الجمركية وسياسات الهجرة التي اقترحها ترمب قد تؤدي إلى إطالة أمد النضال ضد التضخم. ويتطلع المتداولون الآن إلى أول خفض لأسعار الفائدة من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي هذا العام، والذي من المتوقع أن يكون في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران)، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

وارتفعت الفضة 0.3 في المائة إلى 30.2 دولار للأوقية، في حين تم تداول عقد «كومكس» عند 31.17 دولار، وكلاهما قريب من أعلى مستوياته في شهر. وقال «دويتشه بنك» في مذكرة: «نتوقع أن تصمم الإدارة الأميركية القادمة سياسة اقتصادية وتجارية لتعزيز الرخاء الوطني، وأن يتعافى الفضة إلى جانب الذهب في النصف الثاني من عام 2025 إلى 35 دولارا للأوقية».

من ناحية أخرى، انخفض البلاتين 0.4 في المائة إلى 955.97 دولار، في حين ارتفع البلاديوم 0.9 في المائة إلى 934.16 دولار. ومن الجدير بالذكر أن المعادن الثلاثة في طريقها لتحقيق مكاسب أسبوعية.