جدة: ناصر الملحم يستوحي الفولكلور لتطوير عمل على واجهة «حي جميل»

الفنان ناصر الملحم
الفنان ناصر الملحم
TT

جدة: ناصر الملحم يستوحي الفولكلور لتطوير عمل على واجهة «حي جميل»

الفنان ناصر الملحم
الفنان ناصر الملحم

أعلن «حي جميل»، المجمع الإبداعي الذي تم افتتاحه حديثاً مَقراً لمؤسسة «فن جميل» في جدة، فوز الرسام والنحات المقيم في الرياض ناصر الملحم بتكليف واجهة «حي جميل»، وهو برنامج سنوي جديد يمنح الفنانين فرصة تطوير عمل فني عام على «لوحة» بطول 25 متراً على واجهة المبنى، ليصبح العمل جزءاً لا يتجزأ من الهدف المعماري للمكان الذي صممه استوديو «واي واي» الحائز العديد من الجوائز.
وقد تم اختيار تكليف عام 2021 - 2022 من خلال الترشيح وعملية تحكيم دقيقة، ومنحها ملحم بناءً على براعة مقترحه المستوحى من حكاية فولكلورية من خلال تصميم دقيق بعنوان «ملامح من الوعي الجمعي». يستوحي العمل الفني لواجهة «حي جميل» ملامحه من الحكاية الفلكلورية «الحمامة والحجل والغراب» بالتناغم مع المعرض الافتتاحي لـ«حي جميل» «على المائدة: الذاكرة، البيئة، المكان»، فيعيد العمل «ملامح من الوعي الجمعي»، مع ألوانه الأساسية الزاهية والتركيبات الهندسية، تجسيد حكاية الطيور في زمن المجاعة والجفاف، التي كان يدفعها أصحابها للهجرة جنوب شبه الجزيرة العربية بحثاً عن الماء. وقد تم تطوير التكليف الفني بالشراكة مع الفنانة والمعمارية تمارا كالو.
وتعليقاً على تكليف واجهة «حي جميل»، قال ناصر الملحم «يلقي هذا العمل الضوء على أهمية التعاون في أثناء الظروف والأوقات الصعبة، وعلى أهمية الوجود المتناغم للوصول إلى وعي جماعي وتحقيق هدف أسمى، ألا وهو النقاء الداخلي للروح. وإن هذه التجربة لشرف بالنسبة لي، تدفعني للشعور بالتواضع لكوني من أوائل من شاركوا هذا المشروع مع مجتمعنا. وأنا ممتن لمؤسسة (فن جميل) ولكل من دعمني وشجعني. وعلى يقين بأن مشاركتي في (حي جميل) ستمكنني من استكشاف عملي أكثر وتنميته، فهذه فرصة رائعة للقاء مبدعين أكثر والتعرف عليهم. وأتمنى أن يجلب هذا العمل البهجة للأحياء المجاورة لـ(حي جميل) بجدة، وأن تضيء الألوان حياة كل من يتفاعل معها».
وفي حديثه عن الهدف المعماري لـ«حي جميل»، قال وائل الأعور، المعماري الرئيس لتصميم «واي واي»، «تم تصور الواجهة للمبنى على أنها لوحة فارغة ومساحة للفن ليكون هناك حوار دائم مع الجيران والمدينة؛ مما يسمح للمركز بإبراز نشاطه للخارج. وبما أن الهدف هو إجراء حوار مستمر مع البيئة التي يقع فيها (حي جميل)، لم يكن الهدف أن يكون العمل الفني المعروض دائماً، بل عملاً متغيراً كل عام».
واستخدم الفنان في عمله التركيبي ألواح الصلب المجلفن بالزنك، والأنابيب الفولاذية والألياف الزجاجية والتي تم اختيارها لقدرتها على تحمل مناخ جدة؛ مما يطيل من عمر العمل. وقد تأثرت ممارسة الملحم الفنية بمدرسة «دي ستايل» للتعبير التجريدي في نيويورك، فضلاً عن تأثره ببيئته المباشرة. وهو يركز بشكل أساسي على التفاعل بين الأشكال الهندسية والعضوية وغير التمثيلية، ويعتمد نهجاً بديهياً لصنع الفن، يعمل في الوقت نفسه عملاً علاجياً يفتح ما يسميه الفنان «بوابة الشفاء الذاتي». والملحم حاصل على درجة البكالوريوس في فنون الاستوديو من جامعة ويست فلوريدا في مدينة بينساكولا بولاية فلوريدا، كما أنه عضو نشط في مجتمع الفنون السعودي. وتتضمن معارضه السابقة «مسك آرت» في الرياض (2021)، و«شخابيط» في جاليري باوا في الكويت (2021)، و«أسرار العضديات» في معرض 21.39 في جدة (2021)، و«براديس» في جاليري كلاينرفونويز في برلين (2020)، والمركز الأطلسي للفنون والمعرض السنوي السابع والعشرون لطلبة الجامعات في مدينة نيو سميرنا بيتش في ولاية فلوريدا (2016)، وغيرها الكثير.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».