جوزف عازار لـ «الشرق الأوسط»: وسائل التواصل أفقدت الفن بريقه

يعود مع كركلا في «الوالي»

في إحدى مسرحياته مع فرقة كركلا
في إحدى مسرحياته مع فرقة كركلا
TT

جوزف عازار لـ «الشرق الأوسط»: وسائل التواصل أفقدت الفن بريقه

في إحدى مسرحياته مع فرقة كركلا
في إحدى مسرحياته مع فرقة كركلا

يعدّ جوزف عازار أحد أعمدة المسرح اللبناني الغنائي، فشهرته الواسعة وصلت الأميركيتين مروراً بأوروبا وصولاً إلى الصين.
اليوم يستعد عازار لمسرحية استعراضية مع عبد الحليم كركلا بعنوان «الوالي». ومن المنتظر أن يقدمها في السعودية وفي سلطنة عمان في شهر مارس (آذار) المقبل.
غياب جوزف عازار عن الساحة اللبنانية وانشغاله بإطلالات أكبر خارجها، يعلله المطرب المخضرم بأوضاع البلاد غير المستقرة: «لطالما كان لبنان منارة الشرق، وهو لقب يلتصق به رغم كل شيء. ولكن في السنتين الأخيرتين تراجعت الأعمال الفنية في لبنان أسوة باقتصاده وسلامته وأمنه. ولكننا لا نفقد الأمل ببلاد الأرز، وهو حتماً سيعود إلى سابق عهده بعد اجتيازه هذه المحنة».
يتحدث عازار عن العمل الذي سيشارك فيه بحماس، حيث سيؤدي دور الوالي، وتشاركه البطولة الفنانة هدى حداد: «لا يمكنني أن أوضح تماماً طبيعة دوري ولكن العمل بشكل عام، وكسائر مسرحيات كركلا، بمثابة أوبريت غنائي، يتألف من حوارات ومشاهد تمثيلية وغنائية ورقص فولكلوري».
جوزف عازار الذي يملك خبرة فنية تفوق سنواتها الستين، يرى الساحة اليوم تتسع للجميع: «يقول المثل الفرنسي (الأسلوب هو الرجل)، فلكل فنان شخصيته وهويته وواجهة فنية يتخصص فيها وتطبعه. لا أتفرج على أي أعمال فنية جديدة، ولكني في الوقت نفسه أتابع الساحة الغنائية لأتعرف على مواهبها، وكذلك على تطور نجومها».
ومن الأغاني التي سيؤديها في «الوالي» واحدة يقول مطلعها «الله يهدي الحال وانشالله يروق البال، هيدي الضيعة ضيعتنا نحنا وأهل وجيران... شو هالضيعة مرفوضة؟ الفتنة بتخلق وين ما كان والفتنة شغل الشيطان. الصلح بدّو مرجلة والمحبة بدها رجال، خلّو للصلح مطرح من حق الضيعة تفرح». ويعلق عازار في سياق حديثه: «هذه الضيعة هي لبنان. وكلمات الأغنية تختصر كل ما يمكنني أن أقوله عن حالنا اليوم. وعلى أمل ولادة لبنان من جديد، فإن الفرح سيعود إلى ربوعنا من دون شك».
يقص جوزف عازار حكايات عن أمجاد عاشها في الماضي مع الرحابنة وفيروز وروميو لحود وصباح. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «لا شك أن كركلا صنع حالة فنية لن تتكرر. فهو استطاع أن يكمل مشواراً طويلاً وصعباً وأنا فخور كوني أتعاون معه. وقد قدمنا معا نحو 11 عملاً فنياً. هو اليوم يمثل واجهة الفن العربي الأصيل. ومع ولديه المخرج ايفان والكوريغراف اليسار كركلا ندرك أنه زرع وحصد». اشتغل عازار 9 أعمال مع الرحابنة، أبرزها شخصية «صالح بن مختار القاطع» في مسرحية «جسر القمر» في بعلبك، ومسرحية «الليل والقنديل» ضمن شخصية «هولو»، التي قُدمت عام 63 في معرض دمشق وفي كازينو لبنان. ولا ننسى بالطبع دور «راجح» في مسرحية «بياع الخواتم» الذي ترك أثره الكبير على الجمهور اللبناني.
وكما عمل مع فيروز، عمل جوزف عازار مع روميو لحود وصباح في نحو 12 مسرحية استعراضية غنائية، كان آخرها «شهر العسل» و«الأسطورة» و«كنز الأسطورة».
وماذا عن الفن بين الأمس واليوم؟ يرد: «في الماضي كان الفن يتمتع بوهج أكبر وأعتقد أن وسائل التواصل الاجتماعي أفقدته هذا البريق. ما زلت أتذكر كيف كان الناس ينتظروننا من بلد إلى آخر، والمسارح تحتشد بحجوزات اللبنانيين. المغتربون كانوا يتابعوننا والدمعة في عيونهم. أذكر مرة أحد اللبنانيين في بلاد الانتشار وبالتحديد في شيكاغو عندما اقترب مني وطالبني بموال عن لبنان، وبعد أن أدّيته خبّأ وجهه وأجهش بالبكاء. فالانتشار اللبناني هو برأيي من يدعمنا حتى اليوم ولولاه لكنا بالحضيض».
بعيدٌ جوزف عازار عن وسائل السوشيال ميديا ولا يتكيف معها، ولكنه يعرف تماماً أنها تلعب دوراً أساسياً في انتشار الفنان: «اليوم وبكبسة زر في استطاعة أي شخص الاطلاع على كل جديد. فالعالم مفتوح بعضه على بعض صحيح، ولكن هذا الحنين الذي أتكلم عنه اندثر، وما عاد موجوداً، لأن كل شيء صار بمتناول اليد».
يَطرب جوزف عازار لكل صوت جميل يسمعه من الجيل الجديد، ولكنه في المقابل لا يزال يفضل الاستماع إلى عمالقة فن الزمن الجميل: «أحب أن أُمضي أكبر وقت ممكن مع فنانين أيام زمان أمثال محمد عبد الوهاب وأم كلثوم ووديع الصافي ونجاح سلام وسعاد محمد. فهؤلاء يمثلون الحقبة الذهبية للفن. وهم أصحاب أصوات وفترة زمنية لن تتكرر».
يحترم -كما يقول- أي موهبة غنائية، لأنّ لكلٍّ منها لمستها وهويتها. فالساحة مهما ازدحمت بأصوات فإنها تغربل نفسها بنفسها. «تماما كالبحر فهو لا يحمل الزغل ويرميه على الشاطئ». أما نصيحته لهواة الغناء فيختصرها بالتالي: «الموهبة لا يصقلها سوى العلم والمعرفة والدرس، وكذلك فإن الخبرة هي مدرسة بحد ذاتها».
ويتابع: «إضافةً إلى كل هذه العناصر، يجب التمتع بالأخلاق والمسؤولية، وهما ما ينقصان مجتمعنا، وكي لا أزيد الأمر عتمة أقول إن الخميرة الصالحة ما زالت موجودة بيننا، ويجب علينا ألا نهملها أبداً. والأشخاص من هذه الطينة هم من يستمرون بحمل لبنان عالياً. فبلدنا هو بلد الحِرف والحضارات وأدباؤنا وفلاسفتنا تدرس دواوينهم في المدارس والجامعات، لذلك لا خوف على لبنان».
ولكن ماذا ينقص الساحة الفنية اليوم برأيك؟ «ينقصها الأمن والاستقرار لتزدهر من جديد. فالفنان تعب هو أيضاً، تماماً كغيره من اللبنانيين. وكي ينهض من جديد يجب على لبنان أن يعود إلى سابق عهده. فاليوم يغيب كركلا مثلاً عن تقديم أعمال فنية في لبنان مثل كثيرين غيره من المسرحيين والفنانين. ولذلك نحتاج إلى هذا الاستقرار الذي ننشده اليوم قبل الغد».
وعن أعماله الجديدة يقول: «أدرس حالياً عدة ألحان ونصوص شعر، وفي نفس الوقت أنتظر الوقت المناسب لإطلاق أعمالي. فهناك كلفة عالية جداً يتكبّدها الفنان كي ينفّذ أغنية. أي عمل غنائي أو فني اليوم يحتاج إلى كلفة مرتفعة، غير متوفرة، مع الأسف». وماذا عن شركات الإنتاج، ألا تتصل بجوزف عازار كي تتبنى أعماله؟ «آخر همي شركات الإنتاج، وهم أحرار بخياراتهم ومشاريعهم. لم أتقيد يوماً بأحد كي أطلق أو أنفّذ أغنية طيلة مشواري الفني، والذي يتجاوز عمره الـ60 عاماً». وماذا عن أغانيك القديمة ألا تفكر في إعادة توزيعها وغنائها؟ «مطالَب دائماً بهذا الأمر، ولكن هذا المشروع أيضاً يحتاج إلى كلفة مادية مرتفعة. المال إما أن يأتي بالفن وإما أن يذهب به».
جوزف عازار صاحب أغانٍ بالمئات لا تزال على البال كـ«بكتب اسمك يا بلادي» و«وحياتك عالغالي» و«على بالي» وغيرها، كان قد قدم أحدث حفلاته مع كركلا في ديسمبر (كانون الأول) الفائت: «يومها شاركنا في احتفالات عيد استقلال الإمارات العربية في أبوظبي. وجسدت في العمل دور شيخ القبيلة ولاقينا الصدى الطيب ونجاحاً كبيراً من الجمهور هناك». وهل أدوارك المسرحية غالباً ما تتراوح بين شخصيات «الوالي» وشيخ القبيلة؟ يردّ مختتماً حديثه: «إنهم يلبسونني الرداء الذي يليق بي ويناسبني، وبعد تعافيَّ من عدوى كورونا (أُصيب بها في يناير - كانون الثاني من عام 2021) استعدت نشاطي ولياقتي. وأشعر بحماس كبير للوقوف على المسرح بهذا النوع من الشخصيات التي أحب».



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.