«حنين»... ألوان وخطوط رشيقة تعبر عن الشوق للغائبين

حصة بنت سلمان تفتتح المعرض الرابع للفنانة منى القصبي

من لوحات الفنانة منى القصبي في المعرضمن لوحات الفنانة منى القصبي في المعرض
من لوحات الفنانة منى القصبي في المعرضمن لوحات الفنانة منى القصبي في المعرض
TT

«حنين»... ألوان وخطوط رشيقة تعبر عن الشوق للغائبين

من لوحات الفنانة منى القصبي في المعرضمن لوحات الفنانة منى القصبي في المعرض
من لوحات الفنانة منى القصبي في المعرضمن لوحات الفنانة منى القصبي في المعرض

افتتح في الرياض المعرض الرابع للفنانة السعودية منى القصبي برعاية الأميرة حصة بن سلمان وحضور عدد من المهتمين بالفن والثقافة في المملكة. ويضم المعرض الذي يحمل عنوان «حنين» مجموعة متنوعة من أعمال الفنانة ويظهر فيها تأثرها بالمدرسة الانطباعية في الفن التشكيلي.
وقالت الأميرة حصة بنت سلمان «يشرفني أن أفتتح المعرض الشخصي الرابع (حنين) للفنانة منى القصبي والذي يضم أنواعا من الفن التعبيري الانطباعي وغيره، ويبرز تطورها في المدارس الفنية التي تدرجت بها من أول مشوارها الفني مفعمة بالأصالة المنطلقة من الجذور والتراث».
وأكدت الاميرة على أن توجيه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الجهات الحكومية لاقتناء الأعمال الفنية والمنتجات الحرفية الوطنية في مقراتها إنما يأتي في إطار الدعم الذي توليه الدولة للفن التشكيلي وجعله جزءا من الاستراتيجية لرؤية المملكة 2030. مشيرة إلى أهمية كلمة (الشغف) التي ذكرها ولي العهد، والتي تعد المعيار الأفضل لاختيار الشخص في العمل ليقدم لوطنه وأرضه والعالم عملا لا ينقطع، مضيفة «سيكون للفنانين والأدباء دور في ترجمة (الشغف) إلى واقع في اختيارهم للمواضيع، ليصل العمل للأرواح ويخاطبها في الأمكنة والأجواء ويعطي الطاقة الإيجابية ويثري الإلهام في النفوس».
وأكدت الأميرة حصة بنت سلمان، على أن الفن التشكيلي أصبح اليوم جزءاً مهماً في منظومة الثقافة السعودية، ويشهد أزهى أوقاته في ظل دعم واهتمام خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمير محمد بن سلمان وقالت: «نرى اليوم الفن بجميع مناطق المملكة، تجلى لتنقية أرواحنا وجعلنا متأثرين بهذا الجو العام، فقد نشر الوعي لتقييم الجمهور للفنان فإن كان عمله قيّما من ناحية تميزه الفردي في لغته الفنية فإن الفنان يستقي من روحه لغة أعمق من الكلام أو الكتابة»، مضيفة أن «جودة الفن لا تقاس بكون الفنان التشكيلي متعلما في مدارس أو جامعات (وإنما) تقاس بتميز الفنان بإضافة تعبيره الفردي على تعبير موجود أو أسلوبه وأدواته النابعة أحيانا بعشوائية من الروح والإحساس بنفسه والآخرين وتصل بشكل غير مباشر للناس وتبث التواصل والوحدة الكونية وفهم الآخر».
وتعتبر الفنانة منى القصبي من رائدات الفن التشكيلي التعبيري في المملكة وكانت «أول من افتتح معرض لوحات في محافظة جدة للنساء والرجال لعرض الأعمال التشكيلية للفنانين السعوديين والأجانب والمتخرجين في المركز السعودي للفنون التشكيلية». وعلقت الأميرة حصة على الأسلوب الفني للفنانة مقارنة ذلك الأسلوب بما كان سائدا بين الفنانات من الاتجاه للفن الرمزي والسريالي مفسرة ذلك برغبتهن في إخفاء «ملامح صور إلهامهن لقدرة هذا النوع من الفن على التعبير بشكل غير مباشر فربما كان يعتبر المتنفس لهن حتى أصبحن في هذا الوقت الذي لا يوجد فيه عوائق تحد من أفق المرأة السعودية المختلفة وانطلاقها في مجال التعبير في الفن التشكيلي وغيره من المجالات الفنية».
ومن جانبها، أعربت الفنانة التشكيلة منى القصبي عن شكرها وتقديرها للأميرة حصة بنت سلمان على رعايتها لمعرضها الشخصي الرابع، قائلة «من أجمل اللحظات التي تصادف الفنان التشكيلي هي افتتاح المعرض الشخصي له بمشاركة وحضور المحبين والمهتمين بالفن التشكيلي».
ووصفت الفنانة أعمالها في المعرض بأنها «مليئة بالشوق إلى كل من أفتقدهم بجانبي في هذا المعرض، وكل من أحبوا أعمالي».
ويتجلى في اللوحات استخدام الألوان المعبرة مثل الأصفر والأزرق والأحمر والخطوط الرشيقة الهائمة التي ترسم الشخصيات بحساسية وشغف، ولكن دون التطفل على ملامحها.
وحول تأثير المركز السعودي للفنون التشكيلية الذي أسسته الفنانة قال الفنان أحمد ماطر إنه «يعد من أوائل المراكز التي ساهمت بشكل باكر ومميز في النهضة بحركة الفنون البصرية». مضيفا أن الفنانة القصبي ساهمت عبر تأسيسها للمركز «في اتخاذ الفن كشكل من أشكال التعبير الإنساني، ووسيلة لإثراء التجربة الإنسانية والتعبير الثقافي والتعليم وحتى التغيير الاجتماعي، فهو يؤثر بالحياة بطريقة أو بأخرى». مختتما أن معرض «حنين» يأتي في وقت أصبح الفن احتفاء ومرآة لتاريخنا وثقافتنا.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».