{النزاهة} العراقية: مذكرات قبض واستقدام لمسؤولين كبار بتهم فساد وسوء إدارة

98 أمراً خلال شهر واحد

رئيس مجلس القضاء فائق زيدان ورئيس هيئة المنافذ عمر الوائلي (واع )
رئيس مجلس القضاء فائق زيدان ورئيس هيئة المنافذ عمر الوائلي (واع )
TT

{النزاهة} العراقية: مذكرات قبض واستقدام لمسؤولين كبار بتهم فساد وسوء إدارة

رئيس مجلس القضاء فائق زيدان ورئيس هيئة المنافذ عمر الوائلي (واع )
رئيس مجلس القضاء فائق زيدان ورئيس هيئة المنافذ عمر الوائلي (واع )

أعلنت هيئة النزاهة الاتحادية، أمس (الأربعاء)، عن حصيلة جديدة بالنسبة لمذكرات إلقاء القبض والاستدعاء لعدد كبير من كبار المسؤولين وذوي الدرجات العليا في الدولة، وضمنهم وزير ما زال في الخدمة. وارتبطت الحصيلة بصدور 98 أمر قبض واستقدام خلال شهر واحد هو أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي.
وطبقا لبيان صادر عن الهيئة، فإن مذكرات القبض والاستقدام شملت «وزيراً حالياً ووزيراً سابقاً وثلاثة وزراء أسبقين ووكيلاً أسبق وتسعة نواب سابقين، فضلاً عن محافظين حاليَّينِ و(8) محافظين سابقين و(5) أسبقين، كما شملت الأوامر (21) مديراً عاماً حالياً و(15) مديراً عاماً سابقاً وسبعة أسبقين، فيما صدرت (12) أمراً بحق أعضاء مجالس محافظات».
وهذه ليست المرة الأولى التي تصدر فيها هيئة النزاهة مذكرات قبض واستقدام لمسؤولين كبار في الدولة، وقد تركز عملها منذ سنوات طويلة على هذه الإجراءات من دون أن يعني ذلك أنها حققت نجاحات حاسمة في ملف الفساد الذي تعاني منه البلاد منذ 18 عاما وما زالت تقبع في رأس قائمة الدول الأكثر فسادا التي تصدرها مؤسسات الشفافية الدولية، ذلك أن معظم المسؤولين المطلوبين يمكن أن يخرجوا من ورطة «إلقاء القبض أو الاستدعاء» لمجرد خضوعهم للتحقيق لأسباب مختلفة، ومنها ضعف «الأدلة القانونية» التي رفعت ضدهم أو لانتسابهم لجماعات سياسية نافذة تمارس ضغوطها على القضاء والنزاهة لمنع محاسبتهم.
كانت هيئة النزاهة كشفت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، عن أن العدد الكلي للتجاوزات التي حصلت على أراض وعقارات الدولة بلغت (31378) تجاوزا في بغداد وبقية المحافظات، عدا محافظات إقليم كردستان الشمالي.
وفي مايو (أيار) الماضي، قال الرئيس العراقي برهم صالح إن «150 مليار دولار هُربت من صفقات الفساد إلى الخارج منذ عام».
ونظمت الجامعة العربية وبالشراكة مع الحكومة العراقية، في سبتمبر (أيلول) الماضي، مؤتمرا في بغداد لمساعدتها على محاربة الفساد واسترداد الأموال المنهوبة بالفساد.
ورغم الإجراءات التي تتخذها الجهات الرقابية ورغم «لجنة مكافحة الفساد» الخاصة التي شكلها رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، العام الماضي، ترى معظم الأوساط الشعبية أن السلطات العراقية لم تحرز التقدم المطلوب في ملف الفساد ومكافحته.
وفي موضوع ذي صلة بملف الفساد، وبالنظر لما تمثله المعابر والمنافذ الحدودية في البلاد من بوابة للفساد وتهريب المواد الممنوعة، أكد مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، أمس الأربعاء، على ضرورة تأمين المنافذ والشريط الحدودي.
وقال القضاء الأعلى في بيان إن رئيسه الذي استقبل في مقر المجلس رئيس هيئة المنافذ الحدودية اللواء عمر عدنان الوائلي، أكد على «ضرورة تأمين المنافذ والشريط الحدودي وإحكام السيطرة على جميع البضائع الواردة للبلد من عمليات التزوير أو التلاعب بالمال العام وضمان فحصها كافة». وشدد على «مواصلة بذل الجهود في ضبط المخالفين وإنزال أقصى العقوبات بحقهم بموجب القانون».
ورغم حديت زيدان عن أن ملف المنافذ الحدودية «شهد تغييراً ملحوظاً في ظل الإدارة الحالية لها»، فإن مصادر مطلعة في ملف المنافذ، أكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «علميات التلاعب والتهرب الضريبي والرشوة ودخول البضائع دون خضوعها لشروط السلامة والسيطرة النوعية ما زالت قائمة على قدم وساق».
ويضيف المصدر الذي يفضل عدم الإشارة إلى اسمه، أن «المنافذ ما زالت تعمل بالطرق التقليدية البيروقراطية ولم تنتقل حتى الآن إلى الأنظمة الإلكترونية لمنع التلاعب، لذلك نجد أن الرشوة ما زالت متفشية والتلاعب بنوعية المواد المستوردة واحتجام متواصل أيضا، إلى جانب بقاء سطوة بعض الجماعات المرتبطة في الأحزاب والفصائل المسلحة».
كان رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، شن بعد توليه رئاسة الحكومة في مايو (آيار) 2020، حملة واسعة ضد بعض الجماعات في المنافذ الحدودية وقام بزيارات مكوكية إلى منافذ محافظات البصرة وواسط ووعد بالعمل بالنظام الإلكتروني و«أتمتة» جميع المنافذ، الأمر لم يكتب له النجاح حتى الآن وما زال العمل بالطرق التقليدية القديمة شائعا، ما يسهل عمليات التلاعب والفساد.


مقالات ذات صلة

السعودية: «نزاهة» تشهر بمواطن استخرج تمويلاً «مليونياً» بطريقة غير نظامية

الخليج «نزاهة» أكدت مضيها في تطبيق النظام بحقّ المتجاوزين دون تهاون (الشرق الأوسط)

السعودية: «نزاهة» تشهر بمواطن استخرج تمويلاً «مليونياً» بطريقة غير نظامية

شهّرت هيئة الرقابة السعودية بمواطنين ومقيمين تورطوا بعدة قضايا جنائية باشرتها خلال الفترة الماضية، والعمل جارٍ لاستكمال الإجراءات النظامية بحقهم.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي جلسة مجلس الشعب السوري الأربعاء (سانا)

مجلس الشعب السوري يرفع الحصانة عن اثنين من نوابه

رفع الحصانة عن النائبين في مجلس الشعب السوري جاء بعد يوم من إسقاط عضوية النائب أنس محمد الخطيب بسبب حصوله على الجنسية الأردنية إلى جانب السورية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شمال افريقيا صورة عامة لندوة حزب «الإنصاف» عن الفساد (حزب الإنصاف)

الفساد يُهيمن على النقاش السياسي في موريتانيا

التزم الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، بعد إعادة انتخابه يونيو الماضي، بأن تكون ولايته الرئاسية الثانية خاصة بالحرب على الفساد والمفسدين.

الشيخ محمد (نواكشوط)
الخليج مازن الكهموس يلقي كلمة السعودية في الاجتماع الوزاري لمكافحة الفساد بدول مجموعة العشرين (واس)

السعودية تدعو دول «العشرين» لدعم الجهود الأممية في قياس الفساد

دعت السعودية دول مجموعة العشرين لدعم جهود برنامج الأمم المتحدة في قياس الفساد عبر تبادل المعلومات وأفضل الممارسات، بما يسهم بتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

«الشرق الأوسط» (ناتال)
أميركا اللاتينية رئيس بيرو السابق أليخاندرو توليدو خلال جلسة محاكمته (رويترز)

السجن 20 عاماً لرئيس بيرو السابق توليدو بعد إدانته بتلقي رشى

أدين رئيس بيرو السابق أليخاندرو توليدو بتلقي رشى من شركة البناء البرازيلية العملاقة «أودبريخت»، وحكم عليه بالسجن 20 عاماً وستة أشهر.

«الشرق الأوسط» (ليما)

القضاء العراقي يواجه أزمة بعد فوز ترمب لصدور مذكرة قبض بحقه

ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)
ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)
TT

القضاء العراقي يواجه أزمة بعد فوز ترمب لصدور مذكرة قبض بحقه

ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)
ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)

في الوقت الذي هنأ الرئيس العراقي الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد، ومحمد شياع السوداني، رئيس الوزراء العراقي، دونالد ترمب بمناسبة فوزه في الانتخابات الرئاسية الأميركية، بدأت لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي تبحث عن كيفية التعامل مع ترمب المرحلة المقبلة في ظل وجود مذكرة صادرة من مجلس القضاء الأعلى في العراق بالقبض على ترمب بتهمة اغتيال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس.

الرئيس العراقي الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد

وقال عضو اللجنة مختار الموسوي في تصريح صحافي إن «ترمب بالنسبة للعراق وحسب القوانين العراقية هو مجرم، لكن العراق سيتعامل معه بشكل طبيعي، فهناك مصلحة للعراق بذلك، ووصول ترمب إلى البيت الأبيض لن يؤثر على العلاقات بين بغداد وواشنطن». ورأى الموسوي، وهو نائب عن «الإطار التنسيقي الشيعي» الحاكم أن «أميركا دولة مؤسسات ولا تتأثر كثيراً برؤساء في التعاملات الخارجية المهمة». وأضاف: «ترمب لا يعترف بالحكومة العراقية ولا يحترم السلطات في العراق»، لافتاً إلى أن «زيارته للعراق أثناء ولايته السابقة اختصرت فقط على زيارة الجنود الأميركان في قاعدة (عين الأسد) بمحافظة الأنبار، لكن العراق سيتعامل مع ترمب بشكل طبيعي».

الجنرال الإيراني قاسم سليماني (أ.ب)

وختم عضو لجنة العلاقات الخارجية البرلمانية تصريحه قائلاً: «في حال زار ترمب العراق خلال المرحلة المقبلة، فهناك صعوبة في تنفيذ مذكرة القبض بحقه، فهناك مصلحة للدولة العراقية وهي تتقدم على جميع المصالح الأخرى، فهي تمنع أي تنفيذ لتلك المذكرة بشكل حقيقي بحق ترمب».

أبو مهدي المهندس (أ.ف.ب)

يشار إلى أن رئيس مجلس القضاء الأعلى في العراق فائق زيدان أعلن صدور أوامر قبض بحق ترمب على خلفية أوامر أصدرها لقتل سليماني والمهندس في السابع من يناير (كانون الثاني) عام 2021. وأوضح بيان رسمي، صدر في ذلك الوقت أن «القرار يستند إلى أحكام المادة 406 من قانون العقوبات العراقي النافذ»، مؤكداً أن «إجراءات التحقيق لمعرفة المشاركين الآخرين في تنفيذ هذه الجريمة سوف تستمر سواء كانوا من العراقيين أو الأجانب».

القضاء العراقي وأزمة تطبيق القانون

قانونياً، وطبقاً لما أكده الخبير القانوني العراقي، علي التميمي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» فإأن «القضاء العراقي تحرك بناءً على الشكوى المقدمة من الطرف المشتكي، وبالتالي فإن القضاء ملزم وفق القانون باتخاذ الإجراءات القانونية بحق أي شخص سواء كان في الداخل العراقي أو الخارج العراقي».

وأضاف التميمي: «ولأن الجريمة التي ارتُكبت داخل العراق واستهدفت شخصيات في العراق وأدت إلى مقتلهم؛ فإن الولاية القضائية هنا هي التي تطبق وهي ولاية القضاء العراقي»، مبيناً أن «إصدار أمر قبض بحق ترمب في وقتها وفق مذكرة القبض الصادرة من القضاء العراقي وفق المادة 406 من قانون العقوبات العراقي وهي القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد لكونه شريكاً في هذه العملية؛ ولذلك يعدّ الإجراء من الناحية القانونية صحيحاً».

مركبة محترقة في مطار بغداد أصابها أحد الصواريخ الثلاثة (خلية الإعلام الأمني)

ورداً على سؤال بشأن تنفيذ المذكرة، يقول التميمي إن «التنفيذ يكون عن طريق الإنتربول الدولي بعد تقديم طلب عبر وزارة الخارجية، وهو أمر صعب من الناحية الواقعية، والثانية هي انضمام العراق إلى اتفاقية روما للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1948 وهي تحاكم الأشخاص بمختلف الجرائم، ومنها جرائم العدوان التي تنطبق على عملية الاغتيال التي نُفذت بأمر ترمب وفقاً للمادة 6 من قانون هذه المحكمة التي تتطلب دخول العراق فيها أولاً». وأوضح التميمي أنه «مع كل هذه الإجراءات القانونية، لكن ترمب في النهاية أصبح رئيس دولة وهو يتمتع بالحصانة وفقاً اتفاقية فيينا».

أول المهنئين لترمب

وفي الوقت الذي تبدو عودة ترمب رئيساً للولايات المتحدة الأميركية مقلقة لبعض الأوساط العراقية، إلا أن العراق الرسمي كان من أول المهنئين؛ إذ هنأ الرئيس العراقي عبد اللطيف جمال رشيد ترمب، وتطلع إلى أن «تعمل الإدارة الأميركية الجديدة على تعزيز الاستقرار الذي تشتد الحاجة إليه والحوار البنَّاء في المنطقة»، كما هنَّأ رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني دونالد ترمب بفوزه في الانتخابات الرئاسية الأميركية لولاية جديدة، معرباً عن أمله في «تعزيز العلاقات الثنائية» خلال «المرحلة الجديدة». وكتب السوداني على منصة «إكس»: «نؤكد التزام العراق الثابت بتعزيز العلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة، ونتطلع لأن تكون هذه المرحلة الجديدة بداية لتعميق التعاون بين بلدينا في مجالات عدة، بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة ويعود بالنفع على الشعبين الصديقين». كما أن رئيس إقليم كردستان نيجرفان بارزاني ورئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني كانا أول المهنئين لترمب؛ نظراً للعلاقة الجيدة التي تربط الأكراد مع الجمهوريين. وكتب نيجرفان بارزاني على منصة «إكس» قائلاً: «أتقدم بأحرّ التهاني إلى الرئيس ترمب ونائب الرئيس المنتخب فانس على فوزهما في الانتخابات». وأضاف: «نتطلع إلى العمل معاً لتعزيز شراكتنا وتعميق العلاقات الثنائية بين إقليم كردستان والعراق والولايات المتحدة».

أما رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني، فقد عبّر من جهته إلى أهمية «تعميق الشراكة بين إقليم كردستان والولايات المتحدة، والعمل معاً لتعزيز السلام والاستقرار في المنطقة».

اقرأ أيضاً