سليماني هدد روحاني إذا مسّ بصورة خامنئي

وفق رواية جديدة من قائد «صواريخ الحرس» عن اللقاء العاصف عقب انتخابات 2017

صورة نشرها موقع الرئاسة الإيرانية من لقاء روحاني وأبرز قادة «الحرس الثوري» بطهران يوم 24 يوليو 2017
صورة نشرها موقع الرئاسة الإيرانية من لقاء روحاني وأبرز قادة «الحرس الثوري» بطهران يوم 24 يوليو 2017
TT

سليماني هدد روحاني إذا مسّ بصورة خامنئي

صورة نشرها موقع الرئاسة الإيرانية من لقاء روحاني وأبرز قادة «الحرس الثوري» بطهران يوم 24 يوليو 2017
صورة نشرها موقع الرئاسة الإيرانية من لقاء روحاني وأبرز قادة «الحرس الثوري» بطهران يوم 24 يوليو 2017

كشف قائد «الوحدة الصاروخية والجوية» في «الحرس الثوري»، أمير علي حاجي زاده، أمس، عن تحذير وجهه قائد «فيلق القدس» السابق، قاسم سليماني، وكبار قادة «الحرس» إلى الرئيس السابق حسن روحاني بعد فوزه بولاية ثانية في انتخابات الرئاسة عام 2017، بشأن مواقفه المتباينة مع المرشد الإيراني علي خامنئي.
وقال حاجي زاده؛ في حوار نشرته صحيفة «كيهان» التابعة لمكتب المرشد الإيراني، في عددها الصادر أمس، بعد أيام من الذكرى الثانية لمقتل سليماني بضربة نفذتها طائرة مسيّرة أميركية في بغداد، إن سليماني حذر روحاني من «تشويه» خامنئي، صاحب كلمة الفصل في النظام.
وتطرق حاجي زاده، في حواره المفصل، إلى خلافات سليماني والجهاز الدبلوماسي الإيراني، متحدثاً عن معارضته «المساومة والتبعية»، وقال: «كان سليماني يقول للحكومة السابقة إننا لن نتوصل لشيء عبر الطريق الحالية... سليماني قال لروحاني إن الدفاع عن الثورة والنظام والمرشد خط أحمر لنا، ويجب ألا تعتقد أنك يمكنك التشويه دائماً وأن نلتزم الصمت».
ورداً على سؤال بشأن ما إذا كان يتفق مع ما يقوله أنصار الاتفاق النووي بشأن «دعم سليماني الصفقة النووية، بينما ينتقدون سعي الحكومة الحالية للحصول على ضمانات والتحقق من رفع العقوبات»، قال: «إذا كان الأمر كذلك؛ فلماذا قال ظريف في التسجيل الصوتي إنه ألحق أضراراً بالدبلوماسية؟ قائد الجهاز الدبلوماسي يقول إنه ألحق ضرراً بنا».
وكان حاجي زاده يشير إلى التسجيل الصوتي المثير للجدل، والذي سُرب من «مركز أبحاث الرئاسة الإيرانية» في أبريل (نيسان)، بعد نحو شهر من تسجيل أُعدّ لكي يكون جزءاً من برنامج سري حكومي يوثق شهادات المسؤولين ضمن التاريخ الشفوي الإيراني. ويوجه ظريف في التسجيل المسرب لثلاث ساعات (من أصل 7 ساعات)، انتقادات لاذعة إلى الأنشطة الإقليمية لـ«الحرس» التي يشير إليها بمصطلح «الميدان». ويتهم ظريف روسيا بالتآمر على الاتفاق النووي، سواء عبر وزير خارجيتها سيرغي لافروف في الساعات الأخيرة من إعلان الاتفاق في يوليو (تموز) 2015، والشهور التي فصلت الإعلان عن توقيع الاتفاق وتنفيذه في يناير (كانون الثاني) 2016.
ويقلل ظريف من أهمية ما يروج له «الحرس» بشأن تمكن سليماني في إقناع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بدخول الحرب السورية، موضحاً أنها كانت «خطة مبيتة» من بوتين لقلب الطاولة على الاتفاق النووي، عندما دعا سليماني إلى زيارة موسكو. وكان بوتين قد زار طهران في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، والتقى خامنئي.
والأسبوع الماضي، كشفت صحيفة «آرمان ملي» عن أن وزارة الاستخبارات والجهازين الموازيين لها: «جهاز استخبارات الحرس الثوري» و«جهاز استخبارات القضاء الإيراني»، حركوا دعوة قضائية ضد 190 مشتبهاً فيه بتسريب التسجيل الصوتي؛ من بينهم ظريف وحسين آشنا رئيس «مركز الأبحاث» ومساعد الرئيس السابق.
ولكن مقابلة حاجي زاده تذهب أبعد من السجال الذي أثاره التسجيل؛ إذ إنها تكشف لأول مرة عن تفاصيل اللقاء الذي جمع كبار قادة «الحرس الثوري» بالرئيس روحاني، في إشارة واضحة إلى لقاء 24 يوليو 2017 قبل نحو أسبوعين من أداء روحاني القسم أمام البرلمان لبدء ولايته الثانية؛ على رأسهم قائد «الحرس» حينها، محمد علي جعفري، وسليماني وحاجي زاده، إضافة إلى قائد «الباسيج» وقائد «وحدة ثار الله» المسؤولة عن حماية طهران.
وتناقض رواية حاجي زاده ما نقلته وسائل الإعلام الإيرانية حينذاك؛ عن «أجواء ودية» سادت اللقاء المذكور، حيث قال إنه «كان اجتماعاً صريحاً وحاداً»، وقال إن سليماني «لم يكن معارضاً للدبلوماسية. لم يعارض ما تم تأييده والمصادقة عليه على مستوى البلاد. في الواقع لم يكن موافقاً ولا معارضاً».
وعن السبب الحقيقي لعقد الاجتماع المذكور، قال حاجي زاده إن «المرشد كان يقول شيئاً وفي الأسبوع اللاحق يتخذ روحاني موقفاً، ويشوه (الحرس الثوري). كان يهاجم الداخل كل يوم. لقد كانت رسالة ذهابنا إلى الاجتماع أن نبلغ روحاني أننا نساعده»؛ لافتاً إلى أن سليماني سأل روحاني «عمّا إذا كان يريد مواصلة طريق أحمدي نجاد، أو يريد أن يصبح مثله».
ونشب التوتر في صيف 2017 بين «الحرس» وروحاني على خلفية خطاباته النارية في الحملة الانتخابية، التي انتقد فيها بشدة سياسات «الحرس» في الاقتصاد والإعلام والسياسية. ووصل الأمر بروحاني إلى وصف «الحرس الثوري» بـ«الحكومة التي تملك البندقية». كما انتقد روحاني الكشف عن مستودعات الصواريخ الباليستية تحت الأرض، المسماة «المدن الصاروخية»، في أكتوبر (تشرين الأول) وديسمبر (كانون الأول) من عام 2015، قبل تنفيذ الاتفاق النووي بأسابيع قليلة. وشملت انتقاداته التجربة الصاروخية لـ«الحرس الثوري» وكتابته شعارات مناهضة لإسرائيل باللغة العبرية على تلك الصواريخ، خلال الشهر الأول من تنفيذ الاتفاق النووي. وحينذاك رد الجنرال جعفري، الذي ترك مكانه لنائبه حسين سلامي، على أقوال روحاني بأن «حكومته ستواجه الهزيمة والخذلان أمام الأعداء إن لم تملك البندقية... البعض يصفنا بأصحاب البندقية. أمر البندقية هين. نحن لدينا الصواريخ».
ويأتي نشر المقابلة غداة موافقة نواب البرلمان الإيراني على التحقيق في أداء مؤسسة الرئاسة لحكومة روحاني، استناداً إلى تقرير لجنة الشؤون الداخلية في البرلمان. ووافق 138 نائباً، فيما صوت 28 نائباً ضد التقرير، وامتنع 10 نواب عن التصويت.
وبعد تصويت نواب البرلمان، عنونت وكالة «إيلنا» الإصلاحية المؤيدة لروحاني بأن «تسونامي من التحقيقات في طريقها إلى باستور» وهو مقر الحكومة الإيرانية.
ويشمل التحقيق مساعد ومسؤولي مكتب الرئيس؛ خصوصاً أداءهم المالي والتدخل في المفاوضات النووية، ودورهم المحتمل في التسبب في الفساد، وكذلك دورهم في تسمية المسؤولين ورؤساء المؤسسات الاقتصادية والمصانع والبنوك والمراكز الحساسة والاقتصادية.
كما سيحقق البرلمان في دور الفريق الاقتصادي، خصوصاً نائبه للشؤون الاقتصادية محمد نهاونديان، في ضخ 18 مليار دولار إلى سوق العملة و«إهدار موارد النقد الأجنبي، وتوزيع 60 طناً من الذهب في إطار ضبط أسعار الذهب، دون أن تسفر عن نتائج إيجابية»، وهو متهم بـ«إهدار بيت المال».
والمحور الآخر من التحقيق يستهدف حسن فريدون، شقيق الرئيس الإيراني؛ الذي اعتقل من قبل «جهاز استخبارات الحرس» في صيف 2017.
وسيكون فريدن مرة أخرى موضع تحقيق بسبب «تبعات تدخلاته في المفاوضات النووية». وكان حسن فريدون عضواً في الفريق المفاوض النووي بصفته مستشاراً خاصاً للرئيس الإيراني بشأن المفاوضات.



«طاردات» إيران... الطريق الطويل نحو القنبلة النووية

TT

«طاردات» إيران... الطريق الطويل نحو القنبلة النووية

صورة نشرتها «الذرية» الإيرانية لشباب يقفون أمام نماذج لأجهزة الطرد المركزي في يونيو 2023
صورة نشرتها «الذرية» الإيرانية لشباب يقفون أمام نماذج لأجهزة الطرد المركزي في يونيو 2023

في خطوة لجأت إليها إيران في مناسبات مختلفة منذ سنوات، أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن طهران «تنوي بالفعل نصب أجهزة طرد مركزي جديدة».

وقالت «وكالة الصحافة الفرنسية»، الجمعة، إنها اطلعت على تقرير «طي السرية» للوكالة الدولية يؤكد أن إيران تنوي نصب 6 آلاف جهاز طرد مركزي، لتخصيب اليورانيوم بمستويات مختلفة.

وجاء في التقرير أن «إيران أبلغت الوكالة» بنيتها وضع هذه الآلات في الخدمة في موقعَي «فوردو» و«نطنز» بمعدل تخصيب يصل إلى 5 في المائة؛ أي ما يزيد قليلاً على النسبة المسموح بها بموجب الاتفاق الدولي لعام 2015 والتي تبلغ 3.67 في المائة.

واتُّخذ هذا الإجراء رداً على اعتماد الوكالة في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) قراراً منتقداً لطهران بمبادرة من الغرب.

ويوم الخميس، هددت إيران بالمضي نحو امتلاك أسلحة نووية في حال استمرار الضغوط الغربية عليها.

وأفاد وزير الخارجية عباس عراقجي، في تصريح صحافي، بأن «استمرار التهديد الغربي بإعادة فرض العقوبات قد يدفع النقاش داخل إيران نحو امتلاك أسلحة نووية».

ما «الطرد المركزي»؟

هي أجهزة دقيقة تضم أسطوانات تدور بسرعة تفوق كثيراً سرعة الصوت، لجمع ذرات اليورانيوم المخصب بعد عمليات مكررة لمرات عدة.

ولشرح أسلوب عمل «الطرد المركزي»، فإن أسطوانات الدوران تشبه إلى حد كبير أجهزة المختبرات الطبية التي تُستخدم لفحص الدم؛ إذ ينتج عن دوران الأسطوانة فصل مكونات الدم عن بعضها.

وبالنسبة لليورانيوم، ينتج عن دوران أسطوانات جهاز الطرد المركزي فصل الذرات الخفيفة لليورانيوم عن الثقيلة، ليسهل استخدامها في إنتاج الطاقة المهمة لصناعة القنبلة النووية.

ويحتاج إنتاج 20 كيلوغراماً من اليورانيوم المخصب بدرجة نقاء 90 في المائة لصنع رأس نووي واحد بقوة تفجيرية محدودة، إلى نحو 1500 جهاز طرد مركزي من الأجيال المتقدمة؛ الخامس والسادس، على أن تستمر العمليات الفنية فيها عدة أشهر دون توقف.

وتمتلك إيران 1044 جهاز طرد مركزي في مفاعل «فوردو» وحده، طبقاً لتصريحات الرئيس مسعود بزشكيان الذي طلب في وقت سابق هذا الشهر من منظمة الطاقة الذرية الإيرانية أن تبدأ ضخ الغاز في هذه الأجهزة.

وتؤكد الخارجية الأميركية أن أنشطة تخصيب اليورانيوم في إيران «خطوة كبيرة في الاتجاه الخطأ»، وأنها «يمكن في نهاية المطاف أن تساعدها على امتلاك سلاح نووي في حال قررت ذلك».

وبحسب تقارير لـ«رويترز» و«وكالة الصحافة الفرنسية»، فإن عمليات التخصيب تسبق مرحلة دوران اليورانيوم في جهاز الطرد المركزي.

ويحول التخصيب الخام الطبيعي إلى عناصر قابلة للاستخدام في إنتاج الطاقة، سواء للأغراض السلمية أو لصناعة رأس نووي لسلاح فتاك.

مفتش من «الطاقة الذرية» يركّب كاميرات للمراقبة في منشأة «نطنز» في 8 أغسطس (أ.ب)

الخلاف

تلزم معاهدة حظر الانتشار النووي، الموقعة عام 2015 بين طهران ودول غربية، بتشغيل أجهزة الطرد المركزي المتطورة لتجميع اليورانيوم حتى يناير (كانون الثاني) 2027.

والفرق بين الجيل الأول لأجهزة الطرد المركزي والأجيال الأخرى، وصولاً إلى السادس، هو سرعة الأخيرة الفائقة، والتي تساعد حتماً على إنتاج الطاقة اللازمة، فرضياً، لصناعة قنبلة نووية.

وقبل إبرام الاتفاق، وفي ذروة برنامجها النووي، كانت إيران تشغل 10204 أجهزة طرد مركزي من الجيل الأول (بسرعة محدودة) في «نطنز» و«فوردو»، وقد سمحت لها المعاهدة بتشغيل نحو نصف هذا العدد.

محطات بارزة في طريق «النووي»

لكن تشغيل الأجهزة مر بمحطات متباينة ما بين التصعيد والتهدئة، وفقاً لطبيعة المفاوضات أو الخلافات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ورغم أن ما نصبته إيران من «الطاردات المركزية» قبل اتفاق حظر الانتشار النووي عام 2015 كان من الجيل الأول، فإن ما تلاها بلغ مراحل مقلقة للغرب بسبب استخدام طاردات من أجيال حديثة. وهذه أبرز محطات هذه الأجهزة في إيران:

* مايو (أيار) 2008: ركبت إيران عدة أجهزة طرد مركزي متضمنة نماذج أكثر حداثة.

* مارس (آذار) 2012: وسائل إعلام إيرانية تعلن عن 3 آلاف جهاز طرد مركزي في منشأة «نطنز» النووية لتخصيب اليورانيوم.

* أغسطس (آب) 2012: الوكالة الدولية للطاقة الذرية أعلنت أن إيران ثبتت أجزاء كبيرة من أجهزة الطرد المركزي في منشأة «فوردو»، تحت الأرض.

* نوفمبر 2012: تقرير للوكالة الدولية أكد أن جميع أجهزة الطرد المركزي المتقدمة قد تم تركيبها في موقع «فوردو»، على الرغم من وجود 4 أجهزة طرد مركزي عاملة فقط، و4 أخرى مجهزة تجهيزاً كاملاً، وقد أُجري عليها اختبار الفراغ، وهي جاهزة لبدء التشغيل.

* فبراير (شباط) 2013: الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقول إن إيران شغّلت 12.699 جهاز طرد مركزي من نوع «آي آر-1» في موقع «نطنز».

* يونيو (حزيران) 2018: أمر المرشد الإيراني علي خامنئي منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بالوصول إلى 190 ألف «وحدة فصل» التي تطلق على حركة أجهزة الطرد المركزي. وكان الرقم الذي دعا إليه خامنئي يعادل 30 ضعفاً من القدرات التي ينص عليها الاتفاق النووي.

* سبتمبر (أيلول) 2019: ركبت إيران 22 جهازاً من نوع «آي آر-4»، وجهازاً واحداً من نوع «آي آر-5»، و30 جهازاً «آي آر-6»، وثلاثة أجهزة «آي آر-6» للاختبار، خارج نطاق حدود المعاهدة.

* سبتمبر 2019: أعلنت إيران أنها بدأت في تشغيل أجهزة طرد مركزي متقدمة وسريعة لتخصيب اليورانيوم.

* نوفمبر 2024: وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يعلن أن بلاده ستقوم بتشغيل عدة آلاف من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة.

* نوفمبر 2024: نقل التلفزيون الرسمي الإيراني عن محمد إسلامي، رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، إعلانه بدء ضخ الغاز لـ«الآلاف» من أجهزة الطرد المركزي.