موسكو تجدد مساعيها للوساطة في ملف المصالحة الفلسطينية

فشل عقد «المركزي» في دمشق... واتفاق «فتح» و«حماس» شرط للوحدة

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يرحب بالفصائل الفلسطينية في العاصمة الروسية موسكو عام 2017 (رويترز)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يرحب بالفصائل الفلسطينية في العاصمة الروسية موسكو عام 2017 (رويترز)
TT

موسكو تجدد مساعيها للوساطة في ملف المصالحة الفلسطينية

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يرحب بالفصائل الفلسطينية في العاصمة الروسية موسكو عام 2017 (رويترز)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يرحب بالفصائل الفلسطينية في العاصمة الروسية موسكو عام 2017 (رويترز)

بدا أمس، أن موسكو جددت مساعيها لإنجاح جهود الوساطة بين الفصائل الفلسطينية، على الرغم من التعقيدات الكبيرة التي تحيط بالملف.
وعكست تصريحات القيادي في حركة «حماس» موسى أبو مرزوق، حول استعداد الحركة لتلبية دعوة روسية جديدة للحوار في موسكو، وجود تباين بين الفصيلين الرئيسيين في هذا الشأن، خصوصا على خلفية فشل وفد لحركة «فتح» مؤخرا، في ترتيب لقاء للمجلس المركزي لمنظمة التحرير في دمشق. وقال مصدر روسي لـ«الشرق الأوسط»، مطلع على الملف، إن المدخل الأساسي لجهود المصالحة ينطلق من ضرورة تقريب وجهات نظر الطرفين، وليس السعي إلى إقصاء أحدهما.
وقال أبو مرزوق، إن الحركة تلقت دعوة روسية جديدة لحوار المصالحة الفلسطينية. وأكد أن «حماس» لم ترفض أي دعوة لأجل الوحدة الوطنية واللحمة الفلسطينية، ولديها شرط واحد في الحوارات، وهو عدم التنازل عن ثابت من ثوابت الشعب الفلسطيني، وأن تكون مبنية على مشاركة سياسية حقيقية. ورأى أن الفلسطينيين يواجهون «انسدادا في الأفق»، مشيرا إلى أن «الخيارات لدى فتح»، وهي لا تريد أن تذهب لأي منها، مبينا أن الحركة لم تجب على الدعوة الروسية لحوار المصالحة.
كما أن «فتح» «لم تستجب ولم ترد على دعوة الجزائر لعقد اجتماع للفصائل في مارس (آذار) المقبل. رغم أن كثيرا من الفصائل الفلسطينية استجابت للدعوة».
وأوضح مصدر قريب من «حماس» تحدثت إليه «الشرق الأوسط»، أن الدعوة الروسية الجديدة وجهت في نهاية العام الماضي، عبر السفيرين في رام الله والدوحة. وقال إن موسكو سعت إلى استضافة محادثات ثنائية بين فتح وحماس، انطلاقا من قناعة بأن التفاهم بين الفصيلين يشكل المدخل الأساسي لاستعادة الوحدة الفلسطينية. وزاد أن الدعوة اشتملت على عقد لقاء افتراضي عبر تقنية الفيديو كونفرس، مشيرا إلى أن «حماس» سارعت بإبلاغ الجانب الروسي بالموافقة، بينما «لم يتشجع الطرف الآخر للمشاركة في هذا الحوار».
ووفقا للمصدر، فإن موسكو كانت ترغب في ترتيب هذا الحوار، قبل انعقاد اجتماع الفصائل الذي دعت إليه الجزائر، لتأكيد حضورها في ملف المصالحة الفلسطينية، على الرغم من القناعة بأن «محادثات بتقنية أون لاين لن تخرج باختراقات، لكنها تشكل استمرارا للجهود الروسية السابقة وتأكيدا عليها».
وأضاف المصدر، أن نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، أجرى أول من أمس، اتصالا هاتفيا مع أبو مرزوق، تركز الحديث فيه حول ملف المصالحة، موضحا أن تصريحات القيادي الفلسطيني الأخيرة، سعت إلى «تأكيد موقف حماس حول هذا الموضوع».
وقال المصدر، إن حركة «فتح» سعت في المقابل إلى الترويج لفكرة عقد اجتماع المجلس المركزي لمنظمة التحرير، في دمشق، وهي الفكرة التي حملها القيادي الفلسطيني جبريل الرجوب خلال زيارة إلى العاصمة السورية، لكنه «فشل في إقناع الفصائل الفلسطينية بها». ووفقا لتصريحات قياديين فلسطينيين، فإن «فصائل تحالف القوى الفلسطينية والجبهتين الشعبية والديمقراطية، وحركة الجهاد الإسلامي، رفضت الدعوة، لأنها هدفت لتمرير ملف تشكيل حكومة ما يسمى (وحدة وطنية) تعترف بالاحتلال، وتوافق على شروط الرباعية الدولية». ورأت أن «فتح» حاولت «الالتفاف على التفاهمات مع حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى، عبر الدعوة لعقد مجلس مركزي وتقديم بعض الإغراءات للفصائل لتشارك فيه».
في الوقت ذاته، أكد دبلوماسي روسي تحدثت إليه «الشرق الأوسط»، أن موسكو أبلغت بالفعل نهاية العام الماضي، قيادات التنظيمات الفلسطينية، استعدادها لاستضافة جولة جديدة من الحوارات «من أجل التوصل إلى تفاهم وإنهاء الانشقاق والخلاف الناشئ واستعادة الوحدة الفلسطينية، ولكن للأسف لم تتجاوب القيادات الفلسطينية مع هذا المسعى».
ولفت المصدر الروسي إلى زيارة وفد «فتح» إلى دمشق، في مسعى للوصول إلى اتفاق لموافقة دمشق على عقد اجتماع للمجلس، وقال إن «دمشق أبدت نوعا من التجاوب من دون الدخول بتفاصيل حول تحديد موعد محدد، لكن الشخصيات القيادية المقيمة في دمشق أبدت تحفظات، معتبرة أن الهدف من اللجوء إلى دمشق هو استبعاد لدور حماس». وشدد على أنه «من دون التوصل إلى اتفاق بين حماس وفتح، فلن يكون هناك مجالات فعلية لاستعادة الوحدة الفلسطينية وخدمة القضية الفلسطينية وإنعاش دور منظمة التحرير الفلسطينية».
ورأى أنه على الرغم من ذلك، فإن موسكو، ترحب بأن يتم التوصل إلى تطبيع العلاقة بين قيادة منظمة التحرير الفلسطينية وسوريا، وهو أمر «يمكن أن تلعب دورا مهما فيه، تلبية دمشق رغبة الرئيس محمود عباس بالقيام بزيارة إلى العاصمة السورية».



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.